الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وداعا سيدة الرحمة

مجدى خليل

2013 / 2 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


وداعا سيدة الرحمة
علا غبور(29 يناير 1960-8 يناير 2013)
مجدى خليل
فى 18 اكتوبر 2008 كرمت منظمة كوبتك اورفنز فى حفلها السنوى بنيويورك المهندس نجييب ساويرس والسيدة علا غبور، فى ذلك الوقت لم اكن اعرف من هى علا غبور فسألت السيدة نرمين رياض مؤسسة كوبتك اورفنز عنها فشرحت لى عن دورها الخيرى المتميز فى مصر. فى أثناء الحفل تم عرض فيلم قصير عن دورها وخاصة فى مستشفى57357 وإذا بنا أمام نموذج إنسانى فريد وبديع لشخصية جميلة شكلا وروحا وقلبا وعقلا، ورغم أنها من الشخصيات التى تعمل باتضاع وإنكار للذات وتهرب من الاضواء إلا أننى حاولت متابعة نشاط هذه السيدة العظيمة. إن علا لطفى زكى الشهيرة بعلا غبور تنتمى إلى نوع من البشر نادر الوجود فى العالم كله وخاصة فى منطقة الشرق الأوسط، هى بصدق " أيقونة إنسانية"، و" أيقونة مصرية"، جوهرة غالية الثمن من معدن نفيس ونادر. إن أمثال علا غبور وماجى جبران ومجدى يعقوب يجعلون للدنيا معنى وللحياة قيمة،أنهم هدية من السماء لمجتمعنا الأرضى،أنهم منحة الهية لنا لتخفيف آلامنا وفقرنا وبؤسنا واحزاننا.
لم تسلك علا خطى الكثير من سيدات المجتمع الاثرياء فى التسوق من بيوت الازياء فى باريس ونيويورك وقتل الوقت بالنميمة فى نوادى الطبقات الثرية والتسلى بسهرات المجتمع المخملى بل اختارت الطريق الصعب، طريق الآلآلم على خطى السيد المسيح الذى كان يجول يصنع خيرا بلا شروط وبلا قيود وبلا حدود وبلا مقابل. قيمة علا ليس فيما قدمته من مال للعمل الخيرى رغم أهمية ذلك،فكما يقول سليمان الحكيم " إن اعطى الإنسان كل ثروة بيته بدون المحبة تحتقر احتقارا"، ولكن قيمة علا تنبع من ما قدمته من عطاء مفعم بحب للناس وخاصة المتألمين حتى أن والدة احد الاطفال المرضى وصفتها بأنها ذات عاطفة جياشة وحنان لا نهائى،كانت تدوس على كرامتها وعزة نفسها مطاردة لرجال الأعمال لجمع اكبر قدر من المال لدعم المرضى ومنكسرى القلوب، يا الهى أى قلب هذا الذى يوزع محبته على مئات الناس المتألمين فيؤثر فيهم جميعا دون أن يتذمر أو يضجر أو يتأفف أو يشكو. إن هذه القلوب النادرة قد لمستها يد الخالق العظيم المحب للبشر فاتسعت محبتها كثيرا عن الشخص العادى. تعالوا لنرى ما قاله شخص عظيم آخر هو الدكتور مجدى يعقوب فى نعى الراحلة علا غبور " فى خلال رحلتنا القصيرة فى هذه الحياة نرى أشياء كثيرة، ومع هذا فقد حظينا بمعرفة شخصيات متميزة وكان لنا شرف مقابلة شخصيات اثرت فى حياتنا كثيرا جدا من الشخصيات التى تركت اثرا فى مجتمعاتنا، أنه من التميز والسعادة أن تحظى بالتعامل مع هذه الشخصيات، وكانت علا غبور واحدة من هذه الشخصيات. وقد حالفنى الحظ بل وجميعنا بأنها تعاونت معنا بكل ما تملك، تساعد وتقود وتتفاعل معنا. شكرا علا على إثراء حياتنا وعلى ما قدمتيه لنا فى هذه الحياة، أننا مدينون لك بالفضل وممتنون لكل ما قمت به.... وابدا لن ننساك". عندما يقول شخص بقيمة مجدى يعقوب أن علا اثرت حياته كثيرا فنحن أمام شخصية عظيمة بحق سواء كانت شخصية الناعى أو المنعى.
على مدى عقدين كرست علا غبور حياتها لمساعدة المرضى فى مصر فأسست جمعية أصدقاء اطفال السرطان بالسيدة زينب منذ منتصف التسعينات، وساعدت معهد الاورام كثير بالتطوع والتبرع وجمع التبرعات وخصصت جهودا لمساعدة مرضى سرطان الثدى، ثم تفتق ذهنها وعقلها الطموح عن بناء مستشفى خاص لعلاج سرطان الاطفال مجانا، ومن هنا بدأت اولى خطوات إنشاء الصرح العالمى 57357، وقد تبنت الفكرة من بدايتها ودفعت أول مليون جنيه لعمل دراسة جدوى عن المستشفى لمكتب دراسات امريكى، وأستمرت رحلتها المكثفة فى جمع التبرعات من رجال الاعمال حتى تم بناء واستكمال هذا الصرح العالمى الشامخ، واستطاعت بفكرها وعقلها الديناميكى أن تجذب كبار الشخصيات فى المجتمع المصرى لزيارة المستشفى وعمل دعاية مجانية له، وبعد تشغيل المستشفى كانت عضوا وأمين عام المؤسسة واصرت على أن يكون العلاج مجانا تماما والقادر عليه التبرع حتى لا يؤثر المال على الخدمة الصحية وعلى نفسية المرضى، بل وصل قلبها المحب للخير والغيور على المرضى بأنها ساهمت فى اقناع الدكتور مجدى يعقوب بفتح مستشفى لعلاج الاطفال مجانا فى اسوان وساعدته كثيرا حتى صار المستشفى واقعا يشرف عليه واحد من اساطين جراحة القلب فى العالم.
ونتيجة لهذا العمل الخيرى الطويل بل وتأسيس نمط جديد ومدرسة جديدة فى العمل التطوعى تم تكريم الراحلة علا غبور فى أماكن عدة، ففى عام 2008، تلقت السيدة علا غبور من منظمة الصحة العالمية جائزة مؤسسة الإمارات العربية المتحدة للصحة فى جنيف ممثلة عن مؤسسة سرطان الأطفال وفى السنة نفسها، حصلت على جائزة تكريم كرائدة من رواد العمل الخيرى من مؤسسة الأيتام القبطية فى مدينة نيويورك. فى مايو 2012، قامت الغرفة الأمريكية للتجارة بعقد ندوة فى تونس وتكريمها لعملها فى الأعمال الخيرية ودورها فى إنشاء مستشفى سرطان الأطفال، وتم تكريمها بجائزة “أفضل امرأة فى القطاع غير الربحى” على مستوى منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتم منحها جائزة بأسم " سيدة الرحمة" من المركز الثقافى القبطى بعد رحيلها.والحقيقة أن هذا تكريم صغير مقارنة بما قامت به من اعمال جليلة، والتكريم الحقيقى يكون بالاقتداء بسيرة الراحلة الفاضلة فى العمل والعطاء والبذل ، وأيضا باطلاق أسمها على مستشفى 57357، وحتى لا يضيع الأسم المتعارف عليه والذى يسهل موضوع التبرع نقترح أن يكون أسم المستشفى ( مستشفى علا غبور 57357)، وهذا نمط متعارف عليه فى العالم كله، فالمستشفى رقم 1 فى أمريكا يطلق عليه أسم مؤسسه وهو مستشفى جونز هوبكنز فى ميرلاند ،والعديد من المستشفيات الكبرى فى أمريكا تسمت بأسماء مؤسسيها وذلك تكريما وتشجيعا للعمل الخيرى.
لقد رحلت علا سريعا وهى فى قمة تألقها وعطائها بعد حياة قصيرة ولكنها ثرية وغزيرة ومفعمة بالخير والعطاء والمحبة ،وكأن السماء استعجلت مكافأتها، ولكنها تركت نموذجا يجب تدريسه لأبنائنا فى المدارس عن العمل التطوعى الحقيقى ، وتركت ثمرة جهودها تتحدث عنها، وتركت سيرة عطرة ستبقى معنا طويلا، فذكرى الصديق تبقى إلى الابد.
وداعا سيدة الرحمة... وداعا للروح الملهم الجميل... وداعا علا غبور إلى سماء الخلود والراحة
شكرا لله على اطلالتك فى الحياة...........شكرا لوجودك معنا وإثراء حياتنا
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ماكرون يرحب بالتزام الصين -بالامتناع عن بيع أسلحة- لروسيا •


.. متجاهلا تحذيرات من -حمام دم-.. نتنياهو يخطو نحو اجتياح رفح ب




.. حماس توافق على المقترح المصري القطري لوقف إطلاق النار | #عاج


.. بعد رفح -وين نروح؟- كيف بدنا نعيش.. النازحون يتساءلون




.. فرحة عارمة في غزة بعد موافقة حماس على مقترح الهدنة | #عاجل