الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التطورات الأخيرة في المنطقة بعد اتفاق التهدئة في غزة

فرج الله عبد الحق

2013 / 2 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


في مقالي هذا سأبحث في الوضع العربي عموماً و الفلسطيني خصوصاً منذ توقيع اتفاقية التهدئة الفلسطينية في غزة مع الاحتلال الإسرائيلي والتأثرات على وضع الشتات الفلسطيني بعد هذه الاتفاقية. وأبدأ يشرح سريع على الوضع في تونس ومصر وأنتقل إلى وضع الفلسطينيين في الشتات خصيصاً في سورية، ثم ادخل في مجمل التحولات الجارية على الساحة الفلسطينية، المشاريع و المخططات الجاري دراستها و تطبيقها.
لا شك أن دماء بو عزيزي أشعلت لهيب حماس ثوري لا في تونس وحدها بل وفي المنطقة بأسرها، مجريات الأحداث تثبت ذلك، فانتقال الحراك منها إلى دول أخرى مثل مصر يثبت بأن الأمور كانت جاهزة وأن الشارع كان مهيئاً لمثل هذا الحراك.
في تونس كان الشعب يقع تحت حكم دكتاتوري يؤمن في اللبرالية الاقتصادية، تحول العامود الفقري للاقتصاد من إنتاجي إلى خدماتي، ولم يعد ألعامود الفقري للناتج القومي يعتمد على الإنتاج، وتم التركيز على السياحة و التجارة مع الخارج بدل التركيز على الإنتاج من الخامات المعدنية المتوفرة بكثرة في تونس. هذه الخامات التي كانت تُستغل بأبشع الاستغلال من قبل الشركات الاحتكارية الأجنبية، كل ما ذكر سابقاً أدى إلى تشكيل طبقة من الكمبرادور و السماسرة تحكموا في مقدرات البلاد، فارتفعت نسبة البطالة وزادت التناقضات الاجتماعية، ولم تكن النيران المشتعلة في جسد الشهيد بو عزيزي إلا الشرارة التي دبت في الهشيم فأشعلت نار الحراك الجماهيري ألذي أدى إلى إسقاط رأس النظام.
ما حصل في تونس هو أن الإسلام السياسي ركب موجة الحراك وتحت شعار العدالة الاجتماعية استطاع أن يحوز على نسبة عالية من المجلس التأسيسي مما خوله بتحالفات مع قوى قريبة منه إلى استلام السلطة.
إن النظام الاقتصادي للإسلام السياسي لا يختلف في جوهره عن النظام الرأسمالي بشكله النيولبرالي مما فأقم من الأزمة الاقتصادية التي كانت متفاقمة بشكل كبير، هذا أدى إلى التفاف الشعب التونسي حول المؤسسات الجماهيرية التي كانت بالأصل البيئة الحاضنة للحراك أيام بن علي كالإتحاد التونسي للشغل كما أدى إلى تشكيل تجمعات سياسية معارضة وعلى رأسها الجبهة الشعبية بقيادة حزب العمال.
إن اغتيال الممثل الإعلامي لهذه الجبهة شكري بالعيد أدى إلى فضح الممارسات الفاشية للإسلام السياسي وسيؤدي إلى تسريع في عملية التحول الديمقراطي و الإقصاء الديمقراطي له وذلك رغم صعوبة هذه العملية لأن الإسلام السياسي لن يتنازل بدون دماء. تجارب التاريخ تعلمنا ذلك، فاغتيال لمبراكي مثلاً أدى إلى صعود اليسار اليوناني بشكل كبير.
الوضع في مصر لا يختلف عنه في تونس بشكل كبير و له أهمية أكبر من تونس من حيث أن الحجم و التعداد السكاني أكبر، ولا يمكن أن ننسى هنا الدور الريادي الثقافي و السياسي المصري، فمنها خرج كبار المثقفين في العالم العربي كطه حسين، نجيب محفوظ، يوسف السباعي، ومحمود أمين العالم وغيرهم من المثقفين، على أرضها قامت الثورات ضد الاحتلال البريطاني، وعلى ضفاف قناتها صد العدوان الثلاثي عليها، ولا يمكن نسيان ملحمة العبور و مصر عبد الناصر الدولة الريادية في حركة عدم الانحياز.
الوضع الاقتصادي في مصر كان مماثلاً للوضع التونسي من حيث نشوء طبقة الكمبرادور و السماسرة في عهد السادات و مبارك، يزيد عليه الاتفاقيات الأمنية و الاقتصادية مع إسرائيل وعلى رأسها اتفاقية كامب ديفيد المكبلة بملحقاتها الاقتصادية التي كان آخرها اتفاقية مد إسرائيل بالغاز الطبيعي بأسعار زهيدة تقل عن أسعار الغاز المباعة في مصر.
أصف إلى ذلك هذا الهدم الممنهج لبنية الحكم في مصر الذي أدى إلى نشوء دولة تسير دون مخطط تنموي، دولة أصبحت ألعوبة في يد إسرائيل. لا يمكن أن ننسى في هذا السياق تصريحات قادة إسرائيل المتعاقبين حول الخسارة الإستراتيجية لإسرائيل بذهاب حسني مبارك.
أول الضمانات التي قدمها الإسلام السياسي للإمبريالية هو التأكيد على التزامه باتفاقيات كامب ديفيد، وثانيها عدم التغير في طبيعة و جوهر النظام الاقتصادي المصري، أي البقاء على طبقة الكمبرادور مع تغير الوجوه من أصدقاء مبارك إلى أصدقاء الإخوان، وبناء على ذلك قدمت الإمبريالية كل المساعدات المطلوبة لحركة الإخوان المسلمين ودعمتهم للوصول إلى السلطة.
الإمبريالية لا يهمها اسم و الشكل النظام السياسي الموجود في أي بلد، المهم بالنسبة لها ما مدى تطبيق هذا النظام لمخططاتها، لهذا لم تتورع القوى الأمروصهيونية من دعم استلام الإسلام السياسي متمثلاً بحركة الإخوان المسلمين لمقاليد الحكم في مصر، هي استغلت عمامة الشيوخ الدينية من أجل الاستمرار قي تنفيذ مخططها وذلك بموافقة من الإخوان.
وكما في تونس كذلك في مصر تقوم القوى الوطنية في رص الصفوف، ورغم تمرير الدستور لكن المعارضة استطاعت فرض بعض شروطها على الحكم والمعركة مستمرة, إنها معركة ويبنى على كل نصر فيها. قد تكون هذه المعركة هي المعركة الفاصلة بين الإسلام السياسي المرتبط بالإمبريالية الذي يأخذ شكل الفاشية وعملائها من جهة وبين قوى التحرر في المنطقة بل في العالم.
في سورية لم يستطع الإخوان المسلمين قلب نظام الحكم على الطريقة الليبية المتمثلة بالتدخل العسكري المباشر أو على الطريقة المصرية المتمثلة بالاختباء وراء شعارات القوى الوطنية منتظرين اللحظة المناسبة للانقضاض على السلطة مستغلين الاستياء العام من السياسات الاقتصادية للنظام السوري المتمثلة بتحويل القاعدة الاقتصادية من إنتاجيه إلى خدامتيه، الذي أدى بدوره إلى نشوء طبقة كمبرادورية وتفشي السمسرة من جهة وتفشي الفقر والبطالة من جهة أخرى. فقاموا بحشد قوى التطرف و التكفير في العالم بأسره وزجوا بهم في سورية من أجل القضاء على سورية الدولة و الشعب.
الشعب الفلسطيني في سورية كان وما يزال يتخذ موقف عدم التدخل في الشؤون السورية لأنه يعرف أن التحول المطلوب في سورية هو من أجل تصفية قضيته، وأن احترام الضيافة يتطلب الوقوف على الحياد على الأقل، لكن القوى الإسلامية استطاعت زج المخيمات عموماً ومخيم اليرموك خصيصاً في أتون المعركة.
من الغريب أن يتم زج المخيم في الأحداث بعد توقيع اتفاقية التهدئة بين الاحتلال وحركة حماس مما يثير تساؤلات أهمها هل كان أحد الشروط السرية سحب دعم حماس لسورية؟ وما هو دور الراعي المصري و الأموال القطرية في ذلك؟
باعتقادي أن حماس سلمت المواقع التي كانت تحت تصرفها في المخيم لجبهة النصرة كجزء من عملية التحاق حماس بالقوى الرجعية العاملة ليس في سورية فقط بل في المنطقة بأسرها.
شعب فلسطين تعرض للمؤامرات و قيادته لم تكن في أي مرحلة من مراحل التاريخ قدر المسؤولية فمن رفض التقسيم إلى مؤتمر أريحا، ومن التحرير الشامل إلى أوسلو كانت وما زالت القيادة الفلسطينية تتخبط، فمن مطلب قيام دولة فلسطينية على أراضي الضفة و القطاع بعاصمتها القدس، أصبحنا نتفاوض من أجل إيقاف أو تجميد الاستيطان. أوسلو أصبح الحبل الذي يربط أعناقنا، تحولنا وبعد الهدم و التعهير الممنهج من شعب ومناضل إلى شعب يستجدي لقمة العيش على أبواب السلطة.
في طل أوسلو ترعرعت شريحة اجتماعية من السماسرة و الكمبرادور الفلسطيني بنت الاقتصاد على أسس استهلاكية فانخفض الدخل القومي و أصبحنا نعيش على فتات الموائد الامبريالية.
جاء الانقسام آخذاً شكل الخلاف السياسي حول طريقة حل القضية الفلسطينية لكنه بالجوهر كان خلاف بين القوتين السياسيتين الأكبر على توزيع الغنائم، وبما أنه كان من المستحيل الاتفاق على القسمة الاقتصادية قسموا الوطن إلى قسمين الضفة تحت سيطرة المستفيد القديم و القطاع تحت سيطرة مستفيدين جدد، و ما ظهور هذا العدد الهائل من أصحاب الملاين الجدد في غزة، إلا دليل على ما أقول.
الخلاف هو بين رؤى تختلف عل الغنيمة لا على طريقة حل الصراع. وتتخذ غطاء سياسي وبعد ديني، فتح تتحدث عن المقاومة الشعبية من جهة وتبقي الباب مفتوحاً أمام المفاوضات بأي شكل كان، وحماس تتحدث عن الحل العسكري و توقع اتفاقية التهدئة التي تعتبر بمثابة أوسلو (3) حيث ترك البند الرابع فيها باب المفاوضات مفتوح على مصراعيه.
الخلاف يمكن تشبيهه بشركة احتكارية تعطي توزيع بضاعتها لطرفين يتقاتلان على حجم كل منهما في السوق. المعركة حامية الوطيس و الشعب و القضية يدفعون الثمن.
هناك تصريح العميد حمدان قائد الحرس الجمهوري اللبناني إبان رآسة العماد لحود يقول فيه – إن حماس تعرف قيمة موقع جمراية الذي قصف من قبل الاحتلال قرب دمشق – وأنا أسأل هل سربت هذه المعلومة للاحتلال عن طريق الراعي المصري أو الممول القطري فقامت إسرائيل بقصف الموقع؟ مجرد سؤال.
إن الإسلام السياسي بقيادة حركة الإخوان المسلمين أثبت ويثبت يومياً أنه عل استعداد للتحالف مع الشيطان من أجل تحقيق مآربه، وما استخدام الجنرال فرانكو للمسلمين المغاربة، بناء عل فتوى معاداة الكفرة ودعم أهل الكتاب، في حربه ضد القوى الوطنية و الحكومة المنتخبة في اسبانيا إبان الحرب الأهلية الاسبانية التي راح ضحيتها 20000 مسلم إلا دليل على ما أقول.
من هنا اعتقد بأن كل جهود المصالحة لن تنجح لأنهم لم يتفقوا بعد على تقسيم الغنيمة، حماس تدافع عن مكتسباتها الاقتصادية عبر تجارة الإنفاق و الدعم الخليجي و فتح تدافع هن الأموال المأخوذة من الضريبة بأنواعها و من الدول المانحة.
وأن تواجد القوى السياسية الفلسطينية هو بمثابة تواجد شهود زور، لا يمكن لمن يعيش ويقتات من هذه السلطة أو تلك أن يلعب دوراً ليس في المصالحة فحسب بل في مجمل العمل النضالي الفلسطيني.



