الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عطالة العقول تسيل الدماء في تونس

محمد عبعوب

2013 / 2 / 7
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


كل دم بشري سال أو يـَسيلُ أو سَيُسالُ عبر الزمن بفعل بشري وتحت اي لافتة، هو مؤشر على عجر الفكر وعطالة العقل الانساني عن العمل ، ذلك أن الانسان المفكر القادر على إعمال عقله لا يركن للعنف وهدر الدماء لدحض فكرة او رأي او تصحيح خطأ ، فالدم لا يولد إلا دم، و لايطفئ الحرائق بل يضيف اليها وقودا يزيدها اشتعالا..

وبلداننا العربية الموبوأة شعوبها بعطالة العقول منذ تحررها الصوري من الاستعمار، لا يبدو أنها ستتخلص من هذا الوباء في الزمن المنظور، ولا زالت لغة الدم هي لغة شعوبها في التعامل مع خلافاتها وإختلافاتها، ولا زال القتل وإزهاق الأرواح هو سلاحها في التعامل مع تقاطع الأفكار والآراء وتنوعها.. لم تتخلص هذه الشعوب من انيابها المفترسة رغم ولوج العالم المقابل لنا على ضفة المتوسط لعصر الحوار واستعمال العقل في حسم الخلافات والاختلافات..

بالامس أهدرت ايدي جبانة توقف عقل مدبريها عن العمل دم مناضل تونسي لا يحمل سلاحا سوى عقله ولسانه، سال دمه في الشارع العام الذي كان يعتقد أنه بمجاهرته بآرائه وأفكاره سينقله من حالة التوحش والدموية الى الأنسنة والتمدن، فإذا به يسقط ضحية لتوحش وبربرية طائفة من رواد هذا الشارع الذين أعطوا عقولهم إجازة مفتوحة وركنوا إلى العنف كسلاح لفرض افكار وآراء تجاوزها الزمن، اجتهد مبدعوها في زمنهم في تخريجها وفق معطيات عصرهم، وفشل اليوم أحفادهم في تجديدها وتكاسلوا عن عصرنتها بما يوافق واقعهم، واختاروا الدم لفرضها كما هي..

لم يثبت لنا التاريخ في أي مرحلة أن سفك الدماء وإزهاق الارواح قد أفضى لحلحة المشاكل والخلافات، وما قد يراه البعض من استقرار وهمي عقب اي حرب او قمع دموي، ماهو إلا عملية تسكين لهذه الخلافات والاختلافات التي سرعان ما تطفوا على السطح وتعود بشكل أعنف واكثر تعقيدا بمجرد زوال مفعول مسكناتها . وكل الحروب التي شنت عبر التاريخ لفرض أفكار أو دحضها او فرض رأي او تسفيهه سواء على مستوى شعوب ودول أو أفراد لم تنتهي إلا لتأبيد الصراعات وتمديد عمرها، والذاكرة الانسانية تحتفظ بكل الذكريات الأليمة التي مرت بها وتظل في حالة سكون إلى أن يتاح الضرف لتصحيحها، وهنا تكون النقلة النوعية التي لم نصلها كعرب بعد، حيث عملت الشعوب المتنورة على تصحيح هذه الاخطاء في العقول قبل الأجساد وحقنت الدماء، فيما نحن نعطل عقولنا ونبدد دماءنا لفرض افكار او تصحيحها..

والدماء التي تسفح اليوم على امتدادا هذا الوطن تحت مختلف الرايات والذرائع ماهي إلا مؤشر على حالة التردي الفاضح والجمود المرعب لعقولنا ، وتخلينا عن إنسانيتنا التي حرم الله في كل شرائعه انتهاكها وتبديدها بأي حجة.. وما أحوجنا اليوم لإعادة إعمال عقولنا وتفعيل تفكيرنا للتوصل الى توافق في إدارة أوطاننا ونقلها من حالة التردي الى مسارات النمو وحقن الدماء التي سال منها الكثير في حروب عبثية لا طائل من ورائها.. فهل تقرر هذه الثلة من محترفي العنف والقتل تفعيل عقولها والركون للحوار والجدل بدل الدم والعنف الذي لا يزيد ازماتنا إلا تازما واشتعالا..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إنقاذ الطفل السوري #عسكر_دياب بعد سقوطه في #بئر ارتوازي


.. لماذا باركت أمريكا عملية النصيرات رغم المجزرة التي ارتكبها ا




.. لماذا حظرت تركيا تطبيق تيك توك على أفراد القوات المسلحة؟


.. وقفة لمحامين مغاربة أمام المحكمة الابتدائية بالدار البيضاء د




.. سرايا القدس تنفذ عملية مركبة جنوبي شرق تل الهوا