الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 8 .

ميساء البشيتي

2013 / 2 / 14
الادب والفن


8

نعم يا بحر كان يملأ هذا المكان .. والأهم أنه كان يملأ هذه الروح المعذبة .. هذه الروح المشتاقة .. التواقة .. لخبر تحمله إليَّ قبرتنا المدللة فتقول كان هنا .. أو مرِّ من هنا منذ أيام ..
أركض إلى الطرقات .. أتفحصها جيداً .. أنادي بملء القلب .. هل هذا أنتَ يا قلب .. أم هو ظلك .. فيجيبني الصدى ..
ومع ذلك لا أقطع حبال الأمل الذائبة .. وأظل أسأله وأواصل السؤال هل أنتَ في طريق العودة .. أم أنك في طريق الغياب .. ويجيبني مرة أخرى الفراغ ..
هل أفقد الأمل فيه يا بحر ؟
هل أغلق على قلبي نوافذ الاشتياق .. وأعلن وفاته سريرياً في قلبي وفي روحي وفي حياتي .. وماذا إن كان على قيد الحياة وأتتني أنفاسه تلهث في صباح الغد .. كيف أفسر لهذه الروح هذا الاستعجال ؟
أنا تعبت يا بحر .. وما أصعب أن يتعبك الفراغ ..
الفراغ لا لغة له يتحدث فيها .. وليس لديه أي شارات يلوح فيها فأفهم منها أنه لا يزال يربض هناك .. ويتنفس .. ولو هواءً خانقاً .. لكنه لا يزال على قيد الحياة .. وأنه لا يزال يحتفظ بقلبٍ يردد اسمي عند مطلع كل شمس وعند غياب كل نهار ..
أم أنني أحلم يا بحر وما كان قد كان .. ولم يعد يطل علينا من الماضي إلا شبح الذكريات .
لماذا يغيبون .. إنه القدر ..
لماذا يموتون .. إنه القدر ..
ولماذا نبقى ننتظر من لا يعودون .. أهو القدر يا بحر .. أم أنه الغباء ؟
اليوم وفي ظلال هذه الفوضى التي عصفت بها وبنا آخر رياح .. يزيفون ما تبقى لنا من الوقت .. فلم نعد نعرف أنحن نشرق في ضياء الصباح أم بتنا نقبع في ظلال المساء .. كل ما نعرفه أننا مسيجون بالانتظار.. على لوائح لا تعرف معنى الوقت ..
وأن أوراق الياسمين لم تعد تُهدى للعشاق .. ولم تعد تصلح لكتابة حروف النثر وقصائد الغزل .. لأنها أصبحت متشحة بالسواد .. وأن الياسمين يبكي طِوال الوقت .. فهل أهديك دموع الياسمين عطراً .. أم تكفيك دموع قلبي التي لا تجف وهي تركض من نافذة إلى أخرى ومن شباك إلى شباك .. تسأل الغيم وتلحُّ في السؤال .. هل تحمله إليَّ يا غيم .. أم أنه لا عودة منتظرة في هذه الأيام ؟
وأنتَ يا بحر ألم تره ؟
كنتُ فيما مضى رسمت إليه على باطن كفه اليمين طريق البحر .. قلتُ له بالحرف الواحد إن ضِعتُ منك .. أو بعثرتني رياح الغدر .. ستجدني هناك في بيت البحر .. هناك يمكنك أن تجدني وتضم شتاتي إليك .. وتعيد إليَّ متكئي في قلبك وفي عينيك .
إن أتاك يا بحر قل له كم حاصرتني عينيه .. وكم أطبقت عليَّ الحصار.. وكم قرأتني كما أنا .. وليس كما أود أن أبدو في عينيه .. وكم أخفيت وجهي حتى لا يرى حُمرة الخجل وهي تتورد على وجنتيِّ حين يأتيني همسه مفضوحاً تردده عصافير الحدائق والغابات .. أحبك يا عصفورة .. هل تملكين يا عصفورتي أي جواب ؟
أملك الجواب اليوم لكنه قد فات الأوان .. فات أوان الحب يا بحر .. أخبره يا بحر أنني أملك الجواب الآن .. لكنه فات الأوان .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده