الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق في خطر

علوان حسين

2013 / 2 / 6
مواضيع وابحاث سياسية



في العراق إنه الطوفان . شوارع فاضت بأمطار السماء التي زادت عن حدها هذا العام كما فاضت بناسها الغاضبين الشوارع ُ . خرج الناس أفواجا ً ناقمين على سياسة الحكومة مطاليبن بالتغيير . يبدو إنها الحرب تطل برأسها هذه المرة . الفلوجة خرجت عن بكرة أبيها , الموصل تمور كالبركان وتكريت في حالة ٍ من الغليان . لدينا حكومة مرتبكة لا تعرف ماذا تفعل لتهدأ العاصفة .
لدينا برلمان منقسم ٌ على نفسه , نصفه يهيّج الشارع ونصفه الآخر يناصر حكومة متهمة بالفساد والسرقة والقتل أيضا ً . هنا مظاهرات حاشدة ترفع أعلاما ً مطرزة ً بالنجوم الثلاثة ومظاهرات هناك تشهر أعلاما ً خالية ً من النجوم , وبين الهنا والهناك لدينا أكثرية صامتة صودر صوتها من هذا الطرف أو ذاك . ثمة شعب يتململ وجيوش تتشكل سرا ً وعلانية ً , كأنها البلاد سائرة لحرب ٍ وقودها الناس والحجارة . حرب تُطبخ في عواصم دول الجوار . لدينا أكراد يسعون لدولة ٍ ولو على أشلاء وطن يرونه عدوا ً لهم . لدينا سنة يريدون مُلكا ً مُضاعا ً , يتوقون للحكم ثانية ً ولو على جماجم البشر . أما الشيعة فهم متشبثون بكرسي ٍ مهزوز ٍ ولو ضاع الوطن . الكل يأخذ بالبلاد إلى الهاوية . الأغلبية الصامتة لا أحد يصغي إليها . لا أحد حاول أن يجس نبضها ليعرف بماذا تفكر وماذا تريد ؟ وطن في طريقه للضياع . من يصدق بأن بلادا ً بلا كهرباء أو ماء نظيفة , لا مجاري صحية ولا خدمات . شوارعها تطفو فوقها أكوام الزبالة وفقرائها ينبشون تلال القمامة بحثا ً عن بقايا طعام ٍ أو شيئا ً ينفع في سد رمق الجوع . بلاد تجري من تحتها أنهار الذهب ولا أحد يدري كيف تـُنفق ثرواتها وفي أي الجيوب تصب ؟
لدينا رئيس قضى ثلاثة أرباع ولايته إما مصطافا ً في قصره المطل على بحيرة دوكان , أو مريضا ً في مشافي برلين الأنيقة . لدينا رئيس وزراء أمضى عشرة أعوام من عمر ولايته وهو يحارب طواحين الهواء , مفتعلا ً المعارك مثل دون كيشوت خائب , مرة ً يحارب الأكراد ومرة ً يحارب حلفائه من الأعدقاء السياسين جارا ً البلاد من أزمة ٍ إلى أخرى حتى أوصلنا إلى حافة الهاوية . لدينا زعماء ينتقلون من حبل ٍ لآخر , يتحركون كلاعبي السيرك بخفة ٍ يحسدها عليهم القردة .
لدينا قادة يشعلون النيران ثم يجلسون بإسترخاء ٍ على الأرائك المريحة يحتسون قهوتهم وهم يتفرجون على البلاد وهي تحترق أمام أبصارهم . لدينا قضاة ٌ جُردوا من سلطتهم , باعوها أو قايضوا عليها حتى باتوا لا سلطة لهم لأنهم رهونها للسلطان .
إلى أين تسير البلاد ؟ قلبي عليها يذرف الدمع . مع أية قطرة دم ٍ تسيل لا يبرأ أحد ٌ نفسه ويرمي اللوم على الآخر , الكل مسؤول والجميع مشتركون في الجريمة إن حدثت لا سامح الله . أكاد أرى المذابح تلمع على رؤوس حراب كلماتكم التي تتشدقون بها في نوبات هذياناتكم . يكاد المرء يتعثر برأس ٍ هنا أو جثة ٍ هناك في زاوية ٍ من طريق كلما أطل أحد منكم برأسه من شاشة التلفزيون .
يا مالكي ويا علاوي يا برزاني يا نجيفي , يا مقتدى ويا عمار ويا صالح المطلك , ويا نواب البرلمان الذين مع والذين ضد الحكومة , كفاكم إستهتارا ً بمشاعر الناس . قولوا لنا ماذا تطبخون وماذا تعدون لنا في الخفاء . نريدكم واضحين شفافين وأنتم تقودننا إلى المذبحة . لكن أعلموا بأن بلادنا ليست غنيمة لكم , ومصائرنا ليست رهنا ً بأمزجتكم الدموية . شعبنا ليس قطيع غنم ٍ تسوقونه للذبح متى ما شاءت لكم رغباتكم وأهوائكم ومصالحكم . أفيقوا , نراكم وأنتم تشحذون سكاكينكم لتحزوا رقاب الأبرياء . أيديكم ملطخة بدم أحلامنا . كفاكم تروعون البلاد وتزرعون الرعب في قلوب العباد . تنظرون إلينا وكأننا رهائن أو أسرى حرب ٍ وأنتم القراصنة . ياسادة إلى أين تأخذون البلاد ؟ أقول لشعبي , متى نستعيد وطننا من بين مخالب القتلة ؟
كاتب من العراق








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هنية: حماس والفصائل جاهزة لإبرام اتفاق يتضمن وقفا دائما لإطل


.. مؤتمر صحفي في ختام أعمال قمة سويسرا بشأن السلام في أوكرانيا




.. الحرس الثوري أعلن في وقت سابق عدم التدخل في انتخابات الرئاسة


.. انتخابات الرئاسة الأميركية.. في انتظار مناظرة بايدن وترامب ا




.. جيك سوليفان: وسطاء من مصر وقطر يعتزمون التواصل مع حماس مجددا