الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجتمع الاسلامي وعيد الحب

حسين عبدالله نورالدين

2013 / 2 / 18
مواضيع وابحاث سياسية




زوبعة في فنجان وقد هدأت. تلك هي الضجة التي اثارتها الاوساط المتاسلمة بمناسبة عيد الحب عيد فالانتين. تلك الضجة التي تنم عن كراهية شديدة وعجيبة وغريبة لكل ما يتعلق بالمودة والمحبة خصوصا ان كانت آتية من الغرب المسيحي.
بطبيعة الحال، من حق اي مجتمع ان يرفض اي ثقافة لا تتعلق به. والمجتمع المسلم له ثقافته وخصوصيته وهي موضع احترام وتقدير. ومن حق هذا المجتمع ان يقول لا لعيد لم ينبثق من ثقافته ولم يكن في ماضيه وليس له علاقة به سوى العلاقة الانسانية التي تقوم بين الثقافات والحضارات بصورة عامة وطبيعية.
لكن الذي رايناه في الاسبوع الماضي بمناسبة عيد الحب كان بالفعل غريبا. وبالمناسبة هذه الضجة تثار في كل مناسبة مشابهة. وقد لفت نظري حجم الكراهية والبغضاء والحقد على هذ العيد لانه كما قالت الصحف عيد للنصارى.
للاسف الشديد ان كل ما قيل في هذه المناسبة كان غير دقيق وربما كان مغرضا ايضا. البعض من الكتاب كان مجرد بوق يعيد ويكرر ما سمعه وقرأه في اماكن مختلفة. حتى ان بعضها كان شديد السخف ومثير للضحك والاستهزاء.
ما قراناه في الصحف وما سمعناه في القنوات الدينية كان فعلا مثيرا للشفقة على اصحابه. فاول ما يثور لدينا عند سماع تلك التفاصيل هو كم الجهل التراكمي الذي يتمتع به اصحاب تلك المقالات والخطب تجاه الطرف الاخر. لكن المشترك بينهم ان عيد الحب عيد نصراني تخليدا لقس نصراني كان يزوج العشاق الزناة ويروج للرذيلة.
هنا اريد ان اضع بعض النقاط على العديد من الحروف.
اولا يخلط الجميع بين النصارى والمسيحيين نتيجة الجهل وعدم الاطلاع على الحقائق من مصادرها الاصلية. فهم يقولون نصارى إذ يقصدون مسيحيين. http://elaph.com/ElaphWeb/ElaphWriter/2007/6/243227.htm على اي حال، عيد الحب في الاصل ليس عيدا مسيحيا وبالتالي ليس عيدا كنسيا وان تصادف مع يوم اقامة ذكرى القديس فالنتاين.
كل الذين كتبوا وخطبوا بالمناسبة غالطوا الحقيقة ونقلوا معلومات مشوهة. والحقيقة ان هذا العيد في الاصل كان عيدا وثنيا تقدم فيه الذبائح لاله او الهة الحب، بحسب المجتمع الذي يحتفل به، وكان العيد يقام في الخامس عشر من شباط وهو راس السنة الوثنية. وكانت تقام فيه طقوس وثنية لم يقرها المسيحيون الاوائل ولا الكنيسة بالطبع. هذا جانب منفصل من القصة. الجانب الاخر هو قصة القديس فالنتاين. فهذا الكاهن المسيحي كان يقوم بواجبه الراعوي الطبيعي بعقد الزواجات بين الشباب والبنات كاي كاهن اخر في الكنيسة منذ الفي عام. وصدف ان اعتقلته السلطات الرومانية الوثنية لانه يبشر بالانجيل والمحبة ويعقد الزواجات المسيحية الكنسية. واضطهدته وقتلته واحتسبته الكنيسة شهيدا وقديسا. (ولم تقتله الكنيسة كما قالت احدى الكاتبات في صحيفة قطرية). هذا الحدث وقع في القرن الثالث الميلادي.
وبعد ان استتب الامر للمسيحية وانتهت الوثنية تم تحويل موعد العيد من التوقيت الوثني وهو الخامس عشر من شباط الى الرابع عشر منه لتحويل الانظار عن المناسبة الوثنية. حتى الان لاعلاقة للكنيسة ولا للدين بهذا العيد. ثم توقف الاحتفال بهذ العيد عقودا طويلة وربما قرونا طويلة. وعندما اعيد الاحتفال بعيد الحب في اوروبا ولانه عيد للحب الزوجي اراد المسيحيون ان يكون لهذا العيد شفيع من القديسين فاختاروا فالانتاين الذي كان يعقد الزواجات المسيحية من اجل ان يكون الحب بين الرجل والمراة شرعيا ومباركا من الكنيسة. فالكنيسة تقدر الحب الزوجي وتدعمه وتباركه ومن اجل هذا يعقد الزواج في الكنيسة وبمباركة الكاهن وامام لجميع.
هذا باختصار قصة عيد الحب وعلاقة القديس فالانتاين به. من يريد الاحتفال فهو يحتفل بالحب الزوجي والرباط المقدس بين الرجل والمراة. ومن لا يريد الاحتفال فهو حر ومن حقه اختياره الذي ارتضاه. وانا استغرب في الحقيقة لماذا كان ذلك الهجوم غير المبرر على هذا العيد الجميل ووصفه باقبح الاوصاف. على حد علمي لم اسمع ان هناك جهة خارجية او داخلية دينية او اجتماعية او سياسية ارادت ان تفرض الاحتفال بهذا العيد على المجتمع المسلم. انما هو عيد اجتماعي اوروبي انتقل الى بقية المجتمعات ليصبح عيدا عالميا.
عندما تحي الكنيسة عيد القديس فالانتاين فانه تحتفل به قديسا استشهد دفاعا عن ايمانه وضمن الاطار الديني وكشفيع للازواج المتحابين. وليس لهذا الاحتفال الديني اي علاقة بعيد الحب الذي تحتفل به المجتمعات.
فالاحتفال بعيد الحب خيار حر فمن اراده فله ذلك ومن لم يرده له ذلك ايضا بملء حريته. ولكن ما رايناه في الصحف وعلى المنابر الفضائية كان امرا غريبا عجيبا مستهجنا. فمن المفروض ان المجتمع الاسلامي متماسك ومتمسك بعقيدته ولا تهزه احتفالات اجتماعية. اما تكرار القول انه عيد مسيحي ولا يجوز الاحتفال به او التهنئة به او المشاركة به او حتى استعمال الوردة الحمراء التي ترمز له فهو امر مثير للحزن حقا. مثير للحزن لانه يعطي الانطباع ان المجتمع الاسلامي كاره للحب وكاره للمودة وكاره للتواصل الاجتماعي ومنغلق على نفسه وحاقد على الاخرين وخياراتهم.
يمكن للمجتمع المسلم بل من حقه ان لا يحتفل بهذا العيد. اما المغالطة والاستكبار والشتم فهذه ليست من الشيم الانسانية التي يتصف بها المجتمع الانساني العاقل. كانت في الواقع حملة شرسة فيها شحنة كبيرة من الحقد والكراهية والبغضاء على من يخالفنا. والغريب ان الذين قاموا بهذه الحملة من كتاب وكاتبات وشيوخ ودعاة قالوا بشكل او باخر ان ما يقومون به هو استجابة لتعاليم الاسلام الصحيح. فهل بعد ذلك نلوم الاخرين ان خشوا على انفسهم وعلى مجتماعتهم وعلى شعوبهم من هذا الاسلام؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هل باتت الحرب المفتوحة بين إسرائيل وحزب الله أقرب من أي وقت


.. حزمة المساعدات الأميركية لأوكرانيا وإسرائيل وتايوان..إشعال ل




.. طلاب جامعة كولومبيا الأمريكية المؤيدون لغزة يواصلون الاعتصام


.. حكومة طالبان تعدم أطنانا من المخدرات والكحول في إطار حملة أم




.. الرئيس التنفيذي لـ -تيك توك-: لن نذهب إلى أي مكان وسنواصل ال