الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الربيع العربي : ( ثورات . . تبتلع التغيير )

أمين أحمد ثابت

2013 / 2 / 21
ملف حول المنتدى الاجتماعي العالمي، ودور الحركات الاجتماعية والتقدمية في العالم العربي.


الثورات بمنظورها النتائجي التاريخي العام ، أو تلك الثورات الخاصة المنتجة بتضافر مجموعة من الشروط والعوامل المحدودة ، وكذلك الثورات الجزئية – النوعية المحدودة في مجال أو نطاق بعينه ، جميعها تنبني وفق مقدماتها على نتائج ضمنية يمكن قراءتها استباقا على لزومية تحققها ، أي بمعنى آخر يمكن القول بأننا لا يمكن لنا الحديث عن أية ثورة كانت – بمفهومها القديم الكلاسيكي ، أو بشتى المفاهيم التخريجية المعاصرة – المحببة الى قلوب السطحيين من أهل النخبة السياسية والثقافية – مادامت مؤشراتها الضمنية تكشف عن مسارات مخالفة لتلك الاهداف المرفوعة شعبيا منذ بدء الحراك الرافض ، او تلك الممارسات والعمليات التي بقدر ما هي محملة بظاهرة صوتية تنبعث فيها الكثير من الاماني والأحلام والتوقعات الوردية للنجاح ، فإنها ترصف مسارات من الاخطاء الممهدة لنتائج مخيبة للآمال – وهذا هو مربط الفرس في كذبة المفهوم الاعلامي – السياسي الموجه من البيت الابيض للإدارة الامريكية إلى العقول العربية المثخنة بالوعي العاطفي المتزاوج مع نهجي الوعي الخرافي والتطبعي بالعبودية الطوعية وفق حقيقة الواقع وتاريخ الحياة الوضعية المقاومة اجتماعيا مسألتي الحرية والتغيير المدني – فالشعوب العربية لم تعرف الثورات عبر تاريخها الطويل ، لم تعرف صراعا اجتماعيا حقيقيا لإعادة تقسيم السلطة والثروة ، صراعا ينتج عقدا اجتماعيا صادقا يمثل انتهاء حقبة تاريخية من مسارات البحث عن العدالة الاجتماعية ، بقدر ما تعرفه من صراعات – غير اصيلة ، غير ناظمة لمتغير التاريخ للشعوب - تتمثل باحتواء المنقسمات الشعبية وراء افراد يدفعون لهذه المنقسمات التكوينية للشعوب أن تتقاتل بالوكالة عنها في حروب لا تنتصر للشعب أو التغيير ، بقدر ما تنتصر لهذا أو ذاك الباحث عن سلطة الحكم ، لا تعرف سوى الانقلابات – وللأسف قد تعمم شعبيا اصطلاحي الثورة والتغيير كمفهومين يرفعه كل أطراف التصارع والاقتتال – السلبي – وحتى بعد توقف المواجهة والاحتراب ، يرفع المنتصر صوته السياسي والإعلامي طول فترة حكمه بتحقق الثورة والتغيير ، وان على الشعب ان يفهم بأن عليه عدم التعجل بنيل النتائج أو الحكم عليها ، فالثورة والتغيير سيأتي تدريجيا وخاصة في ظل التركة الضخمة من الاعاقات ، وفي المقابل تظل القوى المنهزمة تواصل هجومها الصوتي – بعمليات مسلحة مرافقة لها محدودة أو بدونها – بحيث يظلا مفهومي الثورة والتغيير أداتان لإدانة الطرف المنتصر حتى تخلخل الاوضاع مجددا لتعممها مجددا بقدوم ثورة حقيقية الان – ذات الكذبة التاريخية تحاك على الشعوب العربية ، وتقحمها في أتون صراعات هي خارج التاريخ ، وللأسف الشديد أن شعوبنا تخرج بصدق عاطفي تبحث عن الخلاص ولكنها لا تدري انها اداة مروضة على الدوام في ايدي صانعي لعبة النفوذ من اجل الحكم ، مادام عقلها لم يعرف التحرر الذهني ، وهو التحرر الذي لن يتحقق ابدا إذا لم ترتبط هذه الشعوب بحركة التطور التاريخي بمذهبه القائم على طبيعة الانتاج المادي والعمل القيمي المحقق فعل التراكم التاريخي للمعرفة المنتجة حقيقة التغيير والثورات ، وهو مذهب مادي غير متحقق في وضعيتنا التاريخية التي تبنى على أن العمل مسألة غير قيميه بقدر ما هي اداة استهلاكية لتوفير الحاجات ، وبالتالي فإن الطفيلية تمثل ركنا اساسيا لتحسين الوضع المعيشي وتحسين نيل الفرص ، وليس كما هو في الاصل يقوم على تطوير العمل وأدواته .
