الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رسالة إلى أيوب

كافي علي

2013 / 2 / 14
الادب والفن


سأتسلق شجرة الكلام، أقطف ثمينها وأُعلقه على مشاجب الذاكرة.
الانتماء والتعصب لحزب، لطائفة أو قومية معناه إلغاء للعقل والتفكير بعقل الآخر، الانتماء للوطن يعني أن يفكر الوطن بعقلك. لا تبحث عن نفسك بين الملائكة والشياطين، ابحث عن نفسك في نفسك إيها المخلوق الحر المتفرد على الكائنات كما شاء الله لك أن تكون. تموضع وراء وطنيتك بعيداً عن عنف طائفي يأكل بعضه البعض، لا تشغل نفسك بالدفاع عن قدسية وحقوق القريشي السعودي علي بن ابي طالب أو عمر بين الخطاب، السعوديون يعلمون بأن قدسية الشيء تنبع من الشيء ذاته لا من الغبار الذي يحيط به، وانت يا أيوب مجرد غبار ينفخونه في عيون أعدائهم. هل هذا مستحيل؟؟
إن اشتراك الكتل السنية مع الشيعية في حكومة واحدة سببه الاحتلال وليس التوافق والإنسجام، حيث الإيمان بالاحتلال اول شروط الانضمام والمشاركة في تقاسم السلطة. الطائفية ليست إلا تفسيراُ آخر للتمييز العنصري وجهل يقضي على الانتماء للوطن والمواطنة. أعني بالمواطنة النزعة التي ترمي إلى جعل العراقيين شعباً واحداً وطنه العراق وأفراده جميع الطوائف والقوميات. حولت العنصرية الطائفية وما ترتب عليها من تصفيات جسدية هذا المفهوم إلى وهم وخيال في عقل الأفراد، تحولت المواطنة من تأريخ وصيروة تنام على راحة الحقيقة إلى توحد اجباري مع الذات.
سعى العنصريون الطائفيون منذ تأسيس مجلس الحكم برعاية الاحتلال وحتى الأزمة الراهنة للعمل على إصلاح أحوال طوائفهم ودفعها نحو الأفضل، هذا ما يسمى تمييزاُ طائفياُ قبل اي شيء آخر. تحركات ظاهرها سياسي وجوهرها ترويض وتدجين يقسم الشعب إلى حضائرطائفية يحتاج فيها كل فرد لذَنب يربط مؤخرته بالقطيع من أجل الحفاظ على سلامتها. كيف لا والخروج من فضاء الطائفية، فضاء الأزمات والاقتتال مع النقيض، إلى فضاء المواطنة ورحابها يشكل تهديداُ مرعباً لقيادات الحضائر. هو يعني انتقال الأزمات والاقتتال إلى داخل الحضيرة الواحد من أجل تقسيم وتنظيم : المقدس- القوة - الثروة - ثم العام على سلم المراتب. الأزمات والاقتتال الطائفي الذي راح ضحيته عدد يشتعل له الرأس شيبا من العوام الذين لا ناقة لهم ولا جمل لا في القداسة ولا في القوة والثروة هو في حقيقته إجراءات وقائية اكثر من كونها مصيرية. ربما يكشف هذا عن أثمن الحقائق على الاقل للذين لا يعلمون.
تتساوى مهزلة العنصرية الطائفية فيما يتعلق بالوسائل التي تستعملها لفرض وجودها. لكي نخلق قيماُ طائفية يجب أن نطالب بعكسها عن قصد، تلك هي الخدعة الكبرى، " الوطن فوق الجميع" عبارة وطنية مبطنة بالكذب. كيف؟ بينما يستغرق تشدقهم بالوطنية ونبذ الطائفية فيما يخص الكلام في وسائل الإعلام، تستغرق العنصرية الطائفية كل جديتهم فيما يتعلق بأفعالهم على أرض الواقع. قتلة الشعب هؤلاء تلبدوا وبشكل فاضح ومعيب بالمؤامرات والحيل والأكاذيب من صغيرهم لكبيرهم ومن سيدهم لخادمهم.
الأمن والسلام في العراق يا أيوب قلب للقيم الطائفية وانتصار للقيم الوطنية، بشرى للفقراء والمحرومين. كيف لنا بغريزة حب الحياة والوطن أن لا نجعل المواطنة مجرد هبة ريح في وجه عجوز عاجز مهمل؟ بأن لا نجعل هذا الانحطاط البطئ حالة شبه نموذجية في وطن ينزف اسمه؟ يا ايوب البلد الجميل المطرز بخيوط الشمس كان كبيراً جداً عليهم، قصقصوه وارتدوه، المغفلون ظنوا بأنهم ملأوه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حبيها حتى لو كانت عدوتك .. أغلى نصيحة من الفنان محمود مرسى ل


.. جوائز -المصري اليوم- في دورتها الأولى.. جائزة أكمل قرطام لأف




.. بايدن طلب الغناء.. قادة مجموعة السبع يحتفلون بعيد ميلاد المس


.. أحمد فهمي عن عصابة الماكس : بحب نوعية الأفلام دي وزمايلي جام




.. عشر سنوات على مهرجان سينما فلسطين في باريس