الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الذهنية الاقصائية في الخطاب الثقافي العربي-مسألة الأقليات

مصطفى اسماعيل
(Mustafa Ismail)

2005 / 4 / 3
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


يحتل مشكل الأقليات موقعا ملفتا في الخطاب الثقافي العربي . إذ يتم إيراده في أعمال فكرية كثيرة لمفكرين مثل : الجابري – برهان غليون – علي أومليل – الأنصاري – ياسين الحافظ ..الخ .على اختلافات وتباينات في مقاربة المشكلة أو الأزمة بينهم .
وبروز هذا المشكل إنما يرجع إلى كونه من تحديات قضية الوحدة العربية , وبالتالي فهو يشكل أهم البنود المستعصية على جدول أعمال المشروع القومي العربي .
دائما كانت الأقليات تبدي مخاوفها من أي تقارب عربي/عربي , فالمشروع الوحدوي العربي كان يهتم بالكل العربي وأحلامه القومية بقيام دولة عربية واحدة من البحر إلى البحر , وأريقت في هذا السبيل شعارات كثيرة وأسست أحزاب لا تزال تتعامل في حقل الممكن الذهني مع المسألة .
المشروع الوحدوي العربي كان يتناسى هذه (الجيوب) الصغيرة (المندسة) في وطنه التاريخي!!! لا بل كان يسقطها من حساباته المستقبلية فهي في عرفه قضية عابرة دون القضايا المصيرية الأخرى أهمية .وهذا سيجر المشروع القومي العربي إلى جملة احباطات وهزائم وفواتير من أيديولوجيا الهزيمة الممهورة بالدم .
فالأقليات في عرف الحاكم العربي إنما هم لا مواطنون أو غجر قدموا من وراء الحدود ويجب إعادتهم . أو هم بشر عابرون وسيتكفل الزمن الوحدوي العربي الهادر بحل مشاكلهم , تماما كحل مشاكل المعيشة في تلكم الدول .
الخطاب السياسي الرسمي العربي لم يسقط مشكل الأقليات من حساباته في بعض الفترات . فمن الوثائق التي تشير إلى ايلاء الأهمية لمسألة الأقليات واعتبارها جزءا من الهم الوطني لا سيما لمشروع وحدوي مرتقب , مقترحات / نوري السعيد / رئيس الوزراء العراقي, المقدمة إلى / ريتشارد كاسي / وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط أوائل عام 1942 المسماة ( مذكرة حول القضية العربية مع إشارة خاصة إلى فلسطين واقتراحات تسوية دائمة )
حيث يقترح /السعيد / خطة على مرحلتين:
في الأولى يتم توحيد سورية و لبنان و فلسطين والأردن في دولة واحدة .
وفي المرحلة الثانية تربط سوريا الكبرى بعد قيامها بالعراق في إطار جامعة عربية .
> .(باتريك سيل : الصراع على سورية .. دراسة للسياسة العربية بعد الحرب 1945_ 1958 , ترجمة : سمير عبده ومحمود فلاحة , دمشق – طلاس للدراسات والترجمة والنشر صـ28 )
حماية الأقليات ممن ؟ . أمن الجامعة العربية ؟ أم من كل دولة عضو في الجامعة العربية منفردة ؟.
نحن لا نهتم بالخطوط العريضة . وكنت رغبتنا تكمن في إيراد شاهد على اهتمام الخطاب السياسي العربي الرسمي بمسألة الأقليات ولو من وجهة عابرة وقاصرة ولا تفي بالمطلوب الذي يتمثل في بحث المسألة في إطارها الأشمل كونها مسألة مصيرية في الدولة ويتوقف عليها مستقبل التنمية الاقتصادية والاجتماعية ودمقرطة الدولة ومؤسساتها . فهي مسألة بنيوية سياسية اجتماعية اقتصادية إنسانية , لا مسألة ظالم ومظلوم , ورد الحيف عن ...الخ .
الوثيقة أعلاه تنتمي إلى حقبة تاريخية هامة وبارزة في إعادة تأسيس العالم المعاصر على أنقاض الحروب الكارثية .
يتم تداول " مسألة الأقليات " على أنها مشكلة , تشكل قضية من قضايا الحاضر العربي وأنها نوع من التحديات التي يواجهها المستقبل العربي . ولكن امكانات المعالجة أو إمكانيات إدخال المسألة في حيز المقاربة المعالجة غير ذات جدوى , أو غير عملية .
لا بل يذهب بعضهم إلى اعتبارها من المشاكل البنيوية الفكرية أو الاجتماعية , حيث تطرح للنقاش والكتابة شأنها شأن العديد من المسائل الإشكالية في الواقع العربي كظاهرة التطرف الديني والتعصب المذهبي الطائفي ( انظر ..الجابري – إشكاليات الفكر العربي المعاصر صـــــ162 ).
لا يمكن اعتبار مسألة الأقليات من المسائل الإشكالية ولا هي من إشكاليات الفكر العربي المعاصر . إنما هي مسألة سياسية – إنسانية – اجتماعية – ثقافية , ولا يمكن حلها إلا عمليا وعبر المزيد من الإجراءات والسياسات وعبر عملية حل ديمقراطي سلمي لمشاكل ومسائل وعقابيل المجتمع كافة .
هكذا مسألة وان وجدت لها صدى في الدراسات الفكرية والاجتماعية , إلا أنها لايمكن البت بها إلا عبر حراك من السلطات المختصة . فهي مسألة منح المواطنة للمجرد منها , ومنح الحقوق السياسية والثقافية والاجتماعية والاعتراف الكامل بهذا الشعب أو الشعوب التي حولت في سراديب ودهاليز السلطات الحاكمة إلى مجرد أقلية أو أقليات مرهقة بالموت ومحاسبة على الشهيق والزفير حتى .
إن مجمل المقاربات لهكذا مسألة محكومة بالفشل , فالتنظير لا يتساوق والواقع العياني للمسألة وجذورها وامتدادها التاريخي وحفرها في الجذر السياسي والاجتماعي والثقافي وتدويلها من ثم. فالمسألة الكردية كانت تبحث في كواليس السلطة التركية والأحزاب المعارضة التركية على أنها مسألة اقتصادية – اجتماعية وستحل إذا حلت جميع المشاكل الاقتصادية – الاجتماعية في تركيا عبر تحسين مستوى المعيشة ورفع متوسط دخل الفرد فيها .
والمفارقة تكمن في أن الافتراقات أحيانا بين خطاب السلطة وخطاب المثقف الديمقراطي الذي يحاول أحيانا طرح المسائل العالقة في الدولة للنقاش والحل وأول ما يصعقك فيه أن لا حلول لديه يقدمها ولا مشاريع لترتيب الداخل السوري ديمقراطيا .
يضع / الجابري / الحل الابتدائي للمسألة هكذا :
>.
هنا يقع التناقض وهنا يبرز عدم وضع المسألة في حيزها الحقيقي , فمشكلة الأقليات تارة تطل برأسها كإشكالية بنيوية – فكرية وتارة كمشكلة سياسية وتارات كمشكلة اجتماعية .
ربما يكون هنالك ترتيب وتدرج للوصول إلى الحل , ولكن في المثال الأخير تطرح المسألة كمسألة سياسية متعلقة بإعادة هيكلة النظام السياسي العربي المعاصر , بغية حل جميع المشاكل والمسائل العالقة التي نمت كالطحالب في ظله .
وفي المثال السابق تطرح مشكلة الأقليات إلى جانب التطرف والتعصب الديني كمشكلة فكرية اجتماعية تشكل تحديا لأفق الراهن العربي , على أن الخطأ يكمن في عدم إدراج طبيعة النظام السياسي العربي المعاصر في صلب قضايا الحاضر وتحديات المستقبل .
فالمشكلة الأساس . المعضلة الأساس . هي أن الواقع العربي يحتاج إلى الديمقراطية أولا وأخيرا وهي وحدها القادرة على حل كل المشاكل و الإشكاليات .
فمشكلة الأقليات وغيرها من المشاكل لا تحل بمراسيم رئاسية , وإنما هي تجد جذرها وحلها في إنتاج عقل جديد لحقب جديدة لا وجود فيها للبشر الآلهة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المكسيك: 100 مليون ناخب يختارون أول رئيسة في تاريخ البلاد


.. فاجأت العروس ونقر أحدها ضيفًا.. طيور بطريق تقتحم حفل زفاف أم




.. إليكم ما نعلمه عن ردود حماس وإسرائيل على الاتفاق المطروح لوق


.. عقبات قد تعترض مسار المقترح الذي أعلن عنه بايدن لوقف الحرب ف




.. حملات الدفاع عن ترامب تتزايد بعد إدانته في قضية شراء الصمت