الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الفوران الصامت لإثمار السنبلة

نصيف الناصري

2013 / 2 / 13
الادب والفن




أبنية مهدومة

كلّ الذين يتعجَّلون المغريات التعسّفية لحماقاتهم المتضعة ،
يخفرهم الأمل الضامر لسيلان الزمن . ويتلاشون صرعى
الرماح المُغلَّفة لصيف أيّامهم الرثائية . أحلام مرهونة للآلات
الحادّة التي تقذفها النجوم على الأشجار المفزعة للشواطىء .
العمر في هوته المُلتهمة ، يطالبُ بادامة الواهي من أسماله
المُفتقَّة ، والانسان غير المحتاط للسير تحت عطور السم ،
يتضائل وينفصل عن صيرورته ، تحت رياح تصفع في
هبوبها ، السنبلة الزرقاء للقبر ، وتسلبه الريشة الأخيرة للأعطية .
صدى طويل للثمرة ، يدعونا الى تجنب البلى في عبورنا لظلال
الألم . أبنية مهدومة تتوقَّد تحت الأمطار التي تضربها النجوم ،
نتوسّد فيها الغبطة ونغفل التلميحات المتعاقبة للزمن . هدنات
طويلة نتلف فيها إسبالنا الأفياء المحتضرة على الظهيرة ،
وتصعقنا اللحظة في دمعتها المسودّة وتحالفها مع الجفاف .








الشاعر الميت في عطشه بين الآبار






تمرُّ شهب كثيرة فوق القرابين التي يدخرها الشاعر
الى النومة المُهينة للشيخوخة . تعكَّزنا على ظلال
جياد الساعات الندية للنهار ، لا ينجيّنا من السُفعة
المُعظَّمة للصقيع . يعتقد الشعراء الحمقى الذين تقطّعت
أنفاسهم في عيشهم بين الروث والصدأ ، انهم قد تمت سرقتهم .
أكذوبة محدودة ، ولا تؤذينا في الخداع . الحجارة
الكريمة للقصيدة التي نرمي بها الليل ، خبرة جليلة
تضرّج النهار بمصابيح مفرطة في لحظتها الهيفاء .
تتجلّى في العذاب المتعسّف والمحروث للشاعر ، مراكب
موثوقة أبحر فيها الأدلاء الى أرض الكلمة الوديعة ،
وفي الأصياف التي يزكي فيها الملح وينثره على
الخرائب ، مثابات راشدة في نحولها على الفجر ، تحنو
على الغرباء وتثخنهم بالوردة الناضبة للوجود . تعريض
الكلمة الميتة ومن انطمر معها للشمس ، عمل شائن ،
يطفح بالخزي . نريد للشاعر الميت في عطشه بين
الآبار ، أن يُنقّب عن الشرارة التي أضاعها في زريبة
حياته الأخف خمولاً من ذرق العصفور .







الفوران الصامت لإثمار السنبلة




الى نصير غدير





لحظة مُعادة نُهملها في تصدّينا للحجارة التي تؤجج النهار ،
وننسى في ذروة غبطتنا العلامة التي نستقبل فيها الرائد
المجهول . البهاء الغريب للثمرة يغتابنا ونحنُ نئن في عاداتنا
تحت الأعياد الغزلية للأشجار . لماذا يصعب علينا دائماً أن
نفرّق بين القوَّاس والطريدة ؟ شوينا ثمار كستناء كثيرة في
الليل ، ومخاوفنا من انفجار اللحظات ، تقرّبنا من الرصعة
الخائنة للمرض . ينفصل الظل عن الماضي في إشعالنا للحطب
بين الأشياء الخسيسة التي نتصنّعها ، ولا أمل بعودة الأيّام
التي ودّعناها بوهن كبير . دعامات جديدة ندكّها في أرض
سنتنا الجديدة ، وننتظر بصلابة الفوران الصامت لإثمار
السنبلة . نبيذ نفيس نسفحه الى جانب الظلال المغرمة
للمراكب ، ونتأهب للابحار الى نبل الهدف ، لكن الوصول
الى " ايثاكا " يتطلَّلب منّا أن ننسى ما تعلّمناه في الحكاية .
ما نربحه في أحلامنا الفاترة ، تخمين يتحطَّم في الأحجية
المحتشمة التي تُهيننا ، ويقودنا السأم مكبّلين بما أعرناه
شبابنا ، الى مصير – وهم .






اللحظة المعمورة للاحتضار






تُحتّم علينا الأيّام في كهولتنا ، أن نضمر سهادنا في الماضي
ونغني بين الينابيع الجافّة ليأسنا . نتوّسد اللحظات المبوّقة
تحت الأغصان المُرصَّصة النحاف للألم ، ونتعثر في النسيم
الذي تطلقه المداخن ، وبحثنا العُصابي عن الخلود ، يرتد على
هزيمتنا المتفشية في موت السنوات والمرايا والقناديل . حظائر
رعب طاردنا فيها الحُباحب ، ولا ومضة للفجر الذي ننتظره .
رضانا عن السكن تحت العفونة المتمايلة للثكنات ، تمجيد لضياع
ما حلمنا به دائماً ، وجفاف إلزامي لأنهار حياتنا المفعمة في رص
الشوائب على الأشنات . كلّ متاهة عبرناها ونحن نحمل فوق
رؤوسنا سلال شؤمنا من الواجب ، حجارة مُخزية نموت عندها
ولا نتنفّس الأريج الأزرق للشواطىء . إشارة مفرطة في لغزها
نكابدها في الأجمات التي أضعنا فيها المبشرين . ضوء نجمة
رحيمة ، هو ما يعيننا على الانتظار في هلعنا بين اللحظة
المعمورة للاحتضار .






التبري من الرائدين







حدود كثيرة نعبرها تحت الوطأة الشاحبة للخسارة
ونترك الموتى ، يراقبون ما نخفيه تحت حجارة
أرض أنهارنا الخالية من المراكب . في تخلّينا عن
الأضرحة المرضوضة للصلاة ، نتطابق مع الغنائم
التي نطويها باعياء شديد ، في مثولنا أمام آلهتنا التي
تدير لنا ظهرها في كل حين . يواجهنا في فراغ
ايماننا وأكاذيبه الملتوية ، جيش من النجوم . حجارة
تنبشها الوردة ، نشعر بندمها ، ونمرّ من تحت العبير
الكهل لأشجار العالم . كلّ زمن مكثنا في تعفّنه ، يتقوّس
ومضة مُبادة في السخرية المتكوّمة على التاريخ . العذر
السفيه للانسان في حمله لميتته المتنقّلة ، خطيئة لا يمكن
معها ، التبرّي من الرائدين .






ضرائب





صراع هائل تخسر فيه البشرية الشكران المجيد لمكاسبها
وتعبر الفضائح تحت ثقل عظيم لما يتعجَّل المضايقة .
كلّ طموح في الأحلام المريعة ، تستغني عنه الآن وهي
تتعثَّر بروث الفوضى ، والأمل يحوِّل النور الى ضرائب
تصرصر في زمنها الراهن . مجد الانسان في ميتته العفيفة ،
رصعة كبيرة لافلاس الذين جابوا الأرض ، لتملّك النسمة
المُتلفة للطوفان .







فضائل






وميض حكاية الميت في الصيف الذي مضى ،
أضاء الأشرعة المثلومة للقوارب في دموعنا .
الميت مع ثراء فقدنا له ، يتحلَّل الآن في تنافس
مرير مع العناصر التي تمزقه على الحواجز
المصفرة للظلمة . أكاذيبنا أسلحة نُلمّعها بحيوية
حين نرتاب في الندى الملوث لرحيلنا صوب
أرض الساعات المضوِّعة ، ونعجز في
الافصاح عن المثابات التي سنمكث فيها .
يسألنا الطفل عن الفقيد العزيز :
- انه في السماء مع الملائكة .
اجابة متوحشة ، والطفل يعرف اننا حمقى
ومخاوفنا من سؤاله ، مفترسة وتنزع عنَّا الشهامة .
تماثيل الملائكة التي نعرضها بين الحفائر المهجورة
والزهور ، وايقادنا للشموع على أروح الفطائس ،
عمل طائش ويخلو من الشفقة ، ولا يتناسب مع
ما ندّعيه من فضائل . نحلم دائماً في الطيران فوق
السطوح المزجّجة لنوافذ قبورنا ، لكنّنا لا نتحرّك
فرسخاً واحداً في أنانيتنا التي نجابه بها الفظاظة
الفاترة لمصائرنا المُتقلّبة بعفنها .








زعماء الزرائب





الليل مشط كبير يضيء البروق المًنضمَّة
الى مناجم لهفتنا الودّية للقاء الاخوة الأعداء .
تورطنا في المزاح الدائم ، بحك الحجارة
الرخوة لنسلنا في مروج الصيف ، يهبنا
الانصاف من أولئك الذين يفوَّضون أنفسهم
إيقاد الشعل المقضومة لمجازرنا . لا دروب
محجوبة تنفتح في الضفاف التي غفونا تحت
أفياء أشجارها ، ولا الصخر الراسخ في نهارنا
المتثائب والمعار للحظة الشاحبة ، يثري عريه
المأمون ويخلصنا من مجابهتنا لزعماء الزرائب
وحشودهم الشعبية . إرث طويل من عبادة
التماثيل ، يوثقنا بإغلال تتوارى عن الرحمة ،
ويتعدّى على اخوتنا للنجوم والبيوت والحدائق
المتضوّعة بحرّها العذب . هل تهدّمت الأكواخ
التي سكنتها آلهتنا في التاريخ ؟ نُصلّي للبرق
بين الأشجار الذابلة لمحنتنا المُحجَّبة ، ونرمي
بالحجارة المتوحشة ، الضياء الأزرق للغفران .
كلّ ما شيّده الآباء في عوالم الماضي ، نفاية
تتلكأ في الاندثار ، وتتغطّى في الظلال
المرتجَّة للغائط ،
لا أحد معفيّ من واجبه في الغوص بالحماقة ،
واحتياطاتنا العدوانية قليلة ، وتثبُّ منها العطور
التي تقيس لنا الهاوية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب