الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


على ذمة المنجمين، غرة ربيع الأول آخر موعد لتشكيل الحكومة

حمزة الجواهري

2005 / 4 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


حيرة شديدة يقف أمامها المراقب للواقع السياسي الحالي في العراق بما يتعلق بالعملية السياسية، حيث كان الجميع يتوقعون شيئا سوف تتمخض عنه المفاوضات التي طالت وتشعبت، ولكن الذي حدث هو خيبة أمل مريرة ومضحكة لمرارتها، حتى جعلت من الصحف العربية الصفراء تتشفى بالعراق الجديد، تماما كما تشفى العرب بقتل الأبرياء في العراق، وحتى أعضاء المجلس الوطني المنتخبين لم يكونوا راضين عما يجري، فصبوا جام غضبهم على المتفاوضين.
كانت قد مضت المفاوضات المرثونية بعيدا جدا بتعقيدات الواقع العرقي المعقد، وحتى إن د أياد علاوي، المستفيد الوحيد من هذا التأخير، كان قد أعلن عن سخطه على هذا التأخير الغير مبرر، بالرغم من أنه وصفها بالجيدة لأن معظم مضامينها تصب أصلا في مواضيع كتابة الدستور، وهذا التعبير له مغزى أبعد بكثير من المجاملة كما قرأها المستمع، فهي حقا كانت قد خرجت عن كونها مباحثات حول تشكيل حكومة توافقية، خصوصا وإن الاستحقاقات الانتخابية كانت من الأمور المتفق عليها، وقانون الدولة للمرحلة الانتقالية هو الآخر متفق عليه، لكن مع ذلك، ذهبوا بعيدا نحو التفاصيل، والمدرك لحقيقة ما كان يجري بداخل تلك الغرف المغلقة، سواء بما كان يتسرب منها، أو من خلال القراءة لما بين السطور، أو سقطات اللسان الكثيرة، يدرك تماما إن مفاوض قائمة الائتلاف كان يجر الكورد للخوض بمثل هذه التفاصيل، بل والمضي أبعد بها، ربما من أجل إطالة المدة، على عكس ما كان يتصور الكثير من أن السبب هو تعنت كوردي ورغبة بالخوض بالتفاصيل من أجل تحقيق أكبر قدر من الحقوق للشعب الكوردي، لأن هذا التكتيك ليس من مصلحة الكورد بأي حال من الأحوال، ربما يكونوا قد استمرئوا اللعبة لما فيها من مكاسب لهم بعد سنوات الضيم التي مر بها الشعب الكوردي.
كانت الوثيقة البروتوكولية الشهيرة التي تحدثت عنها ونشرتها وسائل الإعلام قد انتهى المتفاوضين من إعدادها، بالرغم من أنها لم تأتي بجديد، ربما أقل من القديم، وخصوصا في البروتوكول الأخير منها، ذلك المتعلق بشكل الفدرالية مما أثار الشكوك بالنوايا، ولكن أتضح إن الشكوك غير مبررة، وقد انتهت المفوضات عن تسمية الرئيس للدولة ورئيس الوزراء وتسمية الوزراء وانتهت زوبعة كركوك التي كان قانون إدارة الدولة للمرحلة الانتقالية قد استوفى كل ما يتعلق بها، ولم يبقى شيء لم يتفقوا عليه. وعلى حين غفلة سمعنا إن الكورد لا يعترفون بالعلم العراقي، فتوقعنا إنه السبب وراء التأخير، ولكن خرج لنا متحدث باسم الائتلاف ليقول إن الكورد محقين بذلك، ولا يوجد خلاف على هذه النقطة حيث أن الكورد لم يروا يوما واحدا جميلا بظل هذا العلم، وهذا حق، وفرحنا لمثل هذا التصريح لأنه يعكس تفهما واضحا لمواقف الكورد، وتوقعنا إن مفاوض قائمة الكورد يعتقد إن الإسلام السياسي في العراق يخطط لدولة ولاية الفقيه، وخرج علينا المتحدث الكوردي لينفي إمكانية قيام دولة من هذا النوع، لا في هذه المرحلة ولا في المراحل القادمة، وتوقعنا إن المفاوض من قائمة الائتلاف يعتقد جازما إن الكورد يؤسسون لانفصال بمطالب تبتعد عن المطلب الكبير المتمثل بوحدة العراق، وتحدث إلينا قائل من الائتلاف ليقول إن الكورد ليس لديهم مثل هذه النوايا لأنها مستحيلة التحقيق على المديين القريب والبعيد، وأكد الكورد ذلك الأمر.
واستبشرنا خيرا لأن المجلس الوطني سوف يعقد في التاسع والعشرين من هذا الشهر، وعقدت الجلسة، وليتها لم تعقد، لأنها لم تكن جلسة حقيقية كان المراد منها انتخاب رئيس الجمعية الوطنية، ولم ينتخب الرؤساء جميعا ولم تشكل الوزارة، وخرج النواب بخفي حنين، ومعهم بقي الشارع محبط يكاد أن يكفر بالديمقراطية التي سمحت لهذه المجموعة من الأسرى المكبلين بالتحدث نيابة عنها.
كان قبل هذا الموعد بفترة طويلة، قد استنفذ المتفاوضين كل الأعذار التي قالوها للشارع، وخرج الشارع عن حالة الانتظار إلى حالة السخط، كل هذا ولم تنتهي المفاوضات!!!!
باختصار شديد، لم نعرف، بل لم يبقى هناك مبرر للتأخير ولو لساعة واحدة، لذا قررت أن لا أفكر بهذا الموضوع كمحلل سياسي، بل كفتاح فال لعلي أوفق بحل ألغاز هذه الحالة المتعسرة، ولكني لم أتعلم هذا الفن لذا رحت أبحث عنهم لعلي أجد الجواب النافع والمفيد لدى فتاحي الفال والطشاشات وقارئي الفنجان، فذهبت بعد أن نصحني أهل المعرفة لأساتذة هذه الفنون.
أشارت لي الطشاشة أن أرمي بياضك وانوي بصدرك، سوف ينكشف المستور إنشاء الله، فنويت بالرغم من أن الأمر مسيطر على ذهني ويؤرقني كل لحظة، بل ويبعد النوم عن عيني.
رمت أحجارها وتأملت طويلا وأنا أتشوق لمعرفة ما الذي تقرأه هذه السيدة ذات الشعر الأشعث، فأشارت لي الطشاشة إن الأمر محلول بإذن الله ولكن سيبقى مؤجل إلى ما بعد العشرين من صفر، وربما يمتد إلى غرة ربيع الأول، فأصابتني الدهشة لما سمعت، ولم هو مؤجل إلى ذلك الوقت؟ فأجابتني بسرعة إن علم ذلك عند الله، عليك بالصبر ولا شيء سوى الصبر.
خرجت من الطشاشة فتاحة الفال وأنا بحالة من الذهول، وأتسائل لماذا بعد العشرين من صفر؟ ولماذا يمتد الأمر إلى غرة ربيع الأول؟ فزادت حيرتي، وعدت إلى التحليل السياسي من جديد، فهي صنعتي التي علمتني إياها الأربعين سنة من ممارسة السياسة، وتساءلت، هل هناك جهة خفية ضالعة بالأمر غير الذين نعرفهم؟ ومن هي هذه الجهة الخفية؟ هل هي أمريكا؟ إذ لطالما توجهت لها التهم خصوصا من قبل منجمي فضائية الجزيرة، وهل لهذه الطشاشة فتاحة الفال علاقة بفضائية الجزيرة؟ فكل الشر والكذب يأتينا من العرب، والناطق الرسمي باسم الكذب والجريمة والعرب العروبيين هذه الفضائية القبيحة المستهترة، ولكن بعد البحث المستفيض، لم أستدل على أية علاقة لها بفيصل القاسم أو أحمد منصور أو أي منهم، وحتى إنها ليست على علاقة بالقرضاوي أو عبد الباري عطوان أو نوري المرادي!! وفي النهاية لم يفلح من جديد التحليل السياسي في حل رموز هذه القضية المعقدة جدا.
كان من المفروض أن تحل القضية بعد أقل من ثلاثة أسابيع من الانتخابات، أي قبل محرم، ولكن قد انتهى محرم وها نحن في العشرين من صفر وسوف تنتهي أربعينية الحسين عليه السلام غدا، والأمر لم ينتهي بعد، فهل نتوقع أن تشكل الحكومة الحلم في غرة ربيع الأول؟ ولماذا ربيع الأول؟
سيبقى هذا اللغز عصيا على الفهم والتحليل السياسي وحتى الذين يعرفون بدواخل الأمور، هذا إذا تحقق بالفعل التاريخ الذي قرأته الطشاشة، فتاحة الفأل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. اختتام مناورات الأسد الإفريقي بسيناريو افتراضي استخدمت فيه م


.. بعد ضربات أمريكية على اليمن.. يمني يعبر عن دعمه لفلسطين




.. فرق الإنقاذ تنتشل جثمانين لمقاومين استشهدوا في جباليا


.. واشنطن: بلينكن دعا نظراءه في السعودية وتركيا والأردن للضغط ع




.. فرق الإسعاف تنتشل جثامين مقاتلين فوق سطح منزل بمخيم جباليا