هذه هي حقيقة الثورات العربية الاخيرة المعبر عنها بالربيع العربي ، تختلط فيها الحقيقة بالزيف ، بحيث تكون الحقيقة مبنية على احتياجات وآمال موضوعية لشعب غير ممتلك وعيا متناسبا مع ضروراته المادية النازعة نحو لزومية تحقق العدالة له تاريخيا ، بينما يكون الزيف – الطارئ تاريخيا – يمتلك شروط اللعبة في إدارة الاحداث الوضعية ، فينتج عن ما هو قائم تجلي الظاهرة الشعبية العاطفية المنساقة صوتيا بالثورة ومطلب التغيير ، والمروضة ماديا في الاصطراع في خانة المتبارين من اجل الحكم واستلام السلطة ، حيث يمارس الشعب لعبة الصراع بالنيابة عن اؤلئك المتنازعين على الحكم في نظامية الدوران في دوائر مغلقة تعيده على الدوام الى مربعات الصراع خارج التاريخ وظاهرته الصوتية العاطفية المحملة بآمال تحقق العدالة في المفهومين الذين يبح صوتها فيهما في الساحات والمسيرات والاعتصام الغاضبة ، والمنطلقة بمفردتي الثورة والتغيير .
إن حدث الخروج الشعبي في مصر ، اليمن ، تونس ، ليبيا ، سوريا . . وغيرها التي تم وأدها في بقية الاقطار العربية وتلك التي لم تتهيأ بعد ، تمثل حقيقة تاريخ شعوبنا من حيث حقها في الانعتاق عن التاريخ الابوي المتخلف المنتج سابقا نظم الاستبداد السياسي ، والمنتج حديثا ذات الاستبداد الابوي السياسي المهيكل بالفساد المعيد لنظام الحكم السياسي طابع إلغاء الدولة واستبدالها بسلطة الحكم المافوية العائلية ، وهو حق تاريخي كون أن حقيقة عودة جوهر التسلط الى الحكم – بقوى ثورية انتهازية او رجعية – يجرد المجتمع من حقوقه بتنام يصل بعدها الى حدود إلغاء المواطنة والكرامة لافراد المجتمع ، ومن هنا إن كان صوت الشعب يزعق عاطفيا بالثورة والتغيير ، فهما امران منسجمان مع حاجاته الموضوعية . . كحقيقة موضوعية ، إلا ان الحقيقة التاريخية تكشف أن هذه الشعوب الغاضبة لم تتهيأ لصناعة تاريخها الجديد بعد ، فهي لم تزل عالقة بوعيها الطوعي التابع لمراكز القوى النافذة – الداخلية والخارجية – وهي بالتالي تصنع إعادة استعبادها مجددا على الدوام من حيث لا تدري – وهو ما يكشف بأن ثورات الربيع العربي الاخيرة ليست اكثر من مؤامرة لإعادة طرح معادلة توازن القوى النافذة في الساحة بما يجنب الوضع من التفجر ، وطريقة تآمرية شديدة الذكاء للالتفاف على حاجات الشعوب العربية بالتغيير لمفهومي العدالة الاجتماعية والحرية في حياتها المعيشية اليومية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صراعات القوى الكبرى في سوريا.. إلى أين يتجه التصعيد؟ | #غرفة


.. استشهاد 7 فلسطينيين بقصف استهد مدرسة تابعة للأونروا تؤوي ناز




.. مجلس الأمن يعقد جلسة خاصة بالتطورات في سوريا شهدت سجالا حادا


.. مدينة صور اللبنانية تودع قتلاها.. مراسم مهيبة لنقل الضحايا إ




.. ناشطون في كندا ينظمون مسيرة تضامنية مع فلسطين