الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عباءه لبشار

منعم زيدان صويص

2013 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


أحدثت الزيارة لسوريا التي قام بها وفد من المؤيدين للنظام السوري يمثل نقابات مهنية أردنية، كتعبيرعن التضامن مع النظام والرئيس بشار الأسد، جدلا واسعا في البلاد، وأثارت غضب الكثيرين وخاصة الجماعات الإسلامية. وعبر الوفد للأسد عن تأييده لسياسته وتضامنه معه ضد "المؤامرة الكونية" وألبس رئيس الوفد بشار الأسد "عباءه" عربية، وهو تقليد عشائري أردني ينم عن تكريم على أعلى مستوى ويدل على الإحترام والإعجاب والإمتنان. واستنكرت بعض الأوساط الأردنية التصريحات التي نسبتها وكالة الأنباء السورية الرسمية سانا لأمين سر نقابة المحامين الأردنيين، سميح خريس، الذي ترأس الوفد إلى سوريا، وخاصة لأنه خاطب الأسد باسم الأردنيين.

لا شك أن عملا كهذا يثير الجدل ولا يرضى عنه كثير من الأردنيين، فلا يستطيع المرء أن يبرر المواقف التي إتخذها بشار الأسد منذ أن إشتعلت الإحتجاجات ضد نظامه قبل سنتين، ولو كان بشار حكيما وأكثر تواضعا، ولو كان يحب شعبه لما تفاقمت الأوضاع في البلاد ولأصبح الحل السلمي ممكنا. فخطابه الأول بعد الإحتجاحات، الذي ألقاه في مجلس الشعب السوري في 30 مارس آذار عام 2011 ، كان إهانة لأهالي المواطنين السوريين الذين قتلوا في درعا وغيرها من المدن السورية قبل الخطاب بأيام قليلة، واستهتارا بالشعب لم يسبقه إليه أي دكتاتور عربي في التاريخ الحديث. فالذي استمع للخطاب على التلفزيون السوري وبقية الفضائيات رأى الرئيس السوري مبتهجا، يكاد أن يرقص على أجساد الضحايا التي لم تكن قد بردت بعد، ولم يترك فرصة تفوته بدون أن يُنكّت ويَضحك ويُضحك أعضاء البرلمان السوري الذين كانوا في حالة نادرة من الابتهاج، يضحكون معه، ويصفقون له كتلاميذ المدارس الابتدائية، لا بل ويرفعون أصواتهم، رجالا ونساءً، ليمتدحوه، شعرا ونثرا.

لم ير الأسد، أو رئيس مجلس الشعب، أو أي من الأعضاء، أن المناسبة تقتضي أن يقف الجميع، قبيل الخطاب، دقيقة صمت على العشرات، أو ربما المئات، من أرواح السوريين التي أزهقت خلال الأيام التي سبقت الخطاب -- أرواح أناس كانوا يحتجون سلميا مطالبين بالحرية والإصلاح وليس بالإطاحة بالنظام أو برئيسه. لم ير الأسد، أو رئيس مجلس الشعب، أو احدٌ من الأعضاء أن عائلات هؤلاء القتلى تستحق منهم دقيقة صمت أو كلمة عزاء. وزاد هذا التصرف من غضب الناس وحنقهم وتصميمهم على مواجهة الجيش والأمن السوري بالعنف وأصبحت المصالحة صعبة المنال.

والحقيقة أن رأي الأردنيين منقسم إزاء هذه الزيارة، فقسم منهم يميل إلى تأييدها لأنه يعتقد أن النظام السوري والرئيس الأسد يقف ضد مؤامره غربيه امريكيه وإسرائيلية هدفها إضعاف سوريا وتقسيمها. وهؤلاء من اليسار ومن القوميين العرب وهم يؤمنون بهذه الأفكار منذ عقود، وحتما قبل أن تبدا ثورات الربيع العربي، ولم يغيروا هذه المبادىء ويحق لهم أن يعبروأ عنها ويؤيدوا الأنظمه التي تتبناها، حتى ولو إختلفنا معهم. وقد رأى هؤلا كيف تطور ما كان يجري في سوريا الى العنف والقتل والفوضى العارمة المدمرة وكيف تزعم الإسلاميون المتطرفون المقاومة المسلحة ومارسوا القتل والتدميروالعمليات الإنتحارية بتشجيع من بعض وسائل الإعلام العربية، وخاصة قناة الجزيرة، التي أعطت الإنطباع باستمرار أن نجاح الثوار بات قاب قوسين أو أدنى.

أما القسم الآخر فمعظمه من المجموعات الإسلامية في الأردن التي شنت حملة شعواء على الوفد الذي زار سوريا. فقد أدانت "اللجنة التنفيذية للتجمع النقابي الإسلامي" الزيارة واعتبرتها "إستفزازا لمشاعر الشعب السوري ومشاعر كل المخلصين لقضايا أمتهم والمدافعين عن حريات الشعوب." الإخوان المسلمون الأردنيون لا يحق لهم أن يهاجموا الذين زاروأ بشار الأسد وصفقوا له، لأنهم هم كانوا أكبر مؤيدين له قبل إنتفاضة الشعب السوري. ففي أوائل أذار من عام 2006، عُقد مؤتمر للأحزاب العربية في دمشق وحضره وفد من جبهة العمل الإسلامي، التي تناست في ذلك الوقت أرواح الآلاف من الإسلاميين الذين قضى عليهم حافظ الأسد في مدينة حماه السورية عام 1982، وذهبت إلى دمشق لمدح النظام وقائده بشار الأسد. وفي هذا المؤتمر إستهزأ بشار الأسد بالأردن لأنها كانت ترفع شعار "الأردن أولا" وقال: هل الشعار "الأردن أولا" معناه إسرائيل وأمريكا ثانيا؟ وصفق له الحضور ومن ضمنهم كبار مسؤولي جبهة العمل الإسلامي في الاردن وعلى وجوههم علامات الإبتهاج. هؤلاء لا يحق لهم أن ينتقدوا الذين زاروا سوريا لأن هؤلاء الأخيرين، على الأقل، لم يغيروا مبادئهم.

لماذا ذهب الإخوان الأردنيون إلى سوريا في عام 2006؟ هل كان بشار الأسد يحقق انتصارات ضد إسرائيل؟ الشىء الوحيد الذي كان يفعله هو السماح للقتلة والمتطرفين بالدخول إلى العراق لتنفيذ المذابح هناك. هل كان الشعب السوري راض عنه وعن حكمه؟ لماذا وقف الإخوان الأردنييون مصفقين له عندما أهان الأردن؟ ألا يحق للذين تمسكوا بمبادئهم القديمة ولم يدوسوا عليها، كما فعل الإخوان، أن يعبروا عنها ويعلنوها على الملأ في زيارة كهذه؟ الم يذهب الوفد الإخواني إلى دمشق عام 2006 ليشجع النظام السوري على انتقاد الأردن ومجابهة النظام الأردني بعد أن ساءت العلاقات بين البلدين رغم أن الأردن لم يتدخل في ما كانت سوريا تصنعه بلبنان قبل وبعد مقتل الحريري؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم تكن عباءه ولكن جلال
سوري فهمان ( 2013 / 2 / 18 - 07:56 )
عزيزي الكاتب هذه لم تكن عباءه ولكن جلال يضعه السورين فوق الدواب أعزك اللة

اخر الافلام

.. النزوح السوري في لبنان.. تشكيك بهدف المساعدات الأوروبية| #ال


.. روسيا تواصل تقدمها على عدة جبهات.. فما سر هذا التراجع الكبير




.. عملية اجتياح رفح.. بين محادثات التهدئة في القاهرة وإصرار نتن


.. التهدئة في غزة.. هل بات الاتفاق وشيكا؟ | #غرفة_الأخبار




.. فايز الدويري: ضربات المقاومة ستجبر قوات الاحتلال على الخروج