الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حذار من اللعب بنيران الطائفية المقيتة، فلن يخرج منها أحد رابحاً

حامد الحمداني

2013 / 2 / 10
مواضيع وابحاث سياسية


حذار من اللعب بنيران الطائفية المقيتة
فلن يخرج منها احد رابحاً
منذ إسقاط نظام حزب البعث الفاشي بقيادة الدكتاتور صدام حسين، على أثر حرب الخليج الثالثة التي قادتها الولايات المتحدة وبريطانيا في 9 نيسان عام 2003 والعراق يعاني من أزمة سياسية واجتماعية واقتصادية خانقة ومستعصية، سببت للشعب العراقي من الويلات والمصائب التي يعجز القلم عن وصفها، بسبب تلك الاجراءات الخطيرة للإدارة الأمريكية وحاكمها المدني المعين بول بريمر التي استهدفت هدم البنيان السياسي بكل مؤسساته العسكرية والأمنية والإدارية بقرارات متعجلة أوقعت البلاد في فراغ امني أدى بدوره إلى انفلات طائفي قادنا نحو هاوية الصراع الدامي الذي لم يشهد له الشعب العراقي طيلة تاريخه الحديث وزاد في الطين بله تأسيس نظام حكم طائفي مقيت تقوده أحزاب دينية طائفية شيعية في بادئ الأمر، ثم اتبعتها بالأحزاب الطائفية السنية بعد اندلاع النشاط الإرهابي الذي ضم تحت جناحيه القوى الصدامية المسقطة عن السلطة، وحلفائها من إرهابيي القاعدة الدمويين، والميليشيات التي تقودها أحزاب الإسلام السياسي الطائفي السني، مما أشعل صراعاً مسلحاً وحشي الطابع على السلطة والثروة وقوده المواطنون الأبرياء الذين دفعوا حياتهم بمئات الألوف على مذبح هذا الصراع السياسي الطائفي المقيت.
إن الشعب العراقي ما زالت في ذاكرته تلك الحرب الأهلية الدموية عامي 2006 و2007، وما سببته من ويلات ومصائب وفواجع يندى لها جبين الانسانية لبشاعتها الوحشية التي لايتصور احد ان تجري في مقتبل القرن الحادي والعشرين حيث بات الذبح على الاسم والهوية من دون مراعات لأية قيم إنسانية أو اخلاقية أو دينية، وبات تهجير المواطنين من بيوتهم يجري على قدم وساق هرباً من الموت الزآم، وحيث انقسم المجتمع العراقي إلى مجتمعين منفصلين ، فهذا مجمتع شيعي وذاك مجمتع سني، بعد أن ولغ الجميع بالدماء البريئة من أبناء الشعب على مذبح المتصارعين من ديناصورات أحزاب الاسلام السياسية الشيعية والسنية الذين جاء بهم المحتلون وسلموهم مقاليد الحكم في البلاد تحت الرعاية الأمريكية.
ورغم اعتلائهم عرش السلطة بكل مؤسساتها التنفيذية والتشريعية والقضائية فقد اشتد الصراع بينهم من أجل الاسئثار بالسلطة و الثروة، فهم مشاركون في الحكومة، والبرلمان والسلطة القضائية، ولكنهم يتصارعون في الحكومة وفي البرلمان، وميليشياهم تتصارع في الشوارع والطرق بالمفخخات والأحزمة الناسفة والعبوات المزروعة والمسدسات الكاتمة للصوت، من أجل اعادة تقاسم السلطة والثروة التي اصبحت مباحة للفاسدين بمئات المليارات من الدولارات، في حين يعيش الشعب العراقي عيشة بائسة في ظل الغلاء الفاحش والبطالة الواسعة وازمة السكن الخانقة ، وانعدام الخدمات، والتصاعد الخطير في اعداد الأرامل والأيتام، وما سببه وما زالت تسببه من نتائج كارثية على البنية الاجتماعية .
لم يتعلم هؤلاء المتصارعون على السلطة والثروة الدرس من نتائج تلك الحرب الأهلية المدمرة التي شردت اكثر من أربعة ملايين مواطن وذهب ضحيتها مئات الالوف من المواطنين الابرياء بل عادوا اليوم من جديد يستخدمون في صراعاتهم الطائفية المقيتة، شيعة وسنة، مهددين بنشوب الحرب الطائفية من جديد غير عابئين بما ستسببه الحرب من أهوال لا أحد يستطيع تحديد نتائجها الكارثية، فهي اذا ما ارتكب المتصارعون حماقتهم باشعالها ستكون بلا ادني شك اشد فتكاً وخراباً ودماراً بما لا يقاس بما جرى عامي 2006و2007، وقد تتجاوز الحرب الأهلية في لبنان التي نشبت عام 1975 ودامت 15 عاماً.
فقد انسحبت القوات الأمريكية من العراق تاركة للمتصارعين الساحة، وتسليح ميليشياهم بشتى اسمائها يجري على قدم وساق، والجيش المخترق من مختلف الميليشيات، والذي سينغمر في الصراع الدموي الذي لايبقي ولا يذر.
إن على القوى المتصارعة على السلطة والثروة الكف عن سلوك هذا الطريق الخطر، وتجنب اللعب بنيران الطائفية المقيتة، وأن من يجرأ على اشعالها سيحترق بها لا محالة، حتى لو فر من البلاد مع ثروته التي جناها من المال الحرام، بالإضافة إلى تحمل المسؤولية المباشرة عما سيئوول بالشعب والوطن، من ويلات ومصائب، وسوف لن يرحمكم احداً.
دعونا من الدعوات الطائفية الشيعة والسنية، والعرقية، وكونوا عراقيين وحسب، وعودوا إلى رشدكم، إن كان قد بقي لديكم قليلاً من الرشد ، وكفوا عن المقامرة بحياة العراقيين، فقد كفى الشعب ما لاقاه من الويلات والمصائب منذ انقلاب 8 شباط الفاشي عام 1963 وحتى يومنا هذا.
إن السبيل الوحيد للخروج من الأزمة المستعصية يتطلب الاتفاق بين المتخاصمين على الخطوات التالية:
1 ـ حل البرلمان والدعوة لاجراء انتخابات جديدة تحت الأشراف الصارم والشفاف للأمم المتحدة، طالما العراق ما زال تحت البند السابع.، وينبغي تقديم حكومة المالكي استقالتها، وتشكيل حكومة مؤقتة مستقلة ومحايدة بين سائر القوى السياسية للإشراف على الانتخابات. وان يكون ممثلا لكل حزب في الاشراف على الانتخابات، وفرز الاصوات الانتخابية، بما لا يدع مجالاً للشك في نتائج الانتخابات النزيهة .
2 ـ ينبغي اصدار قانون تقدمي بعيد عن الطائفية والدينية للأحزاب السياسية، يمنع منعاً باتاً التمويل الأجنبي أياً كان مصدره والاكتفاء من أموال الدولة المخصصة للأحزاب، ومن قبل مناصريه من المواطنين العراقيين، ومعاقبة الأحزاب التي تتلقى الأموال من الخارج بمنعها من المشاركة في الانتخابات وحلها.
3 ـ تشكيل لجنة مستقلة من خبراء القانون الدستوري لوضع دستور جديد للبلاد، بعيدا عن الطائفية والدينية والعرقية، وتحديد شروط واضحة ودقيقة لفدرالية كردستان بحيث لا تطغي على صلاحيات الحكومة المركزية، وينبغي أن تنص على ثروات البلاد ملكاً للشعب العراقي كافة، وتحت اشراف الحكومة المركزية، ومنع الازدواجية فيما يخص القوات المسلحة التي ينبغي ان تكون تحت سلطة الحكومة المركزية، فلا يوجد في كل بلاد العالم جيشان!!
4 ـ ينبغي تجاوز المحاصصة الطائفية والعرقية في تشكيل الحكومة المركزية الجديدة على ضوء نتائج الانتخابات، حيث يكلف زعيم الحزب الذي ينال اكثرية في البرلمان بتشكيل الحكومة وله أن يأتلف مع اي حزب أو احزاب آخرى لنيل الثقة من البرلمان، على ان تبقى الأحزاب الأخرى في صف المعارضة، وتراقب اعمال الحكومة، وتحاسبها حسب القانون بما لا يخل بعمل الحكومة، وبالامكان نزع الثقة عن أية حكومة لا تلتزم بمصالح الشعب والوطن بالرجوع إلى البرلمان.
5 ـ ينبغي إجراء انتخاب رئيس الجمهورية انتخابا مباشراً من الشعب جنباً الى جنب مع انتخاب البرلمان، وينبغي أن تحدد مدة حكم الرئيس بما لا يزيد عن فترتين رئاسيتين، وينبغي للمرشح للرئاسة أن يختار له نائباً قبل اجراء الانتخاب.
هذا هو الطريق السليم للخروج من الأزمة السياسية الآخذة بخناق البلاد والعباد والتي تهدد بالانفجار في أية لحظة، لتقود الجميع نحو الهاوية التي لن يخرج منها احد سالماً، بل كل الاطراف مهزومة، فهل يعود المتصارعون المقامرون بمصالح الشعب والوطن الى رشدهم؟ آمل من صميم قلبي ذلك من أجل حماية الشعب والوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - يا ترى هل تدرك القوى التقدمية موقعها ؟
ماجد جمال الدين ( 2013 / 2 / 10 - 18:05 )
ألأستاذ حامد الحمداني المحترم !
الطريق السليم الذي وضعته في خمس نقاط كفيل ليس فقط بالخروج من ألأزمات بل بوضع العراق على بداية الطريق الصحيح للبناء والتقدم بعد سنوات عجاف من التخبط السياسي وهدم أركان الدولة بتفشي الفساد المالي والإداري ناهيك عن سرقة المال العام باشكال فاضحة ..
في مقالي ألأخير ( هل العراق في خطر ؟ ) توصلت تقريبا لنفس النتائج دون أن أعدد هذه الخطوات كما بينتها سيادتكم بوضوح ..
ولكن المشكلة أن أكثر القوى التقدمية والوطنية الديموقراطية اليسارية والليبرالية لم تتخذ مواقفها بعد ، فمنها من لا يزال يدعم حكومة المالكي تخوفا من مخاطر عدم الإستقرار السياسي ، ومنها من تقوده عواطفه للإنجرار وراء الشعارات الطائفية والقومية .. ومنها من يتملكه ألإحباط الشديد ولا يرى مخرجا واضحا ، ومنها من مازال يؤمن بنظريات المؤامرة ولا يثق بقدرات شعبنا .
باعتقادي ، من المهم جدا في هذه المرحلة أن تتوحد مواقف هذه القوى وتشارك بفعالية بالحراك الشعبي وتساهم في صياغة سياساته وشعاراته في هذه المرحلة .
تحياتي


2 - رد على تعليق الاستاذ ماجد جمال الدين
حامد الحمداني ( 2013 / 2 / 10 - 22:33 )
استاذي العزيز ماجد جمال الدين المحترم : شكرا جزيلا على مروركم وتعليقكم القيم وبودي ان اشير إلى ان الظرف الحالي الذي يمر به العراق خطير جدا ، فنار الحرب الأهلية أذا اشتعلت لاسمح الله فلن يستطيع احد اطفائها بعد هذا الشحن الطائفي ، وهذا التأزم في العلاقات بين القوى السياسية المتصارعة على السلطة والثروة ، وعليه فإن كل من يحمل ادنى شعور وطني وحرصاً على الأمن السلام ينبغي أن يقوم بدوره في الوقوف ضد هذا التوجه الخطر ويحذر من من نتائجه الكارثية قبل ان تقع الواقعة ويفلت الزمام. لابد من حل حاسم لهذه الأزمة تسوده الحكمة والتعقل وهذا لا يتاتى إلا بتنازلات من جميع الاطراف ، واصر على النقاط الخمسة التي اراها السبيل الوحيد لتجنب الكارثة ، مع فائق احترامي وتقديري

اخر الافلام

.. 25 ديمقراطيا في مجلس النواب الأميركي يدرس إصدار طلب يحث بايد


.. بريطانيا.. توقعات أن حزب المحافظين يتجه نحو أسوأ هزيمة في تا




.. وزراء في الحكومة المصرية الجديدة يؤدون اليمين الدستورية أمام


.. بريطانيا.. كيف تكسب الانتخابات؟ ولماذا يهيمن حزبان سياسيا؟




.. حماس: هنية أجرى اتصالات مع الوسطاء في قطر ومصر حول بهدف التو