الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-الديموأعرابية-

عذري مازغ

2013 / 2 / 16
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


في الصدى بهجة الصيف، يحملها أديم الليالي الحامية إلى خريف أحمر حيث الدماء تجري إلى مستقر، إلى ربيع همجي يفور إلى مجد صاقع فيه الرخاء حلم ينبت فقاعا في مخيال الضفادع، في الزمن العربي، تملك الضفادع مخيلة: أن ينبت الربيع في حمى الجمار..
لذلك نضجت في الجماهير همة الكينونة، اكتشفت فجأة كينونتها في "الديموأعرابية": اكتشفت لحية فاحمة فأنضجتها..وكانت الحكمة تقتضي أن تكتمل الأصناف، شعت فينا المخيلة فصنعت من ضلعنا اخطبوطا من الأنوثة، امرأة ليست امرأة، كائن غريب عن كنهه، امرأة فقط في المخيلة، امرأة الظلام، وفي الحقيقة كانت المرأة، زهرة الحراك الإجتماعي ذاك، كانت خلاصة حرث ليلي وكان الحرث مضمون ربيعنا الهمجي.. من الممكن جدا أن تختلط الكلمات لتصنع بديعا، ثورة جديدة، قفزة نحو الآتي، قفزة نحو الجنة التي، في مخيلة الضفادع قفزة إلى البدائع، قفزة إلى الآخرة، نفي للحياة... أليس الخطاب الديني المتشبع برنيم الجنة هو في الآن نفسه خطاب مناهض للحياة؟
تبدو الآخرة انعكاسا للفانية، وتبدوا في الخطاب الديني أفضلية قصوى، رغبة جامحة للغزو، للحج، للرحيل، للجهاد، للإنتحار في المطاف الأخير، سبق شعوبنا إلى المحجة القصوى، محجة لا تحسدهم عليها الحشرات.
كل قنواتنا منتجة لخطاب العقم، خطاب مناهض لسنة الحياة، والغريب أيضا، وبشكل محجم، أن لا أحد يستهلك وقته الضائع لسماع هذه القنوات برغم فيضها، وهو في الحقيقة المهضومة، شعور عميق نحو استرجاع الذات، وكان من الجميل جدا، على الرغم من الإدانة الفجة للخطاب السائد، أن يحن المرأ برحب شاسع، أن يكتوي بلذة استرجاع كل ما ارتسم في ذاكرة الجنة، أن يعيش نزعته نحو طبيعته الحقيقية، أن يعشق كل مرح الحياة وأن يستلذ في سره كل ما حرمته آلاق التدين. من من الرجال الفحلة، من الملتحين بالتحديد، يقشعر بدنه حين تلوح في الشاشة نجمة "أولويز" ومن منهم لم يتجرع ارتسام ملامح أجساد نساء الجيمباز، نساء السباحة، نساء احتجبن بسحر الرياضة، أليس في الأمر فتنة؟ "فن" بتعبير حجابي... ومع ذلك فهي كانت وما تزال فتنة محببة لدى أغلب الجمهور، رغما عن انف الجحيم.
الآخرة انعكاس للفانية، إذا كانت الجنة متاع، فماالذي يمنع أن تكون الفانية متاع؟ هذا هو السؤال الفلسفي المغيب وهو في الحقيقة سؤال الإغتراب، ويبدو أنه سؤال يؤسس لمصداقية التبئيس. يؤسس الجحيم في الآخرة لمخيلة الفانية في الفكر الديني، يذهب أغلب الظن عند الجمهور العظيم، عند الفقراء بالتحديد إلى أن الأغنياء ذاهبون إلى جحيم أكيد، والحقيقة أن الذي يعيش ويسير في طريق الجحيم الدنيوي، كل الفقراء والمعدمين بالتأكيد، هم بهذا الإيمان الضفدعي المتخيل، يسيرون نحو الجحيم، من الأكيد أن الأغنياء يشترون الحسنات بالصدقات وهو أمر مستصاغ حتى في عيون الفقراء، وهو امر معروف بالتمام الكامل،، بأي ثمن يشتريها الفقراء؟
يشترونها بالتسول، التعبد، القيام والسجود، الزكاة، الصدقة، أضف إليها قوائم الوعظ والتوعيظ والنفاق الإجتماعي مشفوعا بالحمدلة، وهي كلها قيم البداوة الجرداء، قيم القحط في لباس الحداثة، كل الدول التي مسها جنون الديموأعرابية هي وحدها التي لا تشهر أثمنة السلع في منتوجاتها لتبقى هامش التسول في اية عملية بيع شراء.
ينتج الخطاب الديني في الأمة كائنات متسولة بينما تنتج قيم الحياة استنادا إلى فعل الإنتاج، والخبيث فينا أننا لا نعتبر قيما كل ماننتج، نعتبره استثمار الآخر، فنحن نستند إلى عطف الآخرين في قضايانا، كل قضايانا، نستند في الأحوال الحسنة إلى مقياس مدونة الأحوال الدولية: حقوق إنسان لم نستوعبها على اعتبار أنها شأن الفانية، ديموقراطية رومية تختلف بنيويا على قيمنا الأعرابية، وبعبارة نحط أنفسنا في غربة قاحلة عن الآخر، عن الحضارة بكلام بليغ، وبناء عليه لا نؤسس لمعيار التعامل: نعتبر امتصاص مقوماتنا الإقتصادية من طرف الآخرين استثمارا، ننبهر لمقومات الآخر رغم أنها تنتج بقوانا وطاقاتنا، بفصاحة بليغة ننتج ضعفنا..
من الأشياء البليغة في ضعفنا ان نكون ننتمي إلى سلالة الشرفاء، ومعنى ذلك ببساطة، أن نكون ننتمي إلى سلالة مناهضي الحياة، الشرفاء عادة لا يعملون، فقط يقتلون، يقتلون الذين لا يوفرون لهم عيشهم، الشرفاء يعيشون على نمط تدجين الآخرين، يعيشون على نمط اغتراب الآخرين، يعيشون حيث الشعوب تغيب ذاتها، يعيشون حين تغترب شعوبها، حين تعيش الآخرة في الذوات وتغيب آنيتها، حين تغيب حياتها: السنا شعوبا ميتة رغم ربيعها الهمجي؟
ربيعنا همجي على الرغم من اننا، في "الديموأعرابية" انتخبنا حكومات ملتحية، انتخبناحكومات مناهضة لحق الحياة . لم نؤسس نمطا ديموقراطيا بل أسسنا نمطا "ديموأعرابيا"، اسسنا نمطا ضفدعيا.
ربيعنا متدفق بالقتل لأجل القتل، ربيع رعته قبائل الهمجية، ربيع يخجل من اسمه، ربيع الغزو الهمجي، هكذا يستقيم اسمه، إذا كان من البد أن يقفز الشعب نحو مرحه، فجميل هذا الشعب أن يعي قبل كل شيء منتهى المرح، أن يعي أنه وصل قعر التخلف على كل المستويات، والمستويات هذه تتحدد استناد إلى قيم الفانية، وليس إلى أحلام مخيلات الضفادع، حين تصل إلى القاع، فليس في القاع منزل آخر، هناك فقط أفق الصعود: للصعود منزلاته، وشعوبنا، برغم عطاء الله، أو عطاء الطبيعة، تحتل أحط القيم: نحن أمة تعيش غربتها عن خيراتها، شعوب تأبى الصعود في توق عارم إلى الإنحطاط، ترفض الدنيا، الفانية، ترفض الحياة وتعشق أن تعيش في القبر لذلك تمشكل كل شيء فينا في سواد قاتم، في السلوك البشري، في اللحي، في الأحجبة النسوية، في اللباس، في كل شيء يثبت آدميتنا او يزكي هويتنا، في كل شيء يقتل التنوع فينا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الانسان المعاصر
Almousawia A. S ( 2013 / 2 / 16 - 17:44 )
مرحى لك وهذا الابداع المتماسك من الخصب وثمار الوعي لوصف وضع رافق تفاصيل واقعنا الذي نسعى ولااقول نرجو تغيرة
انة العيش في الظلال والخوف من شمس الحياة الباهرة وبحرها العميق وسماءها الواسعة فحدد لنا المسار ومستوى وارتفاع وقدرة وعمق الرؤيا وقالبها الى حين نعي الواقع ونعمل سوية من اجل حياة تليق بنا اسوة بما بلغة الانسان المعاصر
اهلا بك مناضلا فاعلا ومنورا لنا لغد افضل


2 - الكاتب عذري مازغ المحترم
مريم نجمه ( 2013 / 2 / 16 - 19:23 )
تحية رفاقية طيبة .......
الواقع كان مصفّداً والمستنقع اّسن لعقود وعصور من الظلام , سُرق الميدان بمجرّد تلاقت أصداء الحرية من كل مكان فرحت بمسار جديد حركت المستنقع الطافح بالحشرات فجأة ركضت شرطة العالم ممنوع الحراك والحركة وتغيير الروتين والوجوه والقواعد والسلوك والطاعة ,, تشبثت الشعوب بالشعارات بسقوط الأنظمة الكراكوزية فجرى ما جرى ومازال الدم يتدفق,, صراع لن ينتهي بمجرد فتح نافذة الخلاص الطريق طويل لأن عوامل عديدة دولية محكمة الإغلاق على أبوابنا ومنافذنا , ولا ننسى يا صديقي العزيز أن السوس , والدود الذي يلعب في بيئتنا وداخل تفكيرنا أفسد المؤونة والغذاء الروحي والفكري , المهم في هذه ا لإنتفاضات الثورية هو تحريك مجتمعاتنا الاّسنة وإلى متى تبقى راضخة ونائمة ؟
ما العمل ؟ إنه واقعنا وعلى المثقفين - وليس الماركسيين - تقع مهمات التغيير للأفضل والريادة في طرح الأفكار ونموذج السلوك - فالماركسيين استقالوا من دورهم - مع الأسف
شكراً على المقال صديقي والنقد البناء وأسلوبك المميز بالعمق والتحليل المنطقي للظواهر الغريبة - بل المنطقية - لبيئاّتنا العربية -والشرق أوسطية - منطقة - الذهب الاسود -

اخر الافلام

.. محمد نبيل بنعبد الله يستقبل السيد لي يونزي “Li Yunze”


.. الشيوعيون الروس يحيون ذكرى ضحايا -انقلاب أكتوبر 1993-




.. نشرة إيجاز - حزب الله يطلق صواريخ باتجاه مدينة قيساريا حيث م


.. يديعوت أحرونوت: تحقيق إسرائيلي في الصواريخ التي أطلقت باتجاه




.. موقع واللا الإسرائيلي: صفارات الإنذار دوت في قيساريا أثناء و