الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مقتل بائع البطاطا قصيدة

خليل فاضل

2013 / 2 / 17
الادب والفن


وجّه صلاح عمران، والد الطفل عمر صلاح، بائع البطاطا، الذي توفي برصاصة بميدان التحرير في 3 فبراير 2013، رسالة إلى الرئيس محمد مرسي، قائلًا: «ابنك اسمه عمر وابني اسمه عمر، عمر (بتاعي) مات يا مرسي وأنت المسؤول». وقال «عمران»، في حواره لبرنامج «آخر النهار»، على قناة «النهار»، مساء الخميس، إنه توجه إلى مشرحة زينهم بعدما أخبره أحد الضباط بذلك، وأنه رأى الرصاصة في صدر ابنه.
جرّ العربة
حمّلها على ظهرها
بالبطاطا
أوقد نار الفرن
وشوّاها
جَرّ قدميه مُتعبًا
جَرّ العربة بالفرن التي زادت اتقادا
يتدفأ بنارها
وينادي ...
"معسِّلة يا بطاطا
بنار الفرن..
مشوية يا بطاطا"
...
اشتري منه الشيخ والصبي
البنت والفتى
البلطجي وقاطع الطريق
الهارب من الخدمة
ومن لا يحمل بطاقة
الثائر والعسكري
والرابض فوق الدبابة
أكل البردُ سترته الفقيرة
فاخترقتها الرصاصة
تركت فوقها فتحة مُحترقة
ودماءُ فوارة
اخترق الرصاص الضلع والرئة
واستقرّ
كنحلةٍ تشرد عن سربها
نحلة حيرانة
عزف عازفُ الحيَّ لحنًا مأساويًا
على الربابة
غنى موّاله
عن الصنايعية والأفندية
وصاحب السموّ والسعادة
...
اشتعلت النار أكثر
في الفرن ..
استوت البطاطا
انطفأت النار في الطريق
طلع الدخانُ من المآذن
دقت أجراس الكنائس
وارتفع الدعاء
شبّ الحريق
في باب قصر الرئاسة
...
مات بائع البطاطا
هكذا كانت مانشيتات الصحافة
وهكذا ظلّت العربة بمفردها
وسط الشارع المضاء
قريبًا من السفارة
سقط الفتى
مضرجًا في دمائه
ونام الفتيةُ الآخرون
على ريشِ النعام
توسدوا حرير الوسادة
راحوا مدارسهم الأمريكية
تعلّموا التاريخ المغلوط
والأبجديات المعادة
عبر الناس الشوارع
قرأوا الفاتحة
تلوا الشهادة
أذّن المؤذن لصلواتٍ
لم تؤدَّي
خفتت كل الأصوات المُستاءة
من أجهزة التلفاز
طارت قطع البطاطا
مع البارودِ والرصاصِ الحيّ
وذبابة
حطّت عليها ونامت
في انتظار الصبي ليهشها
لكنها
أغمضت عينيها
كما أغمض عينيه
على صورة عسل البطاطا
ولزوجة الدم المُتجمد
على قشرها الأسود المُتفحم
على لحمهِ ولحمِها
...
الحزن مسكوبٌ في كوب شاي
لمثقفٍ كان على المقهى قدّامه
كان يكتب مقالة ..
نعم ككل المقالات، مقالة
تطبعها المطبعة
يقطعها الفتى ويلفُّ بها،
قطع البطاطا
برَدت والجو قارص
والنيل على مقربةٍ يشهق
يلتقط أنفاسَه
تهتز جدران الفنادق
ويغطُّ المتحف المصري في إغفاءة
تمثال عبد المنعم رياض
رئيس الوزارة
صوت المطربة الآتي من بعيد
حشرجةٌ تزحف من الجبّانة
صوب العربة المهجورة
من صاحبها
النار فوقها
والبطاطا
نعيق البوم
حفيف أجنحة الغربان
سُعال الحشاشين
ملوك القمار في الكازينو
يسكرون ويسخرون
ملك أم كتابة
آه .. الجنيه في القرعة المصري
سبعة منه بدولار
والعشرة باسترليني
هل من زيادة
...
مات الولد في تؤدة
تــُوج الملك في خدعة
طلعت الصور على الشاشات
تدفع بعربة البطاطا
ناحية النهر
وأعمدة الإضاءة
...
فلا نامت أعين الجبناء
ولا كانت،
مصر التي في خاطري
...
يا بائع البطاطا
مصر هانت
فوداعًا يا فتى
سندير ظهورنا
نشيّعُ آخر
ونصرخ كالحمقى
زواج عتريس من فؤادة
باطل
أصْغِ يا صاحبي
لطنين الذبابة
تمتصُّ آخر قطرة عسل
في آخر قطعةٍ نضجت
من البطاطا
اضحك ضحكتك الرقيعة
كحسن فايق
كالمومس التي اختفت من وسط البلد
لا تستسلم
لا تقل كفاية
ها هو الولد المُلثم وسط النار
يقرع الطبلة في قوة
ينشد إنشاده
المجدُ للشيطان
والجنة
لبائع البطاطا ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مرثية حزينة
khaled lela ( 2013 / 2 / 17 - 16:31 )
قصيدة مؤلمة ,,, تذكرنى بأشعار أمل دنقل ,,,, نجيب سرور ,,,, محمود درويش
الفقــــراء و المهمشين لا يتذكرهم أحـــد ,,,, الفقـــراء و الكادحين لا ينشغل بهم ليبراليون أو سلفيون أو أخـــوان

تحياتى للأستاذ خليل و تحية الى روح الشهيد

اخر الافلام

.. المخرج كريم السبكي- جمعتني كمياء بالمو?لف وسام صبري في فيلم


.. صباح العربية | بمشاركة نجوم عالميين.. زرقاء اليمامة: أول أوب




.. -صباح العربية- يلتقي فنانة الأوبرا السعودية سوسن البهيتي


.. الممثل الأميركي مارك هامل يروي موقفا طريفا أثناء زيارته لمكت




.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري