الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟ مقتطف من الفصل الأوّل من كتاب- الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف-

ناظم الماوي

2013 / 2 / 19
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟

مقتطف من الفصل الأوّل من كتاب" الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف"


" لا حركة شيوعية ثورية دون ماوية !"

العدد 11

ناظم الماوي

الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف
( الجزء الأوّل من الكتاب) .

إنّنا نؤكّد بأنّ الماوية مرحلة جديدة فى تطور الماركسية – اللينينية و بدون الدفاع عن الماركسية - اللينينية - الماوية و بدون البناء على هذه القاعدة يستحيل الإنتصار على التحريفية و الإمبريالية و الرجعية عموما .

( " بيان الحركة الأممية الثورية " لسنة 1984).

======
كلمة العدد 11:

فى هذا العدد و العدد التالي 12 سننشر كتاب " الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف". فى العدد 11 ، نضع بين يدي القراء محتويات الجزء الأوّل من الكتاب وفى العدد 12 محتويات الجزء الثاني.


الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي مزيّف .


" و سيكون واجب القادة على وجه الخصوص أن يثقفوا أنفسهم أكثر فأكثر فى جميع المسائل النظرية و أن يتخلصوا أكثر فأكثر من تأثير العبارات التقليدية المستعارة من المفهوم القديم عن العالم و أن يأخذوا أبدا بعين الاعتبار أن الاشتراكية ، مذ غدت علما ، تتطلب أن تعامل كما يعامل العلم ، أي تتطلب أن تدرس و الوعي الذى يكتسب بهذا الشكل و يزداد وضوحا ، ينبغى أن ينشر بين جماهير العمال بهمة مضاعفة أبدا..."

( انجلز ، ذكره لينين فى " ما العمل؟ " ) .

============

" لقد منيت اشتراكية ما قبل الماركسية بالهزيمة . وهي تواصل النضال ، لا فى ميدانها الخاص ، بل فى ميدان الماركسية العام، بوصفها نزعة تحريفية...
- ان ما يجعل التحريفية أمرا محتما ، انما هي جذورها الطبقية فى المجتمع المعاصر . فإن النزعة التحريفية ظاهرة عالمية...
- ان نضال الماركسية الثورية الفكرى ضد النزعة التحريفية ، فى أواخر القرن التاسع عشر ، ليس سوى مقدمة للمعارك الثورية الكبيرة التى ستخوضها البروليتاريا السائرة الى الأمام ، نحو انتصار قضيتها التام..."

( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)

" إنّ لكلمة برنشتاين المجنّحة :" الهدف النهائي ليس بشيء ، الحركة هي كلّ شيء " ، تعبّر عن طبيعة النزعة التحريفية خيرًا من عدد كبير من الشروحات المستفيضة . أن يحدّد المرء سلوكه تبعًا لأحداث الساعة ، لتغيرات الأمور السياسية الطفيفة ، أن ينسى مصالح البروليتاريا الجذرية و الميزات الجوهرية لمجمل النظام الرأسمالي و لكلّ التطوّر الرأسمالي ، أن يضحّي بهذه المصالح من أجل منافع وقتية ، فعلية أو مفترضة : تلك هي خطوط السياسة التحريفية ."

( لينين- الماركسية و النزعة التحريفية-)

" إن وجهة النظر الديمقراطية الشكلية هي بالضبط وجهة نظر الديمقراطي البرجوازي الذى لا يقبل بأن تعلوها مصالح البروليتاريا و النضال الطبقي البروليتاري ".

( لينين - الثورة البروليتارية و المرتدّ كاوتسكي-)

" نحن لا نعتبر أبدا نظرية ماركس شيئا كاملا لا يجوز المساس به ، بل إننا مقتنعون ، على العكس ، بأنها لم تفعل غير أن وضعت حجر الزاوية لهذا العلم الذي يترتب على الإشتراكيين أن يدفعوه إلى الأبعد في جميع الإتجاهات إذا شاءوا ألا يتأخروا عن موكب الحياة."

