الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سوريا الثورة : (6): عن مخاطر انحراف الثورة ......

رياض خليل

2013 / 2 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


حول مخاطر انحراف الثورة السورية
نحو ديكتاتورية التطرف الديني
هل من فرص لسيطرة التيار الديني الإسلامي المتشدد ، على مقاليد الحكم والسلطة في سوريا ، بعد رحيل ديكتاتورية الأسد ؟ هل قامت الثورة من أجل استبدال ديكتاتورية بأخرى دينية إسلامية ، أو من أي نوع وشكل آخر ؟ وهل الشعب السوري عموما محصن من مخاطر وقوعه فريسة الخداع والغش والتضليل وألاعيب النفاق السياسي ، التي هي السمات الملازمة لكل استبداد ، وكل مستبد طامع بالسلطة ومغانمها ؟! أوليست الثورة سلما لتسلق الكثير من الوصوليين والانتهازيين الطامعين بالكرسي ، باعتباره وسيلة لإساءة الاستخدام ، واستغلاله لتحقيق المآرب والمنافع والمكاسب الشخصية الخاصة ؟ أوليست الثورة مرحلة انتقالية لكنس طبقة ، والحلول مكانها ، في مفاصل وزوايا ومراكز السلطة بأنواعها ومستوياتها ، من أصغر موظف حتى أكبر رتبة وظيفية ، في مجالات الحياة الحكومية المتنوعة ؟ كل تلك الأسئلة وسواها من أسئلة لاتقف عند حد ..هي أسئلة مشروعة ، وهامة ، والإجابة عليها تحدد الكثير من ملامح المرحلة السورية الجديدة ، التالية لسقوط نظام الديكتاتورية الأسدية سيئة السمعة والصيت .
فهاهي القوى على الأرض ، منها ماكان قائما ، وأخذ يتطور ويتنامى ، ويبحث لنفسه عن موطئ قدم ، في كعكة السلطة المرجوة والمنتظرة ، وهاهي قوى فتية جديدة كليا تولد ، وتنمو وتقوى ، وتنافس القوى السياسية التقليدية العجوز ، والعاجزة عن مواكبة الحدث ، الذي فاجأها ، وصعقها ، وسبب لها الهلع والقلق والحسد ، فمضت على غير هدى ، تترنح ذات اليمين وذات الشمال بحثا عن مخرج آمن لها من الصراع الجاري .
هذه القوى الانتهازية والوصولية فكرا وعملا وهدفا .. هي ضد النظام الشمولي الأسدي القديم ، وضد النظام الديمقراطي الجديد القادم ، لأنه يشكل خطرا من نوع مختلف عليها ، وربما يكون هو الخطر الأكبر عليها ، وعلى هويتها السياسية ، التي حكم عليها التاريخ والتجربة بالفشل والهزيمة منذ سقوط الاشتراكية ونظامها الدولي شرقي أوربا وفي آسيا وأنحاء العالم . الديمقراطية هي الخطر الأكبر على سائر الأنظمة الشمولية ، ومن ضمنها الدينية ( إيران وأفغانستان مثالا) . فهل تحتمل سوريا والسوريين نظاما شموليا جديدا بلبوس الدين ؟
أخطر شيء على الثورة ، هو استغلال الدين الإسلامي ، لتمرير ديكتاتورية جديدة من حيث اللبوس والشكل الديني ، وليعلم الجميع أن الديكتاتورية لها جوهر واحد ، وأشكال لاحصر لها . ومنها الشكل الديني ، وإن الديكتاتورية عدوان على الدين والدنيا ، عدوان على الحياة والإنسان ، مادامت ستسلبه الحرية .. كل الحرية في أن يفكر ويحيا ويعمل ويشارك .
لايجوز لأي حاكم مسلم أن يحتكر الحكم والقرار والسلطة تحت أي ذريعة شرعية دينية . والفقه الإسلامي الصحيح يجرم الديكتاتورية والطغيان والتسلط والتفرد بالحكم والاستبداد . وليعلم من يدعون إلى الخلافة ، أنه في عصرنا لم يعد من الممكن القبول بخليفة مطلق الصلاحياة والسلطات ، وإلا سيكون مثله في ذلك مثل أي ديكتاتور آخر في أي زمن . ولا يمكن أن يحكم المجتمع كما كان شأن الحكم في التاريخ الإسلامي ،الذي مرخلال القرون الماضية .
إن تاريخ الحكم في الإسلام ، ونظم الحكم الإسلامي لم تكن لتختلف عن سائر نظم الحكم المسيطرة في أنحاء العالم ، ومنها الأوروبي . كانت نظم حكم استبدادية ، وراثية ، عائلية ، طبقية ، تتلطى وراء الأفكار الدينية ، وتزعم أنها مفوضة إلهيا بحكم البشر ، وتطبيق الشريعة وفقا لأهوائها ورؤاها الخاصة ، والتي لم يكن من المسموح مناقشتها تماما وبموضوعية . وخلال تلك الأحقاب .. كان الفقهاء أكثر الناس الذين يتعرضون للاضطهاد والظلم والملاحقة والتضييق والتنكيل بهم ، وتاريخ حياة كل فقيه هي تاريخ عذاباته جراء كراهية الحكام لهم ولفتاواهم وفقههم ، الذي لولاه لما أمكن تنظيم شؤون العامة من الناس والرعية . والحقيقة الساطعة هي أن نظم الحكم الإسلامية ، لم تكن لتشكل البيئة المثلى لحرية الفقه والاجتهاد وإعمال العقل في شؤون الدين والدنيا معا . ومع ذلك كانت الحال أفضل من بعض مانشهده من قمع فظيع لحرية التعبير ، في عصرنا الراهن ، في بلدانس مثل سوريا وكوريا الشمالية وكوبا والصين وروسيا قبل وبعد الشيوعية .
إن ظهور وترسخ النظم الديمقراطية في الحكم ، ونجاحاتها المتنامية في ميادين التطبيق ، قد أثبت استحالة تجاهلها أو الحط من شأنها أو مهاجمتها علنا ومباشرة من قبل اعتى الطغاة ، ومن قبل الكثير من الحركات الإسلامية السياسية المنتشرة في عصرنا . والتي تدرك أنها من المستحيل عليها تطبيق مالايمكن تطبيقه ، ولم يكن من الممكن تطبيقه سابقا من حكم مطلق لاضوابط له تحكمه وتحدد حدوده في مواجهة حقوق الأفراد والجماعات ومصالحهم . ولم تعد نظرية الولاية والوصاية صالحة وقابلة للتصديق من قبل الناس وعامتهم من الشعب كما كانت الحال في الماضي ، والناس في أيامنا يمتلكون كل وسائل الاتصال والتواصل التي تتيح لهم رؤية المشهد من زوايا عديدة ، وتحكم على الآراء المتناقضة المتواجهة والمتصارعة حكما صحيحا أو غير صحيح . وتتخذ المواقف التي تراها مناسبة . ولقد وفر عصرنا إمكانية أن لاينخدع الناس بسهولة وبساطة ، وإمكانية أن يقارنوا ويختاروا مايحلو لهم من أفكار ومواقف ، ويتبنونها ، ويسعون إلى تطبيقها مباشرة أو بصورة غير مباشرة .
يمكن لأي شخص أن يسأل : هل هذا الشخص أو ذاك ( مفوض إلهيا )بحكم الشعب ؟ كيف لنا أن نتأكد من صحة ذلك الادعاء ؟ أفلا يمكن لأي شخص آخر أن يدعي بما ادعى فيه الشخص الأول ؟ وهل يكفي الادعاء والزعم للتصديق بلا سند ودليل وحجة موثوقة ؟
يمكن لأي شخص أن يجمع حوله عصابة مارقة تؤيده ، وتشهد له بالباطل بأنه المختار لحكم الناس باسم الإسلام والدين الإسلامي ، وبالتالي ينقض على السلطة ويغنمها ، ويحتكرها ويستغلها لمصلحته ومصلحة عصاباته دون حسيب ولارقيب ، خاصة وأنه لاتوجد أية معايير وضوابط تحد من تصرفاته الإجرامية ، ولاتوجد أية سلطات تراقبه وتحاسبه وتحكم عليه كما تحكم على بقية الناس . من سيقف في وجه طاغية كهذا ؟ وكيف؟ ومالفرق أن تغتصب السلطة عصابة بعثية أو قومية أو شيوعية أو إسلامية متشددة ؟ أليسوا كلهم سواء في ارتكاب جريمة الاستبداد ؟ ضد الحياة الإنسانية الاجتماعية الحرة ؟
إن البنية الحضارية للشعب السوري المتمدن ، تملك المناعة الذاتية الكافية لإفشال أي مشروع استبدادي – شمولي جديد ، ويرفض إي انجراف نحو العنصرية والطائفية والتطرف ، ولن ينجح في سوريا سوى مشروع الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي تتسع لجميع أفرادها ومكوناتها ، وترحب بمشاركاتهم على أسس العدالة والمواطنة والمساواة والحرية .

انطاكية : 29/1/2013


سوريا الثورة : (6)
حول مخاطر انحراف الثورة السورية
نحو ديكتاتورية التطرف الديني
بقلم : رياض خليل
هل من فرص لسيطرة التيار الديني الإسلامي المتشدد ، على مقاليد الحكم والسلطة في سوريا ، بعد رحيل ديكتاتورية الأسد ؟ هل قامت الثورة من أجل استبدال ديكتاتورية بأخرى دينية إسلامية ، أو من أي نوع وشكل آخر ؟ وهل الشعب السوري عموما محصن من مخاطر وقوعه فريسة الخداع والغش والتضليل وألاعيب النفاق السياسي ، التي هي السمات الملازمة لكل استبداد ، وكل مستبد طامع بالسلطة ومغانمها ؟! أوليست الثورة سلما لتسلق الكثير من الوصوليين والانتهازيين الطامعين بالكرسي ، باعتباره وسيلة لإساءة الاستخدام ، واستغلاله لتحقيق المآرب والمنافع والمكاسب الشخصية الخاصة ؟ أوليست الثورة مرحلة انتقالية لكنس طبقة ، والحلول مكانها ، في مفاصل وزوايا ومراكز السلطة بأنواعها ومستوياتها ، من أصغر موظف حتى أكبر رتبة وظيفية ، في مجالات الحياة الحكومية المتنوعة ؟ كل تلك الأسئلة وسواها من أسئلة لاتقف عند حد ..هي أسئلة مشروعة ، وهامة ، والإجابة عليها تحدد الكثير من ملامح المرحلة السورية الجديدة ، التالية لسقوط نظام الديكتاتورية الأسدية سيئة السمعة والصيت .
فهاهي القوى على الأرض ، منها ماكان قائما ، وأخذ يتطور ويتنامى ، ويبحث لنفسه عن موطئ قدم ، في كعكة السلطة المرجوة والمنتظرة ، وهاهي قوى فتية جديدة كليا تولد ، وتنمو وتقوى ، وتنافس القوى السياسية التقليدية العجوز ، والعاجزة عن مواكبة الحدث ، الذي فاجأها ، وصعقها ، وسبب لها الهلع والقلق والحسد ، فمضت على غير هدى ، تترنح ذات اليمين وذات الشمال بحثا عن مخرج آمن لها من الصراع الجاري .
هذه القوى الانتهازية والوصولية فكرا وعملا وهدفا .. هي ضد النظام الشمولي الأسدي القديم ، وضد النظام الديمقراطي الجديد القادم ، لأنه يشكل خطرا من نوع مختلف عليها ، وربما يكون هو الخطر الأكبر عليها ، وعلى هويتها السياسية ، التي حكم عليها التاريخ والتجربة بالفشل والهزيمة منذ سقوط الاشتراكية ونظامها الدولي شرقي أوربا وفي آسيا وأنحاء العالم . الديمقراطية هي الخطر الأكبر على سائر الأنظمة الشمولية ، ومن ضمنها الدينية ( إيران وأفغانستان مثالا) . فهل تحتمل سوريا والسوريين نظاما شموليا جديدا بلبوس الدين ؟
أخطر شيء على الثورة ، هو استغلال الدين الإسلامي ، لتمرير ديكتاتورية جديدة من حيث اللبوس والشكل الديني ، وليعلم الجميع أن الديكتاتورية لها جوهر واحد ، وأشكال لاحصر لها . ومنها الشكل الديني ، وإن الديكتاتورية عدوان على الدين والدنيا ، عدوان على الحياة والإنسان ، مادامت ستسلبه الحرية .. كل الحرية في أن يفكر ويحيا ويعمل ويشارك .
لايجوز لأي حاكم مسلم أن يحتكر الحكم والقرار والسلطة تحت أي ذريعة شرعية دينية . والفقه الإسلامي الصحيح يجرم الديكتاتورية والطغيان والتسلط والتفرد بالحكم والاستبداد . وليعلم من يدعون إلى الخلافة ، أنه في عصرنا لم يعد من الممكن القبول بخليفة مطلق الصلاحياة والسلطات ، وإلا سيكون مثله في ذلك مثل أي ديكتاتور آخر في أي زمن . ولا يمكن أن يحكم المجتمع كما كان شأن الحكم في التاريخ الإسلامي ،الذي مرخلال القرون الماضية .
إن تاريخ الحكم في الإسلام ، ونظم الحكم الإسلامي لم تكن لتختلف عن سائر نظم الحكم المسيطرة في أنحاء العالم ، ومنها الأوروبي . كانت نظم حكم استبدادية ، وراثية ، عائلية ، طبقية ، تتلطى وراء الأفكار الدينية ، وتزعم أنها مفوضة إلهيا بحكم البشر ، وتطبيق الشريعة وفقا لأهوائها ورؤاها الخاصة ، والتي لم يكن من المسموح مناقشتها تماما وبموضوعية . وخلال تلك الأحقاب .. كان الفقهاء أكثر الناس الذين يتعرضون للاضطهاد والظلم والملاحقة والتضييق والتنكيل بهم ، وتاريخ حياة كل فقيه هي تاريخ عذاباته جراء كراهية الحكام لهم ولفتاواهم وفقههم ، الذي لولاه لما أمكن تنظيم شؤون العامة من الناس والرعية . والحقيقة الساطعة هي أن نظم الحكم الإسلامية ، لم تكن لتشكل البيئة المثلى لحرية الفقه والاجتهاد وإعمال العقل في شؤون الدين والدنيا معا . ومع ذلك كانت الحال أفضل من بعض مانشهده من قمع فظيع لحرية التعبير ، في عصرنا الراهن ، في بلدانس مثل سوريا وكوريا الشمالية وكوبا والصين وروسيا قبل وبعد الشيوعية .
إن ظهور وترسخ النظم الديمقراطية في الحكم ، ونجاحاتها المتنامية في ميادين التطبيق ، قد أثبت استحالة تجاهلها أو الحط من شأنها أو مهاجمتها علنا ومباشرة من قبل اعتى الطغاة ، ومن قبل الكثير من الحركات الإسلامية السياسية المنتشرة في عصرنا . والتي تدرك أنها من المستحيل عليها تطبيق مالايمكن تطبيقه ، ولم يكن من الممكن تطبيقه سابقا من حكم مطلق لاضوابط له تحكمه وتحدد حدوده في مواجهة حقوق الأفراد والجماعات ومصالحهم . ولم تعد نظرية الولاية والوصاية صالحة وقابلة للتصديق من قبل الناس وعامتهم من الشعب كما كانت الحال في الماضي ، والناس في أيامنا يمتلكون كل وسائل الاتصال والتواصل التي تتيح لهم رؤية المشهد من زوايا عديدة ، وتحكم على الآراء المتناقضة المتواجهة والمتصارعة حكما صحيحا أو غير صحيح . وتتخذ المواقف التي تراها مناسبة . ولقد وفر عصرنا إمكانية أن لاينخدع الناس بسهولة وبساطة ، وإمكانية أن يقارنوا ويختاروا مايحلو لهم من أفكار ومواقف ، ويتبنونها ، ويسعون إلى تطبيقها مباشرة أو بصورة غير مباشرة .
يمكن لأي شخص أن يسأل : هل هذا الشخص أو ذاك ( مفوض إلهيا )بحكم الشعب ؟ كيف لنا أن نتأكد من صحة ذلك الادعاء ؟ أفلا يمكن لأي شخص آخر أن يدعي بما ادعى فيه الشخص الأول ؟ وهل يكفي الادعاء والزعم للتصديق بلا سند ودليل وحجة موثوقة ؟
يمكن لأي شخص أن يجمع حوله عصابة مارقة تؤيده ، وتشهد له بالباطل بأنه المختار لحكم الناس باسم الإسلام والدين الإسلامي ، وبالتالي ينقض على السلطة ويغنمها ، ويحتكرها ويستغلها لمصلحته ومصلحة عصاباته دون حسيب ولارقيب ، خاصة وأنه لاتوجد أية معايير وضوابط تحد من تصرفاته الإجرامية ، ولاتوجد أية سلطات تراقبه وتحاسبه وتحكم عليه كما تحكم على بقية الناس . من سيقف في وجه طاغية كهذا ؟ وكيف؟ ومالفرق أن تغتصب السلطة عصابة بعثية أو قومية أو شيوعية أو إسلامية متشددة ؟ أليسوا كلهم سواء في ارتكاب جريمة الاستبداد ؟ ضد الحياة الإنسانية الاجتماعية الحرة ؟
إن البنية الحضارية للشعب السوري المتمدن ، تملك المناعة الذاتية الكافية لإفشال أي مشروع استبدادي – شمولي جديد ، ويرفض إي انجراف نحو العنصرية والطائفية والتطرف ، ولن ينجح في سوريا سوى مشروع الدولة المدنية التعددية الديمقراطية التي تتسع لجميع أفرادها ومكوناتها ، وترحب بمشاركاتهم على أسس العدالة والمواطنة والمساواة والحرية .

انطاكية : 29/1/2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش


.. كلمة عضو المكتب السياسي للحركة مشعان البراق في الحلقة النقاش




.. كلمة نائب رئيس جمعية المحامين عدنان أبل في الحلقة النقاشية -


.. كلمة عضو مشروع الشباب الإصلاحي فيصل البريدي في الحلقة النقاش




.. كلمة عضو مجلس الأمة سعود العصفور في الحلقة النقاشية -إلغاء ا