الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ربيع ويافا

ماهر علي دسوقي

2013 / 2 / 16
سيرة ذاتية



حضرت قهوة الصباح ، جاءت بكوبها الأجمل ، سكبت ما أحسنت صنعه وارتشفت بتذوق خاص سر انتعاشها الصباحي ، سارت تتهادى باتجاه الشرفة وقفت ولامست برفق وحنان ما أنبت التراب في " فخارها" من ورود ..ألقت تحية الصباح عليها وحلقت في رحاب الندى وتغريد الطيور .

جالت بنظرها على البستان القريب ، رسم نوار اللوز على محياها ابتسامة الأمل .. فها هي دورة الحياة مع ربيع يقترب تعلن عن بداية جديدة .. وربما أكثر ...

اليوم سيكون اللقاء بعد أن مضى من الزمن عشر سنوات ، غاب خلالها "ربيع" قصرا عن عش الزوجية .. وكان اعتقل ابان الانتفاضة بتهمة مقاومة الاحتلال .. شامخا كان وشامخا هو الان كما عهدته .

لم يقطعها من رسائله كلما تمكن ، ولم تقطعه هي بدورها من الرسائل والزيارة كلما "أتاح" لها المحتل ذلك ، ورغم القيد والجدران وصدأ القضبان وقهر السجان .. اعتاد ان يردد على مسمعها كل زيارة ما يشد العزم والنفس والارادة .. فيقول : كيف نرجو المنزلة عند فلسطين ولا ندنوا منها قتالا !!

علا نجمه عندها على علوه ، وبات في ناظرها وخلجات فؤادها أيقونة نفيسة ، بل قل كجرمق الجليل !!

انتظرته وقلبت الايام والشهور والسنين .. وها قد حان اللقاء ودنت لحظة الافراج من الاسر مع تجليات الربيع الاولى ليمتزج اسم بطلها "ربيع" مع ربيع الارض والحياة .

وهي في تأملها الصباحي هذا.... وكانها سمعت صوته مع "زقزقة" البلابل وهبوب النسيم ... "يافا".... يا حبيبة الروح والعمر ورفيقة الدرب ... ها قد انكسر القيد وزال ليل السجان .

جهزت ما يلزم وانطلقت مع بعض الاصدقاء والأهل والرفاق نحو حاجز عسكري للاحتلال جنوب الضفة الغربية ، حيث اخر نقطة تستطيع الوصول اليها فهي على مشارف النقب والاراضي المحتلة عام " 1948" ، ولا يسمح لهم ولا لأهل الضفة الدخول الا بتصاريح مسبقة ... قبلت بالحال على مضاضة رغم انها كانت تطمح للقائه امام سجن نفحة الصحراوي ...

لربما هي لحظات تفصلها عن حبيب العمر ورمز كيانها وحياتها ، قالت في نفسها لا بأس ... ربيع قد يكون الان قادما .. تأكدت من ان كل شيء جاهز .. أعادت الاتصال بجهات تتابع شؤون الاسرى لمزيد من الاطمئنان !

مضت ساعات وتأخر موعد اللقاء كثيرا وهي / وهم بالانتظار ، بدأت ملامح وجهها تتغير بالتدريج بعد أن غابت شمس ذلك النهار .. والقلق أخذ مكانه في قلبها .. رنين هاتفها النقال أفزعها ولامس في روحها الخوف ، خاصة وان لا اشارة " للرقم" المتصل ..

جاء الصوت وكأنه من عمق جرف ... يافا ... وبلا مقدمات أو تمهيد .. لقد حولوا ربيع للاعتقال الاداري " لنصف عام" وانقطع الخط ...

سقط الهاتف من يدها وامتلأت عينيها بالدموع ...وبكت حتى انهارت ... تحلق الاهل حولها وبالكاد فهموا منها ما حدث ... وفي تلك اللحظة عاد هاتفها للرنين ولكن من "رقم" معلوم لها ليؤكد ما سمعته قبل ثوان ....

صرخت بعد ان تمالكت نفسها قليلا في وجة " عسكر الاحتلال على الحاجز القريب " فاشست ألا يكفيكم ما أخذتم من عمره ... ألا يكفيكم ما أخذتم من دمنا ... لن تكسرونا ولن نعود عن نضالنا حتى نطردكم من أرضنا ...

حملت جرحها والدموع وبقايا الامل وانسحبت عائدة الى البيت وهي ترد ... اه يارفيق العمر وان تاخر موعدنا اليوم فلنا لقاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. داعمو غزة يغيرون ا?سماء شوارع في فرنسا برموز فلسطينية


.. رويترز: قطر قد تغلق مكتب حماس كجزء من مراجعة وساطتها بالحرب




.. مراسل الجزيرة هشام زقوت يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع


.. القسام تستهدف ثكنة للاحتلال في محور نتساريم




.. واشنطن تطالب قطر بطرد قيادة حماس حال رفضها وقف إطلاق النار