الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت.. راية الطائفة.. والعشيرة..السنة.. هيأوا مرجعيتهم ..؟

طلال شاكر

2013 / 2 / 23
مواضيع وابحاث سياسية






تحت.. راية الطائفة.. والعشيرة..السنة.. هيأوا مرجعيتهم ..؟

من منطوق هذا البيت من الشعر الشعبي العراقي أبدأ مقالتي
أخ منَ ذكرچ ‍ يابلاد الحزن والهم.... تصيح جروح گ‍لبي وينزف الدم
خطاب طائفي يترسخ..
لايلوح بالافق مايشير الى تصافي وطني بين العراقيين ولو بحدوده
الدنيا.فالحل يتحول في الغالب الى مشكلة تستدعي حلاً غير موجود، والخلاف يتواصل كعنوان دائم يوجز مديات التأمر والتسقيط السياسي في احط صوره بين مختلف الكتل المشاركة في السلطة المتخندقة خلف متاريس الطائفية السياسية والقومانية المتطرفة كخيار مريح وفعال لها، وصراع وجدل الهويات لم يجد من يخوضه برؤية عقلانية بعد. ولايبدو الحديث من جانب (النخب) السياسية عن الوطنية الانفاقاً وخداعاً رخيصاً. المشهد العراقي بدا وكأنه صراعاً دينياً حول التنزيل والتأويل ، فالذي يتصدر مثلاً لاحصراً مظاهرات الانبار وغيرها هم رجال الدين.
فكل خطبة وتجمع ومظاهرة يكون قائدها رجل دين بزيه النمطي يقف بجانبه شيخ عشيرة بعقاله وعباءته المطرزة بخيوط ذهبية، وجل الدعوات تهيب بالناس لاقامة الصلاة، والجمعة هي اليوم المفضل لاقامةهذه الصلاة ، و بدت تجمعات رجال الدين وحشودهم بالوانهم وأشكالهم وهم يلقون خطبهم النارية التحريضية ممارسة عادية ومهما قيل عن دور ايجابي ومعتدل لبعضهم فذلك لايضيف مؤثراً محسوساً على قوة المد الجماهيري الطائفي . أن هذا المشهد ألمأساوي يشير بلا لبس الى تهاوي الوعي المدني والوطني والحقوقي لصالح حالة تديين بلون طائفي متخلفة ومريضة وظلامية تحشر الدين والطائفة والايمان في مزالق السياسة حشراً وتنتزع منه منحناً طائفياً ملتوياً كتوظيف يتعدى المطالب التي ينادي بها المتظاهرون نحو غاية اكبر.. وهم يكررون ذات المنحى الطائفي الظلامي الذي تقوده قوى جاهلة ومتعصبة من الشيعة..؟ لم يتعامل السياسيون السنة بمسؤولية مع عواقب هذا النهج الخطيرعلى ماتبقى من عناصر الهوية الوطنية العراقية الواهنة والمشتتة بل والطرق الوعرة الذي ارغموا الجموع الغفيرة السير فيها. من الممكن القول ان هنالك تهميشاً للسنة وتغلغلاً بلون شيعي طائفي في بنيان السلطة القائمة بدرجات مختلفة وهنالك شعور نفسي عميق عند غالبية السنة بأنهم مضطهدون ويكابدون تمييزاً في أوضاعهم ويعاملون بحذر وريبة فائقتين عندما يتعلق الامر بالامن والمركز الوظيفي والمسؤولية من قبل سلطات نافذة ذات انتماء طائفي شيعي مستفزة ومتطيرة في رؤيتها وسلوكها تحت ظل اجواء اقليمية ضاغطة ومضطربة وصراعات دموية وصعود اسلاموي متخبط ومفلس في المنطقة، هذه الحصيلة وهذا التشابك وأتساع انعدام الثقة بين الطرفين قد ولد شعوراً مريراً وكرهاً ورفضاً بين ابناء السنة تفجر كمظاهرات واحتجاجات عارمة اثارتها عوارض تبدو غير اساسية لكنها في الحقيقة عبرت عن تراكمات صنعتها عوامل مختلفة هيأت لهذا الغضب والتمرد الذي اجتاح المناطق السنية امام عجز المتحكم بالسلطة من فهمها وتلبية ماهوعادل ومشروع في مطالبها ليس الان بل قبل ذلك بسنوات. الجانب الاخطر من المشهد هو ذلك الفرز الذي وضع رجال الدين السنة في مقدمة الصفوف ممهداً الطريق لبناء مشهد عراقي جديد يصطفي مرجعية سنية هرمية كماهو متأصل عند الطائفة الشيعية لتكون رديفاً اومظلة لاي تحرك سياسي في الحاضر والمستقبل لخلق توازن اجتماعي وسياسي يقود السنة يوجههم، سياقه واجنداته لبث الحيوية في الروح الطائفية وتأطيرها بتأجيج وأحياء منظم لثقافة الطقوس وزيارة المقامات وتفعيل المناسبات من خلال اليات تضئ السبيل امام مثل هذه التوجهات المدروسة، ولعل الخطب والاهابات الحماسية والدعوة لزيارة مقام ابي حنيفة والصلاة الجماعية في بغداد كلها توجز مضمون ذلك التحول القادم وتمهد له... والارجح عندي ان السنة سيختارون مرجعاً دينياً يستأثر بطاعتهم كرمز ديني وامام قائد في مقابل الطائفة الاخرى.. في الرؤية الاخرى ربما سيصطدم مثل هذا التوجه برفض متفاوت من مختلف شيوخ العشائر والزعامات القبلية والسياسيون المغامرون الذين اعتادو على بيع ولاءهم لكل سلطة تضمن لهم امتيازات ومواقع في البناء السلطوي ضمن صفقات مناسبة... أولئك الذين لم يعتادوا على بناء مركزي هرمي ديني يلعب دوراً مؤثراً في النفوذ والسياسة يتجاوز تأثيرهم ومكانتهم، وتجربة الحزب الاسلامي وتضاءل نفوذه في تلك المناطق معروفة وكيف حورب من قبل رؤساء العشائر. السنة في المحصلة كتلة مذهبية كبيرة غير متجانسة، لكن من الممكن الحديث عن جذور وروح مدنية تشابكت وملامح علمانية محدودة في اطار ثقافة المنطقة والعشيرة ذات اساس تاريخي عندما كان السنة يحكمون، والسؤال هل ستكون مثل هذه المرتكزات لاجماً بوجه هذا الانعطاف النوعي الذي احدسه...؟ الى حد الان يبدو مثل هذا الراي بحاجة الى برهان بعد استفحال الوعي الطائفي واستقواء الساسة به في الصراع الدائر، مع ذلك فمثل هذه الخطوة ستفرض نفسها بتجليات مختلفة، ومن هنا سيأخذ الصراع السياسي في البلاد طابعاً منظماً وهو يستند الى مرجعيات دينية بروح طائفية مؤثرة. في هذا المنعطف الخطير تبدو فكرة الدولة الوطنية عصية المنال بعد ان حل عملياً مفهوم ( المواطنة الطائفية والقومانية) مكان فكرة المواطنة العراقية واصبحت الدولة المدنية الدستورية المنشود حلماً سحقه نزق الطائفية المستشري. لقد دخل العراق المجزأ في مضمار الطائفية بسياق اخر وبرؤية مختلفة وهو مثقل بتحديات متنامية بعد أن تخلت الاحزاب والقوى المختلفة من السنة والشيعة عن فكرة المواطنة تماماً وهي تراهن في صراعها على الهوية الطائفية للبقاء في دائرةالنفوذ والتأثيرفي السلطة أوخارجها.. السنة عموماً لم يطو ملف( الماضي البعثي) بل استعاروا الكثير من رمزيته وسايكلوجيته وخطابه وأدواته لتوظيفها في الصراع الطائفي الجاري رغم استفزازيته وافتقاره الى المبررات وقدرة التغيير، وتداخلت ايضاً في المواجهة مع السلطة عناصر مدمرة تتحرك وتنشط في بيئة سنية متساهلة ستكون بلا شك محبطة لقيمة المطالب المشروعة التي ينادون بها... ومع كل ذلك فأني لم افقد الامل في امكانية ايجاد حل وسط تاريخي مهما كان المخاض عسيراًوالتضحيات جسام، فالسنة والشيعة في النهاية سترغمهم المصالح والتاريخ والجغرافية على التفاهم وليس امامهم الا حلاً تاريخياً واحداً يتمثل ببناء دولة المواطنة بهوية عراقية انسانية تسع كل العراقيين، فالطريق الطائفي سيقود الجميع الى الجحيم والتخلف والضياع اكثر مما هم عليه وفيه.. مراهنتي وأملي تقوم على أمكانية نهوض قوى تغيير حية في المجتمع رغم ظهورها سيستغرق وقتاً ليس بالقصير وسيكون ملئياً بالآلام والتضحيات ...
طلال شاكر كاتب عراقي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الكاتب طلال شاكر.. تحية وبعد
علي فارس ( 2013 / 2 / 23 - 18:46 )
خطيب جمعة النجف -صدر القبانجي- قبل أكثر من ست سنوات، أبانَ احتدام الاحتراب الطائفي، وعلى مرأى ومسمع ومقربة من مقر مرجعية النجف يبشر العراقيين والعالم ويقول بأن -الشيعة خير أمة اُخرجت للناس- وأن -زيارة الحسين خيرٌ من سبعين حجة الى مكة- وقبل أسابيع من اليوم يخطب ويقول -إن المرجعية الشيعية في النجف تحكم العراق بأوامر الله-.. حبذا لو تناولتَ هذا في مقالك... ناهيك عن توظيف إعلام الدولة العراقية وأموالها وإمكاناتها العسكرية والأمنية، على مدار السنة، باتجاه التحريض الطائفي والاستفزاز ضد الطوائف العراقية الأخرى.. وليتكَ تطرقتَ في مقالك الى أن في العراق اليوم دينان: دين إسلام ودين شيعة.. بشهادة الأذانين على قناة العراقية الفضائية.... وأخيراً وليس آخيراً ياسيد طلال شاكر : ملالي ايران وبتوصية من ملالي العراق يعتقلون اليوم المفكر -الشيعي- احمد القبانجي لا لشيء سوى لأنه شيعي غير موالٍ لإيران.. رغم انه مقيم في ايران!!


2 - تصحيح
عدنان فارس ( 2013 / 2 / 23 - 19:16 )
التعليق أعلاه حول مقال السيد طلال شاكر كان من قبلي انا عدنان قارس.. وقد ورد سهواً اسم ابني علي فارس.. فعذراً لـ الحوار المتمدن وللكاتب و لإبني!


3 - الحكومة العراقية تاريخيا
مؤيد عبد الستار ( 2013 / 2 / 23 - 22:57 )
تحية للكاتب الصديق ابو ميلاد ، وحرصه على الادلاء بارائه السياسية من اجل معالجة الازمات المستحكمة في العراق .ومن الضروري الاشارة -بما انه تناول المشروع السني المستقبلي = الى ان السنة حصلوا على فرصة ذهبية في حكم العراق استمرت منذ تشكيل الحكومة العراقية عام 1921 لغاية سقوط العصابة الصدامية عام 2004 اي حوالي قرن من السنين ، ولم يقدموا خلال تلك الحقبة الطويلة اي علامة مضيئة في حكم عادل حتى لعام او عامين ، مثلما حاول الخليفة عمر بن عبد العزيز ، تجاوز الحالة الطائفية في الخلافة الاموية ، فسجل له التاريخ سابقة مشرفة .ومما يؤسف له ان المثقف والسياسي السني لم ينصف ابناء وطنه من الشيعة او من الاديان الاخرى وظل صامتا في دلالة على الرضا على احتكار السلطة من قبل طائفته السنية والاستمرار باضطهاد القوميات والطوائف العراقية الاخرى وابسط مثال على ذلك ما حدث من اضطهاد للكورد الفيليين ، وللعرب الشيعة وللكورد السنة في حلبجة وغيرها من حملات الانفال والتهجير وغيرها التي امتدت على مدى اكثر من عشرين عاما ، فلم نسمع صوتا من الطائفة السنية يعترض على تلك الاعمال الهمجية ضد مكونات عراقية اصيلة .


4 - شاهدوا ما يقوله خطيب الجمعة في تظاهرة الموصل
علي عباس ( 2013 / 2 / 24 - 10:45 )
تحية للكاتب، وتأكيداً على صحة ما قال عن دور رجال الدين وشيخ العشائر الذين هم يقودون مصير العراق إلى الكارثة في هذه الانتفاضات التي أخذت صفة الطائفيةت، ولا صدقية القائمين بها ، أرجو من القراء الأفاضل فتح هذا الرابط لتشاهدوا العجب. يرجى نقل الرابط إلى مساحة البحث الانترنتي
فضيحة أحد قادة المظاهرات في الموصل. http://www.youtube.com/watch?v=OyfmaFX1GE8


5 - الطائفية في العراق (الجديد) سلاح ايراني قذر
عدنان فارس ( 2013 / 2 / 24 - 21:02 )
منذ تفليش الدولة العراقية وإبادة مؤسساتها الدستورية في 14 تموز 1958 ومن ثم تعاقب ديكتاتوريات العساكر والشقاوات على حكم العراق بالإنقلابات التآمرية وبالحديد والنار والى حد 2003 لم يشهد العراق نظام حكم طائفي كما يشهده منذ العام 2003 وليومنا هذا... عملاء ايران وفريقهم الطائفي الحاكم اليوم في العراق يثأرون من العراقيين لـ (الحسين) أم لـ (ايران) التي تتربص بالعراق منذ سقوط كسرى.. رحم الله صالح جبر الذي قالها بكل وضوحٍ وصراحة: السوسة من النجف... المطلوب، ولإصلاح الوضع في العراق، إستئصال السوسة من النجف... على كل حال فإن نظام الطائفية اليوم في العراق (الجديد) هو سلاح ايراني قذر يتم اسخدامه كـ (فعل ورد فعل) من قبل الطارئين في السلطة ومن خارجها ضد العراق وضد العراقيين!


6 - تحية لكل المشاركين
طلال شاكر ( 2013 / 2 / 24 - 22:33 )
تحية لكل من ساهم في تناول المقالة سواء من استحسنها او اختلف معها واشاطر الاخ المحترم عدنان فارس افكاره واقدر اخلاصه وهواجسه المشروعة واتشاطر الراي معه في اغلب ماابداه حول الموضوع واوكد له اني تناولت الموضوع في العديد من المقالات واذا رغب الاخ عدنان في الاطلاع عليها فهي موجودة في موقعي بالحوار المتمدن مع تقديري لارائه


7 - عراق غابت عنه طبقه سياسيه رائده
محمد سعيد العضب ( 2013 / 2 / 25 - 18:46 )
كلام الكاتب يبعث امل ,لكن نحن الان في احضان نخبه متسلطه بعيده عن الاعراف والتقاليد السياسيه الحقه وكذلك غابت عنها الاخلاق والقيم ,حينما جعلت الطائفيه والمذهبيه والعشائريه غطاءا وحيدالها لتحقيق مأربها الخاصه , وظل همها الوحيد تلبيه مطامحها الانانيه الخاصه , بالتالي اصبح بناءالوطن او تحقيق مواطنه حقه من القضايا الثانويه ,بل ربما من مهملات التاريخ, واستمر شعار ها الازلي -كيفيه الاستحواذ علي المال والثروه باسرع وقت ممكن ... فحسب اعتقادها ... انها فرصه تاريخيه لا تعوض لابد من استغلالها واستثمارها بافضل طرق الطائفيه واثاره النعرات القبيليه والعشائريه المتاحه والمختلقه ,لذلك ينطبق علي الواقع العراقي الحالي شعار مؤلم لكنه واقع حال .. - العراق فيه الان حراميه وليس طبقه سياسيه-

اخر الافلام

.. أمطار الخليج: هل حدثت بفعل الاستمطار أم التغير المناخي؟


.. خلايا روبوتية تتكاثر ..فهل تتحول إلى وحش كاسر؟




.. -قضيتي ضد بريتيش بتروليوم ليست من أجل ابني علي فقط- | بي بي


.. الإعلامي المصري توفيق عكاشة ضيف حلقة ‎سؤال مباشر للحديث عن أ




.. قاذفة روسية نووية تحلق فوق بحر بيرينغ قبالة ولاية ألاسكا الأ