الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل توجد معارضة سياسية في العراق ؟

شاكر الناصري

2013 / 2 / 9
مواضيع وابحاث سياسية


منذ اندلاع التظاهرات والاعتصامات في الانبار وعدد من المدن العراقية الأخرى فان العديد من وسائل الاعلام باتت تردد مصطلح المعارضة في العراق ومطالبها ومشاريعها واهدافها ، اصبحت تتحدث عن معارضة تحمل مشروعا سياسيا وأهدافا ومطالبا تتزايد يوما بعد آخر. ان ما يتم الحديث عنه والترويج له تحديدا هو " معارضة ضد المالكي" بعد ان اصبح الصراع بين قطبين يقف المالكي وحزبه وقائمته الانتخابية وفريق كبير من المستشارين في مكتبه الوزاري في طرف بينما يقف جميع الخصوم في الطرف الآخر منه.

ما نطرحه هنا بخصوص المعارضة لاينطبق على القوى والتجمعات السياسية من خارج لعبة ما يسمى " العملية السياسية" الجارية في العراق او الأشخاص الذين يعبرون عن انفسهم ومطالبهم بالتظاهر والاعتصام، بل ما نقصده المعارضة من داخل هذه العملية السقيمة والعليلة والتي تثير الزوابع والصراع ودائما ما تبشر بالخراب والمجهول كلما تقدم بها العمر يوما.

في معظم دول العالم فان المعارضة السياسية تُفرَز أما عبر صناديق الانتخابات والطرف الخاسر فيها، ان كان حزبا بعينه او تحالفا من مجموعة احزاب، فإنه يتحول الى معارضة داخل البرلمان للحكومة القائمة او لحزبها ان حقق الاغلبية التي تمكنه من تشكيل حكومة بمفرده او تكتلها وتحالفها السياسي والذي عادة ما يتكون من مجموعة احزاب والامثلة على هذا كثيرة في بريطانيا او المانيا او الدنمارك ومصر وتونس وايران على سبيل المثال لا الحصر. او معارضة لا يسمح لها قانونيا بالمشاركة في الانتخابات بسبب ممارسات نظام الحكم القائم ودكتاتوريته وتفرده بالسلطة او اختارت هي طوعا عدم المشاركة فيها وقد يلجأ قسم منها الى مغادرة البلاد وممارستها لأدوار عدة لعل من ابرزها لفت انظار المجتمع الدولي وأقطابه الرئيسية لما يحصل داخل بلدها والتشهير بممارسات النظام الحاكم ، سبق لنا ان شاهدنا هكذا ممارسات خلال الفترة التي سبقت سقوط نظام البعث وبروز المعارضة العراقية، او ممارسة الكفاح المسلح في أماكن معينة مستفيدة من الطبيعة الجغرافية او من تركيبة سكانية معينة.

بين هذا وذاك فإن الحديث عن المعارضة السياسية في العراق يبدو انه حديث ساذج ومثير للسخط في الوقت نفسه هو حديث من يكذب كذبة ويصدقها. فمن المتعارف عليه ان من يدخل في السلطة او يشارك فيها بأي شكل كان فانه يفقد صفة المعارضة كونه جزءا من السلطة والحكومة القائمة وان تمسك بتلك الصفة، (أي المعارضة) فانه سيكون معارضا لنفسه اصلا.

ما يسمى بحكومات الشراكة أو الوحدة الوطنية هي حكومات لا تفرز معارضة مطلقا الا اذا كانت تلك المعارضة من خارجها ولم تساهم في تكوينها او تستلم وزارات ومناصب فيها . حكومة المحاصصة في العراق هي حكومة الكل باسم الشراكة الوطنية، حكومة ترضية وصفقات وصيغة من صيغ المحاصصة الطائفية والقومية من اجل ان يشارك الجميع في السلطة فتنعدم الحدود بينها وبالتالي فان قضية انعدام المراقبة و النزاهة و الأستئثار بالسلطة واحتكار الوظائف العامة ستكون القواسم المشتركة بين قوى هذه الحكومة. لانها تعمل بمنطق هذا لي وهذا لك فيكون هدف الجميع مصالحهم الحزبية والشخصية اولا.

ما يحدث في العراق الان هو انعكاس لتلك الآليات التي تشكلت بموجبها الحكومة الحالية وان ركوب أطراف من داخل هذه الحكومة موجة التظاهرات وارتداء ثوب المعارضة وتبادل الاتهامات والفضائح الكارثية بينها وبين رئيس الحكومة وتعطيل عمل مؤسسات ودوائر الدولة المصابة بالشلل والروتين البغيض والمهين أصلا وتحول الفساد الى مؤسسات تحكم وتفرض قوانينها يأتي من اجل تحقيق مصالح واهداف ما شاء من شاء وأبى من أبى . لم نشهد مطلقا حكومة ومعارضة شريكة في الحكم يتبادلون الفضائح والاتهامات التي تبين استخفافهم بما يعانيه المواطن العراقي من مصاعب جمة بهذا الشكل الذي يحدث في العراق. انهم يفضحون أنفسهم يوما بعد آخر.

من المضحك حقا ان يتحدث تيار او تحالف سياسي ما عن نقص الخدمات او تردي الوضع المعيشي للعراقيين او يتحدث عن انهيار بنية التعليم والصحة في الوقت الذي يمسك وزراؤه بالوزارات المختصة ويتحكمون بميزانيات ضخمة تمكنهم من تحقيق الكثير لصالح المواطن او تحسين حياته ومعيشته ومسكنه وتعليمه وصحته. ولذلك لا يمكن اعتبار التيار الصدري والقائمة العراقية برموزها و قياداتها او التحالف الكردستاني معارضة سياسية في العراق . معارضة مؤهلة لان تمارس هذا الدور لانها تفتقد هذه الصفة بحكم كونها شريك المالكي وحكومته في كل ما يحدث في العراق وان ما يقومون به الان هو محاولات لكسب المزيد من المزايا وفرض تنازلات سياسية . انهم يضعون قدما في السلطة والقدم الأخرى خارجها لأنهم لا يريدون التخلي عن الامتيازات المالية والنفوذ الذي يتحقق بفعل بقاء وزرائهم وعدم إنسحابهم او تقديم إستقالاتهم.

هل العراق بحاجة لوجود معارضة سيايسية ؟ الاجابة قطعا ستكون نعم فوجود معارضة سياسية خارج السلطة يعزز من فرص القوى السياسية للتحول الى جماعات ضاغطة تقوم بمراقبة عمل الحكومة ونقدها ولفت أنظار العراقيين لما تقوم به من ممارسات او تجاوزات وخروقات للقانون والدستور. وجود معارضة سياسية يمكنه ان يحد من طيش الحكومة وفسادها وخروقاتها وكذلك فان هذه المعارضة ستتمكن من تقديم المقترحات والحلول للقضايا الخلافية داخل البرلمان او عبر وسائل الاعلام والمنابر المختلفة الاخرى خصوصا للقوى التي لم تتمكن من الحصول على تمثيل نيابي او لم تشارك في الانتخابات اصلا.

تعارض السلطة هذا هو ابتكار عراقي بامتياز؛ إلا أن ما يحتاجه العراق فعلا يكمن في الخلاص من خلطة السُلطة الغريبة هذه ( الحكومة ومعارضتها المفترضة) بكل مكوناتها وقواها وقياداتها ورموزها لان وجودها وبهذه الآليات والممارسات وهذا الانحطاط السياسي والتلاعب بمصير وامن وحياة ومعيشة الناس سوف يكون وبالا متواصلا ومستقبلا مجهولا تمضي اليه البلاد وسط غياهب الاضطراب السياسي والاحتراب الطائفي البغيض ،خصوصا و ان ملامح الانفراد بالسلطة وتهميش القوى الاخرى المشاركة فيها والإستخفاف بالمطالب التي تمس حياة الناس قد باتت تتوضح يوما بعد آخر في نهج المالكي وممارسته السياسية وبما يعيد الى الأذهان دكتاتورية وطغيان الحزب الواحد بكل ما تحمله من رعب واستبداد وانتهاك للحريات والحقوق.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من