الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مصر تمضى إلى الهاوية

نصارعبدالله

2013 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


مصر تمضى إلى الهاوية د/ نصار عبدالله
كل الدلائل تشير إلى أن مصر تمضى بخطى متسارعة إلى هاوية سحيقة من الإنهيار الإقتصادى وما سوف يرتبط بهذا الإنهيار بالضرورة من انهيار شامل فى كل المجالات تتحول معه الدولة بأكملها إلى حطام ، أو بالأحرى إلى مجموعة من الحطامات المتناحرة، ولا يوجد حتى الآن ما ينبىء أنها سوف تنجو من الوقوع فى هذا المصير المروع الذى شاركت فى صنعه على مدى العامين الماضيين كل القوى والفصائل بلا استثناء، وإن كانت جماعة الإخوان المسلمين والمتحالفون معها ، كانوا وما زالوا يحملون الحزء الأكبر من المسئولية كما يحملون أيضا الجزء الأكبر من إمكانية الحل ، (إذا كانت هناك إمكانية للحل الذى أخشى أن يكون أوانه قد فات!!) ...الشىء الوحيد الذى يتشابه فيه جميع الفرقاء المختلفين والذى تتضافر فيه جهودهم فى آن واحد، هو أنهم جميعا يشتركون فى دفع مصر إلى الإسراع فى معدل السير نحو الإنهيار!! وذلك هو الإنجاز الوحيد الذى حققوه حتى الآن بنجاح تام!! . لم يتبق لنا إلا شهور قليلة حتى ينفد الإحتياطى النقدى من العملات الصعبة وعندئذ لن يكون بوسعنا أن نستورد حتى احتياجاتنا الغذائية ، وساعتها وربما قبلها سوف تخرج الملايين الجائعة لكى تحل مشكلتها الفورية، ولن يكون بوسعها أن تحلها سوى بأن يفترس الناس بعضهم بعضا ، بالمعنى المجازى أولا (وهذا ما بدأنا نشهد تباشيره بالفعل) ، ثم بالمعنى الحرفى لكلمة افتراس وهو ما سبق أن شهدته مصر فى القرن الخامس الهجرى خلال تلك الأزمة الغذائية التى عرفت بالشدة الكبرى فى عصر الخليفة المستنصر ، حيث بدأ المصريون ـ تحت ضغط الجوع ـ بدأوا بأكل الكلاب والقطط ، ثم انتقلوا إلى أكل جثث الموتى ، وأخيرا بدأوا يذبحون الضعفاء من بينهم ويأكلونهم!! ، كما انتشرت فى بعض أحياء القاهرة فيما يرويه لنا المقريزى وابن إياس ، انتشرت ظاهرة صيد البشر بواسطة الهلب ، حيث كان يقبع الصيادون على أسطح المنازل، فإذا ما مر عابر بالطريق ألقوا عليه هلبا مربوطا بحبل فإذا ما أمسك به الهلب (كما تمسك الصنارة السمكة) انتشلوه وذبحوه وأكلوه!!. ليس هذا تصورا خياليا ولا هو نوع من الفانتازيا السوداء لأنه قد حدث بالفعل وسجله لنا المؤرخون ، وهو ما زال قابلا للحدوث بصورة أو بأخرى حين يحدث الإنفجار ويشتد الجوع ويختلط الحابل بالنابل، ويصبح هم كل إنسان هو أن يستخدم ما هو متاح له من القوة لتلبية احتياجه الشخصية دون النظر إلى أى اعتبار آخر، والواقع أن ما تشهده مصر حاليا من تزايد مرعب فى حوادث الإختطاف والسطو المسلح والسرقة بالإكراه ماهو إلا التباشير الأولى لما يمكن أن يحدث فى ظل الإنهيار الإقتصادى الشامل خاصة لو اختفت أو لو شحت السلع الغذائية من الأسواق. وساعتها لن يكون بوسع القوات المسلحة أن تفعل شيئا حتى لوقررت أن تتدخل لضبط الأمن فى الدولة لأنه لن تكون هناك دولة أصلا حتى يتم ضبط أمنها. ولأن أفراد القوات المسلحة سوف يكونون هم أنفسهم على الأرجح سوف يكونون مشعولين بتأمين احتياجاتهم شأنهم شأن الآخرين!!.. إن كل القوى السياسية فى مصر مشغولة حاليا بأجنداتها الخاصة أكثر مما هى مشغولة بهذا المصير المرعب الذى ينتظر مصر بأكملها والذى يبدو أنها سائر إليه وأنها سوف تبلغه بفضل تلك القوى وعلى رأسها جماعة الإخوان المسلمين لا محالة. وعلى سبيل المثال فإن تلك الجماعة ومعها حلفاؤها السلفيون لم يفكروا لحظة واحدة فيما يمكن أن يلحق بالإستقرار أو السياحة ( المورد الرئيس للعملة الصعبة ) لحظة الإعلان الدستورى المشئوم فى 22نوفمبر 2011 ، لم يفكروا سوى فى شىء واحد هو كيفية حماية جمعيتهم التأسيسية وإصداردستوهم الذى صاغوه على مقاسهم ثم فرضه على الجميع كأمر واقع، وعندما انتفض المصريون على ذلك الإعلان المشئوم انتفاضة عارمة، بدا على الرئيس مرسى أنه على وشك التراجع فدعا إلى حوار مع قادة جبهة الإنقاذ ، غير أن قادة الجبهة الذين فوجئوا مثل الرئيس مرسى وجماعته بحجم الرفض الشعبى رفضوا الدخول فى الحوار بحجة أنه لا توجد ضمانات لتنفيذ ما سوف يتفق عليه، رغم أنهم قد كان بوسعهم أن يشاركوا ويطلبوا ما يطلبونه من الضمانات فإذا لم يستجب الرئيس كان بوسعهم أن ينسحبوا، ... الحقيقة التى أرجحها أنهم قد رفضوا لأنهم كانوا يراهنون على استمرار الإنتفاضة بهذا الحجم وأنهم كانوا يتوهمون أنها سوف تستمر إلى أن يسقط حكم الإخوان المسلمين ، ويتولون هم الحكم ، وهم بهذا قد وقعوا فى نفس خطأ الإخوان أى أنهم فكروا فى أجندتهم ولم يفكروا فيما سيحل بالوطن بأكمله ، ولم يفكروا فى أنه حتى لو فاز رهانهم وسقط حكم الإخوان والسلفيين وتولى أحد قادة الجبهة الحكم فسوف يتحول الإسلاميون عندئذ إلى معارضة ، وغالبا سوف يكون أسلوبهم فى المعارضة أكثر أنانية وشراسة من أسلوبهم فى الحكم. ومن ثم فسوف ننتقل من سىء إلى أسوأ، ...وهكذا ضيع قادة جبهة الإنقاذ تلك الفرصة السانحة التى كان من الممكن أن تسفر عن إلغاء حقيقى لإعلان نوفمبر المشئوم وإصدار دستور يحظى بقدر معقول من التوافق المجتمعى ، وعندما انحسرت مظاهرات نوفمبر نسبيا، تشجع الإخوان مرة أخرى ففرضوا دستورهم الذى كان فى جوهره دستورا لتصفية الحسابات مع قوى كثيرة ، ثم أصدروا قانونهم الإنتخابى بناء على ذلك الدستور المعيب ، وما زالوا يواصلون مسيرتهم الفئوية، بينما القوى الأخرى تنتفض انتفاضات منهكة وواهنة مطالبة بالحرية وبالعدالة الحقيقية ، وفى جميع الحالات نجد أن القيادات والنخب سواء ما ينتمى منها إلى الحكم أو المعارضة، نجد أنهم ينظرون فى المقام الأول إلى أجنداتهم ومطالبهم الحزبية غير ملتفتين أنهم جميعا يدفعون بمصر خطوة فخطوة إلى الهاوية التى يبدو أنها سوف تسقط فيها لا محالة .
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا