الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا التدخل العسكري في مالي؟

محمد علي الماوي

2013 / 2 / 8
الإستعمار وتجارب التحرّر الوطني


التدخل العسكري الفرنسي في مالي
يعتمد النظام الامبريالي العالمي منذ انتهاء الحرب الباردة على شكل التدخل العسكري المباشر بتعلات مختلفة لنهب خيرات البلدان وضمان مصالحه وتركيز قواعده في المناطق الاستراتيجية فتدخل في افغانستان والعراق والصومال وليبيا وهو بصدد دعم الاخوان في سوريا والان يتدخل النظام "الاشتراكي" الفرنسي في المالي بتعلة محاربة الارهاب أو التطرف الديني وعرفت هذه التدخلات نفس الاسلوب الذي يتراوح بين زرع "الفوضى الخلاقة" واحلال "الانتقال الديمقراطي" واعادة الاعمار وفي قضية الحال فقد وقع زرع الفوضى الخلاقة إثر تحرير شمال مالي أزواد-جانفي 2012 من قبل الحركة الوطنية لتحرير ازواد التي عقدت اتفاق مع انصار الدين-اتفاق قاوا- والذي ينص عل اقامة دولة اسلامية تقوم على تحكيم الشريعة الاسلامية لكن تنصلت فيما بعد الحركة من هذه الاتفاقية وابدت استعدادها للتفاوض منذ بداية الاعتداء وخاصة اثر الانقلاب العسكري مارس 2012وفي الاثناء ولمدة 10اشهر تقريبا وقع قطع الايدي وجلد الفقراء واغتصاب النساء واعدام المعارضين والاعتداء على التراث الاثري والاضرحة في شمال مالي وهدد الاسلاميون تجار الدين والاسلحة وسجائر مال بورو التي يديرها المدعي مختار المختار المتمعش من عمليات خطف الرهائن هددوا بغزو بماكو العاصمة في ظل ضعف السلطة المركزية وتصدع صفوف الجيش.
ماذا وراء التدخل العسكري؟

لقد وقع الاعداد لهذا التدخل منذ حدوث الانقلاب العسكري 2012 ومنذ صدور قرار مجلس الامن 2085 الداعي الى تشكيل قوة افريقية لوقف تقدم "تجار الدين والاسلحة"كما وقع تهيئة الظروف لتبرير مثل هذا التدخل وتقديم الجيش الفرنسي العدواني في ثوب الصديق الذي يريد أولا انقاذ مالي من بشاعة حكم انصار الدين وجماعة التوحيد والجهاد وتنظيم القاعدة والجماعات السلفية الجهادية والتي –مجتمعة- يقدر عدد مقاتليها ب5الاف اخوانجي وثانيا تنظيم الجيش وإعادة تكوينه ثم تأمين "الانتقال الديمقراطي".
ان الهدف من هذا العدوان ليس اخراج مالي من الفقر والتخلف ولايمكن للامبريالية ان تفعل ذلك بالرغم من ان هذا البلد في حاجة اكيدة الى المساعدة بما انه يعتبر من اكثر البلدان فقرا ويحتل المرتبة 178 على 182 حسب مؤشر التنمية البشرية كما يبلغ معدل نسبة الفقر 47,4 بالمائة وتسجل نسبة الامية أكثر من 50 بالمائة وهو بلد زراعي متخلف باتم معنى الكلمة بحيث يشتغل 80 بالمائة من السكان الناشطين في الفلاحة خاصة في الجنوب بما ان الصحراء تمثل 65 بالمائة من مساحة مالي التي تعادل مرتين ونصف مساحة فرنسا.مع الاشارة الى ان الشعب في مالي الذي يعدد مايقارب 15 مليون نسمة -بما في ذلك الطوارق- عان الوليات من الاستعمار الفرنسي ثم من الانظمة العسكرية خاصة منذ انقلاب موسى تراوري سنة 1968.
ان الهدف الحقيقي للتدخل الامبريالي هو اولا السيطرة على المستعمرات القديمة وتعزيز القواعد العسكرية الموجودة في ساحل العاج وافريقيا الوسطى في منافسة مع الامبريالية الامريكية والصينية وثانيا نهب خيرات مالي التي تتمثل اساسا في 52 طنا من الذهب سنويا( البلد الثالث من حيث التصدير) واستغلال مخزون اليورانيوم الموجود في الشمال والمقدر ب100 مليون طنا الى جانب المخزون الموجود في النيجر البلد المجاور المستغل من قبل شركة أريفا الفرنسية والذي يوفر اكثر من ثلث محطات الطاقة النووية,هذا فضلا عن النفط والغاز والقطن.
ماذا بعد التدخل؟

كتبت جريدة لوموند الفرنسية ان الحرب في مالي قد تتحول الى افغانستان فرنسا غير ان وزير الدفاع الفرنسي "الاشتراكي" صرح في قناة "ب- أف أم" بان مهمة الجيش الفرنسي تكمن في احلال السلام في مالي والمصالحة بين الشمال والجنوب وتكوين جيش قوي ودولة قانون وتكتم عن مصير الرهائن وعن الاتصالات القائمة من اجل "تحريرهم"
وردا عن سؤال الصحفية التي استغربت من الحصار الاعلامي المضروب على حقيقة الخسائر البشرية والمادية الناتجة عن القصف المتواصل اعترف الوزير بان هناك مئات الضحايا والعديد من المساجين وتدمير كل مخازن الاسلحة كما اعترف بالنقص في مجال الاستعلامات والتزويد الجوي بالوقود وضرورة تطوير "الدرون" الطائرات دون طيار.
تمكن الجيش الفرنسي بمساعدة المخابرات الامريكية من تدمير قواعد تجار الدين والمخدرات وتمركز الجيش المالي والقوات الافريقية –التشادية والنيجرية خاصة- في كل المدن التي كانت تحت سيطرة "انصار الدين" بما في ذلك كيدال على الحدود الجزائرية.وانسحب تجار الرهائن الى المناطق الجبلية في حين اندس البعض الاخر بعد ان وقع حلق اللحية في صفوف السكان.
تريد الامبريالية الفرنسية تقديم هذه الحرب المدمرة باعتبارها حربا "تحررية" نظيفة هلل لها الماليون ورفعوا خلالها اعلام فرنسا في حين انها حرب استعمارية جديدة لايهمها مصير الشعب المالي ولاحق الطوارق في تقرير المصير بل انها تستعمل الطوارق لشق الصفوف والحصول على معلومات حول الرهائن الفرنسيين.
ان الحكومة "الاشتراكية" الفرنسية تدعي محاربة الارهاب في مالي لكنها تشجعه وتدعمه في سوريا وإن انسحب الاخوانجية دون مواجهة نظرا لضراوة القصف الجوي فان ذلك لايعني انتهاء المعركة ضد "الجهاديين" لان الامبريالية تحتفظ بمثل هذه البدائل لزرع الفوضى الخلاقة وقد تكون الجزائر مستهدفة أو النيجر ومورتانيا ولما تونس بما أن العديد من الجهاديين يحملون" الجنسية التونسية".
لقد صنعت الامبريالية الارهاب الاخوانجي فهي التي صنعت بن لادن واحفاده وهي التي زكت الاخوان في مصر وتونس بعد الانتفاضات وهي التي تدعم الاخوان في سوريا وتعتقد جازما ان الاخوانجية بامكانهم ترويض انتفاضات الشعوب برفع راية الدين- باعتباره افيون الشعوب- لذلك لابد من التذكير بالشعار التالي"الاخوان بديل امبريالي" يقع تحريكه عند الضرورة للتصدي لتجذر الحراك الشعبي.
ان الحرب في مالي لاتهدف اذن الى محاربة الارهاب بل الى تأمين مصالح الاستعمار الفرنسي في المنطقة وتنصيب العملاء الجدد تجنبا لاندلاع الانفجارات الشعبية التي تهدد مصالح الامبريالية وعملائها.كما تهدف الحرب التي ستبتلع اكثر من 700 مليون دولارا حسب التقديرات الرسمية فقد قدمت اليابان 120 مليون دولارا وصنوق النقد الدولي 18,4 مليون دولارا وانفقت فرنسا الى حد الان 70 مليون دولارا وتترقب المزيد من المساهمات,انها تهدف الى تشغيل الالة العسكرية واحتكارات الاسلحة من اجل تنشيط الاقتصاد.
انه من الضروري تذكير البعض بان التدخل العسكري تحت غطاء محاربة الارهاب وتامين "الانتقال الديمقراطي" يتناقض كليا وطموح الشعب المالي نحو التحرر ونضال شعب ازواد من اجل تقرير المصير. لقد استنجدت السلطة المؤقتة الحالية بفرنسا وهي سلطة عميلة لن توفر الحرية والكرامة والعيش الكريم للشعب المالي كما ستظل الفرق الاخوانجية- القاعدة في المغرب "الاسلامي تحديدا "- تهدد نضالات الشعوب في المنطقة من خلال التدخل المباشر وتحويل وجهة الصراع من صراع من اجل التحرر الى صراع من اجل فرض الشريعة الاسلامية ويستهدف هذا التهديد الجزائر ومورتانيا وأزواد والمغرب وكذلك تونس...

لا للاستعمار الفرنسي من جديد
لنفضح سياسة العملاء المتسببه في واقع التخلف
لنكشف الجماعات الاسلامية
لندعم حق ازواد في تقرير المصير على قاعدة التحرر الوطني الديمقراطي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو