الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد عامين .. الربيع يحرق الشعوب

حسين علي الحمداني

2013 / 2 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


لعل التضحيات الكبيرة التي قدمتها الشعوب العربية منذ انتفاضة تونس وحتى يومنا هذا جسيمة وكبيرة، ولكنها لم تكن تضحيات غير مبررة لكونها أزاحت نظما استبدادية لا يمكن إزاحتها بسهولة ودون تضحيات.
وهذه التضحيات لشرائح مختلفة من المجتمع جعلت البعض من المفكرين يطلق تسمية الثورة الشعبية، وهذا ما يجعلنا نفكر مليا عن نوع الثورات التي قامت بها الشعوب العربية.
الثورات ثلاثة أنواع: ثورة تحصد شهداءها وتبني بذكراهم تاريخها الجديد وتسير نحو المستقبل المشرق، وثورة تأكل أبناءها وتطحن رموزها فتضيع مستقبلها، وثورة تنتج الشهداء، وتمنح ثمارها للآخرين من الذين عادة ما يقفزون إلى هرم السلطة من جديد تحت مسميات عديدة وهويات جديدة وأيديولوجيات ظلوا يتنقلون فيما بينها حسب ما تقتضيه مصالحهم.
ووفق هذه التوصيفات، فإن ما يحدث الآن في مصر وتونس في مرحلة ما بعد إزاحة النظامين يمثل قمة القفز على الثورتين من خلال بروز تيارات وقوى وشخصيات تحاول جاهدة توظيف الحدث الثوري الشعبي لها من خلال ما تخطط له في جر الشارعين المصري والتونسي معا للتصادم والتناحر والتقاطع، فوجدنا في مصر مثلا استحضار الثنائيات ومحاولة إدارة الصراع بينهما من أجل إدامة حالة الفوضى وتمرير ما يمكن تمريره، ورغم أن هذا التناحر ليس وليد اللحظة الحالية ولكن نجد أن إثارته في الوقت الحاضر لا تصب بالتأكيد في المصلحة الوطنية للمصريين، وحتى محاكمة رموز النظام السابق في مصر تحت وطأة ضغط الشارع الشعبي لا يمكن أن تكون هي المخرج الحقيقي للأزمة التي تعيشها مصر. والحال ينطبق أيضا على تونس التي تراجعت وارداتها الاقتصادية بنسبة 51 في المائة في الأشهر المنصرمة نتيجة هروب السياح والاستثمارات السياحية معا، فضلا عن تعطيل الكثير من المرافق العامة.
لهذا نجد اليوم أن شعبي تونس ومصر يعانيان من البطالة التي تتفاقم، وفرص العمل تتضاءل وميكانيزمات الاقتصاد تزداد هشاشة، ورأس المال يكشف عن جبنه اللامحدود عبر هروبه للخارج، وخاصة أن أحدث التقارير الاقتصادية تؤكد أن أكبر مشكلة تواجه اقتصاد تونس ومصر تتمثل في هروب رأس المال، والسياسة تتحول إلى خبز يومي يقتات منه المتحزبون، ويلفظه الفقراء رغم حاجتهم إليه، ويتعقد الوضع الأمني الهش الذي يهتز من «هبة ريح» أيا كان مصدرها حتى وإن كان إشاعة، وهذا ما يجعل المواطن هناك يعيش حالة ضبابية للمستقبل الذي ينتظره.
وهذا يؤكد إن الثورات العربية تعيش مرحلة التخبط وقد تفشل في إدارة الدولة وفق مفاهيم الديمقراطية التي قامت من أجلها؟ لكن الهاجس الأكبر الذي ينتاب المواطن العربي يكمن في أن الأحزاب الموجودة في الساحة الآن سواء في مصر أو تونس هل قادرة على أن تكون أحزابا وطنية أم سنجدها تعزف على وتر الهويات الثانوية وقد تقود البلدين معا إلى حالة من التناحر الطائفي والجهوي والمناطقي من أجل أن تحقق هذه الأحزاب مصالحها الضيقة جدا التي لا تتعدى كرسيا ومقعدا في البرلمان والحكومة.. هذه المخاوف تؤرق أبناء تونس ومصر وهم يرون حالة الهستيريا والتشظي التي تعيشها النخب السياسية وحجم التقاطعات الكبيرة فيما بينها في مختلف المجالات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -مغامرات جاد- قصص ومغامرات صانع المحتوى جاد خليل


.. العراق.. رقصة تحيل أربعة عسكريين إلى التحقيق • فرانس 24




.. -افعل ما يحلو لك أيام الجمعة-.. لماذا حولت هذه الشركة أسبوع


.. طفلة صمّاء تتمكن من السمع بعد علاج جيني يجرّب لأول مرة




.. القسام: استهداف ناقلة جند ومبنى تحصن فيه جنود عند مسجد الدعو