الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سحر كانون الاول

مريم ياغي

2013 / 2 / 5
الادب والفن


في احدى الليالي الحريرية من ليالي كانون الأول، جاءني طيفٌ رقيق الحضور مخملي الملمس، جاب مخيلتي ذهاباً واياباً مرات عديدة، فطاف ذكره على سطح كل الذكريات المخمّرة، حتى كدت انسى كل شيء ماعدا سحره...
همس في أذنيّ برقّة اميرٍ فاتن وشجاعة فارس مقدام، انسابت بضع كلمات حسبت انها الحقل المعجمي لشتات مشاعري وقد اجد فيها ايضاً جمع اشلاء روحي المتناثرة....
بلحيظات قليلة قرر الطيف وخز افكاري المتنفخة، علّ تبعثر الأفكار يجعلها تتكلم عن نفسها لو انا صممت على احتوائها في عالمي المجهول...
فأصابت وخزته نقطة المحور حتى أعلن المجهول الخفي انشقاقه عن عالمي ليلتحق بعالم الطيف المنتظر منذ الازل...
وكأي التحاق بعالم جديد كان عليّ اجتياز اختبار يؤكد تمكني احتواء هذا الطيف بقدر ما سيحتويني بنفسه!! سؤالين عليّ ان اخط اجابتهما بحبر القلب المتخمر بلذة الحب... هما اقرب من ان اتوقع طرحهما وابعد من ان اتجرأ على حلّهما...
فبعد ان طاف في قلبي طواف كل السنين التي خلت منه حتى حسبته عمري، وبعد ان جال سحره بين مسامات بدني الذي اضحى يتنفس حبه، وبعد ان تفقّد بخفّة نبضات قلبي الصاخبة بحضوره ولوّن بمهارة اوردتي المتيبسة بالاحمر الجوري حتى التهبت شرايني بسيل بركاني اللون والحرارة... بعد كل ذلك سلّمني اسئلة الفحص: "بماذا تشعرين؟؟؟ وبماذا تفكرين؟؟"
اي اختبار هذا لخرّيجة من جامعة قلبك، اجتازت ما اجتازته حتى اصبحت على مكتب التدرج بين احضان كانون الأول؟؟؟

كانون اﻷول.... اعشق نسماته الباردة التي تلامس باطني فتقلبه ظاهرا على وجنتي بلون جوري مخملي الملمس...

كانون الأول... اه من أيامه ومن لياليه ومن ساعاته ومن كل لحظاته...
انه الحنين، يجوب كل كياني فيزيد شغفي ويؤججه توقاً الى ليل هادئ كنسمة ملائكية، وناعم كلمسة طفل...
إنه احتلال الذكريات البنفسجية لحاضري الربيعي المزهر، ومع هذا اعلن استسلامي راغبةً لإجتياح الشوق لأمسيات كانون الأول...

كانت أمسية مخملية!!! ملهمي ذات ليلة زارني في زنزانتي القديمة، وطرقت كلماته العذبة بأحرفها الملتهبة على القضبان العتيقة الصدئة. تكسرت القضبان وتحلل الصدأ وعاودت العجلات دورانها الأسطوري...عاد القلب يصدح بالنبضات والعروق تضخ الأحمر المتخمّر إلى الوجنتين الظمآنتين...ذاب الجليد في متجمِّدي الشمالي وفاض البريق من عينيَّ ليقولها دون استئذان ويكشف السر...

كانون الأول...أمسياته الشتائية التي يلفها الحنين الى كل ما هو جميل، تعيد الى مخيلتي روائع الخلق في نهاراتك ذات المتنقاضات الساحرة... ثلجٌ يغطي التلال الشامخة، ورذاذ المطر ينهمر بايقاعٍ موسيقيّ صاخب ٍ على النوافذ الزجاجية، وشمسٌ برّاقة تنثر خيوطها الذهبية فوق السهول المفتونة بذلك الشعاع الذهبي، وقوس قزحٍ يطل بثوبه الزاهي من بين الأشجار المسنة والجبال المتباهية بثوبها الابيض كعروس في ليلة زفافها...

انه سحر كانون الأول...

فخلافاً لكونه الشهر الأخير من كل عام، فإن عامي يبدأ ببدايته، وسنين عمري تزداد بمروره ...
كانون الأول... في كل عام يزداد سحره في نفسي، ويوم بعد يوم بل لحظة تلو الأخرى أكتشف عظمة هديته التي تركها لي قبل ان يمضي منذ سنين قليلة، ويتبعها برسالة الهية خُطّ عليها بماء الجنة " هي لك منذ الأزل ، ومباركة لك الى الأبد" ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل