الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل الدكتاتورية افضل من الفوضى ؟

مهند البراك

2013 / 2 / 5
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


منذ ولايته الاولى و بسبب صعوبة تطبيق المحاصصة الطائفية و اشتعال الصراع الطائفي . . استمر رئيس مجلس الوزراء بالتلميح، الى ان الحكم غير ممكن بعدة اطراف تختلف في توجهاتها، فيما استمر بلا ضجيج كبير في اجراءات جعل مؤسسات الحكم الاساسية بيد مكوّن واحد معتبراً ذاته ممثله الوحيد كـ (مختار العصر) . . معززاً ذلك باعتراضه علناً على قرار البرلمان بتحديد ولاية الرئاسات الثلاث و تهديده ايّاه بالمحكمة الاتحادية العليا، و كأنها ملك شخصي له و غير قابلة للحساب و التغيير ان لم تطع احكام الدستور و اسسه . .
الامر الذي فيما يرى فيه مراقبون، بكونه قصوراً في فهم حكم (الشراكة الوطنية و المشاركة في الحكم) . . يرى فيه آخرون بكونه تعطشاً و رغبة في الاستئثار بالحكم ليس لمكوّن واحد فحسب و انما لشخصه هو، الامر الذي يتبيّن من مواقف الاطراف الهامة المشاركة في تحالف قوى المكوّن الذي اوصله للرئاسة، التي تعلن عن مخالفتها ايّاه في سلوكه هذا . .
السلوك الذي تنعكس مخاطره ليس في مؤسسات الحكم و اجراءاتها فحسب، و انما على صعيد الحياة اليومية الصعبة بسبب التسعير الطائفي و ضعف و انعدام الخدمات . . الذي وصل بالسيد المالكي الى التعبير عن أن الدكتاتورية هي افضل من الفوضى ـ في كلمته في احتفالية حزب الدعوة الحاكم بالمولد النبوي الشريف في الاسبوع المنصرم ـ . .
و يرى محللون ان تعبير السيد المالكي ذلك قد جاء لإرضاء الجماهير المحتشدة المطالبة ايّاه بالاصلاح السلمي للعملية السياسية و بتطبيق الدستور، بمحاولة التعبير عن كونه ليس هو المسؤول عمّا تعاني منه اوسع الفئات و خاصة الطبقات الكادحة العراقية بكل اطيافها الدينية و المذهبية، رغم كونه رئيس مجلس الوزراء و القائد العام الذي يجمع أهم السلطات في البلاد بيديه.
و يرى آخرون بأن تعبيره ذلك يجسد ما صرّح و عمل به منذ بدء ولايته الاولى حين دعى الى ان (الحكم بعدة احزاب متنافرة لايستقيم)، موظفاً لذلك تعنّت عدد كبير من قادة و ممثلي الكتلٍ المتنفذة من الطبقة السياسية الحاكمة، لتطمين مصالح ضيّقة لهم . . في وقت يرى فيه فريق آخر بكونه تراجعاً او غضّ نظر عن تجريم نهج دكتاتورية صدام، و محاولته التماهي مع ماتنفخ به اجهزة حكومية صار يعشعش فيها العديد من ازلام العهد المباد، لتجميع قوى له . . و التماهي مع مايتردد بمرارة في الشارع مما يجري من فوضى قياساً بزمان دكتاتورية ظالمة، أُسقطت باسقاط الدولة العراقية و اقيم بدلها حكم قائم على الإنتماءات الفرعية، رغم وجود دستور جامع للقوى العراقية باطيافها جرى التصويت عليه . . في خضم جهوده لمحاولة كسب الشارع له !!
من جهة اخرى و فيما يرى عدد من المتخصصين النظريين ان الفوضى القائمة هي من صنيع الإحتكارات العالمية صاحبة فكرة (الفوضى الخلاقة)(*) . . التي ولدت في اجواء ملبّدة بمشاحنات افكار و بدائل متنوعة لدكتاتورية صدّام منذ مايقارب العقدين، من فكرة (الدكتاتور العادل) . . الى فكرة الإبقاء على الدكتاتورية على اساس (دكتاتور معروف لدينا افضل من دكتاتور مجهول) . .
