الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لإيقاف تطورات مخيفة تهدد . .

مهند البراك

2013 / 2 / 17
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


يزداد قلق العراقيين باطيافهم من التطورات المخيفة التي تتوالى في البلاد، و بشكل يستمر بالتصاعد منذ نهاية العام الماضي، حين بدأت الاحتجاجات الشعبية على اجراءات و سياسة السيد المالكي التي تزيد تأزم و تعمّق التوترات الطائفية، بدلاً من السير على طريق التساوي بالهوية الوطنية و العدالة و توازن الدولة، و محاربة الفساد و الفقر و البطالة . .
و فيما تربط اوساط مايجري بكونه، نتيجة للإنسحاب غير المدروس للقوات الاميركية، تربط اوساط اوسع ذلك بكونه تراكمات نتائج سياسة المالكي الفردية التي لم يعد يسترها حتى الادعاء بكونها لصالح مكوّن واحد، عشية موعد الانتخابات المحلية . . حيث صارت الاحتجاجات و التجمعات السلمية تأخذ بالتصاعد و التوسع لتشمل كل الاطياف العراقية المذهبية و القومية، بعد ان حصلت على تفهم و دعم المرجعيات الدينية العليا شيعيّة و سنيّة و دعم الكتلة الكردستانية و كتل برلمانية شيعيّة و سنيّة، للمطالب الداعية الى العدالة في تعامل الدولة مع ابنائها، التي ادّت فيما ادّت الى اقالة رئيس المحكمة الإتحادية العليا القاضي مدحت المحمود، الذي تدعوه اطراف عديدة بالسند الهام للماكي . .
و بدلاً من تلبية حكومة السيد المالكي ما اقرت به من احقية عدد من المطالب، لجأت الى تشكيل لجان مكتبية للنظر بمطالب المتظاهرين و الى اتخاذ اجراءات باطلاق سراح بضعة آلاف من معتقلين اتموا محكومياتهم و لم يطلق سراحهم و معتقلين لم يثبت عليهم ما اعتقلوا بسببه، اضافة الى معتقلين و معتقلات اعتقلوا بجريرة ذويهم . . كاشفة بذلك عن انتهاكات صارخة للقوانين المعمول بها و المقرّة دستورياً، فيما تتواصل الاعتقالات بسبب الاحتجاجات .
اضافة الى تسويفها في اتخاذ اجراءات سريعة لتعديل و ترشيد مادة 4 ارهاب لصالح معاقبة المجرمين الحقيقيين . . و قيامها بدلاً من سعيها العملي لتعديل و ترشيد قانون المساءلة و العدالة (اجتثاث البعث سابقاً) الذي طبّق تطبيقاً انتقائياً انتقامياً طائفياً، خرج عن الدستور و معانيه، التي استهدفت معاقبة مجرمي البعث و اجتثاث الاستبداد و الفكر الدكتاتوري الشوفيني . .
قيامها باعادة الآلاف من منتسبي المؤسسة العسكرية للدكتاتورية المنهارة ـ بضمنهم كبار من المعروفين بارتكاب انواع الجرائم بحق الشعب و الوطن ـ، و اصدرت قرارات اجزلت فيها العطاء لكبار رجال حزب البعث الصدامي من اعضاء الفروع و الشعب و الفرق سيئة الصيت بإسم (حقوق تقاعدية) . . في وقت تتفاقم فيه معاناة اصحاب الحقوق التقاعدية الحقيقية من ضحايا الدكتاتورية و موظفي الدولة و عوائل الشهداء . . الامر الذي صار يؤدي الى عدم الثقة بوعود الحكومة و الى عدم التجاوب حتى مع جهود الكتل السياسية المتنفذة بسبب تفسير تدخلها بكونه محاولة لجعله دعايات انتخابية لها لدورتين ازف موعدهما في هذه السنة و السنة التي تليها . .
ان التسويف و التباطؤ غير المبرر لحكومة السيد المالكي و اجراءاته القسرية في مواجهة الاعتصامات و التظاهرات و تسييره مظاهرات مضادة لها، و اجراءاته العشوائية في استعطاف بقايا الدكتاتورية المنهارة، لم يؤدِّ الاّ الى تزايد التظاهرات و شمولها مدن المحافظات الغربية و ليس مراكزها فقط من جهة، و الى تصاعد المطالبات حدة و تطرفاً حتى صارت تطالب باسقاط السلطة و بالغاء العملية السياسية و العودة الى الوراء . . زادت منها خطب الدوري نائب الدكتاتور السابق و رئيس (جيش النقشبندية) الارهابي(*)، الثأرية الطائفية التي كهربت الأجواء و اخذت تدعو الى كسر تهدئات المرجعيات الدينية بتأجيل الصلاة في مرقد الامام النعمان في الاعظميةً . . ثم دعوة البطاط رئيس حزب الله الشيعي الى تشكيل (جيش المختار) للثأر الطائفي بالمقابل، الذي لم تُتخذ اجراءات جديّة للحد منه في وقت يصف مراقبون فيه بان تشكيل الجيوش صار في احوال البلاد اسلوباً مؤسفاً يؤجج الإختلافات بدل حلّها . .
فيما بقي استخدام العنف من قبل الحكومة فاعلا، بوجه المعترضين المدنيين على اجراءاتها، منذ مواجهة المالكي مظاهرات الشباب و المطالبات السلمية اوائل عام 2011 في ساحة التحرير و ساحات البلاد بالرصاص الحي، و سقوط عشرات المحتجين و المحتجات قتلى و جرحى . . فيما طورد المئات من عضوات و اعضاء منظمات المجتمع المدني و هُدّدوا و اعتُقلوا و عوملوا بوحشية .
الامر الذي صار يهدد بطغيان الخطاب الطائفي و صعود الادوار العشائرية على حساب المواقف السياسية و البناء السياسي الاجتماعي و الاحزاب و منظمات المجتمع المدني و بالتالي الدولة المدنية الفدرالية القائمة على الدستور، و يهدد باندلاع صراع طائفي اهلي لايتمناه احد.
و لإيقاف مايهدد و بعد مرور عشر سنوات على العملية السياسية، ترى اوساط تتسع . . ضرورة اعادة بناء العملية السياسية على اساس احزاب سياسية، فيما يحذّرون من مخاطر استمرار الصراعات الطائفية مازال هناك حزب طائفي حاكم او يدّعي بكونه الممثل الوحيد لمكوّن واحد من المكونات، و مازالت العقلية الحاكمة للدكتاتورية و الاستبداد و العنف مستمرة في تحكّمها . الامر الذي يتطلب: تنحي السيد المالكي، قيام حكومة انتقالية من ذوي الكفاءات المتخصصة تهئ لإنتخابات، اقرار قانون احزاب على اساس يحدد هويتها و اهدافها و مواردها، وتقبّلها للآخر، و على اساس استقلال القضاء و حرية الصحافة . .
و يرى مراقبون ان اتخاذ تلك الاجراءات، مدعومة بحركة جماهيرية سنية شيعية كردية عراقية بمكوناتها المتعددة التي تتصاعد و تنتظم، يمكن ان تكون منطلقاً لكسر الحواجز الطائفية بتوحيد المطالب و الجهود من اجل إصلاح سياسي جذري بالوسائل الدستورية السلمية، لانهاء المعاناة المشتركة لجميع المكونات من البطالة، انعدام الكهرباء والماء الصالح للشرب، الى نقص الخدمات الاساسية للعيش الإنساني الكريم، و تكون سنداً قوياً لدولة قانون حقيقية. . هو الذي يمكن ان يحقق مصالحة اجتماعية ثابتة، تمهّد لانتقال تدريجي من الدولة الطائفية التحاصصية إلى دولة اللا طوائف في الظروف الاقليمية الجارية، الدولة المدنية الاتحادية . . دولة المواطنة.

17 / 2 / 2013 ، مهند البراك
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(*) الذي يرى مراقبون انه يتحرّك مغطيّاً نشاطاته مالياً بحصة كولبنكيان البالغة 5% من عائدات النفط العراقي، التي اممتها الدكتاتورية المنهارة و سجلتها باسم حزب البعث الصدامي . التي يصف قيمتها جواد هاشم وزير التخطيط الاسبق بـ ( إن العوائد المتراكمة من هذه النسبة بلغت في نهاية عام 1989 حوالي عشرة مليارات دولار أميركي. وعلى افتراض استثمار تلك المبالغ في ودائع مصرفية ثابتة، وبعائد سنوي بنسبة تتراوح بين 8 و18%، فإن المبلغ المتراكم في نهاية عام 1990 يصل إلى
31 مليار دولار).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن يسعى لتخطي صعوبات حملته الانتخابية بعد أدائه -الكارثي-


.. أوربان يجري محادثات مع بوتين بموسكو ندد بها واحتج عليها الات




.. القناةُ الثانيةَ عشْرةَ الإسرائيلية: أحد ضباط الوحدة 8200 أر


.. تعديلات حماس لتحريك المفاوضات مع الجانب الإسرائيلي عبر الوسط




.. عبارات على جدران مركز ثقافي بريطاني في تونس تندد بالحرب الإس