الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المحاصصة الطائفية السياسية تتناقض مع مهام الحكومية المهنية

لميس كاظم

2005 / 3 / 31
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لقد ورث المجتمع العراقي، الثقافة الطائفية ذات السمة الأجتماعية من النظام الصنمي السابق ، إذ لعب على اثارة النعرات الطائفية بقوة في الفترة السابقة، فقد حرم الكثير من الطوائف والقوميات من حقوقها المشروعة، ومنع الكثير من ابناء العراق من العلماء والنوابغ من تبوء مراكز حساسة بسب انتمائهم الطائفي والقومي ، وقد غذى لذلك بقوة لترويج النفس الطائفي وساعد على انتشاره، حتى استوطنت تلك النعرات في السلوك الأجتماعي اليومي لابناء العراق، وبدءوا للأسف الشديد يميزون بين المسلم والمسيحي ...الشيعي والسني ...العربي والكوردي والتركماني والأشوري . لكن الطائفية السياسية لم تظهر واضحة المعالم ، لان النظام الصنمي كان شمولي تولتاري لايكن الولاء لاي طائفة او قومية اودين.

لكن للاسف الشديد حال استلام الأحزاب الوطنية العراقية الكبيرة زمام السلطة لاول مرة بدئت ظاهرة تكريس المحاصصة الطائفية السياسية واضحة ، ونحن نرى أخيرا اتفاق الفرقاء في الكتلتين الكبيرتين على تشكيل الحكومة وتوزيع الحقائب السيادية على ان يكون رئيس الجمهورية كوردي ، ورئيس الوزراء شيعي، رئيس البرلمان سني ، كذلك اكدت الانباء على حصول قائمة الأئتلاف على 16ـ17 واحتمال ثلاثة منها وزارات سيادية و القائمة الكردستانية 6ـ7 وزارة منها وزارة الخارجية السيادية واحتمال وزارة النفط ، و6 وزارات ستوزع على بقية الطوائف من السنة والمسيحيين والتركمان وغيرهم من الطوائف . هذا التقسيم الطائفي هو تكريس للطائفية السياسية التي لم يعتاد عليها لا الأحزاب السياسية ولا الشعب العراقي من قبل . ان الدخول في هذا الموضوع لايفهم منه ان هناك تحفظ على قومية او طائفة على تسلم موقع رئاسي او سيادي اطلاقا ، وانما هذا الفيروس الطائفي الذي سيكرس سلوك سياسي طائفي جديد، وسيصبح أرث سياسي صعب فهمه مع الأنتخابات والخوف ان يتحول تدريجيا الى تقليد ثابتا في الحياة الساسية مستقبلا مثلما حدث في لبنان. فالناخب العراقي في المستقبل لن يخشى من نتائج الأنتخابات بل من نتائج المفاوضات السرية بين الكتل الفائزة.

اما الأحزاب السياسية الليبرالية والعلمانية فلن يحصلو سوى على الخطاب الوطني الرفيع المستوى والثناء الجميل على دورهم ، وهم يبقون رأس الحربة التي تحارب بهم الأحزاب الكبيرة من الطامعين والمتربصين والحاقدين وأعداء الوطن.

أن هذه المحاصصة الطائفية ذات السمة السياسية ستكرس النفس الطائفي بشكل غير منظور ، لان الوزارة الطائفية ستشكل طاقم اداري طائفي ، كذلك ستُشكل مؤسسات المجتمع المدني بنفس طائفي . لكي يفسح المجال امام أعضاء ذلك الحزب او تلك الكتلة الفائزة للسيطرة والأستثار بالموقع القيادي ، فهذا الأنجاز يعتبر مكسب انتزعه الحزب الفائز اليوم لكن ممكن ان يخسرهُ في الأنتخابات القادمة ، لذلك لابد من ترسيخ المواقع وتثبيتها من قبل خيرة الكوادر الحزبية ، فعملية زج اعضاء الكتل الفائزة في اغلب المواقع الحكومية ، يدخل ضمن أستراتيجية الحزب للسيطرة على المواقع المهمة للتهيئة للأنتخابات القادمة واغراء الناخب في المستقبل في موقع اوتعيين حكومي،. فاي حزب او أئتلاف يتمنى ان يستحوذ على الكثير من المراكز المهنية والأجتماعية ،تحت مبدء التنافس الحر الديمقراطي العلني .

ان تثبيت هذه المحاصصة في الحكومة ومؤسسات المجتمع المدني ، تكون الأحزاب الفائزة قد ساهمت في وضع اللبنات الأساسية لمجتمع ذو نزعة طائفية ، وبذلك بدلاً من ان تلغي النعرة الطائفية في الممارسة الأجتماعية ، تكون قد ساهمت في تكريس الطائفية السياسية ايضا في مؤسسات المجتمع المدني ، وهنا تكون الأحزاب الفائزة قد وفقت في تكريس عملي للطائفية بشقيها السياسي والأجتماعي ، يعني مثل ما يكول المثل العراقي... يم حسين جنتي بوحدة صرتي بأثنين.

