الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السير تحت ندى السنبلة

نصيف الناصري

2013 / 2 / 20
الادب والفن



السير تحت ندى السنبلة


تحت الثقل المعهود للصيف ، نغفو في منجم تلتطم به
الشهية الحادّة للموت ، ونستولي في يأس هائل على
الضغائن التي تركها الموتى معلقة فوق أشجار زمنهم .
الساعة العجلانة تشرب من نبع ضامر ، والأشياء التي
أضعناها في نحول الفجر ، غاصت في اطمئنان طويل
للحظة المتفحّمة , ما نحاول العيش معه في الصدى
الرهيف للخميلة ، يبتعد عنّا ويتقلّب بين تماثيل فزعه .
ظل نحيل للسكينة التي تنحسر عنها الإشارات ، شاق
ومبهم . دوام الغضبة المدمرة في صوامع حبوبنا ،
يعرّضنا الى خسارة عظيمة ، لكن السير تحت ندى
السنبلة ، يعوّضنا المراكب التي غرقت ولم نفصح عنها .
قبور جديدة تحاذي الأشجار التي نتغدى عندها في كلّ
يوم ، ولا امكانية لنا في ازاحتها أو الاجهاز على الرأفة
التي يطلقها صوبنا الموتى . نتعجّل في حنين الخرائب
اللقاء بمن استيقظوا في الأنفاس الحرّة للمصابيح ،
ولامسوا في نشيجهم الرطوبة المحملة بالشواطىء . القبر
والشجرة ، كلاهما يشتركان في الاستعداد لمعانقة الميت .
ينهض عصفور في شجرة الحلم ، ويبني عشه من خصلات
شعر رؤوس الموتى . آلهة غريبة عبدناها في الماضي ،
تجذّف من شاطىء الى آخر ، والزمن يجتهد في حركته
للحاق بالثمرة التي تركها الميت ، متقرّحة في أرض رحلته .
لا حاجز ولا مسلك نفلتُ فيه من البذرة التي تنمو وتكبر
وتتعقبّنا الى ميزان مصيرنا المتضامن مع خفّته .








توثبنا الى فردوسها






محمولة معي ، يتضوّع في عبير ضفائرها
البشر والحجارة المتلألئة في البرد . الصيف
الماضي تسلّقنا الذروة الأجمل للوجود ، نحاول
تضميد الجروح الغائرة للشجرة المتمايلة للحبّ .
أفق مُعظّم عبرنا فيه النضوج الأول للثمرة
المُخدّرة ، وكانت النحلة تلد بين فتيات يتعلّمن
أشياء أكثر مهارة من الجنس . توردت في نهديها
دموع رياض ، تفرز عسلها في الخلود المتعاقب
للطبيعة . أرض جسدها اللاهبة ، نسينا أن نهدىء
فيها الزمن الذي يتلاشى ، وغفونا طوال اليوم ،
ننتظر فراشة موتها التي تدلنا على الماضي الأشدّ
ابيضاضاً من الحاضر المغني في شعله المحبطة .
هل ارتكبنا خطأ ونحن نصعد الظهيرة المحظوظة
للتاريخ ؟ كُنّا نريد الوصول الى نجمة جبينها المحجّبة
بين المرايا الكثيرة للذكرى . الالتماعة الإلهية لجسدها
الأكثر لهباً من صلاتنا المحمومة ، تعفينا في تجليها
لنا ونحن ننتظر سطوعها في لهفتنا الحامية ،
من ما خسرناه في اختراقنا لنداوة السرّ . حبّها
كان إمهاراً حيَّاً لموتنا ، ولا نستطيع الفكاك من توثبنا
الى فردوسها . شفاعة منها ، هي ما تغرينا لنطيح بكلّ
ما ادخرناه . حبّك انخيدوانا ، رحلة شجاعة لا توصف ،
نتلمّس فيها الشراع المنذور للخبرة ، ونرمي بالسهم في
الآبار المحصودة للغياب .








حكاية مُحْكَمة







نتوخّى في مرورنا فوق النصل الحادّ للغيظ ، الحذر
ونشكو من القيلولة العطوفة للضمير بين الأشياء التي
نعيرها أهمية ما . إرادة طافحة بادهاشنا للنساء
المُصوُتات في نسيم الأبنية المترّنحة ، وتقْلب الربيع
على النسيم الأسمر لحقول القمح . لؤم ما نقوم به في
غياب الحارس ، يستعصي على الحلّ في المثابات التي
نتخلّى فيها عن شهادتنا ضد الفتاة المومس في الحديقة .
حكاية مُحكمة نسمعها من الصيّاد وهو يفرغ الغابة من
الاوكسجين . باستطاعة المرء منّا أن يدعي عاهة معيّنة ،
لكن شيّم الغدر التي نتصف بها دائماً ، لا ترضى أن
تمنحنا شهادة حسن سلوك . يغيب الانسان في رائحة
عسل حياته ، وفي جبينه المعفّر شبهة كبيرة . تضرب
الفوضى صخرتها الخادعة في منتصف الدرب الذي
نقصده ، ويصدنا عملنا الشائن عن الاعتراف بما
ارتكبناه من شرور . أفعال لم نتوّقع القيام بها ، تحفّزنا
على ممارسة الغلط المتماثل مع الدوّامات التي نحيط بها
أنفسنا .

20 / 2 / 2013








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. رحيل الممثل البريطاني برنارد هيل عن عمر 79 عاماً


.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع




.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو


.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05




.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر