الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اغتيال الثورة التونسية و مسؤولية الديمقراطيين الانقاذية .

بيرم ناجي

2013 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


مقدمة:
كنت بصدد اعداد مقال مطول بعنوان "اختطاف الثورة و مسؤولية الديمقراطيين التاريخية" و لكن بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد و ما تبعه من أحداث منذ 6 فيفري جعلني أفكر بطريقة جديدة نسبيا اذ انني أعتقد ان تونس تمر منذ عملية الاغتيال بمرحلة جديدة لا تتطلب فقط مواقف عاجلة من الأزمة الحكومية الحالية بل تكتيكا سياسيا جديدا للمرحلة القادمة بكاملها.
ان الوقت لا ينتظر لذلك أسوق الملاحظات السريعة التالية حول الموقف من مسألة التحوير الوزاري ثم أمر الى التكتيك السياسي للمرحلة القادمة و الذي عبرت عن بداية التفكير فيه في مقال سابق حول أخطاء الديمقراطيين القاتلة في الثورة التونسية هذا رابطه لمن له الوقت للقراءة لاحقا (1) و اعتذر عن سوء الأسلوب بسبب التسرع الناجم عن ضغط الوقت و محاولة الاستفادة النسبية والمتسرعة من مقال سابق .


1-الأزمة الحالية ومسألة التحوير الحكومي:

قد يكون الوزير الأول حمادي الجبالي طرح حكومة التكنوقراط لانقاذ النهضة من ردة فعل الشعب بعد اغتيال شكري بلعيد و قد يكون اغتنم فرصة الاغتيال و طرحها للتخلص من كاهل الجناح اليميني المتطرف من النهضة و الاحتمالان واردان و ليس المهم الآن نقاش هذا كثيرا باعتبار فشل المقترح.
ما يهمنا الآن هو الاشارة الى ان الأحزاب الديمقراطية ارتكبت أخطاء قاتلة في موقفها من حكومة التكنوقراط نوردها باختصار.
ارتكبت الجبهة الشعبية خطأ عدم التعاطي أصلا مع المبادرة و طرحت مشروعا مضادا تمحور حول فكرة مؤتمر الانقاذ الوطني. و ان خطأ الجبهة يتمثل في كونها وعت بخطورة ا لوضع الذي يتطلب انقاذا و لكنها طرحت حلا انقاذيا قد يتطلب شهرا أو أكثر لانجازه و لذلك تراجع حضورها السياسي في الأسبوع الأخير و لم يكن لمقترحها الجيد مبدئيا في المدى المتوسط فاعلية انقاذية عاجلة تمكن من التفاعل مع مقترح حكومة التكنوقراط . و كان يكفي للجبهة القبول المبدئي بالمقترح فورا و اشتراط ان تكون حكومة التكنوقراط حكومة أزمة مؤقتة حتى ينظر مؤتمر الانقاذ الذي اقترحته في مصيرها.
أما أحزاب الاتحاد من أجل تونس فقد ارتكبت خطأ آخر و هو انها لم تكتف بالموافقة المبدئية فقط ، في انتظار موافقة النهضة و الترويكا، بل و دخلت في مفاوضات حول التفاصيل. ان هذا الخطأ أنقذ النهضة و التحالف الحاكم –مؤقتا- لأنه بين ،ظاهريا و نسبيا على الأقل ، أن بعض المعارضة ، مثلها مثل الترويكا، همها في الحقائب و ليس في مصلحة البلاد .
ان هذا الموقف كان سيكون مهما جدا لو أن الاتحاد من أجل تونس طلب من الوزير الأول عدم البدء في التفاوض حول التفاصيل الا بعد حصوله على الموافقة المبدئية من النهضة و الترويكا حول فكرة حكومة التكنوقراط. عندها سوف تحرج النهضة و "أجنحتها" و أحزاب الترويكا الحاكمة و يكون فشل المقترح بسبب الترويكا أولا و ليس بسبب الاختلاف حول التفاصيل . واذا نجح المقترح تكون المعارضة قد أضعفت النهضة و الترويكا دون الدخول معها في حكومة ، لأن الوزير الأول سيبقى الجبالي و الأغلبية التأسيسية ستبقى للترويكا، و دون اعفائها من نتائج المرحلة السابقة التي ستقيم في مؤتمر الانقاذ.
ان المهم الآن هو تدارك الموقف بعد فشل مقترح حمادي الجبالي و ارتباك المعارضة و ان بدرجات و أشكال مختلفة.
ما العمل اليوم؟
لن يكون بالامكان – ربما- العودة الى مقترح حكومة التكنوقراط ، و لكن لا بد من عدم تكرار الأخطاء القاتلة في الأيام المقبلة.
اننا نقترح أولا ، بناء على التشاور الذي حصل بعد الاغتيال مباشرة و الذي نظم الجنازة الوطنية و دعا الى الاضراب العام و جمد حضور النواب في المجلس التأسيسي ، انعقاد لقاء تشاوري فوري يجمع الاتحاد من أجل تونس و الجبهة الشعبية و بقية المعارضة والتوحد الفوري حول الموقف التالي:
- رفض المشاركة في الحكومة القادمة حتى لا يقع تخفيف العبئ على النهضة و الترويكا الرافضين لحكومة التكنوقراط و الذين لهم الأغلبية في المجلس التأسيسي و بالتالي القادرين على التحكم في الحكومة بمفردهم و الذين سيكون التشارك معهم في الحكومة مهزلة سياسية تنقذ النهضة و الترويكا و لا تنقذ البلاد.
-الضغط من أجل أن تكون الحكومة المقبلة تحيد وزارات السيادة : الداخلية و الدفاع و العدل و الخارجية و من أجل أن يكون التكنوقراط فيها مستقلين ما أمكن و أكفاء ما أمكن.
-اشتراط عقد مؤتمر الانقاذ و نجاحه في تحقيق المطالب التي رفعتها الجبهة الشعبية و تحالف الاتحاد من أجل تونس و اتحاد الشغل والرابطة و جمعية المحامين و بقية المعارضة.
- مواصلة المعارضة و الضغط في الفترة التي ستفصل تشكل الحكومة المقبلة و الحكومة التي ستنتج عن مؤتمر الانقاذ لتحقيق أكثر ما يمكن من التنازلات و النظر لا حقا – حسب ما سينتج عن مؤتمر الانقاذ – في مساندة حكومة الانقاذ الوطني – ان تحققت- أو مواصلة المعارضة اذا تمسكت الترويكا بمواقفها و نزعتها التسلطية.



2- التكتيك السياسي للمرحلة المقبلة من الثورة – الجبهة الشعبية أساسا- .

بعد اغتيال الرفيق الشهيد شكري بلعيد كتب أحد الرفاق في الجبهة الشعبية ، و هو مناضل من "رابطة اليسار العمالي" ما يلي: " النهضة هي النهضة قبل حادثة اغتيال الرفيق شكري بلعيد وبعدها ...ونداء السبسي هو ذاته قبلها وبعدها... ولأنهما على نفس طقوس الاجرام وعقيدة الاستبداد والعمالة ... فهما هدف واحد للإسقاط والتجاوز." و اننا نرى ان هذا المنطق الذي يبدو انه يسود في الجبهة هو بالضبط ما يجب تعديله .
ليس الآن وقت السجال الفلسفي حول "قانون الحركة المستمرة" و لكننا نقول : فرضا ان النهضة و نداء تونس لم يغيرا من طبيعتهما بعد اغتيال الرفيق الشهيد شكري بلعيد و لكن أليس من الواجب التساؤل: و هل الجبهة الشعبية هي نفسها قبل الاغتيال و بعده ؟ و الأهم من كل هذا هو السؤال الثاني: هل تونس هي نفسها قبل الاغتيال و بعده؟
اننا نعتقد انه لا بد من اعادة تعديل التصور السياسي للجبهة الشعبية بما يعمق طابعها الديمقراطي الذي تقتضيه الثورة التونسية عموما و تداعيات اغتيال الرفيق الشهيد شكري بلعيد خاصة و بما يعمق خطها السياسي الديمقراطي و يجعله أكثر مرونة وواقعية ليس حبا في المرونة و الواقعية نفسيهما بل وفاء لبيان الجبهة التأسيسي الذي صدر يوم 7 أكتوبر 2012 و تأقلما مع ما جد من تطورات سياسية و آخرها عملية الاغتيال .
و لتوضيح فكرتنا نقدم القراءة السريعة التالية لمراحل الثورة ثم كيفية استعادتها.

يمكن القول ان الثورة التونسية مرت الى حد الآن بأربعة مراحل صغرى هي مرحلة الانطلاق و الصعود ثم مرحلة التجذر النسبي ثم مرحلة التوازن و الاستقرار ثم مرحلة الاختطاف.
أ- مرحلة الانطلاق و الصعود:
بعد أن مهدت لها انتفاضة الحوض المنجمي ،انطلقت الثورة التونسية يوم 17/12/2010 بانتحار محمد البوعزيزي و تواصلت وقودها الشباب و شرائح شعبية مفقرة و مهمشة و بمشاركة فاعلة من فئات من الطبقة الوسطى من خلال شبكة الاتحاد العام التونسي للشغل و بعض الجمعيات و أهمها عمادة المحامين ،الخ،الى أن أدت الى الاطاحة ببن علي من خلال تظافر الفعل الجماهيري الشعبي السلمي الذي عرف أوجه في صفاقس يوم 13/01 و تونس يوم 14/01/2011 مع تدخل الجيش بالتنسيق مع أقسام من الأمن و – بالتأكيد- مع قوى أجنبية .
ب: مرحلة التجذر النسبي:
لم تؤد الاطاحة ببن علي الى تكوين حكومة ثورية مؤقتة بل الى تكوين حكومتين حاولتا الالتفاف على الثورة هما حكومة الغنوشي الأولى و الثانية التي أطاح بها اعتصام القصبة الذي أدى الى وضعية خاصة هي من ناحية المحافظة على رئاسة الجمهورية لفؤاد المبزع ومن ناحية ثانية حل الحكومة و التجمع الدستوري الديمقراطي و مجلسي النواب و المستشارين و ايقاف العمل بالدستور و الدعوة لانتخاب مجلس تأسيسي و اطلاق الحريات السياسية و الاعلامية و غيرها.
ج:مرحلة التوازن و الاستقرار النسبي:
تم تعويض حكومة الغنوشي الثانية بحكومة السبسي التي لم تكن حكومة ثورية بل اصلاحية حيث تحققت صيغة من التوافق التاريخي الانتقالي ، و لكن التوافق الصراعي، حيث تم الصراع على العلاقة بين الحكومة و بين "مجلس حماية الثورة" الذي انتهى الى "هيئة عليا لحماية الثورة والاصلاح السياسي و الانتقال الديمقراطي" أنهت آمال البعض في تحويل مجلس حماية الثورة الى هيئة مقررة و أجبرت الحكومة على التعامل مع ما تريده المعارضة نسبيا و تركزت الصراعات حول هذه الهيئة و أهملت في لجان المحاسبة و لجنة تقصي الحقائق تقريبا.و انتهت هذه المرحلة في 23 أكتوبر 2011 بانتخاب المجلس التأسيسي الذي أعطى الحكم للثالوث الحاكم بقيادة النهضة.
د: مرحلة "الاختطاف الديمقراطي" للثورة :
و هي المرحلة التي تميزت بانتصار الترويكا بقيادة النهضة في الانتخابات .و يمكن وصفها بمرحلة "الاختطاف الديمقراطي" التنظيمي للثورة لأن هذا الثالوث كان أقل الأحزاب السياسية حضورا في الحراك الجماهيري ( ولكن ليس في الاعلام الأجنبي ) و أقلها تنظيما و لكن ليس أقلها سندا ماليا و اعلاميا و سياسيا دوليا من المحور القطري-التركي- الأمريكي في حين منيت الأحزاب و التنظيمات المعارضة الأكثر حركية في الثورة ، منذ انتفاضة الحوض المنجمي، بهزيمة انتخابية .
كما ان هذه المرحلة يمكن وصفها بمرحلة "الاختطاف الديمقراطي" السياسي للثورة لأن النهضة هي من أقل الأحزاب وفاءا سياسيا لشعارات الثورة الديمقراطية و الاجتماعية في الشغل و الحرية و الكرامة الانسانية و الوطنية و أكثرها عملا على تحويل وجهة الثورة من التقدم نحو الأفق الديمقراطي الاجتماعي الحداثي الى الردة باتجاه الأفق الديني التقليدي المحافظ .
ه- مرحلة الاغتيال السياسي للثورة :
ان السلطة الحاكمة مرت بعد اغتيال المناضل شكري بلعيد – بحكم مسؤوليتها السياسية و الأمنية و ليس الجنائية- من مجرد اختطاف الثورة سياسيا الى مرحلة اغتيالها السياسي بمعنى انها تسببت من خلال تسلطها و تساهلها مع التخوين السياسي و التكفير الديني و تسامحها مع العنف في دخول البلاد مرحلة جديدة لا تهدد المسار الثوري بالانسحاق الكلي فقط بل و بادخال البلاد في حرب أهلية محتملة قد تنفجر لأي سبب مباشر"منعزل" من الأسباب.

3- انقاذ البلاد و استعادة الثورة

منذ الانتخابات تعمقت أزمة الثالوث الحاكم الذي يعرف الآن أكبر أزماته بسبب تردي الأوضاع الاقتصادية و الاجتماعية و الأمنية على كل المستويات واهتراء العمل الرئاسي و الحكومي و التأسيسي و الجهوي و البلدي و قد مثلت عملية اغتيال الرفيق شكري بلعيد ذروة هذه الأزمة. و لكن في المقابل عجزت المعارضة ، رغم حركيتها، عن قلب موازين القوى لا بطريقة مؤسساتية من خلال سحب الثقة من الحكومة عبر تكوين أغلبية تأسيسية جديدة و لا من خلال الشارع و الضغط الجماهيري و ليس أدل على ذلك مرور محطات 23 أكتوبر و حادثة الاعتداء على الاتحاد العام التونسي للشغل و الغاء الاضراب العام ثم يوم 14 جانفي الأخيرو اغتيال شكري بلعيد دون تحركات جماهيرية شعبية و جذرية تتجاوز التنديد بالسياسات أو بعملية الاغتيال و تهدف الى اسقاط الحكومة فورا و بالتحديد .

من ناحية أخرى تتواصل التحركات الجماهيرية على المستويات الجهوية و القطاعية و لكنها تأخد الصفة المطلبية باطراد و تنطلق معزولة هنا و هنالك و ليس أدل على ذلك ما وقع في سليانة ثم الكاف و اضرابات التعليم بل وحتى احتجاجات رجال الأمن الأخيرة.
ان المعارضة التي تطورت بتأسيس كل من " الجبهة الشعبية" من ناحية و "الاتحاد من أجل تونس" من ناحية ثانية تبدو قد خيرت الطريق الانتخابية لتغيير الأمور و لكنها لم تتوحد بعد رغم ما تلا حظه من تدهورفي البلاد و ما تعانيه من عنف مسلط على الجميع توجه اغتيال شكري بلعيد.
ان ما يعرقل توحد المعارضة ، رغم تردي حالة البلاد و افلاس السلطة الحاكمة و تواصل النضالات الشعبية ،هو المعارضة نفسها بسبب تصوراتها المتطرفة يسارا في "الجبهة الشعبية" أو يمينا في "الاتحاد من أجل تونس".
ان في "التحالف من أجل تونس" و خصوصا داخل "نداء تونس" أجنحة يمينية قريبة من التجمع قد تحلم بابادة الجبهة الشعبية لو كان الظرف غير الذي تمر به تونس الآن. و لكنها صامتة و يبدو نداء تونس مرحبا بالتحالف مع الجبهة الشعبية و هو يصر على اقصاء الأجنحة اليمينية من واجهته القيادية و الاعلامية على الأقل.
في المقابل يطغى على الجبهة الشعبية تصور يساري مفاده عدم التفريق بين "اليمين الديني "و "اليمين الليبيرالي" هو الذي يعرقل امكانية توحد المعارضة رغم بعض المرونة الملاحظة في المرحلة الأخيرة في التصريحات الرافضة لمبدأ الاقصاء السياسي الجماعي بل و الاستعداد للتعاطي مع نداء تونس بصورة غير مباشرة و محتشمة و عبر "واسطة" التنسيق مع الجمهوري و المسار ثم قبول التنسيق الظرفي بعد حادثة الاغتيال و لكن ،مع الأسف، بعد أيام "عادت حليمة الى عادتها القديمة" كما يقال.
ان الظرف التاريخي ، بعد اغتيال الرفيق شكري بلعيد ، لم يعد يسمح بالتردد الآن لأن البلاد قد تكون مقبلة على واحد من الاحتمالات التالية بسبب تطرف الاسلاميين المتصاعد الناتج عن أزمتهم:
- اما نضال تاريخي ديمقراطي موحد و موسع يؤدي الى الانتصار و استرجاع الثورة.
- اما انهيار تاريخي تام يؤدي الى انتصار الاسلاميين و ضياع الثورة.

- اما كارثة تاريخية بدخول البلاد في حرب أهلية و ضياع الدولة و الثورة معا.
- اما مساومة تاريخية بين أجنحة من النهضة و أجنحة من نداء تونس –أو غيره- تكون على حساب الخط الديمقراطي الاجتماعي الجذري و تؤدي الى اجهاض الثورة نهائيا .

ليس المطلوب من الجبهة الالتحاق بنداء تونس بالضرورة ولكن على الجبهة الشعبية أن تتحمل مسؤوليتها التاريخية في ايجاد صيغة من التنسيق على الأقل مع الأحزاب الخمسة المكونة للاتحاد من أجل تونس .
ان النداء التأسيسي للجبهة الشعبية تلمس الكارثة التي ألمت بالبلد نتيجة اختطاف الثورة من قبل الاسلاميين ولكن المفارقة ان الجبهة هي من لا يلتزم بروح ندائها بعد أن "نسخته" بمشروع "الأرضية السياسية".
ان نص نداء الجبهة الشعبية التأسيسي يقول :
" جماهير شعبنا

لقد مضت شهور عن انتصاب "الإئتلاف" الحالي في الحكم وقد تبين أن المخاطر والأزمات التي ولّدتها سياسات هذا الائتلاف تتجاوز حدود الالتفاف على أهداف الثورة وإجهاضها إلى تهديد غير مسبوق للنسيج الاجتماعي والسيادة الوطنية وقيم الجمهورية.
فبعد أن نجحت السلطة الحاكمة في الانحراف بالاستحقاق الانتخابي المتصل بالمجلس التأسيسي المنتَخب لصياغة دستور حددت الثورة ملامحه المدنية والاجتماعية والدّيمقراطية، ها أننا نجد أنفسنا أمام ما يشرّع لنوع جديد من الاستبداد وما يتصل به من تهديد للحريات العامة والفردية ومن تراجع عن المكاسب الاجتماعية وذلك في انقلاب سافر على تلك المبادئ التي أقرتها الثورة.
لقد استحوذ الائتلاف الحاكم على مختلف السّلط فوضع يده على كل أجهزة الدولة ومؤسساتها (القضاء، الإعلام، الإدارة، الأمن...) وهو يتصرف كأنه سلطة دائمة ومطلقة لها كامل الصلاحيات على البلاد والعباد.
إن الإئتلاف الحاكم ما انفك يتغوّل على المجتمع ويوظف مؤسسات الدولة لصالح سياسات حزبية ضيقة ملحقا أضرارا كبيرة بمصالح البلاد الداخلية والخارجية منتهجا خيارات وإجراءات اقتصادية ليبرالية متوحشة تعمق معاناة الشعب وتزيد من فقر المواطنين وبؤسهم. إن هذا الائتلاف يرهن مقدرات الوطن للدوائر الاستعمارية ووكلائها ويكرس سياسة المكيالين ويطلق العنان لسيطرة المليشيات لضرب الحريات وتعنيف المعارضات والمعارضين وتجريم الاحتجاجات الشعبية وغض الطرف عن قوى تكفيرية مهددة لوحدة المجتمع التونسي وحرية أفراده ومثقفيه ومبدعيه فضلا عن العبث الخطير بملف العدالة الانتقالية. إن إذلال جرحى الثورة ورموزها والاستهانة بشهدائها والسّعي إلى تحويل بنات الوطن وأبناءه إلى رعايا بلا حقوق ولا كرامة أصبحت من سياسات الحكومة الثابتة.

إن هذه السياسات المعادية لمصالح الشعب والمناقضة لأهداف الثورة تلقى مقاومة متعددة الأشكال من مختلف طبقات الشعب وفئاته المفقرة في كل الجهات وهو ما يستوجب من قوى الثورة وكل من انحاز إلى أهدافها العمل على رص الصفوف وتوحيد الجهود للتصدي لهذه السياسات اللاشعبية واللاوطنية.
إن بناء جبهة شعبيّة، وطنية، ثورية هي ضرورة حتمية لتلبية طموحات شعبنا في تحقيق أهداف ثورته وهي إذ تتقدم ببديل سياسي وهياكل تنظيمية فاعلة فإنّها تمنح القوى الشعبية وحدتها ونجاعة لنضالاتها وترسم لها آفاقا على درب تحررها الوطني وانعتاقها الاجتماعي.
يا بنات شعبنا و أبنائه.
أيها العمّال والفلاّحون، أيها الطلبة والمثقفون والمبدعون.
ياشبابنا المعطّل،
يا أحرار تونس وشرفائها.
أنتم من كنتم محرّك الثورة وشعلتها،
ندعوكم في هذه اللحظة الفارقة من تاريخ وطننا إلى استنهاض الهمم من جديد لاستكمال أهداف الثورة.
إننا نهيب بكم أن تشاركوا في بناء جبهتكم الشعبية عبر الانخراط في هياكلها المحلية والجهوية والوطنية والمساهمة في برامجها ونضالاتها.
إن النصر في متناولنا وهو مرهون بنجاحنا في بناء الجبهة الشعبية لتحقيق أهداف الثورة.
لنتّحد من أجل بناء جبهة شعبية تنتصر للشعب ولقيم الثورة.
المجد والخلود لشهيدات وشهداء تونس
النصر والعزة للثورة ولبناتها وأبنائها. " - انتهى النداء-

ان هذا النداء التاريخي يسجل ما يلي بخصوص النهضة و حلفائها من الاسلاميين خاصة :
- تجاوز حدود مجرد الالتفاف و اجهاض الثورة الى ما هو أخطر.
- تهديد غير مسبوق للنسيج الاجتماعي و السيادة الوطنية وقيم الجمهورية.
- الانحراف عن هدف الثورة في سن دستور يكرس جمهورية مدنية ديمقراطية اجتماعية.
- نوع جديد (وليس مجرد شكل ) من الاستبداد .
- تهديد الحريات الفردية والعامة.
- تراجع عن المكاسب الاجتماعية التاريخية.
- التصرف كسلطة دائمة ( عرقلة التداول---) ومطلقة ( التغول).
- الاضرار الكبير بمصالح البلاد الداخلية و الخارجية.
- الليبيرالية الاقتصادية المتوحشة و ليس حتى الليبيرالية غير المتطرفة.
- الميليشيات المهددة للمعارضة المتجاوزة حتى للدولة البوليسية.
- تجريم الاحتجاجات الشعبية بل و تحريمها دينيا.
- التساهل مع القوى التكفيرية المهددة لوحدة المجتمع التونسي .
- تهديد حرية الأفراد و المثقفين والمبدعين.
- العبث بالعدالة الانتقالية.
- العبث بقضية الشهداء و الجرحى.
- تحويل الناس الى رعايا ( وليس مواطنين) دون حقوق و كرامة.

ان هذا التوصيف للوضع العام الذي تتسبب فيه النهضة واقعي و حقيقي .
ولكن الأرضية السياسية للجبهة تقول، مع الأسف، : " لقد أفرزت انتخابات 23 أكتوبر 2011 مجلسا تأسيسيّا تهيمن عليه حكومة الترويكا بقيادة "حركة النهضة"، واليوم بعد مرور قرابة ثمانية أشهر من وصول هذا التحالف إلى الحكم فقد بدا واضحا أنه يسير بخطى حثيثة نحو الالتفاف على ثورة شعبنا و التمهيد لإعادة إنتاج نظام التبعية و الاستبداد والفساد بغلاف ديني" .

هنا يدور الحديث حول "اعادة انتاج" الاستبداد. وهذا ما أدى الى تلك الجملة التي أصبحت تتكرر دائما و المساوية بين خطورة " اليمين الديني" و "اليمين الليبرالي" و كأنهما مجرد غلافين شكليين لنفس المحتوى اليميني.

ان الجبهة الشعبية عليها أن تستنتج من ندائها التاريخي ما يجب استنتاجه و هو التالي:
ان مشروع النهضة و الاسلاميين يهدد حتى الليبيرالية غير المتوحشة اقتصاديا و القابلة - ولو شكليا -بالحقوق و الحريات الفردية و الجماعية و التداول و التعددية... سياسيا و القابلة لمبدأ الديمقراطية الاجتماعية نسبيا "دولة الرفاه الاجتماعي" الليبيرالية و للحريات الفكرية و الثقافية و لو نسبيا و لسياسة خارجية وطنية حديثة اصلاحية نسبيا على الأقل حتى لو لم تكن متجذرة في طرح مسألة التبعية.
ان المشروع الاسلامي لا يعادي فقط " العمال والفلاحين و الطلبة و الشباب المعطل و المثقفين و المبدعين " – كما ورد في الفقرة الثانية من النداء- بل وكذلك شقوقا هامة من البورجوازية المحلية نفسها و هي الشقوق التي لها تصورات وطنية اصلاحية بهذه الدرجة أو تلك و ترفض النموذج التقليدي المحافظ الذي تريد الحركة الاسلامية فرضه عليها .
لذلك فان الصراع مع الحركة الاسلامية لا بد أن يتم ليس فقط عبر "جبهة شعبية،وطنية،ثورية " - كما ورد في آخر النداء - بل وكذلك في "جبهة جمهورية ديمقراطية مدنية موحدة و موسعة" أكثر ما يمكن لانقاذ البلاد والثورة من النفق المظلم الذي تحظره لهما الحركة الاسلامية باحتمال ادخالها في مطب الصوملة و الأفغنة و العرقنة.
ان مهمة استرجاع الثورة ، بعد انتصار الحركة الاسلامية ووصولها بالبلاد الى ما وصلت اليه ، ليست هي نفسها مهمة تجذيرها في المدى المباشر. لقد تغير الوضع في تونس و لا بد من أعادة الثورة و البلاد الى السكة الجمهورية الديمقراطية المدنية الحداثية التي تسمح أكثر من غيرها بمواصلة النضال الوطني و الديمقراطي و قطع الطريق أمام المشروع الاسلاموي التقليدي الذي يهدد حتى أكثر المظاهر الشكلية للجمهورية التونسية الحديثة على نواقصها بل وعلى جرائمها.
ان الجبهة الشعبية قد ترتكب خطأ سياسيا تاريخيا جسيما اذا لم تنتبه الى خصوصية و دقة المرحلة وخطورتها على مستقبل البلاد ، خاصة بعد اغتيال الشهيد شكري بلعيد ، ربما لأجيال كاملة. و لكن هذا لا يعني خسارة الاستقلال التنظيمي و حرية الحركة و النضال ولا يعني الارتماء في أحضان نداء تونس و التذيل له.
.
4- نحو جبهة جمهورية ديمقراطية مدنية موسعة :

ان موقف الجبهة الشعبية من نداء تونس كان سيكون صحيحا لو ان المسار الثوري التونسي الحالي قادر على طرح "المسألة الوطنية" أو مسألة الملكية الخاصة الرأسمالية في اطار تحول ديمقراطي ثوري أو وطني – ديمقراطي في المدى المباشر أو المتوسط ، لكن بما ان الأمر ليس كذلك فيصبح من الخطأ التكتيكي تبنيه.

كما ان موقف الجبهة الشعبية كان سيكون صحيحا لو أن الحركة الاسلامية التونسية هي "ديمقراطية محافظة" ( كالمحافظين الأنجليز او الديمقراطيين المسيحيين الألمان أو حتى كالاسلاميين الحاكمين في تركيا) في صراع مع حركة نداء تونس " الديمقراطية الليبيرالية" في بلد له نظام ديمقراطي مستقر. و لكن كون تونس هي في مرحلة "انتقال ديمقراطي" و كون النهضة ( السلفية غير الديمقراطية بعد) هي التي توجد في الحكم و تريد التمسك به و تهدد بتحويل البلاد الى عصر "الخلافة السادسة" باستغلال الآليات الديمقراطية المفرغة من محتواها للتراجع عن أهم المبادئ الديمقراطية السياسية و الاجتماعية التي لم تستقر بعد في النظام السياسي و في المجتمع، فان الموقف يصبح خطأ قاتلا في حق الديمقراطية التونسية الناشئة حتى لو كانت ، بشكل ما ، ديمقراطية تابعة نسبيا.

ان الموقف الديمقراطي الأسلم باتجاه حركة نداء تونس و "الاتحاد من أجل تونس" هو اعتبارهما خصما "ديمقراطيا ليبيراليا". و لكن طالما ان المسألة الوطنية لا يطرحها الشعب بحدة و طالما ان الخطر الأساسي يكمن في النهضة و الاسلاميين الذين ، فرضا، يمارسون نفس التبعية و لكن يضيفون اليها عداءهم للديمقراطية الحديثة ، حتى الليبيرالية ، فانه يمكن اعتبار حركة نداء تونس من القوى الممكن التنسيق معها مرحليا ، على الأقل نضاليا و ميدانيا، في انتظار توضح معالمها السياسية و القيادية لنقاش امكانية التنسيق الانتخابي معها و ذلك لانجاح مسار الانتقال الديمقراطي على شرط ان يتم هذا التنسيق بدفع نداء تونس نضاليا الى توضييح برامجه نهائيا و اقصاء الفاسدين و المجرمين من التجمعيين من صفوفه و التأثير فيه للتخلي عن سلبيات التسلطية البورقيبية المراد تكرارها مع قائد السبسي و التي لو عادت للتطور مع نداء تونس لأدت الى اعادة انتاج النظام السابق و ان على المدى المتوسط.
كما عليها ان تنفتح حتى على التكتل و المؤتمر أو بعض شقوقهما التي قد تنفصل عن النهضة ناهيك عن الأحزاب الديمقراطية المستقلة عن الجبهات الحالية و أولها "التحالف الديمقراطي" (الحامدي) مثلا و لكن هذا الكلام ليس موجها فقط الى الجبهة الشعبية بل الى كل الأحزاب و الأجنحة المذكورة سابقا و التي عليها ، هي الأخرى، التحرك باتجاه بعضها البعض للحفاظ على حد أدنى من العلاقات السياسية التي تسمح بتجميع أكثر ما يمكن من القوى الديمقراطية التونسية عند اللزوم.

في هذا الصدد أيضا لا بد من اضافة ملاحظات عملية لكل الديمقراطيين تبدو لنا مهمة في أفق الانتخابات المقبلة ، ان وصلنا اليها و نجحنا في انقاذ البلاد من العنف و الانهيار ،و هي التالية :

أولا :
لنفترض ، و هذا مجرد افتراض، ان الخارطة السياسية التونسية لن تتغير كثيرا من هنا الى الانتخابات القادمة. في هذه الحالة ستكون هنالك ثلاثة قوى كبرى هي النهضة و حلفاؤها و نداء تونس و حلفاؤه و الجبهة الشعبية.
من الاحتمالات الواردة نظريا ألا تفوز أية قوة من هذه القوى الثلاث بالأغلبية المطلقة التي تسمح لها وحدها بتشكيل الحكومة المقبلة و سيكون هنالك واقع يفرض ضرورة تشكيل تحالفات برلمانية و عندها سوف يطرح أحد الخيارات الثلاثة الآتية.
التحالف بين النهضة و الجبهة الشعبية.
التحالف بين نداء تونس و الجبهة الشعبية.
التحالف بين النهضة و نداء تونس.
و في صورة تعذر كل هذه التحالفات فان ما سيقع هو الفراغ الحكومي و اعادة الانتخابات لاحقا و كل ما يمكن أن يؤدي اليه اذا عاودت نفس الكتل الفوز بنفس المقاعد وواصلت رفض التحالفات.
ثانيا:
لا بد من التساؤل التالي:
ماهي الأضرار الأكثر خطورة على البلاد في الحالات التالية؟
1- عدم التحالف مع الاتحاد من أجل تونس و انتصار النهضة وحلفائها نتيجة ذلك.
2- عدم التحالف مع الاتحاد من أجل تونس و انتصار هذا الأخير على النهضة و الجبهة معا.
3- التحالف مع الاتحاد من أجل تونس و الانتصار المشترك على النهضة وحلفائها.
4- التحالف مع الاتحاد من أجل تونس و الانهزام المشترك أمام النهضة.
اننا نعتقد ان أخطر وضعية ستعيشها البلاد هي الوضعية الأولى. و تأتي بعدها الوضعية الرابعة و لكن عندها ستكون المعارضة الديمقراطية موحدة ويمكنها الصمود .ثم تليها الوضعية الثانية و أفضل الاحتمالات يكون في الحالة الثالثة.

ثالثا :
من باب "الحس العملي" نذكر أيضا بما يلي:
في فرنسا، حيث النظام الديمقراطي مستقر و حيث هنالك دورات ثانية في الانتخابات الرئاسية و التشريعية ، يتقدم اليمينيون و الاشتراكيون و اليساريون و أقضى اليمين بقائمات منفردة في الانتخابات و لكن في الدورات الثانية تتغير التحالفات للتوجه جماعيا ضد خطر اليمين المتطرف من الجبهة الوطنية اذا وجد ويتم التنسيق بين الاشتراكيين و اليسار ضد اليمين فقط اذا غاب خطر اليمين المتطرف.
ان هذا الأمر يتم في بلد ديمقراطي مستقر، لا خوف على نظامه الديمقراطي ،فما بالك بتونس التي تستعد لأولى مراحل الانتقال الديمقراطي مع خطر تحويل ذلك المسار جذريا باتجاه أصولي يميني ما قبل ديمقراطي و غير ديمقراطي.

رابعا :
هنالك شعور بالألم و الاحباط و الغضب يعبر عنه عدد من الديمقراطيين بسبب عدم تحالف الجبهة الشعبية مع نداء تونس و حلفائه في جبهة واحدة يصور على انه كارثة محدقة بالبلاد لكننا نقول: " رب ضارة نافعة" ، و لكن مؤقتا لا غير ..
نحن نعيش وضعا استثنائيا فيه أقصى ما يمكن من المشاعر المتنافرة من الخوف و الأمل و الفرح و الحزن و الاحباط و غيرها. و هنالك علاقات معقدة جدا بين ممثلي الجبهة الشعبية و قادة نداء تونس منها ما هو سياسي و منها حتى ما هو شخصي بسبب مسؤوليات السبسي السابقة في الدولة و العلاقات المعقدة بين بعض أعلام نداء تونس و بعض قادة اليسار و القوميين ألخ.
من ناحية أخرى ، سياسية، و هي التي تهمنا : هنالك قطاعات من الشعب عانت ما عانته من الفقر و الظلم و التهميش و عندها من الآمال القصوى ما يجعلها لا ترى من يمثلها سياسيا سوى الجبهة الشعبية. و هنالك قطاعات أخرى من الشعب لها مشاعرو تصورات أخرى قد يوجد منها الخوف على الدولة و الأمن و العمل على تحقيق الاستقرار في أسرع وقت و البحث عن الزعيم الكاريزمي وغيرها و هذه القوى تجد في نداء تونس و حلفائه من يمثلهم.
المهم اذن ليس في الوحدة التنظيمية الكاملة و المباشرة بين الطرفين مهما كان الأمر. المهم هو في الاستجابة لأوسع و أعمق المشاعر و المطالب الشعبية الواسعة و المختلفة حتى لو تم ذلك بعدم الاتحاد الجبهوي التقليدي و لكن على شرط الآ ينجر القادة الى قبول تشنج أتباعهم الحالمين اليساريين من ناحية أو "عقلانيتهم" الحسابية اليمينية من ناحية مقابلة.
لذلك قد لا يكون عدم اتحاد الجبهة الشعبية مع تحالف نداء تونس في جبهة سياسية واحدة ضارا بل نافعا و لكن بشرط معرفة تنظيم الانفصال التنظيمي الجبهوي و القدرة على تحقيق الاتحاد الانتخابي.
و ان هذا يتطلب المرونة الكاملة حتى لا يكون القيام بذلك مفاجئا ويؤدي التى التفتت و الانفجار في الأحزاب و الجبهات الحالية و في ردة فعل جماهيرية مضادة للديمقراطية ستحاول الحركات الاسلامية تغليفها بأخلاقيات دينية مفارقة لمنطق النضال السياسي الديمقراطي.
هنا اذا لم تكن القيادات السياسية واعية تمام الوعي بكل احتمالات العملية السياسية و بما يجب تعديله في الوقت المناسب و عند الضرورة فان الكارثة تنتظر الجميع.

خاتمة : مقترحات .

لا بد من بدأ تشكيل هيئة تنسيقية للانقاذ الوطني أولا لتوحيد المواقف العامة في مؤمر الانقاذ بين الاتحاد من أجل تونس و الجبهة الشعبية و التحالف الديمقراطي و غيرهم فورا و تقوم ليس فقط بتقريب الرؤى في الأزمة الحالية المباشرة بل بالتنسيق الميداني اللاحق و تسعى لاحقا لاعداد تصور جبهوي جمهوري ديمقراطي مدني مرن ولكنه لا يمكن الا أن يؤدي الى شكل ما من التنسيق الانتخابي الللاحق- مهما كان شكله بما في ذلك عدم التقدم في لوائح مشتركة و لكن تنظيم التنافس - على الأقل .
ان هذا التنسيق ، الذي يفضل أن يتطور، لا بد حسب رأينا أن يؤسس على الأقل لما يلي وبكل المرونة المطلوبة:
- اتخاذ موقف مشترك من الأزمة الحكومية الحالية و مسألة مؤتمر الانقاذ و غيرها من المسائل الملحة و أهمها الموقف من العنف.
- المزج بين المحافظة على الاستقلال التنظيمي و التنسيق الميداني و الانتخابي الممكن لاحقا.
- البدء بالاعداد لميثاق جمهوري ديمقراطي مدني يصدر عن "مؤتمر الانقاذ الوطني" أو عن المعارضة فقط و يشبه ، في تمشيه، ما فعلته هيئة 18 أكتوبر و يبني على مبادرة اتحاد الشغل للحوار الوطني.
- النظر في امكانية اعلان مبدأ العمل على تحقيق حكومة الوحدة الوطنية بعد الانتخابات المقبلة من الجبهتين و غيرهما بقطع النظر عن تفاصيل موازين القوى الانتخابية .
- الاتفاق على خطوط عامة عريضة جدا حول مسائل وطنية و ديمقراطية و اجتماعية تكون حدا أدنى في الميدانين الداخلي و الخارجي.
-الالتزام باحترام الاستقلال التنظيمي المتبادل و حرية النشاط للجبهتين مما يعزز تطورهما أفقيا في الجهات و المهاجر و عموديا في العمق الشعبي و يساعد على تحويل الحضور التنظيمي و التحريكي و الاعلامي الموجود الى رصيد انتخابي يمنع من تكرار مهزلة 23أكتوبر2011 و تحولها الى كارثة .
- التنسيق في روزنامة النضالات الميدانية و أخد المبادرة في طرح المقترحات "الهجومية" وفرضها لتجنب الانجرار الى رد الفعل على النهضة و السلطة عموما و السلفيين وغيرهم.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=333612 (1








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اعتذار
بيرم ناجي ( 2013 / 2 / 19 - 06:04 )
ذكرت أعلاه رأي رفيق يساري حول الموقف من النهضة و نداء تونس و قلت انه ينتمي الى رابطة اليسار العمالي و لم يكن علي فعل ذلك لأن رأيه قد يكون انفعاليا و شخصيا لا يلزم الرابطة و أرى انه ما كان علي فعل ذلك لسوء الفهم الذي يمكن أن يحصل -أقدم اعتذاري الصادق وأرجو الصفح و عدم شخصنة المسألة- مع الشكر-

اخر الافلام

.. على خطى حماس وحزب الله.. الحوثيون يطورون شبكة أنفاق وقواعد ع


.. قوة روسية تنتشر في قاعدة عسكرية في النيجر




.. أردوغان: حجم تجارتنا مع إسرائيل بلغ 9.5 مليارات دولار لكننا


.. تركيا تقطع العلاقات التجارية.. وإسرائيل تهدد |#غرفة_الأخبار




.. حماس تؤكد أن وفدها سيتوجه السبت إلى القاهرة