الطائفية بشقيها السياسي والأجتماعي لاتنسجم مع طبيعة مهام الحكومة المهنية، فما هو مطلوب هو الكفاءة في ادارة الدولة والروح القيادية الجماعية والتخطيط والخبرة المهنية. ان المفهوم الطائفي ايضا لايمكن ان يجد مكانه في مهام ومؤسسات المجتمع المدنية المهنية. أن تحديد المهام القيادية الرئاسية على قومية او طائفة محددة ، ستحرم الكثير من العقول والخبرة الوطنية الجبارة ، من بقية الطوائف والقوميات الأخرى، في المشاركة في بناء البلد بسبب انتمائهم للأقلية الذي سيشكل عبأ ثقيل في تبوء مركز سيادي او وزاري لان الأتفاقات البروتوكولية بين الأحزاب الكبيرة لاتسمح بذلك.

ان الأنتخابات لم تفرز هذا النفس الطائفي المرفوض اساسا، بل افرزت نتائج لعراق موحد يفترض ان تقوده مجموعة عراقية وطنية نزيه من الكوادر الكفوءة بغض النظر عن الدين والقومية والفكر.

أن الأحزاب الفائزة لاتزال تعمل بأساليب العمل السري في المفاوضات فيما بينها وتقرر مصير البلد والمواقع الرئاسية على ضوء مصالحهما المشتركة، بالوقت الذي كانت الأنتخابات علنية وامام الجميع ولذلك يفترض ان تكون كل الأتفاقات والبرتوكولات بين الأحزاب الفائزة علنية وامام الشعب الذي انتخبها او تعلن نتائج كل المفاوضات بدون تكتم اوحجب المعلومات.

كان من الأجدى على الأحزاب الفائزة ان تتخلص من الأزدواجية بين خطابها المنمق وتطبيقها العملي الضيق ، فمن جهة تدعو الى لَملمت وحدة الصف الوطني وتظافر كل القوى النزيه لبناء واعمار الوطن ومن جهة اخرى تؤجل تشكيل الحكومة لأكثر من شهرين والبلد غارق في دوامة العنف والأرهاب والفراغ الدستوري بعد حل البرلمان لكي تتفق على اقتسام الغنائم الحكومية الدسمة فيما بينهم ، متجاهلون الاحزاب الأخرى في المفاوضات والحقائب الوزارية . والأنكى من ذلك كله هو ان دعوة الشخصيات السياسية الى تبوء منصب سيادي سيتم على اساس طائفي وليس على اساس وطنية الحزب وتضحياته في سبيل الوطن . بالوقت الذي كانت اغلبية الأحزاب الكبيرة قبل الأنتخابات تنادي الى التوافقية في تشكيل الحكومة ولكن ممارستها العملية بعد الأنتخابات هي المحاصصة الطائفية السياسية.

الأنتخابات والديمقراطية تؤسس لاعادة بناء واعمار المجتمع والشخصية العراقية التي هدم فيهما النظام الصنمي الكثير من الثوابت الأساسية. وفي هذا المجتمع يكون الولاء للوطن فقط.
لاطائفية في الحقوق والواجبات الملقاة على الجميع .
لاطائفية في العلم والأدب والحب والعلاقات الأنسانية.
لاطائفية في احتكار المواقع الرئاسية والسيادية الحكومة والبرلمانية بشكل ثابت.
لاطائفية في تأسيس المنظمات المهنية العراقية وكل مؤسسات المجتمع المدني.
لاطائفية في تشكيل الجيش العراقي والشرطة والأجهزة الأمنية والأستخباراتية العراقية.
لاطائفية في العََلََم العراقي والحدود بين المدن العراقية.
لاطائفية في الاضطهاد الذي مارسه النظام الصنمي ضد كل ابناء العراق وان اختلفت درجاته من طائفة او قومية لأخرى .
لاطائفية في القضاء على الفقر والبطالة لكل ابناء المجتمع العراقي.
لاطائفية في القضاء على الأرهاب من كل المدن العراقية.
لاطائفية في التعامل مع دول الجوار الداعمة للأهاب.
لاطائفية في اللجان التي ستشكل لكتابة الدستور بحيث تشمل كل فئات وطوائف المجتمع العراقي بشكل متساوي.

الدستور السليم والمتحرر من النزعة الطائفية هو الذي سيبني المجتمع على اسس سليمة وسيحقق مطالب الجميع.
نحن نسعى جميعا من اجل مجتمع العدالة الأجتماعية والمساواة الذي يتحقق من خلال مشاركة كل ابناء البلد الغيارى على وطنهم بغض النظر عن انتمائهم الفكري والديني والقومي.
ختاما لايفهم من هذا الموضوع اني ضد ترشيح السيد جلال الطالباني كرئيس للجمهورية العراقية لكونه كوردي بالعكس انا مع ذلك بل وادعو من خلال هذا المقال ان يفسح المجال لكل ابناء الأقليات ان يقودو العراق شرط ان يكون ولائهم للعراق اولاً ، فالأنتخابات تلغي الطائفية وليس العكس هو الصحيح.
28.03.2005ِِ








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة