الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النباش الصغير

عبد الغني سهاد

2013 / 2 / 20
الادب والفن



النباش الصغير



تنبيه :
يلزم وضع كمامات واقية للانفاس من نتانة النص النابع من اعماق المزابل البشرية ............
شكرا .....:


دات صباح باكر جدا ....يخيم فيه ضباب كثيف على زوايا المكان ...حاجبا الرؤيا الواضحة...كان سعيد ينبش بمخطافه النحاسي الطويل في ركامات القمامة المكدسة امامه هنا وهناك ..ضباب هدا الصباح اعور يسمح برؤية الاعالي ويمنع رؤية الاسافل ...تعود سعيد على تلك الروائح الكريهة من كل الاصناف ..لا يمل من رمي الاشياء التافهة في كل الجهات..وبعفوية يجمع ما تيسر من زجاج وبلاستيك وكارطون واشياء اخرى ...يفتح الاكياس المقفلة بحدر مستعملا قفازاته السوداء...يسكنه امل قوي في الحصول يوما على شيء ثمين ...شيء لا يعرفه..لكنه يعرف انه سيكون ثمينا.....
يسرع في النبش كانه في سباق للحصول على دلك الشيء قبل مجيء زملاء الحرفة ..وباقي النباشين الصغار والكبار ....في لحظة من الزمن تمكن منه التعب ...فجلس يستريح على ضخرة قرب برج من ابراج سور المدينة القديم ..
اناخ بفكره عن الازبال وجال بنظره في اشجار النخيل القريبة منه ..فكر في مدرسته...في شهادة الباكالوريا....في جمع المال الكافي لعلاج والده العاطل المريض بفقر الدم....في مساعدة والدته على مصروف الكوخ...وفي تتبع تمدرس اخته الصغيرة .في ....وفي.....فعاد لتوه الى حمل مخطافه والنبش بقوة في ناحية اخرى لعله يعثر على دلك الشيء الثمين .....
شيئا فشيئا يرتفع الضباب فتسطع شمس دلك اليوم ...و لا يزال سعيد يخبط بمخطافة في الازبال ...جمع ماقدر على جمعه .. رزمه في حزمات ورماها على دراجته الصغيرة... قاصدا اقرب المتاجر لبيعه...بعد فحص دقيق للبضاعة ووزنها ..امسك بثمنها يغمره شيء من الاحساس القريب من السعادة ....
اتجه سعيد الى الكوخ ..ومن بعيد شاهد رجال الحي يحتشدون على بابه ....لابد ان شيئا ما حدث هدا الصباح ...رمى دراجته وجرى نحو الكوخ ...
سمع احد الاصوات يقول :
عظم الله اجركم في الفقيد......
لم يرد سعيد..توغل داخل الكوخ ليجد امه تنوح مع نساء الحي... وجثةوالده النحيفة ممدة على السرير مغطاة بازار أبيض ... وعلى راسه فقيه الحي ....
لم يتمالك نفسه وسط الحشود فعانق امه واخته الصغيرة ...ضمهن بقوة الى صدره ....وعيناه مغرورقتان بالدمع ...قرر في نفسه ان يعود بعد الدفن الى المزابل ... ويقضي بقية ايامه بها ...لعله يعثر يوما على دلك الشيء الثمين ....ويصبح احد اباطرتها الكبار ....
----








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم الحلقة كاملة | حملة هاريس: انتخبونا ولو في السر و فن


.. -أركسترا مزيكا-: احتفاء متجدد بالموسيقى العربية في أوروبا… •




.. هيفاء حسين لـ «الأيام»: فخورة بالتطور الكبير في مهرجان البحر


.. عوام في بحر الكلام | مع جمال بخيت - الشاعر حسن أبو عتمان | ا




.. الرئيس السيسي يشاهد فيلم قصير خلال الجلسة الافتتاحية للمنتدى