( لينين –" برنامجنا "-)

===========

" التحريفية أو الإنتهازية اليمينية ، هي تيّار إيديولوجي برجوازي أشدّ خطرا من الجمود العقائدي. إنّ المحرفين أي الإنتهازيين اليمنيين ، يتشدّقون بالماركسية و همأيضا يهاجمون " الجمود العقائدي" . و لكن ما يهاجمونه إنّما هو بالضبط خلاصة الماركسية . إنّهم يعارضون المادية و الديالكتيك أو يشوهونهما ...".

( ماو تسي تونغ – حول المعالجة الصحيحة للتناقضات بين صفوف الشعب" 27 فبراير 1957)

--------------

" إن الجمود العقائدى و التحريفية كلاهما يتناقضان مع الماركسية . و الماركسية لا بد أن تتقدم ، و لا بد أن تتطور مع تطور التطبيق العملى و لا يمكنها أن تكف عن التقدم .فإذا توقفت عن التقدم و ظلت كما هي فى مكانها جامدة لا تتطور فقدت حياتها ، إلا أن المبادئ الأساسية للماركسية لا يجوز أن تنقض أبدا ، و إن نقضت فسترتكب أخطاء . إن النظر إلى الماركسية من وجهة النظر الميتافيزيقة و إعتبارها شيئا جامدا، هو جمود عقائدي ، بينما إنكار المبادئ الأساسية للماركسية و إنكار حقيقتها العامة هو تحريفية . و التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ."

( ماو تسي تونغ : خطاب فى المؤتمر الوطنى للحزب الشيوعي الصيني حول أعمال الدعاية "12 مارس/أذار 1957 "مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسى تونغ" ص21-22).


" تعلمنا تجارب الصراع الطبقي فى عصر الإمبريالية بأن الطبقة العاملة والجماهير الكادحة لا تستطيع إنزال الهزيمة بالبرجوازيين وملاك الأراضي المسلحين إلا بقوّة البنادق ."

( ماو تسى تونغ )

---------------------------------

" على الشيوعيين أن يكونوا مستعدين فى كلّ وقت للتمسّك بالحقيقة ، فالحقيقة ، أية حقيقة ، تتفق مع مصلحة الشعب. وعلى الشيوعيين أن يكونوا فى كلّ وقت على أهبة لإصلاح أخطائهم، فالأخطاء كلّها ضد مصلحة الشعب ".

( ماو تسى تونغ- 1945)
===================================================

مقدّمة :

منذ بضعة أشهر ، أنجزنا كرّاسا أفردناه لحزب " يساري" تأسس فى أوت 2012 ، الحزب الوطني الإشتراكي الثوري – الوطد و الآن نصبّ إهتمامنا على حزب حديث الولادة هو الآخر ، الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى أنهى أشغال مؤتمره التوحيدي فى مطلع شهر سبتمبر 2012 وهو إفراز لعملية وحدة بين حزبين قانونيين موجودين على الساحة السياسية هما حركة الوطنيون الديمقراطيون و حزب العمل الوطني الديمقراطي ( تيار الوحدة ؛ فى حين واصل التيّار الآخر مساره نحو الإلتحاق بمستنقع " نداء تونس" و أضرابه).

و يندرج مجهودنا هذا فى إطار تطبيق شعار مزيد الوضوح الإيديولوجي و السياسي فى صفوف " اليسار" فى القطر والفرز بين الماركسية و التحريفية بما هي فكر برجوازي يتقنّع بقناع الماركسية . فهدفنا كشيوعيين حقيقيين هو الشيوعية و تحرير البروليتاريا و الإنسانية جمعاء من كافة أنواع الإضطهاد القومي و الطبقي و الجندري و هدف الماركسية المزيفة التى ننقد و نفضح هو خدمة أعداء الكادحين و تأبيد الإضطهاد و الإستغلال و ليس القضاء عليهما.

و سنحكم على أصحاب حزب الوطنيين الديمقراطيين الموحّد حسب كلمات للينين فى " ما العمل؟" ، " لا على أساس البزّة البراقة التى يخلعونها على أنفسهم بأنفسهم ، لا على أساس اللقب الطناّن الذى ينتحلونه لأنفسهم ، بل على أساس سلوكهم و على أساس ما يدعون إليه فى الواقع "، و فى هذا العمل تحديدا و جوهريّا على أساس وثائقهم هم بالذات .

و لسنا من هواة إطلاق الشتائم و القذف و لا من هواة أسلوب السباب و إنّما ديدننا هو إستخدام سلاح النقد الماركسي و الخوض فى أعماق أفكار و مقولات المجموعة التى نسلّط عليها الأضواء لنظهرها على حقيقتها ، عارية ، دون المساحيق التى تخدع الكثيرين من الذين يتأثّرون بالكلام المعسول و المنمّق و الأوهام البرجوازية الصغيرة و ينسون أن الشيوعية علم يجب أن يدرس و نتائجه فى صفوف البروليتاريا و الشعب يجب أن تروّج .

و نحن كماديين جدليين لا ننطلق من فراغ لنصدر الأحكام و لا نحن نرجم بالغيب بل منطلقنا على الدوام هو الواقع الموضوعي و وثائق المجموعة التى ننقد و التى عليها نطبّق علم الثورة البروليتارية العالمية : الماركسية - اللينينية - الماوية ليكون تحليلنا و تلخيصنا تحليلا و تلخيصا علميين نعتمدهما فى الصراع فى سبيل الخطّ الإيديولوجي و السياسي الصحيح الذى بوسعه أن ينير لنا و للمناضلين و المناضلات و للبروليتاريا و بقيّة الطبقات الشعبية طريق التحرّر الحقيقي و ليس الوهمي .

و نحن نعوّل على رحابة صدر القرّاء ليسمحوا لنا باللجوء إلى كمّ لا بأس به من الإستشهادات بأقوال رموز الشيوعية لا سيما لينين و ماو تسى تونغ و نتوقّع من الذين ننقدهم أن ينتفضوا ضد إستعمالنا لل" كتب " التى نراها متضمّنة لتحاليل وتلاخيص نظرية علمية لحقائق موضوعية من تجربة البروليتاريا العالمية بمختلف أوجهها و تكتسي بالغ الأهمّية فى علم الثورة البروليتارية العالمية و يرونها حجر عثرة أمام مشروعهم التحريفي . ففى هذا الجدال ضد من يدعون الماركسية- اللينينية فى حين أنّهم يطمسونها ويشوّهونها ، لا مناص من عرض الآراء الحقيقية للينينية كمرحلة ثانية فى تطوّر الماركسية و الماوية كمرحلة ثالثة فى تطوّرها و لا مناص من إبراز ما سعى و يسعى التحريفيون إلى قبره و طمره و إهالة التراب عليه من مبادئ الشيوعية الثورية و بذلك يلبّي عملنا هذا حاجة مزدوجة : دحض التحريفية و التعريف بالشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الثورية .

و بحثا عن منتهى الوضوح الممكن ، فصّلنا مسائل الخطّ الإيديولوجي و السياسي التى سنتناول بالبحث تفصيلا فتوصّلنا إلى التخطيط التالي لعملنا هذا الذى لن يُعنى إلاّ بأمّهات المسائل أمّا تلك التى نعدّها ثانوية الآن فقد نناقشها فى مناسبات أخرى :

مقدّمة :

I- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب ماركسي ؟

1- من هو الماركسي الحقيقي؟
2- تحطيم الدولة القديمة أم ترميمها و تحسينها ؟
3- الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟
4- الأممية البروليتارية أم مجرّد التضامن العالمي ؟

II- هل الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد حزب لينيني ؟

1- طبيعة الدولة و الجيش طبقية أم لا ؟
2- الديمقراطية الطبقية أم الديمقراطية " الخالصة " ؟
3- حزب لينيني أم سفينة نوح ؟
4- النظرية الثورية أم الأفكار الرجعية و البرجوازية السائدة ؟

III- هل يطبّق الحزب الوطني الديمقراطية الموحّد المادية الجدلية أم المثالية الميتافيزيقية ؟

1- المبادئ الشيوعية أم البراغماتية ؟
2- جمع الإثنين فى واحد أم إزدواج الواحد؟
3- تحليل مادي جدلي للواقع أم تحليل مثالي ميتافيزيقي؟
4- الحرية : نشر الحقائق الموضوعية أم الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟

VI- "الهوية الفكرية والطبقية للحزب الوطني الديمقراطي الموحّد": حزب تحريفي برجوازي.

1- عن الماركسية - اللينينية .
2- عن الإشتراكية العلمية .
3- عن " التداول السلمي على السلطة عبر الإنتخابات".
4- عن النظرية العامة للثورة و" الخصوصية ".

V- الثورة الوطنية الديمقراطية و تكتيك الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد الذى يبتلع الإستراتيجيا :

1- طريق الثورة الوطنية الديمقراطية بين الماركسية و التحريفية.
2- المسألة الديمقراطية غائبة والجبهة الوطنية مائعة.
3- التكتيك الذى يبتلع الإستراتيجيا.
4- إلى أين تفضى الأوهام الديمقراطية البرجوازية ؟ : دروس التجارب العالمية.

IV- مغالطات الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي فى تونس :

1- تداخل مفزع فى المفاهيم.
2- لأغراض إصلاحية يتمّ تشويه الفهم اللينيني للوعي و العفوية.
3- أوهام حول طبيعة الدولة و الجيش .
4- أوهام حول الدين و الأصولية الدينية.
5- أوهام حول المجلس التأسيسي .

IIV- جملة من أخطاء الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد فى قراءة الصراع الطبقي عربيّا و عالميّا :

1 - طبيعة الأنظمة فى الأقطار العربية.
2- الكفاح المسلّح.
3- القوى التى تعزّز موقع حركات التحرّر.

IIIV- ماضى الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد و حاضره و مستقبله :

1- بصدد ماضي هذا الحزب.
2- بصدد حاضره.
3- بصدد مستقبله.

خاتمة :

ملاحق :

1- الديمقراطية القديمة و الديمقراطية الجديدة.
2- طليعة المستقبل ينبغى أن نكون!
3- رسالة مفتوحة إلى أنصار حركة الوطنيون الديمقراطيون.

جانفي 2013



الشيوعية أم الإشتراكية هي المشروع البديل ؟

" التحريفية هي شكل من أشكال الإيديولوجية البرجوازية . إن المحرفين ينكرون الفرق بين الإشتراكية و الرأسمالية و الفرق بين دكتاتورية البروليتاريا و دكتاتورية البرجوازية . و الذى يدعون اليه ليس بالخط الإشتراكي فى الواقع بل هو الخط الرأسمالي ."( ماو تسى تونغ) .
-------------------------
يرفع الماركسيون و الماركسيات الحقيقيون عاليا راية الشيوعية كإيديولوجيا و مجتمع نتوق إليه و نتطلّع و فى سبيله نناضل فغاية الماركسية ليست سوى الشيوعية أمّا الذين يستخدمون بعض المفاهيم الماركسية و يطمسون روحها الثورية و التوّاقة إلى الهدف الأسمى الشيوعي فما هم إلاّ ماركسيون مزيفون ، ما هم إلاّ " خدم للبرجوازية ".

" الشيوعية هي نظام كامل للإيديولوجية البروليتارية وهي فى نفس الوقت نظام إجتماعي جديد . وهذا النظام الإيديولوجي و الإجتماعي يختلف عن أي نظام إيديولوجي و إجتماعي آخر، وهو أكثر النظم كمالا و تقدّمية و ثورية و منطقية فى التاريخ الإنساني . فالنظام الإيديولوجي و الإجتماعي الإقطاعي لم يعد له مكان إلاّ فى متحف التاريخ ، كما أنّ النظام الإيديولوجي و الإجتماعي الرأسمالي قد دخل هو الآخر فى متحف التاريخ فى جزء من العالم ( فى الإتحاد السوفياتي) ، بينما هو يشبه فى البلدان الأخرى " شخصا مشرفا على الموت يلفظ أنفاسه الأخيرة ، أو كالشمس الغاربة خلف التلال الغربية " ، و لن يطول به الوقت حتى يصبح فى متحف التاريخ . أمّا النظام الإيديولوجي و الإجتماعي الشيوعي فهو وحده ينبض بالشباب الناضر و الحيوية الدافقة و ينتشر فى العالم بسرعة التيار الجارف و قوة الصاعقة."

(ماو تسى تونغ " حول الديمقراطية الجديدة " ( يناير– كانون الثاني – 1940) ، المؤلفات المختارة ، المجلّد الثاني).

و يدافع الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد بطرق ملتوية ( سنناقش لاحقا ) عن " الإشتراكية مشروعا بديلا " ( " البرنامج السياسي العام" ) و لا أثر فى كافة وثائق المؤتمر لكلمة الشيوعية أصلا و مطلقا . كلمة " الشيوعية " ملغاة من قاموس هؤلاء الذين يدعون الماركسية - اللينينية ، و هم يحاولون تعويضها ب" الإشتراكية " و إيهامنا أنّ الأمر سيّان وهو ليس كذلك. فالماركسية كما أكّد لينين نتاج لأفضل ما بلغته الإنسانية من الإشتراكية الفرنسية و الإقتصاد السياسي الأنجليزي و الفلسفة الألمانية مكوّناتها و مصادرها الثلاثة الأساسية و قد خاض ماركس و إنجلز صراعات عظيمة لتطوير عملية الفرز فى صفوف التيارات الإشتراكية و لينشروا الشيوعية تجاوزا للمقولات السابقة لها و لم تظلّ الإشتراكية لديهم سوى المرحلة الدنيا أو السفلي من الشيوعية ، المرحلة الإنتقالية من الرأسمالية إلى الشيوعية و جماعة الحزب الجديد يريدون تبديل الشيوعية كهدف أسمى بالإشتراكية كمرحلة إنتقالية حاملة لإمكانية التقدّم نحو الشيوعية و كذلك لبقايا الرأسمالية و إمكانية إعادة تركيز الرأسمالية ، كمجتمع طبقي لا تزال فيه الدولة قائمة و لا يزال فيه قانون القيمة ساري المفعول هو و " الحق البرجوازي".

لقد أعرب ماركس بصدد الإشتراكية عن : "إنّ ما نواجه هنا ليس مجتمعا شيوعيّا تطور على أسسه الخاصّة ، بل مجتمع يخرج لتوه من المجتمع الرأسمالي بالذات؛ مجتمع لا يزال ، من جميع النواحي ، الإقتصادية و الأخلاقية و الفكرية ، يحمل طابع المجتمع القديم الذى خرج من أحشائه". ( ذكره لينين فى " الدولة و الثورة " ، الصفحة 98).

و على ضوء ما تقدّم نلمس أن هدف الماركسية و غايتها الأسمى هو الشيوعية و انّ الإشتراكية مرحلة إنتقالية لا غير وهي بالتالي ليست المشروع البديل الذى يرفع رايته الماركسيون الحقيقيون إذ انّ المشروع الماركسي البديل حقّا هو الشيوعية. و هذا من جماعة الحزب الجديد مغالطة إعتاد عليها الشيوعيون الحقيقيون فى نضالاتهم بلا هوادة ضد ألوان التحريفية عبر العالم. و الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد يعود بنا إلى ما قبل " بيان الحزب الشيوعي " الذى أعلن و منذ 1848 بكلّ جرأة الثوريين عن المشروع الشيوعي بصوت هزّ العالم هزّا و يأتى أصحاب الحزب الجديد فى 2012 ليعيدوا عقارب الساعة إلى ما قبل ذلك البيان التاريخي و يدعون الماركسية وحتى الماركسية - اللينينية . ببساطة هم نكوصيون رجعيون . ببساطة هم ماركسيون مزيفون.

و علاوة على ذلك ، تعلن وثائق الحزب الجديد ( فى " البرنامج السياسي العام " تحديدا ) أنّ الحزب ينأى بنفسه عن إتباع نماذج معينة مسجّلا أنّه يعمل " بعيدا عن الإنحصار فى نماذج سابقة و بعيدا عن مركزية وليدة رؤية قديمة بالية ".

ولعلّكم لاحظتم معنا الشتائم الموجّهة للتجارب الإشتراكية الأصلية السابقة للبروليتاريا العالمية و لعلّكم تساءلتم معنا إذا لم يكن لهذا الحزب نماذج أو نموذج يدافع عنه وهو يدين التجارب الإشتراكية السابقة عوض تقييمها علميا و إستخلاص الدروس الإيجابية و السلبية منها ، عن أية إشتراكية يتحدّث إذن ؟

ما من ماركسين حقيقيين و خاصة ما من ماويين حقيقيين يدعون للإنحصار فى نماذج و لإدانة التجارب الإشتراكية السابقة . الثورات و التجارب السابقة موروث ثوري منه ننطلق لنشّيد بناءا أفضل ، نحلّله و نلخصه و نخرج منه بدروس من أجل ممارسة أرقي فأرقي أمّا رمي الصائب وهو الرئيسي فى تجارب الإشتراكية لا سيما فى الإتحاد السوفياتي و الصين ، و الخاطئ وهو ثانوي و إن كان هاما فهو تصفوية فى أبرز تجلّياتها ، فضلا عن كونه مثالية ميتافيزيقية لا تحلّل الأشياء والظواهر و السيرورات على أنّها وحدة أضداد/ تناقض بمعنى أنّها لا تحلّل التجارب الإشتراكية ( إن إعتبرت نماذجا ) فتميزّ بين المظهر الصائب و المظهر الخاطئ و تراكم ما هو صائب و تبنى عليه مزيد التقدّم نحو الشيوعية عالميّا و تدحض ما هو غلط و تسعى جهدها لتجاوزه و تجنّب تكراره بشكل أو آخر .

كما ورد فى مثل فرنسي ، يرمي هذا الحزب بالطفل مع الماء المتسخ فى المجاري فيرتكب خطأ فادحا ، حتى لا نستعمل نعوتا جارحة ، تجاه تضحيات ملايين العمال و الفلاحين و المثقّفين الثوريين و الشيوعيات و الشيوعيين خلال ما يناهز القرنين إن بدأنا العدّ فقط منذ صدور " بيان الحزب الشيوعي " مرورا بكمونة باريس فثورة أكتوبر 1917 فالثورة الصينية لسنة 1949 و الثورة الثقافية البروليتارية الكبرى 1966- 1976 إلى حرب الشعب و النضالات الأخرى فى أكثر من بلاد و من قارة إلى يومنا هذا .

يدعونا أصحاب هذا الحزب إلى فسخ موروثنا البروليتاري الثوري ، التجارب التى راكمتها البروليتاريا العالمية بحلوها و مرّها و بتصفوية ننطلق من جديد و من الصفر و كأنّ شيئا لم يكن كما يدعونا بإسم الماركسية إلى أن نعود إلى ما قبل الماركسية و نبذ " النماذج" . هذا منهم هراء تصفوي ، مجرّد هراء تصفوي و ليس من المنطق المادي الجدلي فى شيء . هذا نقد عدميّ و ليس نقدا بنّاءا. هذا سجود و إستسلام تام أمام الهجمة الرجعية والبرجوازية و الإمبريالية على الشيوعية عبر العالم و منذ عقود الآن . هذه خدمة أخرى للبرجوازية.

لماذا بلغوا هذا المبلغ من الإرتداد عن الشيوعية بإسم " إشتراكيتهم " و " ماركسيتهم " ؟ هل الهجوم على الشيوعية وحده يفسّر هذا الإرتداد ؟ فضلا عن الهجوم الرجعي والبرجوازي والإمبريالي العالمي على الشيوعية وهو سبب أساسي ينضاف إلى خسارة الدول الإشتراكية السابقة ، مردّ هذا الموقف التصفوي فى تقديرنا مزدوج . أوّلا ، سقوط جميع مؤسسى هذا الحزب الجديد فى حبال الديمقراطية البرجوازية عائد فى جزء هام منه إلى التخلّى ( بالنسبة لتيار حزب العمل و حزب العمل برمته )عن أرقى ما توصّل إليه علم الثورة البروليتارية العالمية و نقصد الماوية كمرحلته الثالثة أو الوقوف ( بالنسبة لحركة الوطنيون الديمقراطيون ) موقفا وسطيّا من أمهات المسائل و الصراعات التى شهدتها الحركة الشيوعية العالمية و بالذات إنقسام الحركة الماركسية- اللينينية إلى ماوية و خوجية. على الدوام إلى التحريفية تفضى الوسطية و يفضى التعامل التصفوي تجاه أرقى ما بلغه علم الثورة البروليتارية العالمية و هذا ينسحب ليس على القطر فقط بل هو قانون شامل عالمي نشاهد تجلّياته عبر القارات الخمس . و ثانيا ، و من الناحية المنهجية ، يقوم خطّ الحزب الجديد على ركيزة أساسية هي عدم البحث فى التجارب التاريخية للبروليتاريا العالمية و القضايا النظرية لأنّها سياسيّا قد تتسبّب فى إنشقاقهم أو تشتّتهم وهو إيديولوجيا يطبّق المثالية و الميتافيزيقا التى قال عنها ماو تسى تونغ :

" إن المثالية هي الشيء الوحيد فى العالم الذى لا يكلف الإنسان أي جهد ، لأنها تتيح له أن يتشدق كما يشاء دون أن يستند إلى الواقع الموضوعي و دون أن يعرض أقواله لإختبارات الواقع . أما المادية و الديالكتيك فهي تكلف الإنسان جهدا ، إذ أنها تحتم عليه أن يستند إلى الواقع الموضوعي و أن يختبر أمامه ، فإذا لم يبذل جهدا إنزلق إلى طريق المثالية و الميتافيزيقا . "

( ماو ، مايو – إيار 1955 ص 224 من مقتطفات من أقوال الرئيس ماو تسي تونغ )

الإشتراكية التى يروّج لها جماعة الحزب الوطني الديمقراطي الموحّد زئبقية لا حدود لها ، هي كلمة هلامية لا غير . و مع التملّص من النماذج السابقة أي التجارب الإشتراكية السابقة و نبذها قلبا و قالبا ، شكلا و مضمونا ، و كلّيا ، ماذا تبقى لهم ؟ تبقّى لهم كيل المديح لنماذج كوبا و فينيزويلا... حين يحطّم التحريفيون التجارب الرائدة للبروليتاريا العالمية ، علينا أن نفتّش عن بديلهم الذى يقدّمون مباشرة أو بصفة غير مباشرة . و بديل الحزب الموحّد غائم ، يلهث بالثناء على كوبا و فينيزولا اللذان لا صلة لهما بالإشتراكية الحقيقية و الشيوعية الحقيقية ، الشيوعية الثورية ، و يتناسى عن قصد حرب الشعب فى الهند و الفليبين مثلا أين تخفق الراية الحمراء .

إلى أي درك من الإنحطاط دفع هؤلاء " الموحّدون" "الماركسيون" زورا و بهتانا بالإشتراكية كمكوّن من المكوّنات الثلاثة للماركسية و كمرحلة إنتقالية إلى الشيوعية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استطلاعات للرأي تظهر أن حزب العمال حقق فوزا كبيرا في الانتخا


.. استطلاعات رأي تكشف عن انتصار ساحق لحزب العمال في الانتخابات




.. كلمة الأستاذ محمد سعيد بناني في تأبين الراحل عبد العزيز بنزا


.. نتائج غير رسمية تشير إلى فوز حزب العمال البريطاني في الانتخا




.. كلمة الأستاذ محمد صديقي في تأبين الراحل عبد العزيز بنزاكور