الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكاتب و الثقافة في المغرب

حميد المصباحي

2013 / 2 / 16
مواضيع وابحاث سياسية


كان مفخرة بتاريخه عندما انحاز بكلمته للحرية,مقررا الإنتصار لها في وجه المستعمر,وتوالت بطولاته,عندما وقف في الصف الفلسطيني,مدافعا عن الحق والعدل,كان كل ذلك مشرفا للكاتب المغربي,وبعد الإستقلال,انحاز أغلب الكتاب المغاربة لليسار المغربي,بكل توجهاته,الإصلاحية والجذرية,وعانوا الكثير في مسارات تفكيرهم وإبداعاتهم الأدبية,شعرا وقصة ورواية,خاضوا صراعات مريرة,دفعت بالكثير منهم للتحول إلى ساسة و مناضلين في ساحة المواجهات اليومية,فكانت الإعتقالات في صفوفهم,والعنف والقمع الجسدي والتعذيب بكل أشكاله,لقهر إرادة الكتاب والمثقفين,و بذلك نال المثقف المغربي احترام المجتمع,و حظي بالكثير من التقدير,لكن ذلك لم يمتد ليزيح المثقف التقليدي من الطريق,و يتغلب على دلالاته التي استأنس بها المجتمع المغربي,دون أن ينتبه إلى ضرورة التمييز بين نمطين من المثقفين,الفقيه,العارف بالقضايا الدينية,و المثقف الحديث العارف بقضايا الدنيا,لكن أيضا المفسر للديانة وفق آليات جديدة مختلفة عن التفسيرات النصية,الملتزمة بما هو محكي و موثق بصيغة الحفاظ على القيم الجماعية,و الثوابت الخاصة بالمذهب الواحد و الإجتهادات الخاصة به,و كذا صيغ الزوايا و التصوف الجنيدي,و هو ما يشكل في نظر نظام الحكم الهوية المغربية,و المرتكزة على الإعتقاد الأشعري,حفظا لوحدة المذهب و الراعية لوحدة الأمة و أمنها الروحي,فهل انتصر المثقف المغربي على التعريف القديم له؟
و هل استطاع فرض رهاناته في التفكير و التجديد؟ و هل نجح في ربح معركة تحرير العقل من الخرافات و السجالات القديمة حول الغيب و الجزاءات؟و هل نال حقه من التفكير الحر في كل ما يعني المجتمع و السلطة و التاريخ و الهوية؟؟؟
1ثقافة الوعظ
في خضم الصراعات التي فرضت على المثقف المغربي,الإنتقال من الشفاهية كفعل وعظي,وجد نفسه مرغما على اعتماد أسلوب الكتابة,ليصير كاتبا,لا يقرأه إلا من كانت لهم حظوة التخلص من الأمية و التقليد الإنصاتي كآلية سلطوية غايتها احتكار الكتابة مخزنيا كفعل مخيف,فالكتابة قيد و القيد تسجيل في سجلات التصنيف الإستدعائي الذي مفاده الخوف من سلطة الإستدعاء التي رسخت لدى المغاربة خوفا مزمنا من سلطة الكتابة و دعوات السلطة لمخالفيها للحضور و حمل أمر مكتوب,بما تحمله الكلمة من دلالات خطيرة,مكتوب كقدر لا أحد يهرب منه,إلا كافر أو تافه مغرور,و بذلك كانت سلطة المخزن في المغرب مرادفا للمكتوب و الناس و البحر,لا يمكن هزيمتها في معركة الوجود و السلطة التي وحدها حق احتكارها و التصرف فيها كما تشاء,و هنا طلب من الكاتب أن يظل محافظا على أسلوبه التقليدي,الشفاهي و الوعظي لتقويم الناس كرعية عليها الإنصات في المجاميع و دور العبادة و مؤسسات الزوايا,و غيرها من مؤسسات الولاء الأبدي لسلطة الآمرين,الذين لهم وحدهم حق التمتع بسلطة الكتابة,و هكذا كان الكاتب في المغرب منازعا لسلطة الدولة,التي كان لزاما عليها تأديبه إن عجزت على فرض سيادتها عليه و إخضاعه بما يرضي الله و أتباع السلطة من ذوي الجاه ممن يستشارون في مثل هذه النوازل.
2ثقافة الكتابة
بدأت قوية و زاخرة بالمنتوجات الفكرية و الأدبية,التي أصحابها معروفون مسبقا من طرف الدولة,التي عملت لزمن طويل على تأخير ظهور المطبعة,بل التخلص من فكرتها مما اضطر الكتاب المغاربة إلى الكتابة باللغة الفرنسية,ثم العربية فيما بعد,و هنا ازدادت المضايقات على الكتاب المغاربة, و حاولت سلطة المخزن التشبه بالمفكرين و الكتبة,لتبدو في نظر العالم مراعية و حافظة لسلطة الحداثة التي عملت على تأخيرها هي الأخرى زمنا بل عقودا صونا صنا لسلطة القول المراد احتكارها إلى جانب سلطة المكتوب و المحفوظ تاريخا و تفكيرا و حتى احتكارا في نظر المخزن الكاتب القارئ,و هي عملية تشبه رجال السلطة و محتكريها بالمثقفين,طمعا في احتكار كل مجالات السلطة بما فيها الرمزية منها,فقد دأبت بعض رموز السلطة التقليدية و الإستبدادية الظهور في مظهر العالم و القادر على تجميع كل الحكم حتى التي لا يفهمها,و بتشجيع من دوائر القرارات,يوهم الحاكم,على أنه طبيب عصره و حكيمه و مسعفه و الذي تأتيه الحكمة من خارج الكتب,و لولا الخجل لآدعى الحكام سلطة حدسية مفارقة للمعتاد و المتفق حوله في الفكر السياسي.
3سلطة الكتابة
أدركت المعارضة ما للكتابة من سطوة,و كذلك نظام الحكم,فصارت الصراعات حول هذه السلطة,و اتسع مجالها نحو المعرفة,مما حتم وجود فقهاء يرسلون اجتهاداتهم للطبع و التسويغ,من أجل الدفاع عن الكثير من المفاهيم التي راجت داخل الجامعات,لكن هذه المعركة,باءت فيها السلطة بهزيمة نكراء,فرجالاتها لم تكن لهم القدرة على المماحكات الكتابية,خصوصا عندما يكون الحضور من ذوي المؤهلات العالية و الحجاجية العميقة,و قد زاد سلطة المثقف قوة,الفكر الماركسي الرابط بين المصالح و القيم و المدافع عن ذوي الدخل المحدود,فربح المثقف المغربي تعاطف أبناء الفئات المهمشة و العمال و حتى أبناء الفئات الوسطى,الذين استشعروا نبذ نظام الحكم لهم,و هنا لعب الحكم لعبته,فاستفاد من التجربة المصرية التي قوى فيها الحكم الحركات الإسلامية لتتصدى للإشتراكيين و القوميين و العلمانيين و كل التوجهات الحديثة,حتى لا ينهزم الفكر الوعظي الفقهي عندما امتدت الممارسات التعلمية و لم تعد الكتابة حكرا على ذوي الجاه و النفوذ ممن في السلطة أو الداعمين اقتصاديا لها و حتى إقطاعيا.
4خلاصات
الكاتب في المغرب بتاريخه قادر على لعب أدوار مهمة,بما يعتبر به مثقفا منتجا لقيم الحداثة و التحرر,بعيدا عن الرهانات السياسية التي أفقدت معركة الحرية شرفها عندما تاجر بها السياسيون و أفقدوها جاذبيتها,التي لا يمكن أن تستعاد إلا بالفعل الثقافي,بما عرف عنه من نزاهة و قوة و قدرة على تمييز معركته و إبعادها عن طموحات السياسيين و غاياتهم.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