الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


خادم سويسري ولا سيد عراقي

وسام الربيعي

2013 / 2 / 24
كتابات ساخرة


أذكر خلال زيارتي القصيرة إلى سويسرا صيف 2008، كانت هناك أزمة كبيرة بين سويسرا وليبيا تتصدر مواضيعها الصحف اليومية هناك، وقد جاءني صديقي السويسري يحمل بيده إحدى الصحف ليطلعني على هذه الأزمة، وأخبرني أن الشرطة السويسرية كانت قد أوقفت إبن الرئيس القذافي واحتجزته في إحدى مخافر شرطة جنيف إثر شكوى تقدم بها خادم وخادمة يعملان في الفندق الذي يقيم فيه إبن الزعيم الليبي، ومفاد الشكوى أنه قد أساء معاملتهما، فتدخلت الكحومة الليبية على الفور مهددة بقطع العلاقات وإيقاف تصدير النفط إلى سويسرا وسحب كل أرصدتها من البنوك السويسرية ما لم يُفرج عن إبن الزعيم فورا، علما أن ليبيا هي مزود النفط الرئيسي لسويسرا وخامس سوق للصادرات السويسرية وأرصدتها في البنوك السويسرية تقدر بسبعة مليارات دولار وبينهما إتفاقيات وتبادلات تجارية كبيرة، فكان رد الحكومة السويسرية: لا يمكن الإفراج عنه الإ بتنازل الخادمين عن الشوكى المقدمة ضده أو بعد استكمال الإجراءات القانونية، وفعلا لم يخرج إبن القذافي من الحجز إلا بعد يومين بكفالة مالية نصف مليون فرنك، فحدثت أزمة كبيرة بين البلدين على أثر ذلك. وقد ذكر لي صديقي خلال الحديث، أن الحكومة السويسرية لا يمكنها التنازل عن حق مواطنيها ورعاياها مهما كانت الأسباب، فماذا عساها أن تقول للخادمين لو أفرجت عنه!.
لقد شعرت بالخجل والحرج وقتها وأنا أنظر إليه مبتسما، فلم أدري إن كان قد سرد لي الحكاية ليتباها بسويسريته، أم ليعيرني بعربيتي؟.

تراودني هذه القصة كثيرا هذه الأيام، على خلفية اعتقال المفكر العراقي السيد أحمد القبانجي في إيران، وأقارن موقف الحكومة العراقية (السلبي) حتى الآن بموقف الحكومة السويسرية. فمن المعروف للجميع مدى حجم العلاقات بين حكومتي العراق وإيران، وحجم المصالح السياسية والاقتصادية المشتركة بينهما، ومن الواضح جدا أن حكومتنا لا تريد أن تؤثر قضية السيد القبانجي على هذه العلاقات، وتنأى بنفسها عن التدخل في هذه القضية منعا للإحراج مع إيران وحفاظا على تلك العلاقات - (إن لم تكن الحكومة العراقية متورطة أصلا بذلك الإعتقال).
ما هي جريمة السيد القبانجي وما تهمته لكي يتم التخلي عنه بهذا الشكل؟... التفكير، البحث، النقد، العلمانية، الإلحاد!... أي منها، أو كلها مجتمعة، فذلك لا يلغي عراقيته أي كان فكره ومعتقده، ولا يلغي حقه في الحياة وممارسة البحث الفكري، ولا يلغي مسؤولية الحكومة العراقية عن حمايته كأحد رعاياها في الخارج.
نحن جميعا على يقين بأن السلطات السويسرية لم تسأل أحد من الخادمين: هل أنت مؤمن أم ملحد؟ مسيحي أم غير مسيحي؟ كاثوليكي أم بروتستانتي؟ سويسري الأصل أم من أصول آسيوية وأفريقية؟، لم تسأل الخادم أي من تلك الأسئلة لكي تحميه وتأخذ له حقه بالكامل من إبن رئيس احدى أكبر الدول النفطية في العالم. لأنه ببساطة مواطن فقط وهذا يكفي.

لمن المؤسف جدا أن تتخلى الحكومة العراقية عن مواطن عراقي له شأنه مثل السيد القبانجي، بينما يحظى خادم سويسري بكل تلك الحماية من حكومته. فإن لم تتحرك الحكومة العراقية لتحمي مفكر ومثقف وعلم من أعلام العراق كالسيد القبانجي، فمن تحمي إذن، وكيف بالمواطن العادي البسيط لو استغاث واستجار بالحكومة؟... هل يجب أن نرحل جميعا مفضلين أن نكون خدّاما خارج بلداننا كي نحظى بالحماية والكرامة، على أن نكون أسيادا بلا حقوق ولا كرامة في أوطاننا...

وبالمنسابة... كان الخادمان من أصل عربي، مغربي وتونسية!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الفنانة ماري سليمان تؤدي أغنية -في عينك بدور- على مسرح The S


.. مسرحية -شو يا قشطة- تصور واقع مؤلم لظاهرة التحرش في لبنان |




.. تزوج الممثلة التونسية يسرا الجديدى.. أمير طعيمة ينشر صورًا


.. آسر ياسين يروج لشخصيته في فيلم ولاد رزق




.. -أنا كويسة وربنا معايا-.. المخرجة منال الصيفي عن وفاة أشرف م