الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بيان في الذكرى 71 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي

الحزب الشيوعي العراقي
(Iraqi Communist Party)

2005 / 4 / 1
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


تنقضي في اخر يوم من شهر آذار الجاري احدى وسبعون سنة على تاسيس الحزب الشيوعي العراقي.

ففي الحادي والثلاثين من آذار عام 1934 اعلنت مجموعة من الوطنيين التقدميين المتنورين في بغداد انشاء " لجنة مكافحة الاستعمار والاستثمار". وانطلق اولئك الرواد في خطوتهم تلك من شعور عميق بالحاجة الى تنظيم سياسي من نوع جديد، يعبر من جانب عن تطلع جماهير الكادحين وعموم ابناء الشعب الى نيل الحرية والاستقلال والعدالة، ويكون من جانب أخر عصريا في فكره وتنظيمه وعمله، الى حزب سياسي ينغمر في نضال مفعم بالجرأة والتفاني لإقامة عراق ديمقراطي، تنفتح فيه سبل التقدم الاجتماعي وإحقاق الحقوق الاقتصادية والاجتماعية الى جانب السياسية.

ولم تكن اقامة هذه القوة الوطنية الجديدة، ثم تطورها وتحول اسمها بعد سنة من ذلك الى " الحزب الشيوعي العراقي"، بعيدة عن التطلعات الأولى لنواة الطبقة العاملة الناشئة في مشاريع الميناء والسكك والنفط وغيرها.

كما لم تكن بعيدة عن تأثير الفكر الاشتراكي، الذي اخذت رياحه تهب على العالم غداة انتصار ثورة اكتوبر 1917 الاشتراكية في روسيا. وانطلقت ايضا من تقاليد سواد العراق الثائر في كل عصر على الظلم الاجتماعي والاستعباد، ومن الموروث الفكري الحي لحركاتهم الثورية المتعاقبة. فهي حلقة جديدة في سلسلة الكفاح المديد ضد الاستبداد والطغيان على ارض العراق.

وقد سعى الحزب الشيوعي، على الدوام، الى استلهام خير التقاليد في مسيرة شعبنا الثورية الماضية، واعتماد أسمى مُثل العراقيين وقيمهم، لاسيما ما يحفز النضال من اجل الحرية والعدالة الاجتماعية. وعلى اساس من هذا أقام صلاته الحميمة العميقة مع جماهير الشعب الواسعة. وانطلاقا من ذلك عمل الحزب, وهو يسعى لتحقيق اهدافه الوطنية والتقدمية ، على ربط السياسي منها بالاجتماعي، والوطني بالطبقي. فكان وهو يخوض الكفاح الحافل بالتضحيات في سبيل الحرية والاستقلال السياسي والاقتصادي، يدافع بثبات عن مصالح وحقوق الكادحين من العمال والفلاحين، من شغيلة اليد والفكر عامة.

والى جانب هذا، خاض الحزب نضالا دائبا لتطمين الحقوق القومية المشروعة للشعب الكردي، والحقوق الثقافية والإدارية للقوميات الأخرى في بلادنا، وقد ادرك في وقت مبكر ارتباط تأمين تلك الحقوق بإقامة النظام الديمقراطي في العراق، وجسد ذلك في الشعار الشهير الذي اطلقه اوائل ستينات القرن الماضي: "الديمقراطية للعراق والحكم الذاتي لكردستان."

كما ادرك الترابط بين نضال شعبنا الوطني ونضال بقية الشعوب العربية، وعلاقته بنضال شعوب وقوى التقدم والسلام في العالم. وعبر عن ادراكه هذا في سياسته ومواقفه الملموسة الى جانب الشعوب العربية الشقيقة، وخاصة الشعب الفلسطيني وفي اسهامه النشيط في نضال الشعوب وقواها الديمقراطية والسلمية ضد الحروب والفاشية والعدوان, ومن اجل التحرر والتقدم والسلام والعدالة الاجتماعية.

لقد كان حزبنا، طيلة السنين الاحدى والسبعين الماضية، في المقدمة بين القوى المشاركة في هبات الشعب وانتفاضاته وثوراته، وفي الطليعة بين المضحين في سبيل قضيته العادلة. وستبقى خالدة ذكرى المئات من مناضليه العرب والكرد والتركمان والكلدواشوريين وغيرهم الذين استشهدوا في غمار تلك المسيرة المضيئة، وفي مقدمتهم كثيرون من قادته وكوادره، ممن ننحني اليوم احتراما وإجلالا لذكراهم جميعا. كما نحيي في هذه المناسبة ذكرى الآلاف الآخرين من رفاقهم، الذين عانوا صنوف الأذى والحرمان في سجون وأقبية التعذيب والملاحقات والمنافي.

لكن تلك التضحيات الجسام، وما تعرض له الحزب من خسائر وحتى انتكاسات احيانا، لم تثنه يوما عن مواصلة النضال المتفاني، المنطلق من الإيمان العميق بحتمية انتصار الشعب على اعدائه، وفوز الحق على الباطل.

وان الأدوار المشهودة التي نهض بها حزبنا في معارك شعبنا الوطنية والديمقراطية وإسهامه في تحقيق انتصاراتها، وما دفع مقابل ذلك من اثمان باهضة، وما بذل من جهود جبارة، مرة بعد مرة، لمعاودة النهوض ورفع راية النضال من جديد، تبين مدى اصالة حزبنا وحيويته فكرا وعملا، ومدى تجذره في ضمير الشعب ووجدانه، وصدق تعبيره عن مطامحة وأماله, وبسالة دفاعه عن حقوقه وأهدافه، وعمق ولائه للوطن ومصالحه. كما تظهر صفاء معدن الشيوعيين العراقيين، ونضج وعيهم، وما يتمتعون به من روح مبدعة، وما يتصفون به من واقعية وشعور مترسخ بالمسؤولية ازاء الشعب والوطن.

وعندما نحيي اليوم، في ظل الظروف الراهنة غير العادية التي يمر بها شعبنا ووطننا، ذكرى تأسيس حزبنا، فمن اجل ان نستعيد ونستوحي خبر نضاله الطويل وتجربته السياسية الواسعة والمتنوعة الجوانب، ونستعين بها في معاينة الواقع القائم في بلادنا، ومواجهة الأوضاع الناشئة وتجاوز تحدياتها الصعبة، وتحديد افاق المستقبل.

وفي ضوء ذلك يستوجب قبل كل شيء، ان نحيي جماهير شعبنا الواسعة، وننوه بمواقفها في السنتين اللتين انقضيتا على انهيار الدكتاتورية، ونشيد بصبرها وشجاعتها في مواجهة حملات الإرهاب والأعلام المعادية، والظروف المعيشية والحياتية القاسية، والحرمان والمعاناة المتواصلين والمتفاقمين في احيان كثيرة. وقد تجلى موقفها المشرف بأسطع صوره في الانتخابات الأولى التي جرت في بلادنا قبل شهرين، وصوت فيها الملايين بشكل قاطع للعراق الديمقراطي الاتحادي الأمن المستقر، السائر على طريق التنمية والتقدم الشاملين.

ولكي يؤتي ذلك كله الثمار التي طال تطلع الشعب اليها، فلابد من جهود مضاعفة فورية لإنهاء التلكؤ في تشكيل الحكومة الانتقالية الموعودة، ودعوة الجمعية الوطنية المنتخبة للنظر في امرها وحسمه، ومباشرة مهمتها الأساسية المتمثلة في كتابة الدستور الدائم. وعلى ان يتم هذا وذاك وفق مبدأ اشراك عموم القوى المستعدة للانخراط في العملية السياسية الجارية، البرلمانية منها وغير البرلمانية.

وبناء على ذلك، لابد من تأكيد الحاجة الماسة الى ادامة روح العمل المشترك للقوى السياسية في بلادنا، والحفاظ على اجواء التعاون والتوافق في ما بينها، وصولا الى ارساء حجر الزاوية في صرح العراق الجديد, ونعني به صياغة وإقرار الدستور الدائم. ولابد ايضا من تامين الأجواء والمستلزمات الضرورية لإطلاق الحوار الوطني العام بين ممثلي القوى والأطراف السياسية المختلفة، بما يقطع الطريق على ميول الانعزال والتعصب والتخندق في المجتمع، ويمهد لإحياء وترسيخ مثل الوفاق والتآخي العراقيين التقليديين، ويوفر بالتالي ركنا اساسيا لنجاح التجربة الديمقراطية المقبلة في بلادنا.

ويبقى الانتهاء عاجلا من تشكيل الحكومة الجديدة، الانتقالية، المطلب الأشد الحاحا لجماهير المواطنين في كل مكان من العراق، وهم ينتظرون بفارغ الصبر مزيدا من التقدم في محاربة الإرهاب وضمان الأمن والاستقرار، واتخاذ اجراءات حازمة للتخفيف من معاناتهم المعيشية، بتوفير فرص العمل وإمكانيات الكسب المشروع، وتحسين الخدمات الأساسية، وتامين الحلول، للمشكلات الملتهبة في حياتهم اليومية، فضلا عن تصفية اثار الدكتاتورية، وإنصاف ضحاياها وتأمين حقوقهم وتلبية مطالبهم الملحة الضرورية.

لتكن الذكرى الحادية والسبعون لتأسيس حزبنا محفزا اضافيا لنشاط الشيوعيين وأصدقائهم، سوية مع كل الوطنيين والديمقراطيين العراقيين الآخرين، في سبيل انجاز مهمات المرحلة الانتقالية الراهنة وانهاء الوجود العسكري الاجنبي واستعادة السيادة الوطنية الكاملة، وإرساء اسس العراق الديمقراطي الفيدرالي، عراق الحرية والكرامة والتقدم، وحكم الشرعية والقانون.

عاشت الذكرى 71 لتأسيس الحزب الشيوعي العراقي

وطن حر وشعب سعيد



اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي

بغداد 25 آذار 2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران