الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عجز الانسان عن الثبات وحده

مجدى زكريا

2013 / 2 / 4
الصحة والسلامة الجسدية والنفسية


لقد تقدم الانسان خلال القرن الماضى تقدما خياليا. وقد كان نجاحه الملحوظ فى مختلف ميادين المعرفة , وتقدمه الحضارى بمستوى معيشة مرتفع , مما انعكس على حياته اليومية فصارت سهلة ميسرة باختراع كل وسائل الراحة والرفاهية , كل هذا جعله يتمرد على خالقه , منكرا وجوده , متحديا ومتوعدا ومكوما التعيير على من جبله وانشأه.
ونمط الحياة هذا الذى نعيشه جعل الكثيرين يظنون ان الانسان يمكنه ان يثبت وحده فى الكون , وانه لا يحتاج الى الله. انهم يتصورون انفسهم حكماء , وانهم وصلوا الى درجة من الصلف والكبرياء ظنوا معها ان الله لا يلزمهم وانهم ليسوا بحاجة اليه. كالطفل الصغير الذى نظر الى احد المرايا المقعرة ليرى فيها نفسه اكبر بكثير من حقيقته.
وهذا الامر ليس بسلوك رجل حكيم. تقول حكمة قديمة فى مزامير 14 عدد 1 : " قال الجاهل فى قلبه لايوجد اله ". وهذا الشخص يغمض عينيه عن حقائق الحياة , مقنعا نفسه بان الله غير موجود, وبان الانسان العاجز يقدر ان يتكل على نفسه بمعزل عن الله. وبسبب حالة الانكار التى يعيش فيها يجد انه من الصعب ان يفسر وجود نفسه ووجود كل ما يراه ويدرسه حوله فى الكون المادى.
قال العالم ماكس بلانك بعد التمعن والتفكير : " اننا نرى انفسنا خاضعين كل حياتنا لقوة اعلى , قوة لن نتمكن من تحديد طبيعتها من الوجهة العلمية البحتة. ومع هذا , لا يقدر اى انسان مفكر ان يتجاهلها ".
وكلما حصل الانسان على معرفة اكثر , تجلى له عجزه عن الثبات وحده. انه بحاجة الى اليد المرشدة - يد ابيه السماوى. انه بحاجة الى التمسك بتلك الصخرة العظيمة كما يتمسك الطفل بابيه عندما يصيبه الاضطراب. وبسبب التهديد المشؤوم بحروب تفنى الجنس البشرى , وخطر الارهاب المتنامى , وانهيار الانظمة الاقتصادية والمالية للدول , وتدمير الانسان للانظمة البيئية , نشعر بالاضطراب والحيرة غير عارفين ماذا سيكون بعد.
وبسبب كل هذه الامور , اشار قائد عسكرى الى الحاجة الملحة الى الله : " فى هذه الحالة الحرجة والخطيرة التى تتخبط فيها الامم , يجب على الانسان ان يجد صخرا يقدر ان يتكل عليه كى يقدم له السلوى والعون وقت الضيق , والضمانة وقت الاضطراب والبلبال ".
اننا نحتاج كمثل تلك الرسالة التى اعطاها اشعياء لشعبه المضطرب : " حتى الاحداث سيغمى عليهم وتخور قواهم والشبان سيسقطون كليا. لكن اولئك الذين ينتظرون الرب فسيجددون قوتهم , وسيمتطون اجنحة النسور. سيركضون وقواهم لن تخور , وسيمشون ولا يغمى عليهم. "
حقا لا يقدر الانسان بعد الان ان يظل وحيدا بدون المشورة الجيدة والارشاد الحكيم من ابيه السماوى. كما لا يقدر الاولاد الصغار على تدبير امورهم بدون مساعدة اهلهم ونصائحهم. ان الصغار الحكماء فى اعين انفسهم والذين يحتقرون مشورة والديهم وارشادهم , ليسوا فقط مجلبة للضيق والاضطراب للاخرين , بل مجلبة للحزن لوالديهم , بل يجلبون التعاسة والالم لنفسهم ايضا. تعطى كلمة الله النصيحة لجميع افراد الجنس البشرى عندما تقول : " يا ابنى لا تنس شريعتى , بل ليحفظ قلبك وصاياى. فانها تزيدك طول ايام وسنى حياة وسلامة. توكل على الله بكل قلبك وعلى فهمك لا تعتمد. فى كل طرقك اعرفه , وهو يقوم سبلك. لا تكن حكيما فى عينى نفسك " - امثال 3 عدد 1و2و5 -7.
ولسبب تجاهل البشر هذه النصيحة. الحكماء فى عين انفسهم , جلبوا على انفسهم الاما لا توصف. لقد تباهى الجنس البشر بالمخترعات والمعرفة , لكن كل هذا صار يهدده , بكميات مهولة من الاسلحة الفتاكة المستعدة لاهلاك الارض والجنس البشرى عدة مرات.
ان المسلك العقلى لابناء هذا الجيل الذى يتخبط بدون حكمة ولا ارشاد ,جعل جيروم د. فرانك, الاستاذ المساعد للامراض العقلية يقول فى مقالة كتبها : " ان الاسلحة المهلكة بمختلف انواعها تقدم للمدنية خطرا مميتا متزايدا ". ومن الواضح ان مصدر الخطر الرئيسى لا يكمن فى تلك الاسلحة , بل فى الكائنات الحية الكامنة وراءها. ولهذا من الممكن زوال الخطر اذا طرأ تغيير على مسلك الانسان.
علينا ان نتواضع اما القدير بدلا ان نعتد بأنفسنا. بدلا ان نثق كل الثقة فى ان العلم يجيب عن اسئلة الانسان ويقدم له ما يحتاجه من اجوبه بديلا عن خالق الكون. فالعلم ليس ثابتا والرؤية ليست واضحة ومن يراهنون على اى شئ بديلا عن الله يراهنون على حصان ميت.
ان امل الانسان الوحيد لتقويم طرقه وانجاح سبله موجود بين يدى الله و وهو وحده القادر على صنع التغييرات الضرورية والملحة لانقاذ الانسان مما اقترفته يداه. وسوف يبيد من عالم الوجود كل الذين يرفضونه ويقسوا قلوبهم نحوه. علينا ان نتواضع امام قدرته وسلطانه ونطيع وصاياه.
الانسان يحتاج الى الله فى كل اموره , للسلم , للسعادة , وللوجود ذاته. وبغض النظر عما يقوله الحكماء فى اعين انفسهم , فالانسان لا يقدر ان يثبت وحده.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل.. تداعيات انسحاب غانتس من حكومة الحرب | #الظهيرة


.. انهيار منزل تحت الإنشاء بسبب عاصفة قوية ضربت ولاية #تكساس ال




.. تصعيد المحور الإيراني.. هل يخدم إسرائيل أم المنطقة؟ | #ملف_ا


.. عبر الخريطة التفاعلية.. معارك ضارية بين الجيش والمقاومة الفل




.. كتائب القسام: قصفنا مدينة سديروت وتحشدات للجيش الإسرائيلي