الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اي قائد يحتاجه العراق اليوم ؟

لؤي الخليفة

2013 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


لم يدر في خلد هاري ترومان نائب الرئيس الامريكي انذاك ولا من المقربين منه انه سيصير رئيسا للولايات المتحدة الامريكية , غير ان الموت المفاجيء للرئيس روزفلت دفع بنائبه الى دفة الحكم رغم عدم قناعة الاوساط المطلعة على شؤون البيت الابيض بامكانيات ترومان التي اقل ما يقال عنها انها كانت متواضعة ولا تؤهله قيادة بلد اصبح قطبا رئيسيا في العالم ... الا ان تلك القناعات سرعان ما تبدلت , ذلك ان الرجل مالبث وبعد وقت قصير ان استيقضت فيه قدرات ومواهب ادهشت كل المحيطين به وليكون واحدا من الرؤساء الذين يشار اليهم في التاريخ الامريكي .
والحالة هذه او شبيها لها تكررت في فرنسا عقب الحرب العالمية الثانية وخصوصا بعد الهزائم والخسائر الهائلة التي منيت بها والفوضى التي عمت البلاد بسبب فقدانها للقائد الذي يستطيع ان يعيد الى الامة وحدتها ... غير ان ذاك التيه لم يدم طويلا , فألازمات والفوصى عادة ما تكون الباعث لظهور قائد او مجموعة منهم او تكتلا او حزبا لينتشل البلاد وبقودها صوب الاستقرار والامان , ومن خلال ذاك الخضم ظهر الجنرال شارل ديغول الذي وجد نفسه المسؤول عن وحدة الوطن وسلامة ارضه بعد السقوط المريع للدولة ... وحقا كان اهلا لهذه المسؤولية الشاقة واستطاع بدعم من شركائه ان يحافط على فرنسا موحدة قوية مزدهرة لها مكانتها بين الامم .
العراق اليوم يمر بظروف شبيهة بتلك التي عاشتها فرنسا في اعقاب الحرب , والقياس مع الفارق , فثمة من كان بطالب باستقلال مقاطعته واخر ينادي بتقسيم البلاد ... لكن ديغول يصبره وحكمته وحزمه استطاع ان يوصد الابواب امام كل تلك الدعوات ويعيد اللحمة للمجتمع ويوحد البلاد الفرنسية ... وبكل تأكيد فأن العراق لم يخلو عبر تاريخه من شخصيات مؤثرة ومتزنة ولا اريد ان اقول شبيهة او قريبة من ديغول او نيلسون مانديلا او المهاتما غاندي الا انها استطاعت ان تترك بصماتها رغم انها لم تجد الفرصة المؤاتية لاحداث التغيير المطلوب كما ان البعض منهم لم يعطى الوقت الكافي لذلك ... والمتتبع لاحداث قرن مضى يجد ان اية محاولة للنهوض بواقع البلد كانت تقمع بالحال وتعيد البلاد عشرات السنين الى الوراء ... ولنا ان نستعرض وكمثال لا غير , ما فعله حزب البعث من خلال انقلابين احمقين والى اي مستنقع جرالبلاد الذي مازال وسيظل يعاني لسنين مقبلات جراء سياساته وممارساته غير السوية ...
عقب الغزو الامريكي وما سببه من فوضى شاملة , تولى دفة السلطة تحت مسمى مجلس الحكم عدد من المسؤولين جلهم لم يكن اهلا لها, اذ لم يستطيعوا ان يقدموا اي شيء او يحدثوا اية مفاجئة رغم ان ضغط التجربة كان هائلا , وهنا اقصد كلتا المرحلتين قبل الغزو وبعده , فالخراب الذي خلفه النظام السابق كان مروعا والفوضى التي حلت بالبلاد بعد الاحتلال كانت هي الاخرى مدوية , هذه التجربة المرة لم تكن حافزا لاغلبية المسؤولين ان يحدثوا تغييرا , رغم محاولة القلة منهم , تجنب البلاد ما تمر به اليوم ... فبعضهم لم يكن نزيها او صادقا واخر كان يبحث عن معجزة تأتيه من السماء , وغيرهم عاجزا ... في ظل هذا المشهد المؤلم انهى مجلس الحكم فترته لننتقل الى واقع اخر اكثر قتامة من سابقه , اذ ان الساحة السياسية المثقلة بالاشكاليات والضبابية وعدم وضوح الرؤيا فرضت حالة جديدة لم يستطع القادة الجدد ان يتعاملوا معها بصورة صحيحة وموضوعية فيما ساهمت الانتخابات في زيادة المشهد قتامة ليكون اغلب من تولى السلطة فرديين ينحازون الى مصالحهم وفئاتهم وتمترس فريق منهم خلف سواتره الطائفية واخر قومية ليتركوا المواطن هدفا لاعمال العنف والمفخخات ... وتوقفت عجلة التنمية وهدرت الاموال وعمت ثقافة الجهل والغيبيات وغذيت روح الحقد والكراهية .
صحيح ان الحكومة الحالية التي استحوذت على الفترة الاطول من العقد الذي تلا الاحتلال استطاعت انقاذ البلد من حرب اهلية وبسط الامن وفرض القانون , وان كان بنسب مختلفة , والوقوف بوجه العصابات الاجرامية والارهابية ... الا انها بالمقابل ارتكبت اخطاء قاتلة كانت نتائجها كارثية وهاهي الان باتت تلوح في الافق ... وقد كان بالامكان تجاوز ذلك فيما لو اسندت المسؤوايات لاناس اكفاء ومن ذوي الاختصاص غير مفروضين فرضا على الحكومة ومنهم من لم يكن صادقا او امينا لا مع نفسه ولا مع غيره وكان دوره السلبي واضحا لافشال الاداء الحكومي التي باتت تنهال عليها الضربات من كل حدب وصوب , واشدها ايلاما كانت تلك التي جاءت بسب خيانة الصديق وطعنات الرفيق وثرثرة المنافقين ... وهكذا صارت البلاد تعيش شللا تاما امتد الى شتى مناحي الحياة واستفحلت ادارة الازمة وصار التحدي عنوانها ووسائل الاعلام ساحتها بعيدا عن روح الحوار والمكاشفة ودون ان يرف للبعض جفن عما لحق بالوطن وبمواطنيه ...
ان بلدنا وبعد عقد من الانتكاسات وعقود من التسلط الفردي احوج ما يكون اليوم الى توافق سياسي ووطني يجنبه النزاعات الفئوية التي ستؤدي الى تجزأته او جره الى حرب اهلية ثانية ... ويكاد يتفق الجميع على ان المسألة الاساسية التي تستدعي علاجا فوريا هو الدستور وتعديله بشكل يضمن الطموحات الشعبية ويكفل لجميع المكونات حقوقها وواجباتها , وحسبي ان اقول لمن يقف حجرة عثرة في طريق التعديل , ان هذا الاجراء ليس بدعة , فكثير من دول الديمقرطيات الحقة اعادت النظر في دساتيرها لتلائم التوجهات الانسانية وحالات التجدد والتطور , اضف الى ذلك ان البرلمان اصبحت حاجته الى المعارضة غاية في الضرورة لمراقبة الاداء الحكومي والاشارة الى الخلل ومحاسبة المقصر , اما ان يكون الجميع شركاء وعلى خلاف دائم في الوقت نفسه فهو امر غير مقبول ومرفوض ... وازاء ذلك هل سنرى ديغولا عراقيا ينقذ الوطن من ازماته التي تبدو لا نهاية لها .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الأمريكي يعلن إسقاط صاروخين باليستيين من اليمن استهدفا


.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص




.. حزب الله يقول إنه استهدف ثكنة إسرائيلية في الجولان بمسيرات


.. الحوثيون يعلنون تنفيذ 6 عمليات بالمسيرات والصواريخ والقوات ا




.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح ولياً