الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المجنون في المانيا ..

جاسم البغدادي

2013 / 2 / 23
الادب والفن


قَضاها لِغَيري وَاِبتَلاني بِحُبِّها فَهَلا بِشَيءٍ غَيرِ لَيلى اِبتَلانِيا
تلك هي الالام التي جمعت بين قيس بن الملوح وآرثر الالماني الذي كتب روايته الفيلسوف والاديب الالماني (يوهان جيته) ..وقد قيل ان جيته اخترع اسم البطل فارتر نيابه عن نفسه لانه هو من عانى من هذا الحب القاتل ,الحب اليائس ..حين تكون الحبيبه من نصيب شخص اخر دون امل باجتماعها مع من زاد عشقه لها حتى على حياته ..لا رجاء ..لا تمني ..لا جدوى من التوسل لاقناع النفس بالصبر على امل واهن مثلما اراد مجنون بني عامر ان يوا سي نفسه ويصبرها كما تصبر الام فطيمها فقال متشبثا :
وَقَد يَجمَعُ اللَهُ الشَتيتَينِ بَعدَما.... يَظُنانِ كُلَّ الظَنِّ أَن لا تَلاقِيا
اما كيف دخل المجنون لالمانيا وما شأنه بفارتر وعشيقته شارلوت فلأني اثبتّ وببحث مستفيض ان قصه (آلام فارتر) ما هي الا محاكاه تكاد تكون حرفيه لمعاناة قيس ابن الملوح (مجنون ليلى )...صحيح ان القصه كما قدمت كتبها جيته ليحكي معاناته هو مع شارلوت لكن ذلك لا يعني انه لم يكن متأثرا بقصه مجنون ليلى وشعره ..وهذا شئ لم اكن مطلعا عليه حين كتبت البحث فلم اك اعرف قط ان هذا الالماني كان يقرأ الادب العربي او يعرف عنه شيئا لكن ما قدمه الدكتور طه حسين في مقدمته لترجمه القصه من قبل الاديب احمد حسن الزيات اشار الى ان تأثير القصه على شباب المانيا هي مثل تأثير قصه قيس وليلى على الشباب العربي .. ولأني كنت مشغوفا بقرآءه شعر ابن الملوح واحفظ الكثير منه خصوصا القصيده (المؤنسه) التي تعد رائعه الشعر العذري فقد لمست ذلك الشبه الكبير بين وصف جيته لمشاعره والاحداث ووصف قيس لتلك المشاعر والاحداث ايضا فوجدتها متطابقه الى حد لا يصدق..وهكذا رحت اقارن بين قيس وآرثر في البحث الذي عنونته (آلام فارتر وابن الملوح) وقد صغته على طريقه جيته في قصته (المراسلات) ولكن بدل ان تكون تلك المراسلات لصديقه جعلتها لقيس الذي يرد عليه (شعرا) فكانت حواريه بينهما لا يكاد قارئها ان يتخيل انهما كانا يعيشان في عصرين مختلفين وبيئتين اشد اختلافا ....وقد عرضتها على اكثر من استاذ في الادب العربي فدهش الكثير من هذا الالتقاء وهذا الخيال الخصب الذي صور تلك المراسله وحثني على نشره ..وللاسف فقد ضاع ذلك البحث مع ما ضاع مني للظروف (الوطنيه) المعروفه ...والغريب في قصه جيته انه اصر على النهايه المأساويه لبطله (آرثر) في الانتحار حبا لشارلوت رغم انه هو نفسه لم ينتحر بل واصل حياته المهنيه والاجتماعيه دون تنغيص اوبكاء على الاطلال وهذا نفسه دليل على مدى تأثره بنهايه المجنون الذي قيل انه خط الى جنبه على احدى الصخور هذين البيتين قبل ان يموت كمدا :
توسد احجار المهامه والقفر................ ومات جريح القلب مندمل الصدر

فياليت هذا الحب يعشق مره ............... فيري ويعرف ما يلاقي الحبيب من الهجر
عموما فقد ظهر اخيرا شغف جيته بالادب العربي خصوصا الشعر..مما يؤكد انه اقتبس الدراما القصصيه في قصه الام فارتر من شعر قيس ابن الملوح ..وان هذه القصه ليست برأيي سوى استنساخ قصصي لاشعار المجنون ولو تم نشر ذلك البحث لما شك احد في ذلك ..رحم الله المجنون الذي كان يتمنى لو ابتلي بشئ غير ليلى دون ان يعي ان ذلك الشئ الاخر سيكون بلاشك هو ايضا ليلى..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أمسيات شعرية- الشاعر فتحي النصري


.. فيلم السرب يقترب من حصد 7 ملايين جنيه خلال 3 أيام عرض




.. تقنيات الرواية- العتبات


.. نون النضال | جنان شحادة ودانا الشاعر وسنين أبو زيد | 2024-05




.. علي بن تميم: لجنة جائزة -البوكر- مستقلة...وللذكاء الاصطناعي