الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاكاديمي والعمل السياسي في العراق

جواد الديوان

2013 / 2 / 14
مواضيع وابحاث سياسية


تمثلت الاحزاب السياسية في العراق في النصف الاول من القرن الماضي في اليسار بشكل عام. واولوياتها النضال من اجل الاستقلال وتحرير ثروة العراق (النفط) والتخلص من الحكم الملكي (قيام الجمهورية) مع ساسة العراق في العهد الملكي، اضافة الى احلام بناء الاشتراكية. وتعززت الفاظ الاستعمار والعميل والارتهان للاجنبي وغيرها. وكانت ملاحم للشعب العراق (في 1948 و 1952 و1956 و1958) سجلها الادب بكل فنونه لتبقى ذاكرة للشعب العراقي يتربع عليها الشهداء.
وتضيف الحركة القومية اشكالات الوحدة العربية وقضية فلسطين وغيرها، ,وتهدر الدم العراقي قرابين لتلك الاهداف. وفي النهاية تحصد اوربا سوقا وبرلمانا اوربيا (تطور اقتصادي وسياسي). وتتفتت بلاد العرب، حصار على العراق واسقاط نظامه، وتقسيم السودان، وبروز الربيع العربي (تونس ومصر وليبيا واليمن وخراب سوريا). والحماسة تتغلب في البلاد العربية باحداثها، وتقدم للعالم العربي روائع الشعر وملاحمه ومنها:
سلاما حماة النضال العنيد، امن جلمد انتم، ام حديد؟
أغير الجلود لكم من جلود، تصارع هول العذاب الشديد؟
وغيرها الكثير (ناح النواح والنواحة على بقرة حاحا النطاحة ...الخ). ولم تتوقف الحركة الادبية عندها وتسوق تلك النتاجات مثل الالياذة والاوديسة لهوميروس! رغم ان تلك اسطورة وملاحمنا حقيقية.
وربما كانت غربة المثقف بين الاحزاب السياسية سببا لذلك. ومارست احزاب اليسار العمل السري الصعب وله شروط عمل خاصة، وتستحيل عندها ممارسة الديمقراطية باي شكل. فكانت القيادات تعتمد القدرات التنظيمية وقابليات الصمود بوجه الجلاد! وتحمل العذاب او التعذيب. ففقدت الاحزاب المنظرين واصحاب الفكر او لنقل انحسر نفوذ المنظرين والمفكرين. وتركت تلك التجربة اثارها على العمل الحزبي حتى بعد التغير في 9 نيسان 2003.
وانتشر العنف في العراق بعد التغير بفترة، واندلعت حرب اهلية بين الطوائف تمثلت بتبادل قذائف الهاون بين الاحياء، واغتيالات الاطباء واساتذة الجامعة وغيرهم. ووفرت الطائفة والعشيرة بكل مكوناتها الحماية للعراقي. واضحى الانتماء السياسي على هذا الاساس لحماية النفس والعرض والمال وغيرها. وحصدت الاحزاب الوافدة على الاصوات بعد التحشيد الطائفي هذا، وتلاشت جماهير الاحزاب غير الطائفية (العلمانية والديمقراطية والمدنية). وهرع الاكاديميون ممن ساهم النظام السابق في تكوينهم او صناعتهم (القبول في الدراسات العليا على اساس الدرجة الحزبية وكذلك النجاح فيها والتساهل معهم)، اقول هرع هولاء يصفقون ويتملقون الاقوى. الا انه للاسف لم يتعلموا الاكاديمية ولم يتعاملوا معها.
يجيد الاكاديميون المناقشات الواضحة ونقد العمل الفكري (بحث او اطروحة او بروتوكول وغيرها) والعمل المنظم في كتابة البحث او الاطروحة او الكتاب، وتفسير مشاهداتهم في مناقشات البحوث او الاطاريح او التقارير. وكذلك يعمل وفق تقاليد جامعية (التحدث في الندوات والسمينارات ومناقشة الاطاريح وكذلك المشاركة في المؤتمرات ...الخ)، فيحترم الوقت، ولن ينسى وجود اخرين يجب ان يناقشوا الموضوع. وتعلموا التحدث بايجاز شديد مع المحافظة على المعنى كله (من الامثلة طلبت مجلة علمية اختصار بحث من 800 الى 500 كلمة لنشره)،انها تمارين يصبح عندها شرح الفكرة باقل الكلمات المعبرة والتي تتناول القضية موضوع النقاش لا تفرعاتها، وتركزت هذه الخبرة لدى من لم يستمد قوته العقلية والعلمية الاكاديمية من القائد المقبور ورقص مصفقا احتفالا به.
وربما ينتقد الاكاديمي في العمل الحزبي بعض اليات العمل المتوارثة مثل مقال افتتاحي طويل! او التكرار في مقال لمن يعمل في التنظيم او بيان بصفحات متعددة او تناول ا كثر من فكرة متناقضة في مقال، او الاسهاب في الحديث او الاستحواذ على كل الوقت المخصص ليستعرض المتحدث عضلاته، ونسيان حق الاخرين في الحديث والتعبير عن وجهات نظرهم. وربما ينتقد متحدث باشكال مختلفة، او يصحح معلومة لمسؤول في الحزب او الاحزاب الاخرى او يرتقي بفكرة وغيرها الكثير. وهنا المشكلة حيث الرد باشكال مختلفة (ردك قاس او لا تسمع الاخرين او تصادر حق الاخرين في الحديث او عدم تقبل الاخر وغيرها من خلق اشكاليات للتعبير عنها نقدا).
واشكاليات العمل السري لا زالت تفرض تقاليدها في الاحزاب المدنية والديمقراطية والعلمانية، اما الاحزاب الدينية فهي تعتمد التراتيبية في الاجتهاد مثلا او غيرها من المؤشرات. وتحد هذه لاشكاليا من حرية الاكاديمي في العمل السياسي ليعمل بوسط يشعر به بالغربة دوما، وان تنقل بين الاحزاب ذات التوجه الواحد (ديني او علماني).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حجاج بيت الله الحرام يواصلون رمي الجمرات وسط تحذيرات من ارتف


.. حملة انتخابية خاطفة في فرنسا.. وأقصى اليمين في موقع قوة




.. استمرار جهود وحملات الإعمار في الموصل بعد 7 سنوات من القضاء


.. هوكشتاين في إسرائيل لتجنب زيادة التصعيد مع لبنان




.. أطفال غزة يحتفلون بثاني أيام العيد مستذكرين شهداءهم