الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بورتريهات قصصية في -ظلال حارقة - للكاتب المغربي ادريس الواغيش. مصطفى لغتيري.

مصطفى لغتيري

2013 / 2 / 10
الادب والفن


لبورتريهات قصصية في "ظلال حارقة " للكاتب المغربي ادريس الواغيش.
مصطفى لغتيري.

غالبا ما أتجنب قراءة تقديم كتاب أدبي ، أو - على الأقل - أؤجل قراءته إلى حين الانتهاء من قراءة النص أو النصوص التي يتضمنها الكتاب ، انطلاقا من اعتقاد، مفاده أن التقديم غالبا ما يكون موجها ، يفرض على القارئ النظر إلى النص من خلال وجهة نظر صاحب التقديم ، لكن إزاء المجموعة القصصية "ظلال حارقة " للكاتب المغربي ادريس الواغيش ، وجدت نفسي منجذبا إلى قراءة التقديم أولا ، و السبب في ذلك أنه من تحبير الكاتب نفسه ، بمعنى أنه جزء بننيوي من المجموعة ،و إن تمايز عنها باعتباره إحدى العتبات ، التي يوظفها الكاتب لأهداف معروفة و أخرى خفية ، لا يمكن الإلمام بتفاصيلها كل الإلمام.
عندما قرأت التقديم شعرت بأنه بالإضافة إلى كلمة "قصص "التي زينت الغلاف ، يعد نوعا من الميثاق الذي يعقده الكاتب مع قارئه ، فيسيجه بنوع من التأطير ، الذي يكشف فيه الكاتب عن مقصديته ، حتى أن كلمة "قصص" سابقة الذكرة تصبح متأرجحة ، و لا يجب التعامل معها في مطلقها ، و لعل هذا ما دفع الكاتب ليتحدث في التقديم عن ملامسة كتاباته للسيرة الذاتية ، كمايضيف كاشفا عن نواياه و تصوره لفن القص قائلا " في هذه الإضمامة من القصص الطويلة / القصيرة ، ستجد الآخر و ستجد..ني ، بكل تناقضاتي و انكساراتي و أحلامي المعطوبة، أحلام لا تختلف في شيء عن أحلام الآخرين و ظلال نحترق فيها جميعا".
يطرح هذا التقديم إشكالا حقيقيا ، باعتبار ماهية الجنس القصصي الذي اختار الكاتب الكتابة ضمنه ، مما يطرح على المتلقي أسئلة عديدة ، من قبيل: هل القصة هي مجرد حامل لمضامين؟ هل هي أداة لنقل واقع ذاتي أو غيري ؟ هل تحتاج القصة إلى من يبررها إن لم تبرر ذاتها؟
و دون الخوض في إجابات على الأسئلة السالفة ، و التي أتغيا منها فقط التفكير في القصة ماهية و وظيفة ، و تقنيات ، سأنكب على المجموعة القصصية ملتزما بما أراده الكاتب لها ، أي الكشف عن حياة / حيوات ، تكتوي بنار الواقع ، الذي غالبا ما يكون صلفا و معاندا ، لا يسمح للذات بتحقيق رغباتها ،التي تسعى جاهدة للظفر بها بوسائل مشروعة و غير مشروعة .
ولقد استوقفتني في المجموعة بورتريهات عدة أبدع الكاتب في تقديمها إلى القارئ و أهمها صورة الطفل و صورة الشاب و صورة الكهل .
بخصوص الطفل قدمت لنا "ظلال حارقة " صورة دينامية لطفل حيوي تميزه الشقاوة و الطموح و الذكاء المفرط ،و هو طفل بدوي فاجأه اليتم باكرا، لكنه لم يقض على طموحاته، يقول السارد في الصفحة السابعة " لم يكن ماتيو طفلا عاديا كباقي أطفال القرية . شقاوة مفرطة و ملامح نصرانية ، بشعر أكثر حمرة و عينين حادتين كالسيف ، تطلقان نظرات كالسهام . نابغة في الرياضيات ، المادة التي أطاحت برؤوس كثيرة ، و جعلت العديد العديد من من أطفال البلدة ينقادون مكرهين للآداب و فروعها ، بينما كان متفوقا في كل المواد العلمية على غير العادة . لم يخنه ذكاؤه كما حدث للكثيرين ، لكن صحة أب باغته سعال مزمن ، زاد من حدته تدخين "الكيف" و تناول الأعشاب و دماء الضفادع البرية و وصفات حكماء يعجلون بهادم الملذات".
أما صورة الشاب ، فقدمها السرد مرتبطة بالرغبة في الحب ، أي أن حضور الجنس الآخر كان محددا لوجوده ، و هو شاب لا يميزه عن الطفل الذي قدمه السارد غير انشغاله بغيره بدل تقوقعه على ذاته ، لكنه يتميز بنفس الحماس و الاندفاع ، يصور السارد الشاب في موقف فارق في حياته فيقول في الصفحة19:" أتذكر جيدا " و أنا في كامل وعيي " أنني كنت نازلا كثور هائج من الطابق العلوي ، الذي يفضي مباشرة إلى ساحة الثانوية ، فصدمتها عن غير قصد ، لكن بقوة أفقدتها توازنها ، فكادت تسقط على إثرها أرضا . التفت.. لم تكن إلا هي .... بصدرها المكتنز تحت بلوزتها و عينين عسليتين ، و شعر أسود فاحم يتناغم مع بياض السحاب في سماء فصل الربيع . انتظرت أي رد فعل منها، لأبدأ معركتي على الطريقة المعتادة ، لكن نظرتها و ابتسامتها كان لهما أكثر من معنى ، أربكا كل حساباتي . قالت بصوت رخيم لا يكاد يسمع من الغجل " الله يسامح" . ياه .. أ إلى هذا الحد تكون ابتسامة واحدة منها ، كافية لإخم الوحشية الراقدة في أعماقي".
هكذا استطاعت نظرت حب أن تروض الوحش الكاسر في نفس الشاب ، لتتكلف صروف الحياة بالباقي ، فقد قدم الكاتب صورة عن الرجل الكهل منكسر ، توالت عليه الخيبات ، يقول عنه السارد في الصفحة 29 "بدأت معالم صورة جديدة ترتسم في مخيلتي ، لرجل حسبته فولاذيا لا ينكسر ، لكنها لعنة الديون و جبروتها . كاد الرجل يغرق في الرخام الصيني المستورد تدريجيا ، و هو واقف أمامي بلا حراك ، حتى لم يق إلا الرأس ، و كتفان لا يقويان على حمل الهزيمة".
إنها ثلاثة بورتريهان تعطينا صورة تقريبية عن الاجواء التي تسبح فيها القصة عند الكاتب ادريس الواغيش ، و التي لا تقتصر على ما توقفنا عنده و إنما انطلاقا من تصور خاص لفن القص قدمت صورا "واقعية" للكثير من الشخوص و الظواهر ، محاولا رصد فسيفساء الحياة و النسج منها نصوصا قصصية تستحق القراءة,








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم #رفعت_عيني_للسما مش الهدف منه فيلم هو تحقيق لحلم? إحساس


.. الفيلم ده وصل أهم رسالة في الدنيا? رأي منى الشاذلي لأبطال في




.. في عيدها الـ 90 .. قصة أول يوم في تاريخ الإذاعة المصرية ب


.. أم ماجدة زغروطتها رنت في الاستوديو?? أهالي أبطال فيلم #رفعت_




.. هي دي ناس الصعيد ???? تحية كبيرة خاصة من منى الشاذلي لصناع ف