الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مواويل الثورة المصرية

رشا أرنست
(Rasha Ernest)

2013 / 2 / 11
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في 2004 بدأت احتجاجات متواصلة لحركة "كفاية" التي صرخت بصوت عالي ومسموع "كفاية" للظلم والاستبداد وانتهاك الحريات والحقوق ولا لتوريث. وفي 2008 انتشرت رغبة بعض الشباب في الإضراب العام يوم 6 ابريل وحقق نجاحا ملحوظا بعض الشيء بين العمال وتأسست حركة 6 ابريل منذ ذلك اليوم، وظلت حركة كفاية و6 ابريل تناضلان من اجل كرامة الإنسان حتى حادث كنيسة القديسين بالإسكندرية ليلة رأس السنة 2011. تناثرت أشلاء المصريين في الدقائق الأولى من عام ما لبث أن ينبثق من عمق أحزان وإخفاقات عام 2010، هذا العام الذي شهد اكبر عملية تزوير للانتخابات. أطل العام الجديد مٌكشر عن أنيابه للمُصليين الذين لم ينتهوا بعد من دعائهم بعام أكثر أمانا وسلام، فكانت دمائهم البريئة أغرقت مصر في كآبة لا مثيل لها. وهنا ظهرت شرارة الثورة الأولى داخل القلوب من كفاية وشباب 6 ابريل وأعضاء صفحة شهيد التعذيب "كلنا خالد سعيد" التي كانت قد شحنت العديد من الشباب ضد النظام. وكأن الصلاة رفعت للثورة في هذا اليوم، ثورة على كل ما هو عتيق وظالم ومعتاد، ثورة تنزل المتكبرين الفاسدين عن الكراسي وتخبرهم لكل ظالم نهاية. لم ندرك يوم 25 يناير أن غضب القلوب المنكسرة سيتحول إلى ثورة عظيمة لشعب عظيم يستحق أن يدخل موسوعة جنيس في قوة الاحتمال والصبر. قامت الثورة وانتصرت وأنزلتهم عن عروشهم ولأنها نجحت تناحروا عليها ليسرقوها، ونجحوا في سرقتها خلال عامين، ولكن للأسف استمر الظلم والقهر وزاد عليهم الإجرام والسحل باسم حماية الوطن تارة وحماية الدين تارة أخرى. وفي كل يوم من أيام الانكسار هناك ثلاث مواويل تقال، كل منهم لموال نعيد ونزيد به، دعوني أفضفض ما في قلبي وإن كنت لا اكتب جديد ولكن ربما في الإعادة إفادة. الموال الأول وهو الموال العظيم والخارج من رحم الاحزان موال الثوار وقلوبهم التي لا تفقد الإيمان بثورة صنعوها من غمرة اليأس والحرمان، ثورة انتزعوها بحياتهم وعيونهم ومستقبلهم غير آسفين على ما فقدوه وما سيفقدونه مقابل أن يروا مصر دولة بمعنى الكلمة تحترم المواطن بحق. وحتى الآن لم يحكموا يوم واحداً وهم الأحق بالحكم.
والموال الثاني، موال الإسلاميين أو بالمعنى الأدق المتأسلمين وهنا اقصد تجار الدين الذين وصلوا للحكم وتاجروا بالدين على حساب الوطن حتى وصلوا للكراسي ولم يتذكروا من الدين رحمة ولا عدل بل افقدوا الوطن ما تبقى له بعد عام ونصف وأغرقونا في سلسلة من الشحاذة العالمية على وطن الحضارة ومنبع الكنوز، وتكلموا بالباطل على انه حق وحللوا دماء اشرف شباب مصر وجردوهم من كرامتهم علانية وعدوانا. لا يسمعون ولا يرون إلا ما يُسمح لهم من مكتب الإرشاد الذي أصبح مكتب الخراب المستمر منذ سبعة أشهر.
أما الموال الثالث والاهم هو موال آسفين يا ريس، ولا اقصد هنا هذه المجموعة التي تكونت منذ سقوط مبارك وتزداد يوما بعد يوم آسفة على المخلوع، لكني اقصد كل من اعترف بظلم النظام ورفض الثورة في ذات الوقت، مبررا خنوعه ورفضه بأنه أفضل من غيره. والآن في ظل أحداث يومية لا نسمع منهم غير "انتم السبب خربتوها، ده شعب مش بتاع ثورات، ده شعب عاوز كرباج" وجمل أخرى من "طلعتوا علينا المجرمين، ضيعتوا البلد...الخ" .. بكل شجاعة اعترف، إنني من هؤلاء الذين خربوا البلد، لم يخربها مبارك ثلاثون عام ولم يحولها إلى إقطاعية عصابة الأربعين حرامي، وإحنا خربناها. 12% نسبة البطالة في عهده وإحنا خربناها. يستخدم الأقباط في كل مناسبة ككبش فداء ولم يُحاكم قاتل واحد في أكثر من 15 جريمة قتل للأقباط وتهجيرهم وخربناها إحنا. هجرة أكثر من 5 مليون مصري في عهده لكن خربناها إحنا. غرق الشباب أثناء هجرتهم وخربناها إحنا. ليس هناك عمل أو مدرسة أو جامعة مؤهلة لـ 12 مليون شخص ذوي إعاقة وخربناها إحنا. 40% نسبة الجهل ، و 40% نسبة الفقر وإهمال كامل لصعيد مصر وعزله تماما وإحنا اللي خربناها.....الخ
نعم خربنا البلد بثورة حرية وكرامة، خربنا البلد لأننا لم نتحمل أن يخربها مبارك وعصابته أكثر من ذلك. خربنا البلد حين قررنا أن نطلب العيش بكرامة لا أكثر والى اليوم هناك مَن يجهل معناها ويغفر للمجرم ويُجرم الضحية.
عزيزي صاحب الموال الثالث دعني أقول لك، حين زرت ألمانيا عام 1999 أثناء رحلة علاجي سألت نفسي: لماذا مصر ليست كألمانيا؟ ألمانيا التي طمعت في مصر يوما ما!! وفي 2007 حين زرت لبنان وهو بلد عربي تحت نيران العنف المستمر والتناحر بين طوائفها المختلفة ورغم هذا وجدت الإنسان يعيش بكرامة، له كل الحقوق المتساوية، ليست مثالية ولكن الحياة هناك ورغم كل ما يحدث لكن أهلها يعشقون الحياة ويقدرون قيمتها. وسألت: لماذا أصبحت حياتنا رخيصة هكذا؟ رغم غنى مصر وتميزها في كل شيء؟؟ والإجابة لان الدولة سحقتنا وأهدرت كرامتنا داخل وخارج الوطن. دعني أخبرك يا صاحب موال الخراب أن الإمارات وعمان والسعودية الذين ربوا أولادهم من معلمين مصر هم أرقى من وضعنا كدولة قبل الثورة.. إذ لم تلاحظ ما يحدث في وطنك، وإذا كنت تعاني ولا تبالي، وان كنت لا تلاحظ ما وصل إليه العالم ونحن نتأخر عنه فاسمح لي أن أرشدك لطبيب متخصص في حالات العمى الإرادي..
يوم 25 يناير خرجنا نحمل حلم بالقلب وحياة على الكفوف ونهتف عيش حرية كرامة إنسانية وهناك من كان يخطط إلى كرسي، قصر، ديكتاتورية. جريمتنا تتلخص أننا أردنا الإنسانية ولم ندرك أن هناك من لا يريد سوى ما اعتاد حتى أن كان اعتيادا على الظلم وانتهاك كرامته، ولم نعي أن هناك من ينتظر تحقيق الحلم حتى ينقض عليه ويفترسه. قامت الثورة وانتصرت ومازالت مستمرة نُحاسب عليها رغم أننا لم نحكم يوما واحدا. لكننا يوما ما سننتصر، يوما ما سنعيش هذا الإنسانية التي نستحقها، وإن سكت هذا الجيل فأجيال تخرج لن تسكت، أجيال تطلب الموت أكثر ما تطلب الحياة حتى نحيا الحرية والكرامة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل وبخ روبرت دينيرو متظاهرين داعمين لفلسطين؟ • فرانس 24 / FR


.. عبد السلام العسال عضو اللجنة المركزية لحزب النهج الديمقراطي




.. عبد الله اغميمط الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم التوجه


.. الاعتداء على أحد المتظاهرين خلال فض اعتصام كاليفورنيا في أمر




.. عمر باعزيز عضو المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي