الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر، الثورة مستمرة!!

رعد سليم

2013 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


الذكرى الثانية للثورة تحولت إلى مشهد مليء بالدماء والعنف، مظاهرات في القاهرة وعدد من المحافظات واقتحام ومهاجمة منشآت حيوية مهمة وحرق مقار لحزب الحرية والعدالة المنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين. تأزم جديد في المشهد السياسي المصري، وصل هذه المرة إلى حد خطير من الفوضى والعنف الذي كان ضحاياه عشرات القتلى ومئات المصابين في القاهرة وبورسعيد ومدن اخری.
يشير ناشطين ثورين، أنه لا يمكن وصف ما يجري في مصر حاليا بأنه ثورة جديدة، لأن الثورة لم تكتمل بعد، ولكن يمكن اعتبارها محاولة لاستكمال أهداف الثورة وتصحيح مسارها. وأضاف الناشطين والقادة العماليين، أن الأهداف الأساسية للثورة لم تتحقق حتى الآن، وخاصة ما رفعته من شعارات خلال أيامها الأولى "عيش، حرية، عدالة اجتماعية".
وبعد مرور أكثر من السنتين على قيام الثورة في مصر وأسقاط نظام مبارك، لا تزال هذه المسألة على حالها ولم تمس من وجهة نظر شباب الثورة وعمال وكادحي مصر. محمد مرسی والاخوان المسلمين أرخو قبضتهم المترددة على السلطة السياسية عن طريق الانتخابات الزائفة، وقاموا بتمرير دستورهم من جانب واحد علی الشعب المصري باکمله. لكن بعد مرور سنتين علی الثورة لم تهدأ أمواج ثورة العمال والكادحين، بل زادت نشاطاتها وحرکتها بوجه السلطة الجديدة وحكم الاخوان المسلمين، وزاد الاحتجاج علی الوضع الاقتصادي وغلاء الاسعار والبطالة والفقر.
بعد مرور السنتين على الثورة، لايزال ميدان التحرير في القاهرة والميداين الثورية الاخری في المدن المصرية مليئة بالاف المتظاهرين، لاتزال الكثير من الشوارع والمصانع واماکن العمل تمثل ميدانا حقيقيا للاعتراض بوجه حكومة محمد مرسی. لايزال العمال والكادحين والطلاب الثورين الذين أسقطوا سلطة مبارك وقضوا على عرشها موجودين في ساحات الاعتصام. بالرغم من ان الثورة لم تسلم السلطة الى جماهير العمال والكادحين، بل أعادتها الى البرجوازية لكن هذه المرة أستلم السلطة الممثلين السياسيين لأكثر فئات البرجوازية تخلفا وبؤسا، لکن استمرار هذه الثورة دليلا بان هؤلاء الساسة البرجوازيين الاسلامين الذين وصلوا توا الى السلطة علی أكتاف الجماهير الكادحة ورکوب الغضب الجماهري، لقد نجحوا بفضل هيمنة ونفوذ البرجوازية والاسلامين على الحركة الثورية. ان ما حدث بعد الثورة في مصر دليلا واضحا بان أهداف جماهير العمال والكادحين والتحرريين المصريين لم تكن فقط من اجل اسقاط نظام مبارك فحسب، وانما من اجل الحرية والعدالة والكرامة الانسانية وحياة افضل.
تحت حكم جماعة الاخوان وصلت مصر الى اصعب مراحلها من کل الجوانب، سواء من الناحية السياسية، الاجتماعية، الأقتصادية، الثقافية. وتواجه سلطة الاخوان المسلمين التي تريد ان تبسط سلطتها الدينية علی المجتمع الحضاري بموانع كبيرة، ويتجه المجتمع المصری الى الازمة الحقيقية، وحلولها اصبحت في مهب الريح. حيث قال البنك المرکزي المصري في بيانه الاخير، أن الاقتصاد المصرى يواجه تحديات جسيمة منذ بداية عام 2011 نتيجة امتداد المرحلة الانتقالية وما صاحبها من عدم استقرار سياسى وانفلات أمنى. وأشار البيان إلى أن ذلك انعكس سلبا على كافة المؤشرات الاقتصادية ومن أهمها موارد النقد الاجنبى والتى تمثلت فى الاساس فى تراجع الدخل من قطاع السياحة بنحو 30 في المئة سنويا نتيجة تردى الاوضاع الامنية.
كذلك انحسار الاستثمارات الخارجية المباشرة كليا خلال العامين الماضيين والخروج الكامل لاستثمارات الأجانب فى أوراق الدين، وذلك نتيجة لارتفاع المخاطر المحيطة بالاقتصاد المصرى وتخفيض التصنيف الائتمانى لمصر بنحو 5 درجات، مما ادى إلى تحول ميزان المدفوعات من تحقيق فائض بلغ نحو 1.3 مليار دولار فى نهاية عام 2010. إلى تحقيق عجز بلغ نحو 21.6 مليار دولار على مدى العام ونصف العام الاخير. ويقول الاقتصاديون بان رجوع الرئيس مرسی الى استعمال النقد الاحتياطي في البنك المرکزي بالشكل الكبير لسد وتغطية النفقات العامة خطوة خطيرة ويتجه الاقتصاد المصري الي الانهيار.هذا من الجانب الاقتصادي، ومن الجانب الاجتماعي، ارتفاع اسعار المواد الاساسية والطاقة، ارتفاع عدد العاطلين عن العمل وتدهور المستوی المعيشي للمواطنين وخاصة الطبقة العاملة وعدم دفع الاجور ادی الي خلق فوضی کاملة في المجتمع، وليس باستطاعت محمد مرسي الذي يدافع عن النظام الراسمالي، يريد ان يعد الاسلام الاداة الاساسية لاعادة التنظيم اليميني للطبقة البرجوازية ونظام مناهض لكافة القوی اليسارية والعمالية، بتنفيذ اي من مطالب الثورة والطبقة العاملة.
وفي الساحة السياسية يواجه مرسي مصاعب كبيرة، حيث حاول الاخوان المسلمين أسلمة المجتمع المصري، والسيطرة علی امور الحكم من جانب واحد، وتمشية دستور جديد كتبوه هم أنفسهم دون مشارکة القوی الاخری، ويريدون اصدار قوانين ديكتاتورية اخری. هذا من جانب، ومن جانب اخر ضغط الجماهير الثوري في الشارع المصري، مطالبته بأقرار الحريات العامة، والحريات السياسية وضمانة تمدن المجتمع، واصلاح سياسي عميق، وکل هذا يخالف برنامج حزب مرسي حتی يطبقها او يلبی مطالب المخالفين لها.
جدير بالذکر بان مرسي وجماعة الاخوان يدعون بانهم منتخبين من الشعب وأن حكمهم جاء عن طريق الشرعية الأنتخابية، ويقولون انهم هم اکثرية، وأن الاکثرية انتخبتهم، لكن کلام من هذا النوع بعيدا جدا عن الواقع واحداث الشارع. اذا أن اي شخص يتابع تاريخ الاخوان المسلمين في مصر، يعرف جيدا ان هذه الحرکة کانت حرکة سياسية منظمة وکانت علنية في ايام حكم الدکتاتور حسني مبارك، كما وأنهم شارکوا في کافة الانتخابات لمجلس الشوری في تلك الفترة ولديهم عدد من الاعضاء في مجلس الشوری المصري في کافة مراحله. خلال ايام الثورة المصرية بدا الأخوان المسلمين بتنظيم أنفسهم وتهيئوا لأستلام السلطة بعد مبارك وبدعم خارجي معروف. بعكس الحرکات والتنظيمات العمالية واليسارية والشباب الثوري الذين هم بدأو الثورة، کانو ليس منظمين وليس لديهم اي دعم. وحتی في الانتخابات الاخيرة، بدأ الاخوان المسلمين بحملة انتخابية کبيرة ولا مثيل لها في دول المنطقة، وفتحوا مقرات لهم في کافة المدن وحتی في القری، وکانت الدعم المادی القطري والسعودي مباشر لهم وکان بمئات الملاين من الدولارات، يضاف له الدعم الأعلامي الكبير عبر المحطات الفضائية كقناة الجزيرة وغيرها. والتي كان لها السبب في التأثير علی رای الشارع المصري وخاصة في القری والأرياف. وبالرغم من كل هذا الدعم لجماعة الاخوان، وبالرغم مقاطعة اکثر من ٤٠% من الثوى المدنية للانتخابات، فأن مرسي فاز بعدة آلاف بسيطة على منافسه أحمد شفيق. للذلك اقول ادعاء الاخوان المسلمين بانهم اکثرية ادعاء مضلل، وهم ليسوا فئة اقلية، وأنما هذا الجزء من الأقلية باعوا أصواتم بالدولارات القطرية.
ان دينامية الثورة لازالت قائمة. بينت على ان الجماهير، رغم كل ما قيل، لم تلج الميدان، ولم تبقى فيه، من اجل حكم الاخوان الاسلامي، بل من اجل الحرية والرفاه الاجتماعي. في المطاف الاخير، وعلى غرار معظم الثورات. ولكن أذا كانت الثورة قد عجزت عن حل مسألتها الأساسية، مسألة السلطة السياسية، فأنها لم تفقد بعد فورانها الداخلي وأمكانية تحركها الذاتي. بعبارة أخرى اذا كانت الثورة لم تنتصر في مرحڵتها الاولی، فهي لم تمنى بالهزيمة أيضا، والان الثورة وأمال الثورة واهداف الثورة، والغضب الثوري مستمر. والقوة الحركة الثورية والجماهير لازالت تنشد التغيير المستمر. تلك القوی غير مستعدين لان يدفنوا امالهم وامانيهم، ويسعوا لمجتمع انساني. فالعمال والكادحين والشباب الثوريين والتحرريين الذين يشكلون المحور الأساسي لثورة، لازالوا حاضرين في ميدان الصراع في حين لم يتحقق أي من مطاليبهم الأقتصادية والسياسية. ولاتزال القوى المعادية تمسك بزمام أجهزة الدولة مستخدمة أياها وسائل مؤثرة لقمع الثورة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رغم المعارضة والانتقادات.. لأول مرة لندن ترحّل طالب لجوء إلى


.. مفاوضات اللحظات الأخيرة بين إسرائيل وحماس.. الضغوط تتزايد عل




.. استقبال لاجئي قطاع غزة في أميركا.. من هم المستفيدون؟


.. أميركا.. الجامعات تبدأ التفاوض مع المحتجين المؤيدين للفلسطين




.. هيرتسي هاليفي: قواتنا تجهز لهجوم في الجبهة الشمالية