فرج ( عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الفلسطيني)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مثقفينا لا يريدون السلام
زرقاء العراق ( 2013 / 2 / 20 - 19:43 )
نسمع ليل نهار ولعقود عديدة بأن أسرائيل معتدية ولا تريد السلام
وقعت اسرائيل مع مصر معاهدة سلام كامب ديفيد، وتحترمها فلماذا نريد ان نخرب هذه الأتفاقية؟ لا ادري

ما اعرفه هو ما قاله كاتبنا المحترم في هذه المقالة (أول الضمانات التي قدمها الإسلام السياسي للإمبريالية هو التأكيد على التزامه باتفاقيات كامب ديفيد). ولم لا يا أخي الكاتب؟ وما العيب بأحترام اتفاقية السلام؟
وبعد كل هذا يقال لنا بأن أسرائيل لا تريد السلام بينما الحقيقة اننا نحن العرب لا نريده ولا نستطيع العيش بدون شماعة اسرائيل

اخر الافلام

.. ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات المدمرة في كينيا إلى 228 قتيلًا


.. جرافة تابعة للقوات الإسرائيلية تقوم بتجريف شوارع قرب مخيم طو




.. حديث السوشال | -ولادة بدون حمل-.. إعلان غريب لطبيب نساء يثير


.. الجاغوب: التخوف الإسرائيلي من الغضب المصري يمنع احتلال محور




.. الجيش الإسرائيلي ينشر خريطة يدعو فيها الفلسطينيين شرق رفح لل