يرى العدد الاكبر من المجربين و الخبراء، ان الفوضى القائمة هي وريثة الدكتاتورية و فكرها و اعمالها الشائنة . . . منذ ان كان القانون ليس اكثر من ورقة يوقعها صدام، رغم ان صدام لم يكن لوحده و انما كان عائداً لحزب ـ محظور دستورياً الآن ـ و عمل ضمن ضوابطه و اطره حتى وصل الى قيادته، و اسس و حكم بدكتاتورية رهيبة، لم تنفع لردعه عن ذلك حتى الضوابط الحزبية الداخلية لحزبه الذي اوصله للسلطة . . و تكوّنت بذلك دولة اللاقانون و الفوضى التي خدمت طغمة حاكمة و مخططاتها المجنونة، وفق إجراءات و قرارات سريّة لم تنشر و لم يعرف بها الاّ المعنيين بها، تعاقب من يفشي اسرارها بأشد العقوبات وحشية بتهم الخيانة العظمى . .
الأمر الذي فيما ادىّ الى نكوص الدولة الدكتاتورية في خدماتها للشعب بذريعة حروبها . . من خدمات كان يفاخر بها بين دول المنطقة، الى خدمات صارت تتردىّ و فوضى تتصاعد لم يسمح بالكشف و الحديث عنها بالعنف لأنه (يخدم اعداء الثورة)، فإنه ادىّ الى ان الدكتاتورية و فوضاها لم تنجب الاّ المآسي و الجروح الهائلة . . و انجبت بديلاً من سياسيين غلب عليهم طابع الوصولية و انتهاز الفرص كنتاج اجتماعي لها . . الفرص التي صنعها غيرهم و استشهد من اجل تحقيقها الالوف من المناضلات و المناضلين و مئات الالاف من الشعب بكل الوان طيفه . . كما يتردد في الشارع و تعكسه وسائل الاعلام الداخلية و الدولية .
حتى صار الكثير من متنفذي اليوم هم الذين يصعّدون الخلافات الطائفية و الانتماءات المكوناتية و يسعّروها . . لاجهاض اي حراك شعبي يسعى لتطبيق حقيقي للدستور، و لوصم كل اختلاف او معارضة بالارهاب، وصولاً الى محاولة اسقاط تلك الحراكات و ادانتها . . لتزكية شخوصهم بذاتهم و مواقعهم، معمقين بذلك حالة الفوضى التي تستغلها القوى الارهابية الحقيقية و فلول الدكتاتورية، لتصعيد اعمالها الدموية . .
ان التشدد في تعامل الكتل المتنفذة فيما بينها و في مقدمتهم السيد المالكي باعتباره الماسك الفعلي للسلطة الآن . . هو الذي يؤديّ الى تصاعد تحذيرات قوى صديقة و قوى استثمار عالمية مما يجري، ولا ادلّ من ذلك ماصرّحت به ممثلة الاتحاد الاوروبي في العراق قائلة " . . ليست في العراق مشاكل سنّة و شيعة بقدر ما هي مشاكل نابعة من غياب القانون " .
و فيما تحذّر اوساط متزايدة من مخاطر مايجري الذي قد يجرّ الى تشظيّ البلاد و انفراط عقدها انفراطاً دموياً لايعرف مداه و لا تحديد مدّته الزمنية او الى مخاطر قيام دكتاتورية جديدة. . فإنها تدعو الى اعتماد الحوار بالاستناد الى الدستور، و الى اجراءات عاجلة لعقد مؤتمر عام للقوى المشاركة و الفاعلة في العملية السياسية داخل و خارج مؤسسات الحكم التشريعية و التنفيذية و القضائية، اضافة الى ممثلي الشباب و المرأة و ممثلي منظمات المجتمع المدني و ممثلين عن الاحتجاجات السلمية المطالبة بالشرعية الدستورية و المتحركة وفق ضوابطها . . للوصول الى سبل اصلاح العملية السياسية استناداً الى الدستور . .

5 / 2 / 2013 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) كنظرية اجتماعية تعتمد على احدى نظريات تطور الفن في الغرب . . بإعتبار الفن مرآة عاكسة لحركة و تطوّر المجتمع، و بالتالي يعكس الفن حركة تطور فكره و قيَمِهِ.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان