الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ازمة السياسي والعودة الى المقدس

جلال الفرتي

2013 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


أزمة السياسة والعودة إلى المقدس
تميزت العلاقة بين السياسة والدين غالبا بنزعة تنازعية . فالسلطة السياسية في سعيها الدائم لتبرير وجودها لم تتلخص كليا من المنظومة الدينية كإطار مرجعي أساسي للتبرير والإقناع؛ كما أن الدين لازال يواجه إشكالية التطابق والتأقلم مع القيم الحديثة، والحداثة عموما؛ فالركون إلى الماضي والاحتماء بالتقاليد والتراث من الحداثة ، ظل يشكل معطى تاريخي لكل المجتمعات؛ فهي الأخيرة التي تميزت بالعقلانية وسيادة العقل العلمي ظلت في صراع مع الدين، الذي يحاول بدوره إعطاء معنى موحدا للعالم، قصد العمل على عقلنة الدين، وحيث تصبح السياسة موضوعية وغير مرتبطة بالضرورة بما هو حسي وشعوري .
وهكذا وفي الوقت الذي استطاعت فيه الديانة المسيحية، وتحديدا الكنيسة الكاتوليكية الاعتراف بالتمايز بين المجتمع السياسي ومختلف الأنساق الدينية والتراتبية نجد أن الدين الإسلامي حسب العديد من الباحثين لا يقر بهذا التمايز .
إن أهمية المقدس في بعض المجتمعات كالمغرب مثلا، حيث يستمد الملك كفاعل سياسي سلطته من الله ورسوله يدفعنا للتساؤل عما إذا كانت هناك مجتمعات يكون فيها العقل والعقلانية مغيبان، حيث يحتل المقدس والقوة والتاريخ مكانة مركزية في تمثل مختلف القضايا السياسية والاجتماعية؟
بمعنى آخر هل العقلانية، كما تم تصورها في الغرب تعد مقياسا معياريا للمجتمعات الغير غربية؟ وهل النظم الفكرية والمعرفية الغربية يمكن أن تشكل إطارا لتحليل أنظمة معرفية غير عقلانية بالضرورة؟ ثم إلى أي حد يمكن لهذه العقلانية أن تتحول نفسها إلى مجرد شكل من أشكال المقدس في إطار سعيها الدائم للبحث عن فكرة التقدم وفق منطق التماثل والاختزال.
الإنتاج الفكري حول السياسي بالمغرب، خاصية أساسية للفكر المغربي، سواء على مستوى تمثل قضايا كالسلطة السياسية والدولة والفرد، أو على مستوى الأسس النظرية المحددة للفعل السياسي، ولعل هذا النقص في إدراك خصوصية "السياسي" يبدو جليا من خلال مجموعة من النصوص الإصلاحية التي حاولت ملامسة قضايا جوهرية في قالب مثقل بالدلالات الرمزية، والإيحاءات السياسية الغارقة في المجالين الديني والأخلاقي .
كما أن المواضيع السياسية غالبا ما تلامس قضايا ثانوية، غير مؤثرة في صيرورة النسق السياسي المغربي، حيث تتخذ المفاهيم والمصطلحات طابع الغموض واللبس وتعدد الدلالات، وفي هذا الإطار فان علاقة المثقف بالسلطة تبقى مجرد وسيلة لممارسة الهروب المريح للإجابة عن هذه الإشكالية، فالعلاقة تبدو غير كافية للإحاطة بظاهرة تبدو مخترقة لمجموع البنى الاجتماعية ولتصورات المجتمع حول ماهية السياسي.
فالمجال المعرفي المغربي في تمثله لإشكالية الإصلاح والتغيير والتقدم لم يستطع تحرير المجال السياسي من قدسيته وجبروته، وظلت فكرة التجديد والخلق مرتبطة بتصورات دينية طاغية على كل المجالات، فهل كان الدين الإسلامي بالنسبة للمصلح المغربي قادرا على أن يلعب دورا طلائعيا في عملية التغيير الاجتماعي وتحقيق الحداثة ؟.
تطور الأفكار السياسية ظل مرتبطا بتطور البنى والمؤسسات الاجتماعية والاقتصادية، وما رافقها من تناقضات وصراعات حادة بارزة ومضمرة، كما أن العديد من المفاهيم الفلسفية والأخلاقية ظلت محايثة لهذا الصراع.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الحوثيون ينشرون زوارق مفخخة في البحر الأحمر بمساعدة فيلق الق


.. صرخة في وداع طفل استشهد بصحبة شقيقته




.. كيف يؤثر قرار وقف توريد أموال المقاصة على القدرة المالية وال


.. إسرائيليون ينظمون مسيرة باتجاه الكنسيت الإسرائيلي في القدس ض




.. إخلاء عاجل لسكان رويدوسو بولاية نيو مكسيكو الأميركية بسبب حر