الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حرية الصحافة بين التشريع والتطبيق

جودت هوشيار
كاتب

2013 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


حرية الصحافة هي المحك الحقيقي للحريات الاخرى وبخاصة حرية الراي والتعبير وأداة اساسية في النقد والمتابعة والرقابة على اداء السلطة التنفيذية , والحرية الصحفية التي نقصد بها هي تلك التي تسمح بالنقد الموضوعي من أجل تحري الوقائع وتقصي الحقائق وصولا لأيجاد الحلول لمشاكل المجتمع . وهي القوة التي تصوغ أكثر من أي قوة أخرى الآراء و الأذواق والسلوك.
وتنص قوانين الصحافة في المجتمعات الديمقراطية على منح الحرية لكل مواطن كامل الاهلية في أصدار اي مطبوع دوري دون أذن مسبق شريطة ان يتم لاحقا أخطار الجهات المعنية بذلك , وكذلك أعطاء الصحفي حق التعبير عن رأيه بحرية دون رقابة وضمان حق المواطن في الحصول على المعلومات الضرورية للأسهام في اـخاذ القرار وينا مجتمع ديمقراطي .
اما على مستوى الممارسة والتطبيق فان الحرية الصحفية غير مطلقة حتى في أكثر الدول ديمقراطية والتي تضع خطوطا حمراء أمام العديد من الموضوعات الحساسة بالنسبة اليها دون ضغط أو أكراه مباشرين بل تفعل ذلك بأساليب شديدة الفعالية والذكاء , حتى لتبدو وكأنها لا تتدخل في شؤون الصحافة .
اما الانظمة المنغلقة فأنها لا تكتفي بتكبيل الصحافة بالقبود المجحفة الواردة في قوانين المطبوعات , بل تلجأ في كثير من الاحيان الى وضع مواد وبنود فضفاضة في تلك القوانين يمكن تفسيرها بأشكال مختلفة مثل الفقرات الخاصة بمصالح البلد العليا و الأمن الوطني وتقاليد المجتمع و عاداته وما شابه ذلك فعلى سبيل المثال ثمة تقاليد بالية ومتخلفة في المجتمعات الشرقية تعرقل عملية التحديث واللحاق بركب الحضارة ( وجود ما يسمى الخطوط الحمراء او التابوهات والجمود العقائدي و محاربة التفكير العلمي و منع المرأة من الأسهام في الحياة العامة وغيرها كثير )
الصحافة رسالة قبل ان تكون مهنة و صناعة و من الضروري لها أن تلعب دوراً تنويرياً في نبذ تلك العادات وليس الحفاظ عليها وعدم المساس بها .
ورغم ان قوانين الصحافة حتى في ظل الانظمة المنغلقة تنص على ضمان حرية النقد , الا ان هذه الحرية شكلية الى حد كبير وتبقى حبرا على ورق أو يوضع لها سقف محدد لايمكن تجاوزه دون الوقوع تحت طائلة المسائلة . فعلى سبيل المثال نجد ان الأنظمة المغلّفة بغشاء ديمقراطي زائف ، تسمح بأنتقاد المسؤولين من ذوي المناصب الدنيا أو المتوسطة و تحظر توجيه النقد الى رئيس الدولة او رئيس الوزراء أو الوزراء كما كان الأمر مثلاً ، في ظل النظام الصدامي أو تمنع المساس بالأداء الحكومي عموماً و ان كان هذا الأداء فاشلاً أو فاسدأ أو ظالماً .
ومن الملاحظ ان بعض الحكومات وبخاصة في الدول النامية تلجأ الى شتى اساليب الترهيب والترغيب لمنع الكاتب او الصحفي من التعبير عما يعتمل في ذهنه او يشغل باله ومن تسجيل الوقائع والاحداث بصدق وامانة اذا كانت دلالاتها تتعارض مع وجهة النظر الرسمية , ان الهوة التي تفصل بين التشريع والتطبيق في أي بلد ، تضيق او تتسع حسب هامش الحرية الحقيقية المسموح به للصحافة .
" يرى الانجليزي " شريدان " : خير لنا أن نكون بدون برلمان من أن نكون بلا حرية صحافة ، الأفضل أن نحرم من المسؤولية الوزارية ومن الحرية الشخصية ومن حق التصويت على الضرائب على أن نحرم من حرية ا لصحافة وذلك انه يمكن بهذه الحرية وحدها أن تعيد الحريات الأخرى إن عاجلا أم أجلا. حيث تلعب حرية الصحافة دورا كبيرا ليس في الوصول إلى الحقيقة فحسب بل أنها تشعر الصحفي بالارتياح والطمأنينة ، وتكون بمثابة الغذاء بالقياس إلى أجسام البشر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فندق فاخر في أبوظبي يبني منحلًا لتزويد مطاعمه بالعسل الطازج


.. مصر تحمل إسرائيل مسؤولية تدهور الأوضاع الإنسانية بغزة | #راد




.. نتنياهو يزيد عزلة إسرائيل.. فكيف ردت الإمارات على مقترحه؟


.. محاكمة حماس في غزة.. هل هم مجرمون أم جهلة؟ | #حديث_العرب




.. نشرة إيجاز - أبو عبيدة: وفاة أسير إثر قصف إسرائيلي