الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النائب الذي كسر مألوف البرلمان العراقي

اسماعيل شاكر الرفاعي

2013 / 2 / 17
مواضيع وابحاث سياسية



أروع ما يقدمه النائب في البرلمان من هدية الى عموم شعبه في الظرف العراقي العصيب الذي نعيشه : فسحة من الامل تلهمه الايمان بأنّه لا يعيش فقط في دوّامة متواصلة من الازمات ، وبأنه لم يفقد السيطرة تماماً على تطورات الاحداث ، انما يوجد بالمقابل ــ حتى لو كان الامر يشبه حفر الصخر بالأظافر ــ سعي صلب وثابت من بعض النواب للعمل بما يشيع الامل { ما أضيق العيش لولا فسحة الاملِ }... بنود الدستور العراقي الخاصة بتقسيم السلطات وبالرقابة المتبادلة ، لا تقل تماسكاً ولا وضوحاً عن البنود المشابهة في دساتير اعرق الديمقراطيات في العالم ، ولكنها لم تُمارس من قبل السياسي العراقي . هل يعود السبب الى نقص الوعي بأهميتها ، أم ان اسلوب العمل في البرلمان يحول دون استخدامها استخداماً فعالاً ، كما استخدمها النائب الشاب صباح الساعدي ، أم يعود السبب الى كونه نائباً مستقلاً متحرراً الى حد كبير مما يعاني منه الاعضاء الآخرون الذين ترسم لهم كتلهم السياسية مواقفهم بشكل مسبق ؟ سلّمت الحكومة بالنتيجة التي قادت اليها حملة النائب ، وهذا ما يُحسب لصالح الحكومة اذا علمنا بأن الحكومة {عالمياً وليس عراقياً فقط } تنطوي على ميل متأصل للهيمنة على المؤسسات المستقلة ولمحاولة النأي بنفسها عن رقابة السلطات الاخرى . والنائب صباح الساعدي هو مَن منحنا فسحة الامل هذه ، وهو يقفز بالوعي القانوني والدستوري قفزة كبيرة الى الامام بعد ان تكلل مسعاه الرقابي بالنجاح . يجب التنويه بنواب من هذا النوع ، بل يجب ان ترد اسمائهم بالمانشيتات العريضة على صدر صفحات الجرائد . بلادنا بحاجة الى ان يكون الوعي بالدستور وبالقانون يتقدم صدارة الكتابات السياسية .اذ لا يوجد تثقيف جاد ومثابر حول الدستور ، بل يوجد تثقيف مثابر على تغييب قانون الدولة العراقية لصالح أعراف وعادات وتقاليد ، وهذا ما نلمسه من البرامج الكثيرة التي تبثها قنوات تلفزة خاصة وحكومية وهي تستضيف شخصيات يتحدثون عن قوانين الطبيعة والاجتماع البشري ، وعن قوانين كل شئ ، الا عن القانون الاساسي للدولة في العراق ، مما يخلق ازدواجية في الوعي القانوني لدى المواطن . هل ثمة مقارنة بين هذا الموقف الرقابي للنائب المستقل وبين برلمانيين ذهبوا الى العرف العشائري لحل خلافاتهم الشخصية لا الى قانون الدولة الذي يفترض أن يكونوا اول الممارسين له والداعين الى سيادته ؟ لا يهم مَن الخاسر ومن الطرف الرابح ، طالما ان الرابح الاكبر هو الدستور في فعل خلاّق لتوطين بنوده وتعريقه في الممارسة.. زغرد البعض لشمول مدحت المحمود بقانون المساءلة والعدالة ، ولم يكتفوا بذلك بل حاولوا سرقة جهد النائب ، بالقول انهم سبقوه في هذه الرقابة ، لكن ثمة فرق جوهري بين رقابة تعمل بمنطق الصفقة ، ورقابة مُبَرأة من هذا الغش السياسي . والصفقة السياسية تصلح كتوصيف للمرحلة السابقة الى الوقت الذي حقق فيه هذا النائب الشجاع انقلاباً في المعادلات السياسية . لقد وقع هؤلاء في تناقض صارخ بين دعوتهم لألغاء هذا القانون وبين تأييدهم لنتيجة ما كان لصباح الساعدي التوصل اليها لولا وجود هذا القانون .. تتضمن فكرة الرقابة المتبادلة بين السلطات : السعي الجاد لمنع المؤسسات من ان تتحول الى وكر حزبي او كتلوي لتمرير الصفقات ، أو لتحريرها من ذلك ان كانت قد تحولت فعلاً . والطريق الى ذلك يتمثل بتوظيف المعلومات والحقائق التي يتم جمعها توظيفاً وطنياً صحيحاً من اجل نفخ الروح في مبادئ الدستور ، لا من أجل استغلال المعلومات كورقة ضغط من أجل تمرير الصفقات ، وهذا ما فعله النائب صباح الساعدي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حُرم من حلمه والنتيجة صادمة ونهاية حب مأساوية بسبب الغيرة! ت


.. إيران تلغي جميع الرحلات الجوية.. هل اقتربت الضربة الإسرائيلي




.. ميقاتي لسكاي نيوز عربية: نطالب بتطبيق القرار 1701 وأتعهد بتع


.. نشرة إيجاز - مقتل شرطية إسرائيلية وإصابات في بئر السبع




.. اللواء فايز الدويري والعميد إلياس حنا يحللان المعارك الضارية