الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إما مع الانقلاب أو ضدّه

بشير الحامدي

2013 / 2 / 12
مواضيع وابحاث سياسية



إن الاستنتاج الأهم الذي يمكن الخروج به بعد الإطلاع على مواقف بعض القوى اليسارية من الأزمة التي انتهى إليها مسار الانقلاب على الحركة الثورية وعلى المقترحات المطروحة لمواصلة هذا الانقلاب والتي لا تعدو أن تكون مجرد عملية ترميم للواجهة السياسية للنظام تقوم بها القوى المتنفذة فيه هو أنه في الوقت الذي تستمر فيه الجماهير في المطالبة بإسقاط حكومة 23 أكتوبر وكل المؤسسات التي أرساها المنقلبون وبإسقاط النظام رافضة خيارات التفقير والتهميش والمديونية والتبعية و متمسكة بمسار مواصلة تنفيذ المهمات الثورية وهو خط ثوري طبقي جذري في تناقض تام مع رأس المال و أجهزة النظام القائمة التي تحرسه وتفرض سيطرته نرى أن هذه القوى تستمر في سياسة مناقضة لمطالب الجماهير سياسة وفاق وتعاون طبقي أقصى ما يمكن أن تؤدي إليه مجرد تغييرات شكلية في الواجهة السياسية للنظام.
لن نعود للتذكير بمواقف هذه القوى على امتداد أكثر من عامين بدءا بانخراطها في هيئة بن عاشور ومشاركتها في انتخابات 23 أكتوبر وصولا إلى موقفها من حكومة الثلاثي ودفاعها عن شرعيتها وعن شرعية ما يسمى بمسار " الانتقال الديمقراطي " سنشير فقط وفي علاقة بما تخطط له قوى الانقلاب على الحركة الثورية وتحديدا حول طبيعة الحكومة التي سيعلن عنها على أنقاض حكومة الثلاثي إلى أن سياسة هذه الأحزاب لم تخرج عن الخط الذي سارت عليه منذ 14 جانفي 2011 . فمثلما لم ترفض هذه القوى السياسية حكومتا الغنوشي وحكومة الباجي قايد السبسي على أساس أنها حكومات لنفس النظام وعلى نفس القاعدة الدستورية التي قامت عليها حكومات بن علي على امتداد أكثر من 23 سنة واكتفت بمجرد المطالبة بتوفر بعض الشروط فهي لم ترفض حكومة الثلاثي أو الحكومة التي ستخلفها على قاعدة انها حكومة انقلاب لقد حصرت كل سياساتها في المطالبة بتوفر بعض الشروط الشكلية وهي معالجة إصلاحية بائسة في قطيعة مع الوضع الثوري و مطالب الجماهير ومع المهمات الثورية ولن تخدم في الأخير غير قوى النظام و أحزاب النظام ومواصلة الانقلاب.
لا نستغرب أن تواصل هذه القوى نفس السياسات السابقة . إن أرضية الوفاق الطبقي الواقفة عليها لا يمكن أن تنتج إلا نفس المواقف في الأخير. لذلك نرى أن رفضها لما يسمى "مبادرة الجبالي" لم يكن على قاعدة منحازة لمطالب الجماهير ومواصلة المهمات الثورية على قاعدة معارضة للنظام معارضة للانقلاب بل كان على قاعدة أن هذه المبادرة تفرّد بالرأي وتفتقد لبرنامج سياسي واقتصادي واجتماعي مباشر وواضح المعالم يمكن أن يؤمن ما تبقّى من الفترة الانتقالية.
هكذا نرى أن جوهر الاختلاف شكلي وهو ليس إلا دعوة للتوافق لتأمين الانقلاب. نعم أليس مسار "الانتقال الديمقراطي " هو مسار الانقلاب على الحركة الثورية وعلى مطالب الجماهير ؟ ماذا غنمت الجماهير من هذا المسار التي تأتي الدعوة صريحة لا لبس فيها من هذه القوى لتأمين ما بقى منه. وماذا يختلف مثل هذا الكلام ومثل هذه المواقف عما تردده الأحزاب اللبرالية و أجهزة النظام وكل حراسه.
الجميع متفقون قبل كل شيء على تأمين ما بقى من الفترة الانتقالية .
ما هي آليات هذا التأمين طبعا ليس هناك غير:
وضع القانون الانتخابي. ـ وضع قانون العدالة الانتقالية ـ بعث الهيئات التعديلية : الهيئة الانتخابية وهيئة القضاء العدلي وهيئة الإعلام. ـ تحديد موعد محدد للانتخابات القادمة.
هكذا استبدلت مهمة إسقاط النظام بالتوافق معه .وهكذا استبدلت مهمة الإطاحة بالمؤسسات السياسية للنظام وإرساء السيادة الشعبية على القرار السياسي بإعادة تشكيل لنفس تلك الهيئات والمؤسسات التي كانت دعامة للانقلاب على الحركة الثورية.
ماذا يعني في الأخير حكومة تكنوقراط أو حكومة أزمة أو حكومة إنقاذ إن كانت ستواصل نفس المسار ونفس الخيارات الاقتصادية والاجتماعية لأنها تستند في الأخير على نفس الطبقة التي بيدها رأس المال أي التي بيدها النفوذ الفعلي اقتصاديا وسياسيا وعسكريا.
كيف يمكن الانخراط في حل للأزمة من موقع مصالح الأغلبية الساحقة دون المساس بنفوذ هذه الطبقة على كل المستويات.
في الأخير لا يمكن القول إلا أن كل المواقف من الجبالي إلى الجبهة مواقف لا تتعارض من حيث الهدف النهائي فكلها تؤدي لنفس النتيجة الإسراع بموعد الانتخابات إلا أن الأكيد هو أن كل هذه المبادرات سوف لن تحل الأزمة ولن تحول دون تجذر الصراع صراع الأغلبية ضد رأس المال و التي لا مصلحة لها إلا في مواصلة تنفيذ المهام الثورية وهو مسار متناقض مع مسار الانقلاب عليها أيا كانت الأشكال التي سيتواصل بها.
ــــــــــــــــــــــ
بشير الحامدي
12 ـ 02 ـ 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس التونسي قيس سعيد يحدد يوم 6 أكتوبر موعدا للانتخابات ا


.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويعلن تحقيق انتصارات على




.. حادث طعن في مجمع تجاري في #كرمئيل شمالي #إسرائيل حيث جرح 3 أ


.. يائير لابيد: على الجيش احترام قرار المحكمة وتنفيذ قانون التج




.. المبعوث الأميركي آموس هوكستين يعقد محادثات جديدة في باريس بش