الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تصبح مصر حصان طروادة لأمريكا ؟

مهدي بندق

2013 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية



التاريخ لا يكرر نفسه مرتين بصيغة الحافر على الحافر ، حتى وإن تشابهت غايات صانعيه، سيما حين يُخطَّط لتلك الغايات على منحدرات الشر والظلم . في المرة الأولى تنجم عن الحدث مأساة ٌ لا مفر منها. أما المرة الثانية فلا مندوحة من أن تأتي في هيئة مهزلة كاملة الأوصاف . ينطبق هذا المبدأ على علاقة مصر بالفرس القدامى والفرس الجدد انطباقا ً لا يعكر عليه استبدال إيران المعاصرة راية الإسلام ببيارق الإمبراطورية الفارسية القديمة ، كما سنرى .
تبدأ الوقائع التاريخية بقورش الأكبر ملك الفرس ، الذي طالما أبدى توقه لضم مصر توسيعا ً لملكه ، فعمد إلي خطبة ابنة الفرعون أحمس الثاني توطئة ً لتحقيق غرضه بالقوة الناعمة Soft Power بيد أن أحمس – بوعيه السياسي – رفض الخطبة ، مما جعل قورش يستشيط غضبا ً ، فراح يعد العدة للهجوم على مصر لولا أن عاجلته المنية . وما لبث ابنه قمبيز حتى اندفع بجيوشه لتنفيذ مخطط أبيه . في ذلك الوقت مات أحمس الثاني ، وتولى حكم مصر آخرُ فراعينها : بسماتيك الثالث ، الذي تصدى للغزو بنفسه ليسقط شهيدا ً في ميدان القتال عام 525 ق.م . بعده وقعت مصر في قبضة الفرس لمائتين وأربعة وتسعين عاما ً .
تلك كانت مأساة المرة الأولى في علاقة الفرس بمصر : تلمظ وتحرش ، فهجوم فاحتلال، وما أدراك ما الاحتلال ؟ هوان ومذلة وإفقار وطمس للهوية .. والدليل على هذا الطمس أن الإسكندر وخلفاءه البطالسة حين حلوا بالغزو محل الفرس في مصر ؛ لم يجدوا صعوبة تذكر في تحويلها عن مصريتها ، لتغدو إغريقية لثلاثة قرون تالية ثم تمسي – بالغزو أيضا ً- رومانية لأكثر من ستة قرون كاملة ، حتى انتزعها العرب من أيدي الرومان عام 641 ميلادي ، ثم ليتخطفها منهم الأيوبيون 1171 فالمماليك 1250 فالأتراك العثمانيون 1517
كان على الوطن المزّمل بدُثر المأساة المتجددة أن يناضل طوال تلك العصور المظلمة من أجل استعادة هويته المصرية ، وقد تحقق له مبتغاه بثورة شعبه عام 1919 على الاحتلال البريطاني ، نابذا ً انتماءه لدولة الخلافة العثمانية التي سقطت عام 1923 وحين اكتمل استقلاله بعد جلاء المحتل الأجنبي ؛ صارت مصر مركز الثقل في المنطقة العربية بل والشرق الأوسط جميعا ً ، إلى أن تعرضت للضربة الامبريالية الصهيونية عام 1967 ، لكنها استطاعت – بمعجزة حرب أكتوبر – أن تستعيد بعضاً من أرضها التي احتلتها إسرائيل ، وأن تستعيد الباقي منها بالمفاوضات عام 1977 فيما اعتبرته الدول العربية تفريطا ً في الحق العربي ، فكانت النتيجة تهميش الدور الإقليمي لمصر لأعوام عشرة ، كان فيها المد الإيراني يصعد تحت راية ما سُمىَّ بالثورة الإسلامية ، وهو شعار يعبر - في المسكوت عنه - عن حاجة إيران المعاصرة إلى بعث المجد الساساني الفارسي القديم ولو بغطاء جديد، ولكن سرعان ما انكشف الغطاء " الإسلاموي " عن دولة ذات أنياب، غايتها التوسع على حساب جاراتها ، مبتدئة ً بدولة الإمارات العربية تقتطع منها جزر أبي موسى ، وطنب الكبرى والصغرى ، ومثنية ً بفرض هيمنتها على دولة مستقلة هي لبنان بواسطة حزب لبناني شيعي موال لها ، وثالثاً باستقطاب حركات للمقاومة الفلسطينية (حماس) تربطها بأجندتها ( مناكفةً لأمريكا ) منحرفة بها عن غايتها في تحرير الأرض المحتلة ! فضلا ً عن السعي الدءوب لتقسيم اليمن إلى دولتين من خلال تأليب الحوثيين ( من الشيعة الزيدية ) ضدا ً على الدولة الموحدة ، وفي ذلك إضعاف للمملكة السعودية ( قبلة العالم السنيّ ) أيّ إضعاف .
غير أن هذا كله ما كان ليجدي – من وجهة نظر هذا المشروع الفارسي الجديد – ما لم يتوج بوضع " القمر المصري " في الفلك الإمبراطوري الفارسي الجديد ، لا بطريق الاحتلال المباشر، فذلك لم يعد ممكنا ً تبعا ً لشروط العصر ، وإنما من خلال محاصرة مصر بواسطة الصبية السياسيين ، والحلفاء الأيديولوجيين ، والعملاء المحليين بل وبأبواق الفضائيات ممن يسعدهم هدم الدولة المدنية المصرية ، وتشييد دولة دينية على أنقاضها ! الفرس الجدد إذن يريدون استعادة التاريخ ولو بمكائد معاصرة ،. وآية ذلك ما قام به الشيخ نصر الله – منذ سنوات - من تحريض صريح للقوات المسلحة المصرية لقلب نظام الحكم تحت شعار مناصرة أهل غزة ! بجانب معاونة حزب الله لحلفائه الحمساويين على الدفع بأنصارهم لتحطيم الحواجز عند معبر رفح وتسريب الألوف من كوادرهم وكوادر حزب الله، ليقيموا في مصر ما يعرف بالخلايا النائمة التي تنتظر أوامر الملالي الفرس كي تضرب وتدمر وهو الأمر الذي ما فتئ يتجدد حتى يومنا هذا .
هذه المثيرات وغيرها ، برهنت للشعب المصري بما لا يدع مجالا ً للشك على أن أمنه واستقراره رهينان باستقلال الوطن سياسياً واقتصادياً ، فهل هذا هو واقع حال الوطن اليوم ؟ لا أظن ذلك صحيحاً بفضل هيمنة أمريكا أولاً ومطامع إيران ثانياً كما سوف نرى في نهاية المقال . ولكن دعنا الآن نذكر ببدايته التي أكدنا فيها إلى أن التاريخ لا يكرر نفسه ، وإن فعل فهو يأتي في المرة الثانية على هيئة مهزلة . وقد تبدت المهزلة في اللحظة التي جوبه فيها رئيس إيران الزائر للقاهرة، بحذاء مصري يُلقى على سيارته ثم بمحاولات الاعتداء عليه في مقر إقامته وأماكن تحركه في إطار زيارته لمصر في إطار أعمال القمة الإسلامية .
أما علامات الجدية في رفض مشروع الهيمنة الفارسية فكان أبرزها تململ الجيش المصري وإظهاره الامتعاض من مجرد طرح فكرة التقارب، بجانب ردود الأفعال الصارمة من جانب الأزهر، والقاسية من جانب القوى السلفية على زيارة الرئيس الإيراني. وكلها إشارات واضحة لنفور المصريين من لعب دور التابع لمشروع الفرس الجدد ، فما هو سر ترحيب الرئاسة بأحمد نجاد ؟
هنا يجوز القول الأهم بأن أمريكا ربما تخطط لتسويق هذا الدور الإيراني من تحت المنضدة لأسباب إستراتيجية أهمها تجنب الحرب مع إيران مع إضعافها داخلياً ، وهو ما يتطلب التسلل بمصر إلى القلعة " الفارسية " كحصان طروادة ! ولو صح هذا الافتراض لكان على الحكم الأخواني الذي قدم نفسه ككنز استراتيجي لأمريكا أن يواجه ليس فحسب " أهل السنة والجماعة " بل وكل الوطنيين المصريين الذين يرفضون التبعية للفرس وللأمريكان معاً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الفرس ما ذنبهم فقد أبتلوا بالأسلام والعرب
حميد كركوكي ( 2013 / 2 / 10 - 10:57 )
يا أخي الكاتب ما جعلك شوڤيني تجاه الفرس، قسما بالألاه الأكبر {العزى}!!! نحن نكره المخطط الجهنمي الأمريكي أكثر منك ونعلم إن آيات الله في طهران ماهم إلا إمتداد لأيات الشيطان والأخوان في مصر، نحن شعوب إبتلينا بالأسلام الصحراوي القحطي الهمجي، لا تقول للفرس نحن شعب مدرك، بل لآيات الله الخرفان في ايران ، أذا تكتب رجائي أن تكون مسامحا معنا نحن {الأيرانيون}أفلسنا و سرقت كل مالدينا كما سرقت منك وجميع من يسكن هذه الخرابة الأسلامية من پاكستان إلى المغرب الأمازيغي{ليس العربي}! هذا وشكرا وتحياتي الپارسية! الألحادية الشيوعية!!


2 - انمنى ان لا يقتلك الحقد !!!
فهد لعنزي ـ السعودية ( 2013 / 2 / 10 - 14:18 )
كان الواجب عليك ان تقول (- أهل السنة والجماعة - بل وكل الوطنيين المصريين الذين يرفضون التبعية للفرس وللأمريكان معاً وكذالك التبعية لآل مرخان عملاء الامريكان والصهيونية العالمية ) ولكنه الحقد الاسود. من اوصل الاخوان الى الحكم؟؟. اليست الاموال السعودية والقطرية؟؟.من افتى بقتل المعارضين؟؟. الفرس ام اتباع السلفية الارهابية السعودية؟. الاخ الكريم رحم الله من نظر الى عيبه قبل عيب غيره؟؟. ما حاجة الفرس الى مصر؟؟. ثلاث وثلاثون عاما من القطيعة بينكم وبينهم ماذا جنيتم وما ذا خسروا؟؟. لماذا لا تنتقد العلاقات الوطيدة بينكم وبين اسرائيل التي لا زالت تحتل اجزاء من سيناء بموجب المعاهدة؟؟.
واخيرا اسالك وارجو ان تجيب: متى ما كانت مصر حصان طروادة لامريكا ؟؟؟.
تتباكى على الجزر الاماراتية التي احتلها الشاه بموجب اتفاقيات سريه ولا تتباكى على جزرصنافر السعودية المحتلة من قبل اسرائيل ومتى كانت السعودية قبلة المذهب السني وهي لا تعترف حتى بمذاهبكم؟؟. نعم هي قبلة المذهب السلفي الارهابي صنيعة الانجليز. ماذا حققت المذاهب والاديان غير الحقد والبغضاء بين بني البشر؟؟. لا خير في دين يدير شعائره آل مرخان.

اخر الافلام

.. طبيب يدعو لإنقاذ فلسطين بحفل التخرج في كندا


.. اللواء الركن محمد الصمادي: في الطائرة الرئاسية يتم اختيار ال




.. صور مباشرة من المسيرة التركية فوق موقع سقوط مروحية #الرئيس_ا


.. لمحة عن حياة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي




.. بالخريطة.. تعرف على طبيعة المنطقة الجغرافية التي سقطت فيها ط