الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المفاوضات السرية مع اسرائيل..وصفة سحرية لانتاج الورطات الفلسطينية!!

طلال ابو شاويش

2013 / 2 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


المفاوضات السرية مع إسرائيل
وصفة سحرية لإنتاج االورطات الفلسطينية !!!


رغم التحفظ المشروع على مؤتمر مدريد وما تبعه من مفاوضات فلسطينية -إسرائيلية جاءت نتاجاً لحالة إقليمية اختلت فيها موازين القوى بعد حرب الخليج ، وسعياً من القيادة الفلسطينية المتنفذة للحد من فاتورة الموقف الفلسطيني المساند للعراق حينئذٍ ، إلا أن هذه المفاوضات التي شاركت فيها قيادات فلسطينية من الداخل ، جاءت علنية في معظمها ، ولاحقتها وسائل الإعلام في مختلف مراحلها وعناوينها ، وكان العالم كله يتابعها بشغفٍ بما فيه الشعب الفلسطيني الذي كان يسند هذه المفاوضات بانتفاضة الحجارة الباسلة.
وجاءت الصدمة الكبرى من بلاد الثلج / ومن العاصمة النرويجية (أوسلو) حيث أعلن عن الاتفاق / الفضيحة: اتفاق أوسلو عام 1993 والذي نتج عن مفاوضات سرية درات بين قيادة م.ت.ف المتنفذة في الخارج وبين إسرائيل التي رأت في مفاوضي مدريد قيادة داخلية شديدة المراس وترفض العبث بمحرمات القضية الفلسطينية.
وهكذا أنجبت المفاوضات السرية في اوسلو مولوداً مشوهاً لم يؤسس مطلقاً لتحقيق الحرية والاستقلال والدولة وهي الشعارات التي التفت حولها جماهير شعبنا خلال الانتفاضة الأولى ... وإنما كياناً محاصراً بشروطٍ مجحفة تسد الآفاق أمام أي تطور لهذا الكيان ...
وأي متأمل لهذا الاتفاق / الإطار ، وللمفاوضات التي استمرت عقدين من الزمان ، يستطيع أن يكتشف ( الورطة التاريخية ) التي وقع فيها الطرف الفلسطيني عقب هذه الاتفاقية السرية ...
وفي مفاوضات صفقة "شاليط" العسيرة والطويلة فقد عمدت حركة حماس إلى مفاوضات سرية دوخت الإعلام كما دوخت الشعب الفلسطيني ، ونجم عنها أخيراً اتفاقاً حرر أكثر من ألف أسير فلسطيني مقابل الأسير الإسرائيلي جلعاد شاليط ... وأصابتنا النشوة لرؤية أبطالنا الأسرى وهو يقبلون أرض فلسطين لدى دخولهم معبر رفح ، وهي نفس النشوة التي شعرنا بها لدى دخول رجال الثورة الفلسطينية إلى غزة وأريحا ، ولدى انتشارهم في مدن الضفة الغربية بعد اتفاق أوسلو.
غير أننا رأينا فيما بعد أسرى يبعدون إلى خارج الوطن ولا نعلم حتى الآن متى سيعودون !
ورأينا أسرى من الضفة الغربية يحلّون ضيوفاً علينا في غزة ولا ندري متى يستطيعون العودة للحياة الطبيعية في كنف أسرهم !
ورأينا أن هناك أسرى تم الإعلان عنهم ضمن الصفقة غير أنهم لم يتحرروا حتى الآن !
ونرى الآن أسرى محررين يتم اعتقالهم من جديد ويدّعي الطرف الإسرائيلي أن هناك مصوغات قانونية وفرها الاتفاق مع حماس لهم للإقدام على إعادة أسرهم !
وهكذا ظل الاتفاق السري بين حماس وإسرائيل يكتنفه الغموض وتحيطه التساؤلات الكثيرة ، دون أن تتجرأ حماس على الإعلان عنه وعن بنوده وتفاصيله وليتوج فيما بعد باغتيال القائد الكبير أحمد الجعبري. وتكرر هذا النمط من المفاوضات خلال وبعد الحرب الأخيرة على غزة ( 2012 ) ، و رعت " مصر الثورة والإخوان " وبغطاء دولي مفاوضات عسيرة برزت فيها المقاومة وعلى رأسها حركة حماس كطرف قويّ ومنتصر بعد حربٍ ضروس ...ربما كانت حرب الاعتراف بحركة حماس وبضرورة التفاوض معها ... وأُبرم الاتفاق وأعلن عن بنود عامة لا يُفهم فيها أي شيء ...
ومن جديد انتشت الجماهير الفلسطينية وخرجت إلى الشوارع لتحتفل بانتصار جديد ادعت حماس أنها قد حققت الكثير من الإنجازات في إطاره ....
وصمت هدير الطائرات وصمتت معها زمجرة الصواريخ الفلسطينية غير أن رصاص الاحتلال طال أجساد مزارعينا قرب الحدود عشرات المرات وسقط الشهداء والجرحى من جديد ، وظلت المطاردة البحرية للصيادين تجري على قدمٍ وساق ... فأصيب واعتقل الكثيرون منهم ...
وظلت " إسرائيل " تعربد على الصعيد الاقتصادي كما تشاء وتتحكم في حركة السلع حسب أهوائها ووفقاً لحساباتها ...
ولم تعرف الجماهير الفلسطينية حتى الآن ماهيّة هذا الاتفاق أو بنوده أو تفاصيله ، وما تعرفه فقط بعد كل المعاناة والدماء والموت والتدمير : أنه انتصارٌ آخر !
ونسمع حالياً عن مفاوضات سرية جديدة تم تنشيطها في لحظة فلسطينية خاصة جداً ... وهي لحظة الإحساس العميق لدى كل فلسطيني أننا أقرب ما نكون إلى المصالحة بعد الحرب الأخيرة ... لنفاجأ بحديث عن مفاوضات سرية بين حماس وإسرائيل وأخرى تجري بين الرئيس أبو مازن والولايات المتحدة الأمريكية ... لمحاولة إحياء المفاوضات العبثية مع إسرائيل ...
خطان متوازيان من المفاوضات السرية وفي توقيتٍ خطير جداً يتم تنشيطها والطرفان في ذروة الحديث عن المصالحة !!!
فكيف يمكن أن يُفهم ذلك التوجه الخطير للطرفين ؟!
وهل فعلاً كان الطرفان يمتلكان إرادة المصالحة الحقيقية التي روج لها الإعلام بصورة مكثفة أخيراً؟ ؟!
أم أن طرفا الانقسام أصبحا يوظفان ورقة المصالحة الوطنية للتلويح والتهديد بها تجاه أطراف خارجية لتحقيق منجزات سياسية ضيقة وخاصة بكليهما ؟!
وهل فعلاً ستكون الرعاية المصرية الإخوانية لملف المصالحة ، رعاية الأشقاء للأشقاء أم أن الإخوان في مصر يرون فعلاً أن فلسطين قد شهدت ربيعاً مبكراً طالت نسماته قطاع غزة عام 2007 ولا زال هذا الربيع يحتاج إلى الامتداد للضفة الغربية لإنجاز الربيع الفلسطيني الكامل ؟!!
إن الجماهير الفلسطينية في الداخل والشتات التي قدمت التضحيات الكبيرة تحتاج الآن وأكثر من أي وقتٍ مضى إلى مكاشفتها ومصارحتها بكل ما يجري في الخفاء في دهاليز السياسية وكواليسها وأنفاقها المعتمة ... وهذا حق طبيعي مقدس ومشروع وليس منةً من أحد مهما كانت صفته ومهما كان موقعه !
وإن الشعب الذي أفرز على مدار تاريخ مقاومته ، هذه الحركات والأحزاب ، ومنحها شرعية قيادته والتفاوض باسمه ، لقادر على سحب هذه الشرعية وإلغاء هذا التفويض ... ومن لم يدرك هذا الدرس بعد ، عليه أن يتأمل واقعنا العربي خصوصاً ... فحق القوى والأحزاب والحركات السياسية يبقى نسبياً ، فيما حقوق الشعوب الحية هي المطلقة الأبدية !!!








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرانس كافكا: عبقري يتملكه الشك الذاتي


.. الرئيس الإسرائيلي يؤكد دعمه لحكومة نتنياهو للتوصل إلى اتفاق




.. مراسلتنا: رشقة صواريخ من جنوب لبنان باتجاه كريات شمونة | #را


.. منظمة أوبك بلس تعقد اجتماعا مقررا في العاصمة السعودية الرياض




.. هيئة البث الإسرائيلية: توقعات بمناقشة مجلس الحرب إيجاد بديل