الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صندوق الاقتراع ومحكمة الجماهير

محمد أبو مهادي

2005 / 4 / 2
القضية الفلسطينية


تحدثنا مع الكثيرين من صناع القرار عن مدي حاجتنا إلي انتفاضة تغيير داخلية تعيد للمواطن الفلسطيني اعتباره وتوليه أهمية قصوى باعتباره ثروة قومية يجب أن نقدمها علي كل شئ ونستمع إليه ونطوره ونشاركه الهموم والرأي.
تحدثنا معهم عن النسب العالية من الفقر والبطالة بسبب الاحتلال أولاً وسوء إدارتنا لمواردنا المالية ثانياً ومشاهداتنا لحالات كثيرة من الثراء الفاحش وبناء القصور وعن الاحتكارات الاقتصادية وعن خطر تحويل قطاعات واسعة من الشعب إلي متسولين علي أبواب الوزارات والمؤسسات يرجون هذا المسئول أو ذاك من اجل الحصول الكوبونات الغذائية.
وقلنا لهم بأنه لا يجوز لمدرس وطبيب أو خريج جامعي حصل علي شهادته الجامعية بعد طول عناء وكثرة نفقات مالية أن يقف عاجزاً عن الحصول علي وظيفة تؤهله للاستمرار في الحياة كباقي البشر.
وشرحنا مراراً وتكراراً عن معاناة آلاف العمال العاطلين عن العمل وعن ضرورة أن تراعي احتياجاتهم ومطالبهم للعيش بكرامة، وكذلك معاناة جزء كبير من العاملين داخل الخط الأخضر علي حواجز الاحتلال والامتهان اليومي لكرامتهم وعن ضرورة أن تقف السلطة ومفاوضيها موقفاً جاداً من اجل الحد من هذه الإجراءات القمعية التي يتعرضون لها .
انتقدنا ظاهرة مرور حملة الVIP عن مئات المواطنين المحتجزين في معبر رفح والكرامة ولم يهتز لهم جفن جراء ذلك ولم يقرروا تمزيق بطاقات الVIP احتجاجاً أو تضامناً في مواجهة سياسات الاحتلال.
قلنا إننا في معركة خطيرة مع الاحتلال الإسرائيلي وأن أمن المواطن الفلسطيني في خطر من هذه القوة الظالمة ولا يجوز أن يهدر أمنه مرة أخري علي أيد أمنية فلسطينية.
نبهنا كثيراً في السر والعلن في الندوات واللقاءات، بالتحليل والنقد إلي أن الشعب الذي يخوض غمار حرب الحفاظ علي أرضه وكرامته ويبتكر أشكال متعددة من الكفاح، وعجزت عن قهره رابع أقوي قوة عسكرية في العالم ،هذا الشعب يستطيع التمييز ما بين الغث والسمين ، الخطأ والصواب ، بين المناضل والسمسار، فما زالت لدي هذا الشعب خلايا كثيرة في الدماغ تفكر وتحلل وتستنتج لم يوقفها عن العمل قهر الاحتلال ولا تردي الأوضاع وسوء الحال.
قلنا وحذرنا ولكن استمرت سياسة إدارة الظهر للجماهير ومحاولات الاستخفاف بعقلها بشعارات للإصلاح والتغيير رفعها أسوء نماذج للفساد وللبلطجة ،وشعارات أخري عن سيادة النظام والقانون وعن أمن المواطن، وكان رافعيها أول من نشروا الفوضى وانتهكوا القانون وعبثوا بأرواح المواطنين، احتكروا الاقتصاد واغتنموا الأراضي وشيدوا القصور كما احتكروا القرار السياسي ،وحيدوا الجماهير عن المشاركة ولو حتى بالرأي، وأحياناً أصبح الرأي أعمال شغب تستوجب "إدانة" من مجلس الوزراء وقرار لوزارة الداخلية من اجل ضبط الأوضاع الأمنية؟.
وبين الشعب وصناع القرار يقف البرلمان عاجزاً عن القيام بواجبه فلم يمارس دوره الرقابي ودوره كممثل ولسان حال الجماهير، يستشعر رأيها ويدافع عنها، وأصبحت أحد أهم أولويات أعضاؤه الاستيزار أو حجب الثقة عن حكومة لا يكون فيها نصيب الأسد للمستوزرين داخله، وأصبحت فيه قضية كقضية "توريد اسمنت الجدار" التي تورط فيها بعض الوزراء مسألة ثانوية وغير ذات قيمة ؟.
أما المعارضة فقد قارعت الاحتلال وبذلت جهوداً عالية في ذلك إلي أن وصلت إلي مرحلة الهدنة أو "التهدئة" علي اعتبار اننا في مرحلة "استراحة مقاتل" وقررت أخيراً أن تدخل البرلمان ومنظمة التحرير الفلسطينية حتى تستطيع أن تخدم الجماهير، وتخوض الآن معركة الاستعراض بالرايات والشعارات الخاصة علي أعمدة الكهرباء ومفارق الطرق الرئيسية ويغيب العلم الفلسطيني عن مشاهد الاستعراض.
ولم يكن تنظيم نشاط ضخم من اجل إقرار قانون للضمان الاجتماعي و قانون محترم للعمل أو للمطالبة بقضاء مستقل أو من اجل إدارة سليمة للموارد المالية ووقف الاحتكارات الاقتصادية مهماً، فقد كان المريض الذي يتوجه لوزارة الصحة ولا يجد الدواء والطالب الذي لا يستطيع تسديد رسوم جامعته ليس علي سلم أولوياتها وعلي ما يبدوا فقد انشغلت في معركة كبري مع الاحتلال.
فهل يمكن أن تكون المعارضة بكافة تلاوينها قد لعبت دور "الساكت عن الحق"؟،أم دور التغيير "بأضعف الإيمان"؟.
جاء موسم الانتخابات الفلسطينية الرئاسية والبلديات ثم البرلمان وأصبح الجميع في ورطة ، فهناك من يجد أن مشكلته داخلية تتمثل في عدم إجراء تجديد في قياداته التاريخية، وهناك من يعتقد أن مشكلته تتمثل في المد الجماهيري لقوي الإسلام السياسي الذي جاء بفعل الانتفاضة ، وهناك من يعتقد بان عدم بلورة تيار وطني ديمقراطي يطرح رؤية بديلة هو السبب في تلك هذه الورطة قد يكون في بعض ما يطرح وجاهة وصحيح.
وقد تكون القضية ابسط من ذلك وهي حسب ما تقول لي جدتي العجوز " اللي بقدم السبت بيلاقي الأحد"، فمشكلتنا ليس بالاسم أو بالشخص أو البرنامج بقدر ما هي مشكلة في العلاقة مع الناس وفهمها علي بساطتها، والحذر من غضبها، إنها تحب من يحبها ويستمع إليها، وتقترب إلي من يقترب منها، وتحتضن من يحتضنها، تلامس من يلامسها، وتحمي من يحميها،كما أنها لا تنظر إلي القوة السياسية من زاوية الايدولوجيا فذلك لا يعنيها كثيراً ولا من زاوية السياسة فان سياستها هي الاحترام المتبادل .
كما أن لدي الجماهير محكمتها الخاصة اسمها "محكمة الجماهير" فإذا كان القضاء غير مستقل وغير فاعل ، وكانت سيادة الأفراد والجماعات بديلاً عن سيادة القانون، فان صندوق الاقتراع هو قانون و محكمة الجماهير.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الغوطة السورية .. قصة بحث عن العدالة لم تنته بعد ! • فرانس 2


.. ترشح 14 شخصية للانتخابات الرئاسية المرتقبة في إيران نهاية ال




.. الكويت.. أمر أميري بتزكية الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصب


.. حماس ترحب بمقترح بايدن لإنهاء الحرب.. وحكومة نتنياهو تشترط|




.. الجبهة اللبنانية الإسرائيلية.. مزيد من التصعيد أو اتفاق دبلو