الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضاء و العدالة في المغرب

حميد المصباحي

2013 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


يعتبر القضاء إحدى السلط الأساسية في الأنظمة السياسية الديمقراطية,أي دولة الحق و القانون,فهو باستقلاليته عن باقي السلط الأخرى يكون المنفذ الجوهري لاختراق كل ما يهدد القوانين من خل الإحتكام إليه عندما تشتد المنافسات و النزاعات بين الفاعلين السياسيين و الإقتصاديين و حتى المواطنين ناهيك عن الساسة الراغبين في التطاول على القوانين ,أو تسخيرها لتحقيق مآربهم الشخصية الأسرية أو الجماعية بشكل عام,فالقضاء في مثل هذه الحالات يصير رادعا للفساد و حادا من كل السلط حتى لا تتعسف على المواطنين و على بعضها,و بذلك يغدو القضاء الناجح مرجعا لكل الإجتهادات التي تستنير بها محاكم القضاء الدولي,كما هو حال القضاء المصري مثلا و القضاء الإيطالي,من حيث الجرأة و الإضافات المستندة لروح العدالة التي تكشف عن اختلالات القوانين نفسها,و بذلك يصير القاضي بمصر رجل فكر قانوني و قضائي و صاحب نظر في العدالة و كل دروبها الشائكة,بل إن المؤسسات الأخرى,كالحكومة و مجلس الشعب يحسب للقضاء المصري ألف حساب ,احتراما و توجسا منه عندما تمس استقلاليته أو يهدد بالإقتراب منها,فكيف يصير القضاء نزيها؟و ماهي ضمانات الإستقلالية المراد تطبيقها في المغرب؟و كيف للقضاء المغربي أن يصير مجتهدا في عدالته و منتجا لقيمها؟و ما هي معيقات تحقيق استقلالية مقبولة من طرف الفاعلين السياسيين؟
1تاريخ القضاء بالمغرب
بدأ شرعيا أقرب إلى الحكم الفقهي,ومع التطورات التي عرفها المغرب,مرورا بالإستعمار, الذي عمل على استبعاد الفقهي من المدن و القبول به في القرى البعيدة,بحثا عن خلق ما يشبه بصراعات العرفي و المدني و حتى الديني,المراد خنقه بأعراف أمازيغية عتيقة,لكن هذه المعركة خسرها الإستعمار الفرنسي,و دون شعور منه رسخ مسأل عدم الإصطدام بالخاص و المحلي حتى في ذاكرة نظام المخزن و رجالاته,فبعد الإستقلال,عملت مؤسسات الدولة على تنويع أحكامها القضائية,بين المحتكم للعرف الشرعي أو العرفي بالبوادي,و محاولة تثبيت الأحكام القضائية المستندة بالتدريج للقوانين تدريجيا,بحيث يتم القبول بها خصوصا عندما تكون مستجدات لا توجد اجتهادات لها مؤسسة على ما هو شرعي مباشر,فكان القضاء المغربي معتمدا على التوازنات العامة التي رسختها الدولة بحساباتها,الراعية لعدم المس بما اعتاد عليه الناس عرفا و عادة و حتى إيمانا أحيانا بالمنطق الطبيعي المؤسس على أحقية القوي, في ممارسته للسيطرة و عدم مس الدولة بها,فهو في آخر المطاف كقوة في خدمة الدولة بقبيلته و عشيرته و تاريخه الأسري,و بذلك فحتى عندما اشتدت الصراعات السياسية,كان القضاء المغربي حاضرا بانحيازاته المبالغة لممارسات المؤسسات الأمنية,و العسكرية,بحيث لم يحدث أن وقف القضاء المغربي ندا لها ,محاسبة أو محاكمة,بل تحول بفعل قوتها و ربما ضعفه إلى خادم لها,في صحة اختياراتها التي اعتبرها حقا مطلقا,بل حتى عندما اعترفت بما سمي بالمبالغات الأمنية,وجد القضاء نفسه محرجا,فلم يستشر في الكثير من مناحي المصالحة,لأن خصوم الدولة قديما اعتبروه طرفا لا يؤمن حياده حتى في إجراءات الإنصاف و متطلبات المصالحة السياسية التاريخية.
2القاضي والقضاء
لابد من مساءلة نظرية لكيفيات تكوين القاضي بالمغرب,ما هي التأطيرات النظرية التي يتلقاها,و حتى لا يعتبر الحكم تحاملا,فليكن السؤال أين تظهر جدية التكوين من خلال مجمل الإجتهادات التي تم التوصل إليها في قضايا تطرح إشكالات على العدالة المغربية؟؟لن نجد إضافات كثيرة مقارنة مع العديد من الدول,العربية,خصوصا النظام القضائي المصري,ربما التاريخ له تأثير
على كيفيات تدبير الأحكام,التي تظل رهينة التوليف بين الوقائع و المساطر القانونية مع القليل من اجتهادات تكييف الأحكام مع الوقائع الجنحية و الجنائية,دون أن ننكر وضعية القضاة أمام كثرة الملفات و تشابهها و عدد المتقاضين,و الأكيد أن الكثرة تفرض نوعا من السرعة أو حتى البطؤ للتوصل لمصالحات في قضايا بسيطة كلفتها أكثر من نتائجها,و هنا ينبغي التذكير,بأن تعقد القضايا بدوره,و تشابكاتها ربما يعتبر دافعا لتطوير الإجتهادات و تعميق التكوينات الموازية,و هو ما لم يسعف القضاء المغربي في تطوير آليات اشتغاله,بعيدا عن فكرة التوازنات,كما أن القضاء المغربي يتعامل بحساسية تجاه القضايا التي تصل للرأي العام,فبنتابه الحرج و ربما تخوفات من المس بما هو معتاد في بعض القضايا التي تؤخذ بأبعادها السياسية,مما يطرح مشكلة استقلالية القضاء عن باقي السلط الأخرى.
استقلالية القضاء3
يعتقد في المغرب أن استقلالية القضاء,مرتبطة فقط بوجود قوانين ضامنة للإستقلالية و مكرسة لعدم التدخل فيما يصل للقضاء من قضايا خلافية بين المتقاضين كيفما كانت مكانتهم و وظائفهم,و هنا يتم تجاهل كون استقلالية القضاء مرتبطة باستقلالية القاضي و فهمه للإستقلالية,و عمله على فرضها على الكل بما يبادر إليه من اجتهادات و إضافات تكشف حتى عن تناقضات بعض القوانين التي تحتاج لمراجعات دفعا لكل لبس و استغلال للقوانين التي يتطلب بعضها مزيدا من الوضوح و التوضيح,هنا تصير الإستقلالية فعلا مدبرا و حاضرا و ليست مجرد شعارات يحتمي بها ساسة التنفيذ من الخضوع لسلطة القضاء,بحيث هناك قضايا تحسم بين الساسة,و يكون على القضاء التسليم بذلك,رغم صعوبة إثبات هذا الإجراء عمليا,المعتبر كما رأينا احتكاما لتوازنات عامة,ربما هي ما يعيق إصلاح القضاء و تطوير آليات تجسيد العدالة كما تطمح لها دولة الحق العدالة,و القانون ,و التي تعتبر العدالة شرط من شروط ترسيخها.
خلاصات
العدالة لها بعدان,هما معا شرط وجودها,دولة الحق و القانون,بما هي مؤسسات مظبوطة بسلطة القوانين,التي لا يسمح لأحد بالمس بها أو تجاهلها,و هنا يصير الحق ضامنا لها,و مرسخا لوجودها الفعلي بالعقاب و الجزاءات,و هنا يظهر الشرط الثاني,أي عدالة المحاكم و إلزامية أحكامها العادلة وفق تصور واضح للعدالة,أهم مرتكزاته المساواة أمام القانون مهما كانت مكانة المتقاضين و سلطهم الإجتماعية و حتى السياسية.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