الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عيون ساهرة

جهاد عقل
(Jhad Akel)

2005 / 3 / 31
الحركة العمالية والنقابية


مؤسسات العولمة الاقتصادية لا تنام أبداً ، عيونها ساهرة ليل نهار على كافة التحركات التي تقوم بها الحكومات في مختلف دول العالم . تتمثل هذه المؤسسات العولمية في كل من : البنك الدولي ، صندوق النقد الدولي ، ومنظمة التجارة العالمية . هذه المؤسسات مكلّفة من قبل القوى الرأسمالية العولمية التي تسيطر على الحكم في الدول الصناعية المعروفة بإسم " مجموعة الثماني"(G8) .بأن تنفذ السياسة الاقتصادية التي تضعها تلك القوى في عالمنا لتتلائم ومصالح هذه القوى الرأسمالية ،التي تعتمد فكر الليبرالية الجديدة . بل تفرض سياستها الاقتصادية على كل دولة ودولة ، بشكل يضمن لهذه القوى التحرك الاقتصادي – السياسي بدون أية عوائق تؤدي إلى عرقلة نشاطها الرأسمالي وجني الارباح بنسب عالية جداً جداً .

" العيون الساهرة " لصتدوق النقد الدولي والبنك الدولي تتمثل في إرسال البعثات واللجان " المهنية " الى الدول المختلفة من أجل تقصي الحقائق وفحص السياسة الاقتصادية في كل دولة ودولة ، وإذا ما كانت تسير وفقاً للنمط الذي أقرته تلك المؤسسات العولمية في مؤتمراتها التي تتميز بالبذخ والارستقراطية ، نعم .... "اللجان " المذكورة تقوم بالانتقال من دولة الى أخرى تجمع المعلومات ، تجري التحقيقات ، تتقصى الحقائق ..ومن ثم تقوم بإعداد التقارير "المهنية" ليتم بحثها في إجتماعا الادارة من أجل التأكد أن سياسة تلك الدول تسير وفقاً للضوابط التي تفرضها المؤسسات العولمية ، حفاظاً على مصالح القوى الرأسمالية التي تمثلها تلك المؤسسات .

التقرير الذي أعدته لجنة صندوق النقد الدولي بخصوص وضعية الاقتصاد الاسرائيلي ، صدر يوم - 29/03/2005 - حيث تم عرضه على المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي في مقره الرئيسي في العاصمة الامريكية واشنطن ، وبعد مناقشة التقرير الذي قدمته اللجنه المكلفة التي قامت بزيارة اسرائيل في نهاية العام 2004 ، أصدر المجلس التنفيذي للبنك الدولي بعض التوصيات والاستنتاجات بخصوص وضعية الاقتصاد الاسرائيلي في هذه المرحلة . في المقدمة نجد أن أعضاء المجلس يشيدون بالانتعاش الذي بدأ يبرز مؤخراً بعد فترة ركود وكساد أستمرت فترة طويلة . إلا أنهم يؤكدون أن السبب لذلك يعود الى التغيير الذي بدأ يظهر على الاقتصاد العالمي وتحسن المناخ العالمي عامة .

لن نخوض في مجمل تفاصيل التقرير والمواقف التي عبّر عنها أعضاء المجلس التنفيذي للصندوق خلال المناقشه ، لكننا نكتفي أن نشير الى البعض من القضايا التي تفسّر لنا جلياً حقيقة الدور الذي تقوم به هذه المؤسسه وغيرها من مؤسسات العولمة ، حيث تفرض مواقفها وكأن تلك الدول غير مستقلّه بتاتاً ولا يحق لها إتخاذ مواقف وقرارات إقتصادية لا تتلائم مع السياسة التي تفرضها هذه المؤسسات . من هذه القضايا نجد تقديم التحية للحكومة الاسرائيليه لأنها تنفذ البرامج الاقتصادية " الاصلاحية" مما يساعد على تحرير القطاع العام من بعض الكوابح وهذه الخطوات "الإصلاحية" تؤدي الى تسريع مسار الخصخصة الذي يعتبر العمود الفقري لما يسمى ب " الإقتصاد الحر" ، ويقدم أعضاء المكتب التنفيذي للصندوق أسمى آيات التحية للحكومة الإسرائيليه لقيامها بتنفيذ الإصلاحات البنيوية ، التي تعني لنا خصخصة القطاع العام والخدمات الحكومية وفصل عشرات آلاف الموظفين وضمان تقديم هذه المؤسسات على طبق من ذهب لكبرى الشركات التي تتبع ملكيتها للقوى الرأسمالية المحلية والعولمية .

الاهم من كل ذلك جاء ضمن الاشادة بخصخصة شركة الملاحة الجويّة "إلعال" وشركة الملاحة البحرية "تسيم " ويحث المجلس التنفيذي للصندوق على ضرورة الاسراع بتنفيذ الخصخصة في الموانىء البحرية والمطارات والقطارات وكل ما يتعلق بالمواصلات ، كذلك الدعوة إلى خصخصة قطاع الطاقة (شركة الكهرباء) وشركة تكرير البترول ، وقطاع المياه ، وضرورة الاستمرار في تنفيذ مشاريع التغيير البنيوي أيضاً . بما في ذلك خصخصة مصلحة الاستخدام وغيرها . وتتم الاشادة أيضاً بتنفيذ " الإصلاحات" في السوق المالي وخصخصة صناديق التقاعد والتوفير ونقل ملكية صناديق التعويض من البنوك الى أيدي متمولين ، لكن مجلس الادارة لم يستطع إخفاء قلقه من الخطر الكامن في نقل هذه الملكية ويدعو الحكومة الاسرائيلية الى التروي وإبقاء السيطرة على هذه الصناديق لدى البنوك مع تكثيف المراقبه والشفافية .

الامر المثير للعجب في هذا التقرير والتوصيات الصادرة عن مجلس الادارة لصندوق النقد هو الإشادة بالمجهود الحكومي الاسرائيلي في مجال " محاربة ظاهرة غسل الاموال " مع أن الجميع يعرف حق المعرفة أن إسرائيل تعتبر من الدول التي تحمي أصحاب "المال الاسود" من قوى الجنوح والاولغارخيا اليهودية التي تنهب أموال من دول كانت تعيش فيها ومن ثم تتم عملية تهريب هذه الاموال الى إسرائيل ، فعن أي مجهود يتحدث هؤلاء وفضيحة إحدى البنوك ما زالت طرية جداً حيث مجرى التحقيق فيه ما زال عند خط البداية .؟؟؟!!وهل حقاً توجد شفافية في هذا المجال ؟؟ وفقاً للمعلومات المتوفرة لدينا لا وجود للشفافية هذه على العكس، التعتيم هو النمط المتبع في هذا المجال والسوق المالي هو مكان اللجوء للأموال " السوداء" .

في الفقرة الاخيرة من التقرير نجد أن أعضاء المجلس التنفيذي يوجهون الإنتقاد للخطوات الغير محدودة ، بل المنفلته التي إتخذتها الحكومة في قضية تقليص سياسة الرفاه ، مع أنهم يباركون الخطوات التي تم إتخاذها ، أي تقليص المخصصات وضرب حقوق العاطلين عن العمل ، الا أنهم يعتقدون أن بالامكان زيادة الصرف الحكومي في هذا المجال ، من أجل توسيع دائرة التأهيل المهني لمساعدة الباحثين عن فرص العمل الحصول على فرص عمل ملائمة . والهدف هو الوصول الى المستوى المعمول به في بلدان منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية .وأن تتواصل عملية التسريع في تقليص العجز المالي في الميزانية من خلال تقليص الصرف العام والدين العام ، لأن هذا العجز ما زال مرتفعاً بالمقارنه مع الناتج المحلي الاجمالي . رغم " الإشادة" التي تميز بها هذا التقرير والتوصيات من قبل المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي ، إلا أن الحقيقة التي تبدو جلياً لنا جميعاً ، هي، أن الهم الاساس لهذه المؤسسة العولمية، يكمن في إيجاد دفيئة ملائمة للقوى الرأسمالية العولمية من أجل ضمان أعلى منتوج أو مردود لرأسمالها دون الاخذ بعين الاعتبار مصالح الاكثرية الساحقة من السكان ،أي الطبقة العاملة التي يدفع أبناؤها الثمن الباهظ لهذه السياسة الرأسمالية العولمية ، حيث تنخفض أجورهم وتنتهك حقوقهم وتسلب ممتلكات القطاع العام التي بنيت بأموالهم تحت شعارات طنانه تحمل إسم " الاصلاحات" و" السياسة الاصلاحية" و" التغيير البنيوي " ، وكلها تهدف الى أمر واحد ، ألا وهو مواصلة إستغلال الانسان العامل والعودة بنا الى عصر العبودية البغيضه ، ضمن أنماط "عصرية" لامعة تنفذ من خلال العين الساهرة على مصالح قوى العولمة ورأس المال .
30/03/2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب كلية لندن للاقتصاد يعتصمون لمقاطعة الشركات الإسرائيلية


.. الوزيرة هالة السعيد: 80% من القوى العاملة في مصر بيشغلها الق




.. رسالة تحذير وراء إضراب الأطباء قبل أيام من الانتخابات البريط


.. لماذا ترتفع معدلات البطالة في صفوف الشباب؟




.. فلسطينيون يشيعون ثلاثة من عمال الدفاع المدني قتلوا في غارة إ