الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصين الشعبية ... والانتقال الى الرأسمالية ..(1)

علي الأسدي

2013 / 2 / 6
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية



في عام 1990 انتصرت الثورة المضادة في روسيا ، وأطيح باشتراكية كان مؤملا لها أن تبقى وتستمر حتى انهيار الرأسمالية. كورباجوف داعية الاصلاح المزعوم عبر ما سماها البيروسترويكا التي لم تكن أقل من برنامج للثورة المضادة التي اطاحت بالاشتراكية وبه وببرنامجه. وبذلك تكون السياسة المعادية للشيوعية قد حققت أهدافها ، وحق للدول الرأسمالية والرجعيات المحلية أن تحتفل بالنصر الذي انتظرته أكثر من سبعة عقود من السنين.

سيعيد الساعون للاشتراكية من الأجيال الجديدة قراءة تجربة ثورة أكتوبر، باخفاقاتها ونجاحاتها الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية المذهلة محليا وعالميا. لقد كانت مذهلة حقا ليس فقط بمعايير منتصف القرن الماضي ، بل بمعايير اليوم أيضا.

ولكي تكون قراءة اخفاقات اشتراكية ثورة أكتوبر قراءة موضوعية ينبغي أن تأخذ بعين الاهتمام الظروف الدولية والداخلية التي لم تكن لصالحها ، بل بالعكس عملت ضدها بكل السبل ، فزرعت في طريقها الألغام المميتة. بينها وأبرزها الحروب الساخنة والباردة التي شنت عليها والحصار الاقتصادي والسياسي الذي فرض على دولتها وبقية المنضومة الحليفة لها ، واالدور البطولي لقادتها الأوائل في الاصرار على انجاح التجربة الاشتراكية وتحرير الطبقة العاملة والشعوب المضطهدة من الهيمنة الرأسمالية والاستعمارية.

لم تتوقف الماكنة الاعلامية الموالية للرجعية والرأسمالية لحد اليوم من نشر الدعاية المضادة للاشتراكية معلنة خلود الرأسمالية كنظام للحياة له القدرة الذاتية على شحث طاقاته الاقتصادية واستنباط الآليات التي تمكنه من تجاوز وحل مشكلاته. لكن الى اي مدى سيستمر تداول هذه الأوهام ، فبينما تزداد حياة القوى العاملة سوء في دول الاشتراكية السابقة ودول المركز الرأسمالي يتصاعد رقم العاطلين عن العمل في الدول الراسمالية جميعها حيث يخيم عليها منذ سنين الركود الاقتصادي ، بنفس الوقت الذي تكتسب الاشتراكية زخما يوما بعد يوم.
وكانت صحيفة الغارديان البريطانية قد نشرت مقالا لكاتبها ستيوارث جيفريز بعنوان : " لماذا تتصاعد الماركسية من جديد. " بدأه بفقرة من البيان الشيوعي لماركس وأنجلس: (1)

" ما تفعله البرجوازية في نهاية المطاف ، أنها تحفر قبرها بيديها ، فسقوطها وانتصار البروليتاريا حتمي." ويتابع : اليوم وبعد 165 عاما منذ كتب ماركس وأنجلس حول حقيقة حفر البرجوازية لقبرها نرى واقعا معكوسا تماما. فالبروليتاريا أبعد من حفر قبر البرجوازية ، فهي تحافظ عليها في غرفة الانعاش. البروليتاريا تعمل اليوم ساعات أطول بأجور أدنى. ظاهريا تحررت البروليتاريا في أكبر ثورة في التاريخ ( الثورة الصينية عام 1949 ) تجهد نفسها اليوم لدرجة الانتحار ، لأجل الحفاظ على أولئك في الغرب الذين يقضون وقتهم في اللهو في أجهزة موبايل ipads ، ولولا المال الصيني لاعلنت الولايات المتحدة الافلاس".

وينقل الصحفي في الغارديان عن وكالة رويتر للأنباء ، ان نتائج استطلاع للرأي أجري في ألمانيا الديمقراطية السابقة في عام 2008 جاء في :

ان 52% من مواطنيها يعتبر اقتصاد السوق غير ملائم ، وان 43% من الألمان يرغبون بالعودة الى الاشتراكية. وفي نهاية عام 2012 اجتمع حوالي 5000 آلاف مواطن بريطاني في مهرجان نظمه الحزب العمالي الاشتراكي البريطاني ، وهو مهرجان سنوي يقيمه الحزب احتفالا بالماركسية. ما أدهش منظمي الاحتفال أن دور الشباب قد تصاعد بدرجة ملحوظة في السنوات الأخيرة ، كمؤشر على انتعاش الماركسية بين الأجيال الجديدة ، كنتيجة لاكتشافهم أن الماركسية تتيح لهم تحليل الرأسمالية وبخاصة أزمتها الحالية.
نتائج الاستطلاع في ألمانيا الديمقراطية ، وتصاعد شعبية الماركسية بين الشباب البريطاني ، واستمرار التجربة الاشتراكية في كوبا برغم سياسة التجويع المفروضة عليها من قبل الدول الرأسمالية للعقد السادس على التوالي ، ونجاح الاتجاهات اليسارية في دول أمريكا اللاتينية للحذو حذو فنزويلا في رفض الرأسمالية ، تدلل بدون شك على أن الاشتراكية هي خيار الشعوب.
وأمام هذه التطلعات المهمة لشعوب أمريكا اللاتينية ، أين نضع الصين الشعبية في حركة التاريخ ..؟

هل مازالت على طريق الاشتراكية التي باشرها الحزب الشيوعي الصيني عام 1949 وتسعى (كما تعلن ) تعزيز الاشتراكية محليا وعالميا ، أم تتراجع لتكون جزء من النظام الرأسمالي العالمي تتقاسم معه الارباح والأسواق ومواقع النفوذ متخلية عن وعودها بتطوير الاشتراكية..؟

قاد الحزب الشيوعي الصيني حركة الكفاح الوطنية منذ عام 1930 لتحرير الصين من الاحتلال الاستعماري الذي قسم الصين الى مناطق نفوذه واستغلال ثرواته ، وحقق انتصاره النهائي عام 1949 بعد طريق طويلة من النضال الشاق السلمي والعسكري ، ليتوج انتصاره النهائي بالاعلان عن اقامة الاشتراكية في الصين. لقد حظيت الجمهورية الشعبية الجديدة بدعم الاتحاد السوفييتي الكامل ، ومنه استنسخت بعض سياساته الاقتصادية التي لم تكن كلها ملائمة لظروف الصين في تلك المرحلة من تطورها الاقتصادي. المباشرة ببناء الصناعة الثقيلة كانت واحدة من تلك السياسات.

فالتكاليف المالية الباهظة لاستيرادها يشكل لكثير من البلدان عقبة مهمة أمام حيازة مثل تلك الصناعات ، ولهذا السبب تضطر الكثير من البلدان على استجلاب الشركات الاجنبية للاستثمار فيها مقابل حصة في الانتاج مثلا ، أو الاقتراض من الخارج لدفع اثمان تلك الصناعات. الصين في تلك المرحلة لم تكن مستعدة للتعاون مع الدول الأجنبية في هذا المجال ، ولم تمضي فترة طويلة على طرد الشركات الاجنبية من بلادها. هذا أولا.

وثانيا – اذا قررت الصين استيراد معدات تلك الصناعات من الخارج فانها ستكون بحاجة الى العملات الصعبة لتسديد اثمانها ، ويفترض هذا أن تكون للصين ما تصدره من سلع الى الدول الغربية ، فهي مصدرها الوحيد. يعني تصدير خدمات او سلعا صينية عالية الجودة ومطلوبة من المستهلك الأجنبي ، بدون ذلك لن تحصل الصين على البضائع التي تستوردها من اليابان أو ألمانيا مثلا والدولتان معروفتان بقدراتهما الصناعية في هذا المجال.
وثالثا - التجارة مع الدول الاشتراكية الأخرى لم تشترط عملات صعبة ، لأن التبادل التجاري بينها يتم وفق عملة حسابية متفق عليها تتم على اساسها التجارة بينها. الاتحاد السوفييتي رغم قدراته التي تطورت كثيرا خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية ، لكن بعض قدراته الصناعية اما دمرت ولم يعاد بنائها ، أو لأن القدرات الانتاجية محدودة ، ما يعني الانتظار فترة أطول قبل أن تتمكن الصين من حيازة تلك الصناعة. فالاتحاد السوفييتي كان المصدر الوحيد في المنظومة الاشتراكية المؤهل لتصدير مثل تلك السلع.
علي الأسدي - يتبع








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟


.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح




.. بالركل والسحل.. الشرطة تلاحق متظاهرين مع فلسطين في ألمانيا


.. بنعبد الله يدعو لمواجهة الازدواجية والانفصام في المجتمع المغ




.. أنصار ترمب يشبهونه بنيسلون مانديلا أشهر سجين سياسي بالعالم